الملاحظات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: تيسير علم الفقه واصول الفقه

الفقه وأصول الفقه يسمع البعض كلمة الفقه فيصيبه الذعر والفزع لأن الكثيرين قد أوهموا الناس أن الفقه هو مجموعة من الألغاز والطلاسم التى لا يستطيع فهمها وفك سرها

  1. #1 تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    المشاركات
    3
    الفقه, تحزير

    الفقه وأصول الفقه

    يسمع البعض كلمة الفقه فيصيبه الذعر والفزع لأن الكثيرين قد أوهموا الناس أن الفقه هو مجموعة من الألغاز والطلاسم التى لا يستطيع فهمها وفك سرها إلا علماء الدين .ويقع الخطأ على قسمين الأول هم العلماء أنفسهم الذين تسببوا فى كثرة التفريعات والتقسيمات وتخيل أمور ووضع الأحكام لها وبالتالي شعر الكثيرون أن هذا الدين عسير ويحتاج إلى من يفهمه ثم يشرحه لهم وهكذا تسبب البعض فى إضفاء صفة الصعوبة على الدين وفهمه والفقه والعلم به حتى تظهر لهم بعض المكانة والمنزلة والتميز عن الآخرين ، والقسم الثاني الذى يتحمل المسؤولية على انتشار الظن الخاطىء بصعوبة الفقه وعدم القدرة على فهمه هم العوام والشعوب التى تكاسلت وتراخت عن محاولة الدراسة والفهم لهدا الدين وأصوله وأسسه واستسهلت ما يقال عن الشرع بالصعوبة والعسر حتى تبرر لنفسها الابتعاد عنه وعدم الدخول فى نطاقه .
    وهكذا استفاد بعض العلماء أن أوهموا العوام أن هذا الدين صعب وهو قاصر عليهم فهم الوحيدون القادرون على فهمه وشرحه وبالتالي يضمنون التبعية الدائمة من الشعوب لهم وبالتالي تنازلت الشعوب عن دورها فى فهم الدين والتعرف على قواعده .
    حتى جاء العصر الحديث وظهر النقيض أن هناك من الناس من يرفض أن يترك أمر الدين للعلماء فقط بل أصبح الجميع يتحدث فى أمر الدين حتى الأمور التى تحتاج إلى دراسة وتخصص واستيعاب و أصبح هناك نوع من التجرؤ على الحديث فى الدين وإصدار الفتوى من غير المؤهلين . وكأن الأزمة الأولى بأن تخلى الناس عن الدين تحولت إلى العكس بأن أصبح الجميع من المتكلمين فى شئون الدين المجادلين فى أموره .
    لهذا نحاول أن نضع بعض الأمور العامة أمام أعيننا لننهى ذلك الاشتباك
    ولكننا نعلم أن الفقه يعنى الفهم وان من يفهم هذا الدين وأسسه وقواعده فله الحق فى الحديث فيه بما لا يتعارض مع القران والسنة وغالبية فقهاء المسلمين إلا إذا كان رأيه الأقرب للعقل والإدراك .
    ونعلم أن الصحابة لم يكونوا متفرغين للفتوى أى انه لم يوجد من الصحابة من يدعى انه الوحيد الذى يمتلك حق الفتوى وإبداء الرأى فى القضايا الدينية بل كانوا جميعا عدول ثقات بما لهم من شرف الصحبة للرسول ص وفهم واستيعاب الدين من مصدره الرئيسى وهو الرسول ص ومتابعتهم لنزول الوحى فى فترات متتابعة ومناسبات مختلفة . فمصاحبة هؤلاء الأشخاص للرسول ص أعطاهم الوعى والفهم لحقيقة هذا الدين وأسلوبه ومنهجه وكيفية تعامل الرسول مع الواقع وقضاياه بما لا يتعارض مع أصل الدين . ولهذا فنحن نلاحظ أن الفتاوى التى توارثناها من عهد الرسول والصحابة هى الأولى بالإتباع والتقليد لان هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر الناس فهما لهذا الدين وهم من قال عنهم الرسول ص " خير القرون قرنى ثم الذى يليه ثم الذى يليه " وقال عن الأنصار " اللهم بارك فى الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار " وقال " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى ، عضو عليها بالنواجذ " ومدح الله تعالى من أحاط بالرسول من الصحابة من المهاجرين والأنصار فى آيات القران ومواقفهم معه من الثبات فى الشدائد وأيضا أوضح القران الفضل لمن سبق بالهجرة وضحى بما يملك من مال ومتاع وطول الصحبة للرسول ص واشترك مع الرسول فى غزواته وسرايا المسلمين عمن اسلم بعد ذلك وكانت فترة صحبته وجهاده وتضحياته اقل " لا يستوى منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلو وكلا وعد الله الحسنى"
    نقصد عموما أن هذه الطائفة من الصحابة تستحق الاحترام الكامل منا والتوقير والإتباع لهم وان نعلم جيدا فتاواهم وآراءهم لأنهم الأكثر فهما لحقيقة الدين وروح الإسلام وأسرار شرائعه وأننا عندما نتابع آراءهم فى الدين قد نجد بعض الآراء العجيبة التى قد تنال رضانا أو عدم قبولنا ولكن فى كل الأحوال علينا احترامها لأنها صدرت ممن ينتمون إلى خير فترة وخير زمرة وهى فترة خير القرون وخير الصحبة للرسول ص وأننا نعلم تماما أنهم لم يصدروا حكما إلا وكان هدفهم الصواب والحق وقد نختلف معهم فى قضايا مثل إبطال سهم المؤلفة قلوبهم من عمر بن الخطاب أو إيقاف حد السرقة فى عام الرمادة ولكننا على ثقة أنهم كانوا يريدون الأفضل وان نحسن الظن بهم ونسيء الظن بأنفسنا .
    وان كل من يحاول التصدي لتلك المهمة " الفتوى " فعليه أن ينال أولا بعض العوامل المساعدة والمساندة لذلك أم أننا نظن أن الحديث فى الدين حق لكل من أراد بدون قدرة أو فهم؟!
    إذن كلمة " فقه" فى حد ذاتها تعنى الفهم والوعى سواء من الشخص العادي لأحكام الشرع أو فهم العلماء لأحكام الدين وما ينتج عنها من أحكام فرعية واستدلالات .

