يعتبر مرض الحصبة الألمانية Rubella من الأمراض الفيروسية الشهيرة، ويتميز بحدوث ارتفاع في درجه الحرارة ووجود طفح جلدي على الجسم. وسميت الحالة بالحصبة الألمانية German Measles لأن الأطباء الألمان كانوا أول من اكتشف المرض كمرض مستقل بحد ذاته.

أعراض ومضاعفات

* الحصبة الألمانية مرض حاد، ولا يعاني نصف المرضى تقريبا من أعراض. وحتى الذين يعانون من أعراض فإن حدتها تختلف من عمر لآخر، إذ يعاني الأطفال الصغار من أعراض خفيفة وطفح جلدي والتهاب للغدد الليمفاوية في الرأس، بينما يمكن أن يعاني الأطفال الأكبر عمرا والمراهقون والبالغون من المضاعفات الخاصة بالمرض، مثل التهاب المفاصل على سبيل المثال. وفي أحيان نادرة يمكن أن يعاني الأطفال من التهابات المخ كمضاعفات للمرض. ولكن تبقى المضاعفات الأهم والأشهر للمرض إذا أصيبت سيدة حامل بالمرض، خاصة في الثلاثة شهور الأولى وينتقل للطفل من خلال المشيمة، ويمكن أن يتسبب الفيروس في عيوب خلقية خطيرة ويمكن أن يتسبب في الإجهاض أو يولد الطفل ميتا، وتسمى هذه الحالة بالطفل المصاب بالمرض بشكل خلقي Congenital rubella syndrome، ولكن لحسن الحظ تناقص عدد المصابين بالحصبة الألمانية وعدد السيدات الحوامل اللائي يصبن بالمرض بشكل كبير جدا بعد تطبيق التطعيم الإجباري للأطفال.
الحالة المرضية
* تأخذ الحصبة الألمانية فترة حضانة نحو 3 أسابيع، ويتم انتقال المرض إما عبر الرذاذ من شخص مصاب أو من خلال المشيمة في حاله الأم المصابة، وفترة العدوى نحو أسبوع قبل ظهور الطفح ونحو 5 أيام بعد ظهوره. وهي تنشط في فصل الربيع. وقبل ظهور الطفح تظهر عدة أعراض على المريض، مثل احتقان الحلق وصداع وآلام عامة في الجسم، والتهاب في ملتحمة العين، وآلام عند حركة العين لأعلى، وإحساس بالغثيان وفقدان الشهية وارتفاع طفيف في درجة الحرارة بحيث لا تتعدى 38.5 درجة مئوية، والتهاب في الغدد الليمفاوية أسفل الرأس وخلف الأذن.
وعندما يظهر الطفح، فإنه يبدأ في الوجه والعنق ثم ينتقل إلى الجذع والأطراف خلال أول يوم، ثم يبدأ في التلاشي من الوجه والعنق في اليوم الثاني ويختفي من الجسم في اليوم الثالث، ومن هنا كانت تسمية (حصبة الثلاثة أيام 3 - day measles)، ونادرا ما تحدث مضاعفات مثل التهاب المفاصل أو التهاب الأعصاب.
عيوب خلقية
* تحدث الإصابة الخلقية بمرض الحصبة الألمانية Congenital Rubella Syndrome، إذا حدثت الإصابة للجنين في أول ثلاثة شهور من الحمل ويحدث إجهاض أو موت للجنين داخل الرحم أو حدوث عيوب خلقية متعددة. ومن أهم هذه
العيوب:

* فقدان السمع، ويعتبر أشهر عرض خلقي ويحدث بنسبه 58 في المائة من المرضى، ويمكن أن يكون في إحدى الأذنين أو كلتيهما، وفي 40 في المائة من الحالات يمكن أن يكون هو العيب الخلقي الوحيد الموجود في الجنين، ويمكن ألا تتم ملاحظته حتى بلوغ الطفل عمر عامين.
* عيوب خلقية في العين: تحدث العيوب الخلقية في كلتا العينين بنسبة نحو 80 في المائة، وفي الأغلب يكون وجود المياه البيضاء أو المياه الزرقاء أو عيوب خلقية في شبكية العين.
* عيوب خلقية في القلب، مثل وجود ضيق في الشريان الرئوي في نحو 50 في المائة من الأطفال الذين تتم إصابتهم في الشهرين الأوليين من الحمل، وعموما إذا تمت الإصابة في الـ10 أسابيع الأولى من الحمل تحدث الإصابة بالعيوب الخلقية في القلب والسمع بنسبة تبلغ نحو 100 في المائة، وإذا تمت الإصابة لاحقا في نحو الأسبوع الـ13 إلى 16 تحدث عيوب خلقية في السمع فقط بنسبة تصل إلى 33 في المائة.
* عيوب خلقية في الجهاز العصبي، مثل التأخر العقلي واضطراب في السلوك، أو عيوب خلقية في المخ.
* التهاب كبدي وزيادة في العصارة الصفراوية وتضخم الطحال والكبد.
* اضطراب هرموني، وفي الأغلب يظهر في العقد الثاني أو الثالث من العمر على شكل اضطراب في وظائف الغدة الدرقية أو ظهور مرض البول السكري.

