أهلاً بكم في منتديات مياسه





في قسم



خواطر - نثر - عذب الكلام






وضمن منتديات





•][• منتديات الملتقيات الأدبيــــــــه •][•




التابع لـ
منتديات مياسه






والذى يضم

محبرة شاعر - شعر - قصائد - poems

روايات - قصص - حكايات
لا شيءَ ، وَ كلَّ شيءٍ

هذا ما أكتبُهُ
و ما أشعرُ بهِ

في طفولتي
كنتُ أرى نفسي مستقبَلًا تحت ظلّي شجرتين مثمرتين
عاليتين ، قمتاهما متعانقتان
كنتُ أرى نفسي في الأسفلِ ضاحكةً
دونَ حرٍّ ، وَ دونَ برد
هانئةَ الصحوِ والمنامِ
صافيةَ الفكرِ ، نقيّةَ القلبِ
بريئةً ، حرّةً ، ملكةً

لم أكن صادقةَ الرؤيةِ
بل كنتُ واسعةَ الخيالِ دونَ وعيٍ منّي

بدأَ ذاكَ الخيالُ يتلاشى شيئًا فشيئًا
انفصلت القمتان
اختفى ظلُّ احدى الشجرتين
قصُرت ، وتعرّت جذورُها
تسلّلت الحُرقةُ من بينِ أغصانِها
لتلسعَني بعنفٍ مرارًا
حتّى جفّت ، وَ شحَّ عطاؤُها
أسقمتني ثمارُها
أبكتني حالُها
أبكتني على حالي
و خشيتُها

وإذا بي أهربُ إلى الشجرةِ الأخرى لعلّني أحتمي بها
وإن كانت وحيدةً
فالمهمُّ أنّها لم تتغيّر
اكتفيتُ بظلِّها الباردِ عن الجحيمِ
أدمنتُ ثمارَها حتّى خشيتُ الموتَ من بعدِها
احتضنتُها ، حتّى لانا غصناها واحتضنَتني

والآن
لا زالت الشجرةُ العجوزُ منطويةً
منحنيةَ الجذعِ
معاكسةً في الاتجاهِ
سوداءً ، جافّةً
متكسّرةَ الجذورِ

وأنا على الرّغمِ من طولِ الزمانِ
لا زلتُ طفلةً
ولكن لا يمكنُ إيجادُها بسهولةٍ
كالأحجيةِ
تكسوني عدّةُ إناثٍ
كلُّهن أنا
كلُّهن حقيقةٌ
لسنَ بأقنعةٍ

- أوّلُهنَّ كهلةٌ حكيمةٌ
- تحوي ثانيةً ناضجةً
- بداخلِها شابّةٌ مغامرةٌ
- تضمُّ مراهقةً ضائعةً
- في جوفِها طفلةُ
مشتّتةٌ
شقيّةٌ
بريئةٌ
لم تقدر على الاكتفاءِ من بحورِ الحنانِ
في شتّى الأوطانِ ، وشتّى الأزمانِ
طفلةٌ لا تثقُ بوعودِ الوحدةِ المتكرّرةِ بعدمِ العودةِ

لا
أرجوكَ دعني
وأن فنيتُ من شدّةِ بكائي
سأُبقي لكَ ملحَ دموعي
على آثارِ أقدامي
لتحتضنَها كما شئتَ

لا
لا تقترب من الطفلةِ فيني مباشرةً
ابقَ بعيدًا حتّى تأمنَكَ
فقد خذلَها الجميعُ من قبلِكَ
بشرًا وجماداتٍ
مشاعرًا وأفكارًا
خذلوها جميعًا

لا
التزم الصمتَ
وَلا تداعبها كباقي الأطفالِ
عاملها كاليتيمةِ

ولكن لا
تذكّر بأنّها بداخلِ إناثٍ
أكبرَهن أنثى حكيمةٌ
تعي الحياةَ أكثرَ من التاريخِ
تتكهّنُ لنفسِها بحرفنةٍ تكسرُ الكهنةَ
تشعرُ بذاتِها كما لو كانَ ذلكَ أوحدَ شعورٍ في الحياةِ
لذا لا تعاملها بالشفقةِ ليتمِها

ولا تسألها من هيَ
فإنّها انسانةٌ بروحٍ ملائكيةٍ
و فكرٍ شيطاني

وَ لا تسألها عن وطنٍ جاءت منهُ
فقد تخلّى عنها ، وتبرأت منهُ
وباتَ لا وطنٌ لها ، وكلُّ الأوطانِ أوطانُها

ولا تسألها عما فعلَ الزمانُ بها
يكفيكَ أن تعلمَ بأنّها جُرحَت
وأُفعمَت بالحنانِ
وعاشرَت الحنينَ
ورافقَت الأملَ
وعاونَت الصبرَ
رغمَ ما مضى وما حانَ وما سيكونُ

كلُّ بأسٍ ، ولا بأسَ
هذا ما أكتمُه
وما أفكّرُ به

oh'vi gh fHs 2013