    الفقيه شخص يمتلك الذاكرة القوية التى تحتفظ بعدد كبير من النصوص ولديه ملكة وموهبة المقارنة والتحليل والاستنتاج ويتصف بالذكاء والفطنة فقد يكون الشخص ذا ذاكرة قوية لكنه من الغباء بحيث لا يستطيع المقارنة والفهم والاستيعاب فيفتى وفقا للنصوص وكأنها قواعد جافة بلا روح بل مجرد قواعد وأسس يتم حفظها ولصقها فى المواضع التى يراها ، ولكن الفقيه الحق من يفهم النص ويفهم الواقع المحيط به ويغير الفتوى وفقا للواقع بما لا يتعارض مع روح الشريعة وأسس الدين وكما أفتى الرسول الشيخ بجواز التقبيل فى الصيام بينما منع ذلك للفتى لأنه يدرك أن الواقع يقضى بقوة الشهوة عند الشاب وصعوبة التحكم فى الغريزة عنده عن الشيخ السابق له وعندما سأل احد الاشخاص الامام ابن عباس عن القتل وحكمه قال انه لا توبة لقاتل وسأله اخر فقال ان الله يغفر الذنوب جميعا وأن الله يغفر له القتل طالما تاب توبة حقيقية وعندما سأله الناس عن سبب تغييره لفتواه مع الرجلين قال ان الاول يريد ان يقتل ويسأل عن امكانية التوبة من هذه الجريمة فأردت تخويفه منها والاخر قد قتل فعلا وتاب وندم فأردت الا يقنط من رحمة الله .
    ويجب على الفقيه أن يكون لديه الوسائل المساعدة على إدراك مفهوم النصوص من علم بالنحو والبلاغة ولهجات العرب وعلم الحديث وأصول الفقه وآراء الصحابة وتتبع سيرة الرسول وفتاواه المختلفة تبعا للمكان والزمان والعلم بكتاب الله وآياته وسبب نزولها وترتيب السور حسب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه ومعانى الكلمات والمفردات فى القران ووجوه الإعراب لها ، وكل هذه الأمور تساعد على فهم النصوص واستنتاج أدلتها
    وهناك فرق بين الفقيه والمجتهد . فالفقيه هو الدارس لأحكام الفقه العالم بها فيستطيع أن يفتى تبعا لأحد الآراء الفقهية الشهيرة ولعلمه الواسع بأحكام الفقه يستطيع اختيار الفتوى المناسبة . أما المجتهد فهو الشخص الذى امتلك كل مقومات الفقيه من الذكاء والقدرة على التحليل والاستنتاج وأدوات الفهم ووسائل العلم فله الحق فى إصدار فتوى فى الأمور الجديدة التى لم يرد فيها نص من قبل سواء من العلماء قديما أو حديثا وفقا لتغير الأزمان والبلاد .
    وهناك من أمور الفقه ما يجب أن يعلمه غالبية المسلمين وهناك ما يجب أن يعلمه كل المسلمين وأمور أخرى نكتفى فيها بعدد يحقق الكفاية عند الحاجة إليهم فمما يجب على كل مسلم العلم به أحكام الطهارة والصلاة والصيام والعقيدة الصحيحة ومما يجب على الأغلبية المعاملات لحفظ الحقوق بين الأشخاص سواء أسرية أو تجارية أما التى يعلمها القليل من المتخصصين مثل المواريث وتوزيع الميراث.