تشخيص المرض

* يجب أن يتم الاعتماد على التحاليل في تشخيص مرض الحصبة الألمانية حيث يمكن أن تتشابه أعراض المرض، وخاصة الطفح الجلدي مع أمراض أخرى، فضلا عن أنه في حالات كثيرة من الإصابات لا تكون هناك أعراض إكلينيكية واضحة، ولذلك يتم عمل تحليل لتحديد وجود أجسام مضادة للفيروس من عدمه، التي يجب أن تكون مرتفعة بكمية ملحوظة. ويمكن عمل بعض التحاليل الأخرى، مثل عد كامل لكريات الدم CBC، الذي يظهر نقصا في كرات الدم البيضاء.
وفي حالة الحصبة الخلقية، يتم عمل كثير من الفحوصات للكشف عن العيوب الخلقية، مثل عمل تصوير بالرنين المغناطيسي على المخ للكشف عن أي عيوب خلقية في المخ، وكذلك يتم عمل أشعة تلفزيونية على القلب للتأكد من خلوه من أي عيوب خلقية، وفحص لعدسة العين، وعمل أشعة تلفزيونية على البطن، وإجراء تحليل لوظائف الكبد.

الوقاية والعلاج

* التطعيم: يعتبر التطعيم ضد الحصبة الألمانية فعالا جدا، ويوفر وقاية كافية ساهمت في تراجع أعداد المصابين بشكل كبير، ويكفي أن نعرف أن دولة، مثل المكسيك، لم تكن تدرج تطعيم الحصبة الألمانية في تطعيماتها الإجبارية حتى مطلع التسعينات من العام الماضي، وكان عدد الحالات المصابة بالمرض نحو 65 ألف حالة، تراجعت بعد فرض التطعيم إلى 20 ألف حالة فقط، أي ما يعادل تراجعا لنحو 68 في المائة. ولكن لا يزال هناك كثير من دول العالم الثالث لم تطبق بعد نظام التطعيم الإجباري ضد الحصبة الألمانية.
التطعيم عبارة عن الحقن بالفيروس، بعد أن يتم إضعافه (ولذلك يجب عدم تعاطيه للمرضى ذوي المناعة الضعيفة الشديدة، مثل مرض الإيدز أو المرضى الذين تم زراعة أعضاء لديهم)، ويتم تناوله في الأغلب مع تطعيم الحصبة والغدة النكافية MMR، في الفترة من 12 إلى 15 شهرا، ثم جرعة أخرى في عمر من 4 إلى 6 أعوام.
* العزل: يتم عزل الطفل المصاب عن المحيطين به (وخاصة السيدات الحوامل) لمدة أسبوع بعد ظهور الطفح الجلدي. وبالنسبة للطفل الذي يولد بالحصبة الخلقية، يظل حاملا للمرض لمدة عام، ويجب الوضع في الاعتبار الاحتياطات الخاصة، إلا في حالات أخذ عينات من البول والإفرازات من الحلق وكانت سلبية للمرض.
وبالنسبة للسيدات الحوامل المعرضات للحصبة الألمانية يجب أخذ عينة من الدم مباشرة بعد التعرض للإصابة، والكشف عن الأجسام المضادة في دم الأم، وفي حالة وجود الأجسام المضادة فإن ذلك يعني أن الأم في الأغلب تتمتع بمناعة من المرض، وفي حالة سلبية العينة يجب أخذ عينة بعد نحو 3 أسابيع أخرى. وإذا كانت العينة الثانية سلبية يتم أخذ عينة ثالثة بعد 3 أسابيع أخرى وإذا كانت جميع العينات سلبية، فهذا يعني أن الإصابة لم تحدث. أما في حالة ما إذا كانت العينة الأولى سلبية والثانية والثالثة إيجابيتين، فإن هذا يعني حدوث إصابة حديثة، ويتم توضيح الأمر للأم، ويستحسن أن يتم إنهاء الحمل لما يحمله من مخاطر على الجنين، وفي حالة عدم رغبة الأم في إنهاء الحمل، يتم حقنها ببروتين مناعي immune globulin كنوع من الوقاية، ولكن يجب الوضع في الاعتبار أن الوقاية قد لا تفيد كثيرا في منع العيوب الخلقية.
أما العلاج، فليس هناك علاج محدد للحصبة الألمانية، وفي الأغلب يتم الشفاء تلقائيا، ويمكن أخذ علاج للأعراض، مثل خافض للحرارة في حالة ارتفاع درجة الحرارة أو مسكنات في حالة حدوث التهاب المفاصل إذا حدثت مضاعفات.
* اختصاصي طب الأطفال


hgpwfm hgHglhkdm 2013