    وهنا نعلم ان الفقه هو دراسة الشرع من حيث الأحكام الخاصة بالعبادات والمعاملات مثل البيع والشراء والرهن والحوالة والمقايضة والزواج والطلاق والحدود وأحكام الجهاد وسياسة الدول . وغيرها من الأحكام التى تخص علاقة البشر مع الله تعالى أو مع بعضهم البعض فى أمور الدنيا والآخرة .
    أما أصول الفقه : فيقوم بمعرفة أسباب هذه الأحكام والإقتداء بها فى الأمور المتشابهة التى تحدث وفقا لتقدم العصور والأمم واختلاف الأماكن والأشخاص وضرورة تحقق الاجتهاد لنصل إلى اقرب الأمور للحق والصواب ،مثلما حكم الشرع بحرمة الخمر لأنها تسكر العقل وتتسبب فى إضرار الإنسان بنفسه وبمن حوله وكما حكم الرسول ص فقال :
    ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) أى أن الحكم عام لكل ما يسكر ويذهب بالعقل ويمنع انتباه الإنسان لما حوله وهكذا تم تحريم الشمبانيا والويسكى والكونياك لاشتراكهم مع الخمر فى هذه الخاصية .
    ولعلنا نلاحظ فى دراسة الفقه أن الأحكام الخاصة بالعقائد وغالبية القصص القرانى لا يحدث الاختلاف عليها ولكن معظم الاختلاف بين العلماء على فهم الأحكام الخاصة بالمعاملات والعبادات ولنضرب مثلا بالصلاة فعندما تناول الفقهاء الأحكام الخاصة بالصلاة وفقا لما ورد بالآية :
    ( يأيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) فانظر إلى اختلاف العلماء حول الترتيب فى الأعضاء فقال البعض نلتزم بترتيب القران وقال آخرون بل استخدمت الآية حرف الواو للدلالة على عدم الالتزام بالترتيب لأن الواو حرف يفيد العطف ولا يفيد الترتيب مثلا نقول جاء محمد وخالد وأحمد، فاستخدام الواو يدل على مجيئهم ولكن لا يدل على ترتيب المجيء فلا نعرف من الذى جاء أولا ثم الثاني والثالث . ولكن إذا قلنا : جاء محمد ثم خالد ثم أحمد فهذا يعنى أن محمد جاء ثم خالد ثم أحمد وفقا لنفس ترتيب الأسماء .
    أمر آخر يخص هذه الآية هل نشترط الموالاة بين الأعضاء فى نفس الوقت أى إذا غسل المرء رأسه ويده وسمع من يطرق الباب فذهب ليفتحه فهل يبدأ الوضوء من جديد أم يكمل باقى الأعضاء ؟ فقال البعض يبدأ من جديد لأن العضو قد جف وقال آخرون بل يكمل لأن الآية استخدمت حرف العطف الواو وهو لا يفيد الترابط السريع بين الأحداث ، مثلا عندما نقول : أكلنا الفاكهة والحلويات والبسكويت . تختلف عن قولنا : أكلنا الفاكهة ثم الحلويات ثم البسكويت . وتختلف عن قولنا أكلنا الفاكهة فالحلويات فالبسكويت . فان الفاء تدل على الترتيب والترابط السريع بين الأحداث أما الواو لا تفيد الترتيب ولا تدل على سرعة تتابع الأحداث ، أما " ثم " فتفيد الترتيب على التراخى أى ترتيب الأحداث وفقا للكلام ولكن بتباعد بين الأحداث . وان الآية اعتمدت على الواو التى لا تدل على الترابط السريع بين أعضاء الوضوء .
    أمر آخر يخص نفس الآية هو : هل حكم الرجل الغسل أم المسح فحكم العلماء أن حكمها الغسل لأنها وردت منصوبة فى الآيات إذن هى معطوفة على حكم الوجه واليد فى الغسل ولو كان حكمها المسح لجاءت مجرورة مثل الرأس ،وأمر آخر يخص نفس الآية فى قوله " وامسحوا برؤوسكم " فقال البعض أن الحكم هو مسح الرأس كلها وقال آخرون بل الحكم هو مسح جزء من الرأس لأن الباء تفيد التبعيض أى بعض الرأس وأن الله تعالى لم يقل " وامسحوا رؤوسكم

    قصدنا بما سبق أن نوضح أن اختلاف العلماء له مبرراته ومنطقيته ولكل منهم دليله وحجته وعلينا أن نحسن الظن بهم جميعا و أن نعلم أنهم لم يريدوا إلا صالح العباد فى دينهم ودنياهم ولا يجوز لنا أن نقلل من شأن أحدهم فلقد كانوا عباقرة عصرهم ومن أكثر أهل الأرض علما وورعا وتقوى وعند قراءة سيرتهم الذاتية لا نجرؤ على توجيه النقد لهم ، فلا يجوز أن ندعى أن فلانا كان يتساهل فى الأحكام وفلان متشدد علينا أن نقتدي به ، فقد يتساهل فقيه ما فى بعض الأحكام الخاصة بالعبادات وغرضه التيسير على المسلمين خاصة عند الضرورات والطوارىء وان الله لم يفرض العبادات للتضييق على المسلمين وانه يقبل عذر ذوى الأعذار وآخرون يتشددون فى العبادات لأنها أساس الدين ، والبعض يؤكد أن الأفضل هو التشدد فى المعاملات بين الناس لضمان حقوقهم وعدم حدوث الاستغلال بين بعضهم البعض وأنه يمكن التساهل فى بعض الأحكام الخاصة بالعبادات مثل الطهارة والوضوء والغسل والجمع بين الصلوات وصلاة المسافر لأن الله تعالى لا يتضرر بذلك ولكن لا يجوز التساهل فى حقوق البشر وإلا حدث الفساد والاضطراب ، و مثل أحكام التيمم وصلاة المريض والذبائح فيجوز لأصحاب الأعذار والضرورات الأخذ بالرخص وكما قال ص ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ) .
    أما أحكام البيع والشراء والرهن والقرض وما يخص مصالح الناس فيجب الاحتراس فيها اشد الحرص .
    ومن العلماء من يتشدد فى أمر ويتساهل فى آخر فلا يجوز الحكم المطلق عليه بالتساهل مثلما يصف البعض أبا حنيفة بالتساهل واحمد بن حنبل بالتشدد . فهل نتصور أن يتنازل أبو حنيفة عن حق أو حد من حدود الله بل نحسن الظن بهم جميعا وأنهم بذلوا جهدهم لفهم هذا الدين ونشر أحكامه وتعاليمه . وهل نحكم على أفضلية العلماء وفقا لتشددهم وتعنتهم مع الأحكام ؟ فما أسهل التشدد والتعصب ، وما أيسر التضييق والتحريم لكل ما يحتاجه المسلمون من أمور حياتهم المعاصرة . ولكن الأفضل من العلماء من يبحث فى الدين ليجد النافع والصالح للمسلمين وفقا لأماكن تواجدهم وعصورهم مع عدم التهاون أو التساهل إرضاء لرغبات البعض أو التشدد والتضييق إرضاء لآخرين. وكما نعلم أن الإمام الشافعي أفتى بعض الفتاوى فى العراق وغيرها فى مصر وفقا لظروف المكان والأشخاص ولهذا نسمع( قال الشافعي فى القديم . وقال فى الجديد .) اى آراؤه فى العهد القديم وآراؤه الحديثة التى تغيرت وفقا للمكان الجديد .

    إذن الفقه أن ندرس الحكام الخاصة بحياة المسلمين ، ولكن أصول الفقه أن نتناول التفسير والأسباب لهذه الأحكام مثلما حدث فى تحريم الخمور الحديثة والمخدرات لأنها تشترك مع الخمور فى ذهول العقل وعدم الوعى بما حولنا .
    وشاهدنا الاختلافات حول الوضوء وترتيب الأعضاء والموالاة بينها وحكم الغسل أوالمسح على الرأس وكيف كان الاختلاف منطقيا اعتمد فيه كل منهم على أدلته وحجته ومعرفته بقواعد اللغة والنحو .
    وعلينا أن نفرق بين المفتى والمجتهد فكل إنسان يستطيع أن يفتى بما يعلمه طالما كان عدلا يقظا متتبعا لأحد العلماء الثقات فإذا كنت أعلم أحكام المواريث فيمكننى أن أفتى فى قضايا المواريث ، ولكن لا يجوز لى أن أتحدث فى قضايا دينية أخرى لا صلة لى بها . هنا يأتى دور المجتهد الذى أحاط بعلوم الشرع من القران ومعانى كلماته وأسباب نزول الآيات والترتيب الزمنى للآيات والسور والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والمكي والمدني وآيات الحدود والمعاملات وعلى علم بقواعد النحو ولهجات العرب وعلم البلاغة ثم الحديث من صحيح وضعيف ودرجات الصحيح ثم الضعيف ودرجاته وكيف نستطيع اللجوء إليها فى الأحكام وهل يمكن رفع درجة الحديث من ضعيف إلى حسن لغيره ومن حسن إلى صحيح لغيره ؟ وبعد تمكن العالم من هذه العلوم لابد أن يكون ذا عقلية فذة قادرة على الاستنتاج والاستنباط وتتبع الآيات والأحاديث للوصول إلى الحكم الفيصل الذى لا تشوبه شائبة .وكما قال تعالى " هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله ، والراسخون فى العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب " "آل عمران 7 " . فهذه الآية توضح وجود آيات واضحة الدلالة وأخرى تتحمل الكثير من الآراء فهناك من يلجأ لهذه الآيات ويحاول إثارة الأقوال بها وفقا لهواه ورغباته أو إثارة الخلافات بين المسلمين وإحداث قضايا تشغل المسلمين عن أساسيات دينهم. ويذكر بعض العلماء أن الآيات التى تقوم عليها الأحكام العامة لحياة المسلمين لا تزيد عن مائتي آية فى القران مما يسمى آيات الأحكام.

    ومن العلماء الذين شهد لهم الجميع بالرسوخ فى العلم الحسن البصرى" ت110"وأبو حنيفة" ت150" والأوزاعى" ت157" وسفيان الثورى" ت160" والليث بن سعد "ت 175" ومالك بن أنس "ت 179" وسفيان بن عيينة "ت198" والشافعى "ت 204 "وأحمد بن حنبل "ت 241" والإمام داود الظاهرى "ت 270" وإسحاق بن راهويه" 238 "و"أبو ثور ت 240 "
    ونرى أن أغلبهم قد عاصر الآخر وأخذ عنه فإما أن يوافقه الرأي أو يختلف معه وفقا لأسلوب كل منهم وطرق الاستدلال الخاصة به .
    ولعلنا نثق أكثر فى العالم المتأخر عن غيره مع ثبوت علمه وفقهه وتمكنه من أسس الدين وقواعده لأنه قد اطلع على ما سبقه من أقوال وأحكام فإن خالفها فهو بالضرورة قد امتلك دليلا على هذه المخالفة ومبررا لها ولعلنا نلاحظ أن الإمام الشافعي قد امتلك من أسس الدين الكثير مما يتضح فى كتابيه " الرسالة والأم " فان خالف من قبله فلابد أنه لم يرتض أدلتهم أو رأى رأيا آخر يراه أكثر صدقا وقبولا .ونرى تأثر العلماء ببعضهم البعض فقد تأثر أبو حنيفة بالإمام زيد صاحب المذهب الزيدى الشيعي وقال أبو حنيفة " لولا السنتان لهلك النعمان " أى لولا السنتان اللتان لازم فيهما الإمام زيد ليتعلم منه لخسر الكثير من قواعد الدين .
    ونرى الإمام الشافعي يحكى عن تعلمه على يد الإمام مالك وملازمته له عشر سنوات ، ومما يدل على علم الشافعى ، قال الربيع بن سليمان: "كان الشافعي رحمه اللّه يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا، وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا، فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر فإذا ارتفع الضحى تفرقوا، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار ". ثم نرى إعجاب الإمام الشافعي بالإمام الليث بن سعد الفقيه المصري الفذ فيقول عنه الشافعي " إنه أفقه من " مالك" إلا أن أهل مصر ظلموه وأضاع طلبته ما له من كتب " ولعل مما يدل على علم " الليث " الرسالة التى أرسلها إلى الإمام مالك يوضح له فيها بعض الأمور التى خالف فيها مالك رأى علماء المسلمين .
    ويجب أن نعلم أن الكثير من الأئمة لهم الحق فى اعتبارهم من أصحاب المذاهب ولكنهم لم تتح لهم الفرصة فى الشهرة مثل غيرهم وعدم تأييد الحكام لهم مثلما حدث من تأييد الإمام مالك، ولم ينشر طلابهم كتبهم وآراءهم ولم ينتشر مذهبهم فى البلاد مثلما حدث مع المذاهب الأربعة ، بل واعتبر البعض هؤلاء العلماء منتمين إلى المذاهب الأربعة مع اختلافهم أحيانا مع أصحاب هذه المذاهب فلا يعنى موافقة الحسن البصري أو الثوري أو الأوزاعى لرأى أحد الأئمة أنه ينتمي لمذهبه فقد يختلف معه فى أمور وقضايا أخرى لهم فيها من الحجة والدليل ما يؤكد آراءهم .
    وفى كل الأحوال فنحن على ثقة من جميع علماء المسلمين وأنهم ما اختلفوا إلا فى الفرعيات والمتشابهات ولم يحدث اختلاف فى الآيات المحكمات كما ورد فى آيات سورة آل عمران ولم يحدث اختلاف فى أسس الدين وان اختلافهم لم ينبع من تعنت أو مراء وجدال ونحسبهم جميعا على إخلاص لله وحرص على إرضائه ونشر دينه والدفاع عن شريعته وأنه يجوز للمسلمين أن يتبعوا أى مذهب منهم ولكن الأفضل التعرف على دليل كل منهم وفى حالة اختلاف أحد الأئمة مع غالبية الآخرين فالأفضل والأحوط هو إتباع الأغلبية مثلما يحدث أحيانا فى مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان ، وكما ذكرنا فإن المذهب المتأخر فى الظهور قد يكون أدق من غيره لأنه بالضرورة قد اطلع على ما سبقه ولم يخالفه إلا بدليل أو برهان أو عدم اقتناع كامل بما ساقوه من أدلة عقلية لأن العلماء لا يختلفون فى حالة وجود نص صريح وصحيح من كتاب أو سنة إلا فى بعض الآيات و الأحاديث التى اختلف فهم البعض لها عن غيرهم وفقا لتأويل كل منهم للنص .


    والآن ننظر إلى القواعد التى اعتمد عليها العلماء فى أصول الفقه وهى :

    1/ القران : وهو المصدر الرئيسي فى التشريع وعليه الاعتماد الأكبر للعلماء من حيث معرفة معانى الكلمات وأسباب نزول الآيات والترتيب الزمني لحدوث الوقائع والآيات المرتبطة بها والناسخ والمنسوخ ولقد نزل القران متفرقا وفقا للأحداث والمواقف التى تمر بها الدعوة، وأن القران يحتوى على آيات إعجاز علمي ولكن لا يجوز الاستدلال بها حتى تثبت علميا حتى لا يكون فهمنا للآيات خاطىء فننسب للقران شيئا ثم يثبت بعد ذلك عدم صحته فيشكك البعض فى صدق هذا الكتاب المبين .
    ويحتوى القران على آيات اعتقادية وخلقية وعملية والأحكام العملية تنقسم إلى عبادات ومعاملات مثل الأحوال الشخصية والزواج والطلاق والمعاملات التجارية مثل المبادلات والرهن والكفالة والشركة والمداينة وآياتها نحو 70 آية وهناك أحكام جنائية تتعلق بالجرائم والعقوبات وهى نحو 30 آية وآيات تتعلق بالمرافعات والقضاء والشهادة واليمين وآياتها نحو 13 وآيات تختص بنظام الحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم وآياتها نحو 10 وأخرى تخص العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم فى السلم والحرب وآياتها نحو 25 آية وأحكام اقتصادية ومالية بين الأفراد وبعضهم أو بين الفقراء والأغنياء وآياتها نحو 10 آيات . ولعلنا نعلم أن معرفة ترتيب نزول آيات القران وسوره يؤدى لمعرفة الحكم النهائي إذا حدث تعارض ظاهري بين الآيات مثل الآيات التى تمنع شرب الخمر قبل الصلاة وأخرى تمنع شرب الخمر ولعب الميسر نهائيا فنعلم من ترتيب نزول الآيات أن الخمر منعت بالتدريج حتى تم المنع النهائي لها ، والناسخ والمنسوخ أي أن تأتى آية لتلغى عمل آية سابقة لها كما وضح فى آيات الخمر فآية التحريم نسخت كل الآيات المتصلة بشرب الخمر وحرمتها نهائيا .
    ونرى بعض الآيات المتصلة بالنسخ مثل :
    بعض الآيات المنسوخة حكماً عند جمهور الأمة:
    1) نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة فى المسجد الحرام.
    2) عدة المرأة المتوفى عنها زوجها كانت عدتها من أول الأمر سنة كاملة، ثم نسخ ذلك فصارت أربعة أشهر وعشراً .
    3) المثابرة في مقابلة العدو كان في أول الأمر يجب أن يثبت المسلم أمام عشرة من الكفار، ثم نسخ ذلك بأخف منه لما علم الله ضعف المسلمين، فلزم أن يثبت المسلم أمام اثنين من الكفار فقط .
    4) كانت الخمر حلالاً في مثل آية البقرة، ثم نسخ ذلك بآية الخمر في سورة المائدة .
    5) نسخ الصدقة عند إرادة مناجاة الرسول كما في سورة المجادلة .


    2 / السنة النبوية المطهرة :

    وهى المصدر الثانى فى التشريع وعليها الاعتماد الأكبر فى تفسير آيات القران وأحكام الإسلام ولها الحق فى توضيح الغامض وتفصيل المجمل ، ومن السنة ما هو قولى نطق به الرسول لفظا أو تقريرى رآه الرسول أمامه ولم يعترض عليه أو فغلى قام به الرسول بنفسه .
    وأجمع المسلمون على أن ما ورد عن الرسول وثبتت صحته فهو حجة لا يجوز التهاون فيها او التنازل عنها لقوله تعالى " قل أطيعوا الله والرسول " وقوله " من يطع الرسول فقد أطاع الله " وقوله " يأيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " خاصة أن الأمور الشرعية جاءت عامة ولم يرد تفصيلها إلا فى السنة مثل كيفية الصلاة والحج والزكاة والطهارة .
    ونعلم أن السنة جاءت لتوضح أمورا ذكرها القران أو تفصل أمورا وردت مجملة أو تذكر أحكاما لم يناقشها القران أصلا مثل حديث القران عن تحريم الربا والإشراك وعقوق الوالدين وشهادة الزور وتحريم القران أكل الميتة وفصل الرسول جواز أكل ميتة البحر وتحريم كل ذى مخلب وناب وتحريم لبس الرجال للذهب والحرير وقوله " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" وتحريم جمع الرجل بين المرأة وخالتها وأختها وعمتها .

    ومن السنة ما هو متواتر وصحيح وضعيف وموضوع ومن الأقسام الكثير مما يجب أن يتعرف عليه المسلم .
    ويوضح بعض العلماء انه ليس كل ما ورد عن الرسول يكون ملزما للمسلمين من مظاهر بشرية مثل النوم والقعود والمشى والأكل والشرب وآراء الرسول الخاصة بالزراعة والتجارة ووصف الدواء ولكن الأفضل بالطبع التشبه بالرسول حبا له ورغبة فى التشبه به حتى فى مظاهر حياته البشرية.

    3 : الدليل الثالث : الإجماع

    هو اتفاق جميع المجتهدين فى عصر من العصور التالية للرسول ص على أمر ما من أمور الدين ، ولعلنا نعترف بصعوبة هذا الأمر ، ونعلم أولا بأن المجتهد لا يتعدى استنباط الحكم بواسطة القياس على نص أو تطبيق قواعد الشريعة العامة أو بالاستدلال ببعض الدلائل مثل الاستحسان والاستصحاب ومراعاة العرف والمصالح المرسلة ثم يفتى بما يراه أفضل للمسلمين فإذا لم يجد اعتراضا مؤيدا بدليل وصمت المسلمون على هذا الكم يكون موافقة ضمنية منهم ، أو لو قام بمشاورتهم فوافقوا فإذن يثبت الحكم على من بعدهم إذا توافرت نفس الظروف مثل إلغاء عمر حد السرقة عام المجاعة وإيقاف عمر سهم المؤلفة قلوبهم فى الزكاة وعدم إقامته الحد على الفتى شارب الخمر عندما أحس منه الندم الحقيقى وجمع عمر المسلمين على صلاة التراويح بدلا من صلاتها منفردة وأبو بكر فى جمعه للقران ثم كتابته بلهجة قريش وإلزام جميع البلاد به والأذان الأول خارج المسجد فى عهد عثمان لتجميع الناس إلى الصلاة .
    وإن كنا نرى أن مشاورة الإمام للعلماء وإجماعهم على أمر يمكن اعتباره إجماعا فى عصرهم ولكن إذا حدث إجماع آخر فى عصر آخر من عصور المسلمين فيمكن الأخذ به لأنه الأكثر ملاءمة لعصره ونذكر إيقاف عمر رضى الله عنه لسهم المؤلفة قلوبهم فإنه اعتبر هذا السهم لتأليف غير المسلمين على الإسلام أو لمساندة المسلمين الجدد فى حياتهم الجديدة فى ظل المسلمين وأنه رأى أنه لا حاجة للإسلام لتأليف غير المسلمين عليه بالمال وأن الإسلام أصبح من القوة والمنعة بما لا يحتاج إلى هذا العمل من توزيع ثمن الزكاة على غير المسلمين ولكننا نرى أن هذا الأمر وإن لم يجد اعتراضا من الصحابة فى عصره إلا أن الأمر قد تغير كثيرا فأصبحنا حاليا فى حاجة إلى هذا السهم فى الزكاة وأنه من الممكن اعتبار الحفلات التى تقيمها الهيئات الإسلامية لنشر الإسلام أو الدفاع عنه بما تتكلفه من تأجير غرف فى فنادق أو قاعات للمؤتمرات أو دعوة الأجانب ورجال الإعلام من الجنسيات المختلفة إلى هذه الاحتفالات من سهم الزكاة ، فلا يمكن إنكار الضعف الذى يعانى منه الإسلام والمسلمون مما يجيز العودة إلى هذا السهم الهام واستغلاله بما يحقق المصلحة للإسلام والمسلمين مثل دعوة السفراء ورجال الإعلام والعاملين بوزارات الخارجية للدول ورجال الأديان المختلفة لمناقشتهم فى أمور ديننا وعرض هذا الدين عليهم وإظهار كذب ما يحوطه من ادعاءات وافتراءات ، أى أننا نقصد أن يعود سهم المؤلفة قلوبهم وأنه يجوز للهيئات التى تقوم بجمع الزكاة اعتبار أموال الزكاة مباحة لهم فى استخدامها فى حدود الثمن لنشر الإسلام أو الدفاع عنه بين غير المسلمين ، وأنه يجوز لأفراد إخراج زكاة أموالهم لنفس الغرض بنفس النسبة حتى لا يظلم صنف من الأصناف المستحقة على حساب الآخر فنحن نعلم أن المستحقين للزكاة ثمانية أنواع وردت فى سورة التوبة وهم " الفقراء والمساكين والعاملين وعليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب و والغارمين وفى سبيل الله و ابن السبيل " وانه من الأفضل أن يتصف الموزع بالفراسة فيعلم أى الأنواع أولى حسب الظروف فنعلم أن عصرنا لم يعد يعانى الكثيرون فيه من قضية السفر وضياع المال أو هلاك الدابة أو قطاع الطريق وبالتالي فإن سهم ابن السبيل قد قل نصيبه كثيرا بينما تزداد قيمة سهم الفقراء والمقاتلين فى سبيل الله فى دول العالم الإسلامي المقهورة ، والمؤلفة قلوبهم للدفاع عن الإسلام أمام أعدائه المتربصين له .
    وقال بعض العلماء انه لو اتفق الصحابة على رأى معين أو حكم شرعي لم يرد فى عهد الرسول ص ما كان لأى مجتهد بعد ذلك أن يخالفهم . وقد قال الرسول ص " لا تجتمع أمتي على ضلالة" وقال ص " ما كان الله ليجمع أمتي على ضلالة " وقال " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن "
    ولكننا نذكر اعتراض بعض العلماء على إمكانية توافر الإجماع فى الأحكام الشرعية لصعوبة الحصول على رأى الجميع وصعوبة موافقة جميع الصحابة أو التابعين على رأى واحد دون اعتراض من أحدهم .
    ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل " من ادعى الإجماع فهو كذاب لعل الناس قد اختلفوا ، ما يدريه ولم ينته إليه فليقل : لا نعلم الناس اختلفوا "
    وبعض العلماء يذكر أن هناك إجماع صريح وإجماع سكوتي ، ولابد أن يكون السكوتى خاليا من شبهة الخوف والمراء والاستهزاء .
    وهكذا فالإجماع الصريح قطعي الدلالة والإجماع السكوتى ظني الدلالة .

    4 : الدليل الرابع : القياس :

    المقصود بالقياس أن نعتمد على حادثة وردت بنص للحكم على حادثة مشابهة فى فترة تالية لم يرد فيها نص صريح ، مثل تحريم الويسكى والكونياك والشمبانيا قياسا على الخمر لأنها تسكر وكما حرم الإسلام نبيذ العنب فقياسا عليه يتم تحريم نبيذ التمر ونبيذ التفاح لوجود نفس العلة . وأيضا نعلم أن الوارث يحرم من الميراث إذا استعجل الأمر وقتل من سيرث منه ولهذا قياسا عليه إذا وصى رجل لآخر بوصية فتعجل الموصى له الحصول على المال فقتل الموصى فيحرم من الوصية قياسا على ما سبق وعندما نهى القران عن البيع والشراء عند صلاة الجمعة فقاس البعض على ذلك ممارسة التدريس والطب وأى مهنة أخرى فتحرم مزاولتها عند صلاة الجمعة .وكما ورد النص بتحريم ربا النسيئة فى ستة أشياء هى الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح لعلة إمكان وزنها وكيلها وأنها مقدرات مضبوطة مع اتحاد الجنس فلا يجوز الربا فيها ورغم أن الذرة والأرز والفول لم يرد فيها نص ولكنها تساوت معها فى أنها مقدرات فسويت بها فى الحكم حين المبادلة بجنسها .
    ونذكر الدليل على القياس ووجوده من قول الله تعالى " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " أى أن الآيات وضحت جواز الاستنباط والقياس على الموجود من أحكام صريحة من خلال النصوص القرآنية أو السنة النبوية .
    وقد سمع الرسول ص معاذ بن جبل وهو يخبر الرسول ص انه سيعتمد على القران والسنة ثم يجتهد رأيه ولا يقصر وذلك عندما أرسله ص إلى اليمن فأبدى الرسول إعجابه بمنطق معاذ وان هذه الطريقة الصحيحة فى تطبيق الشرع من حيث التزام بالقران والسنة ثم القياس عليهما .ونذكر رسالة أمير المؤمنين عمر الى قاضيه أبى موسى الأشعرى موضحا له المنهج الذى يتبعه فى الحكم والفتوى فقال " الفهم الفهم فيما يتلجلج فى صدرك مما ليس فى كتاب ولا سنة ثم اعرف الأشباه والأمثال ( الأمور المتماثلة) فقس الأمور عند ذلك واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق"
    ونعرف أخيرا أنه من طرق وأساليب التشريع التى اختلف علها البعض وجود ما يسمى ب " الاستحسان و المصالح المرسلة والعرف ومذهب الصحابي "
    وكما يقول الإمام الشاطبى عن الاستحسان " أنه العمل بأقوى الدليلين فى حالة وجود رأيين " ويروى عن مالك قوله " تسعة أعشار العلم الاستحسان " وقد عبر الشوكانى عن الاستحسان بقوله " هو دليل فى نفس المجتهد ويتعس عليه التعبير عنه " أى أن المجتهد بخبرته وعلمه قد يرى أن هذا الأمر أكثر موافقة للشرع من غيره ولكنه لا يستطيع الحصول على دليل أو حجة قوية لكلامه إلا شعوره وإلهامه بتفضيل أمر على آخر .
    ونرى ما يسمى المصلحة المرسلة وهى أن يرى المجتهد سواء كان حاكما أو فقيها أن مصلحة المسلمين فى أمر ما فله أن يفعل ما يراه مفيدا للإسلام والمسلمين مثل وضع عمر للخراج وتدوين الدواوين وتمصير الأمصار واتخاذ السجون والتعزير بعقوبات شتى مثل إراقة اللبن المغشوش ومشاطرة الولاة أموالهم إذا تاجروا أثناء ولايتهم ، وجمع عثمان المسلمين على مصحف واحد وحرق غيره من المصاحف ، وأفتى الفقهاء بجواز قتل المسلم إذا احتمى به الكفار كرهينة لديهم ، وشق بطن الأم إذا توفت وفى بطنها جنين .

    ونعلم أنه من مصادر التشريع الاستثنائية : العرف :
    أى ما تعارف عليه الناس واستحسنوه من قول أو فعل طالما لا يتعارض مع نصوص الدين ومصلحة المسلمين العامة والخاصة مثلما ورد فى القران " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " وقوله تعالى وللمطلقات متاع بالمعروف " أى وفقا لما تعارف عليه الناس إذن أجاز الشرع أن نعتمد على العرف فى تحديد بعض الأمور الشخصية والمعاملات بين المسلمين . مع العلم أن الأحكام المبنية على العرف تتغير بتغير الزمان والمكان .

    وان هناك بعض المبادىء التى وضعها علماؤنا مثل :
    الأصل فى الأشياء الإباحة .
    التحليل والتحريم من حق الله وحده .
    تحريم الحلال وتحليل الحرام قرين الشرك بالله .
    التحريم يتبع الخبث والضرر .
    ما أدى إلى الحرام فهو حرام.
    التحايل على الحرام حرام .
    النية الحسنة لا تبرر الفعل المحرم.
    الضرورات تبيح المحظورات .
    فى الحلال ما يغنى عن الحرام .

    وأخيرا نوضح أن الإسلام يتصف كما قال الأستاذ سيد قطب بالربانية " أى أنه منهج من عند الله عز وجل " ويتصف بالشمولية " أى أنه شمل كل الأساسيات التى تخص الناس " والإيجابية " أى التفاعل مع حاجات الناس " والثبات " أى أن أحكامه الأساسية والأصلية ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان " والواقعية " أى أنه دين واقعي يتعامل مع الناس على أنهم بشر لهم حاجاتهم البدنية والروحية التى لا يجوز التغافل عنها والواقعية تعنى بعض المرونة فى الأحكام واللجوء إلى بعض الرخص أحيانا وفقا للمواقف المختلفة التى قد يتعرض لها الإنسان وليست أمورا ثابتة ومتكررة فى حياتنا أو تحدث لقلة فقط من المسلمين"

    jdsdv ugl hgtri ,hw,g hgtri







    رد مع اقتباس  

  2. #2 رد: تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    المشاركات
    448
    يا زارع الخير تحصد بعده ثمرا

    بارك الله فيك





    رد مع اقتباس  

  3. #3 رد: تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    المشاركات
    5,267
    جزاك الله كل خير على الطرح





    رد مع اقتباس  

  4. #4 Icon149 رد: تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    نبض المدينة المنورة غير متواجد حالياً إدارة العلاقات العامة
    المشاركات
    6,027
    بارك الله فيك





    رد مع اقتباس  

  5. #5 رد: تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    أوهــــــامَ غير متواجد حالياً § أنسانه متواضعه §
    المشاركات
    58,525
    بارك الله فيك





    رد مع اقتباس  

  6. #6 رد: تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    ضي الأمل غير متواجد حالياً T৵હ.¸ اللهم إغفر لها وتغمدها برحمتك "¸.હ৵
    المشاركات
    16,625
    ليبارك الله جهدك





    رد مع اقتباس  

  7. #7 رد: تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    المشاركات
    3,205
    ::


    ::


    جزاك الله خير






    رد مع اقتباس  

  8. #8 رد: تيسير علم الفقه واصول الفقه 
    المشاركات
    6,597
    بارك الله فيك وفي جهودك





    رد مع اقتباس  

المواضيع المتشابهه

  1. الفقه المُغيَّب !!
    بواسطة عمر الشمري في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-Apr-2010, 01:53 PM
  2. موقع الفقه الأسلامي للأفتاء ((لا للحيرة))
    بواسطة الداعية السكرة في المنتدى تحميل و استماع اناشيد و صوتيات الاسلامية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-Mar-2010, 12:03 PM
  3. أحكام ولد الزنا في الفقه الإسلامي
    بواسطة dyadak في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 22-Jan-2010, 01:24 AM
  4. تيسير علم الحديث
    بواسطة احمد عبد العزيز في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20-Jun-2008, 01:31 PM
  5. شوفوا وش بيصير عام 3000 !!!!
    بواسطة هووواوووي في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 14-May-2006, 04:11 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •