لماذا هناك زوجة تصرخ و أخرى تتألم

زوجة تصرخ و أخرى تتألم


كأي سيئ في الكون تتعرض الحياة الزوجية للتغير، تتعرض لهزات قد تكون عنيفة لكنها تمر بسلام ،وهزات بسيطة جداً, لكنها تؤدي إلى طريق مسدود, ويظل طوفان الأسئلة المطروحة يبحث عن إجابات مقنعة:

لماذا تتغير درجة حرارة الحياة الزوجية ؟
لماذا يشعر أحد الزوجين بعد فترة من الزمن ـ أن الطرف الآخر لم يعد نوافذ الحوار
بين زوجين كانت حياتهما مليئة بالتفاهم , والسعادة والفرح؟

تقول (أيمان ـ أ ـ ط): للأسف حياتي الزوجية لم تمش كما كنت أتمنى ، فقبل الزواج , وحتى أثناء السنوات الأولى منه ، كنا نعيش إلى درجة كبيرة في سعادة ,لكن بعد أقل من ثلاث سنوات فقط، أصبحت حياتنا روتينية جداً ، فقد ذابت وتلاشت كل الكلمات الجميلة , وحلت مكانها النقاشات الحادة , والخلافات المستمرة. لم يعد هناك ذلك المناخ العاطفي الذي كنا نعيش فيه , ولا أدري السبب , وأتساءل كثيرا في نفسي: هل هذا زوجي الذي عشت معه أسعد أيام حياتي ؟ لماذا اختفى الحب ؟ هل لم يعد يحبني كما كان في السابق ؟ وهل الحب ينتهي بالتقادم مثل أي شيء آخر ؟ هل للحب فترة صلاحية بعدها يكون قد فقد لكل مقومات البقاء؟ إنها أسئلة مؤلمة تطاردني ليلاً نهاراً , ولا أجد لها أي إجابة مقنعة .

إن زوجي بالمناسبة ليس رجلاً سيئاًً ، وليس في أخلاقة مايجلعني أندم على سنوات عمري معه , لكن أنا بالفعل حائرة من الأحوال التي آلت إليها حياتنا الزوجية , فقد أصبحت جامدة , ولا طعم لها، وربما لولا وجود أربعة أولاد بيننا لكنا انفصلنا منذ أعوام . مشكلتي معقدة وغريبةوبنفس درجة الدهشة من تغير أحوال زوجها ،

تشكو السيدة ( تغريد العويض) وتقول: ربما لوكنت تزوجت بطريقة تقليدية , وبدون أن أعرف زوجي أو يعرفني , كنت تقبلت الأمر ، وقلت إن هذا هو الطبيعي في زواج غير مدروس , لكن المشكلة أن زوجي يعرفني جيداً ,فهو ابن عمي ومنذ طفولتنا والكل يعلم أنني له وانه لي وقد تزوجنا عن حب وتفاهم ، والتكافؤ والاجتماعي والتعليمي بيننا موجود ، لا توجد بيننا أي مشكلة تجعل حياتنا بهذا البرود, وهذه الرتابة , فبعد كل ذلك الحب الذي بنينا عليه حياتنا الزوجية ، وصلنا إلى طريق مسدود ، فلم يعد يقبل مني كلاماً ، ولا يطبق البقاء في المنزل ، الحوار بيننا تلاشى ، والجلسات الجملية وسط أولادنا ذهبت إلى غير رجعة,والأسباب غير معروفة،

لقد بحثت في نفسي عن عيوب ولم أجد ، فقد جلست في البيت بدون عمل لأرضيه , عندما يأتي من علمه يجدني في انتظاره ، وفي أجمل صورة ، يجدني مبتسمة ، ضحوكة ، ملبية ومطيعة له في كل شيء ، لكن كل هذا لم ينفع ، كأن جداراً أسمتنيا ً أصبح يفصل بيننا ، ولا أدري ماذا أفعل ؟! زوجي عصبي وانفعاليمن جانب آخر

تروي السيدة (مروة جمال) قصتها بنبرة من الألم , وربما الندم أيضاً ، فهي قد صدمت في شخصية زوجها ، الذي تعترف بأنها كانت مخدوعة فيه وتقول: كل من كان يعرفه قبل زواجي منه ، كان يشيد به ، ويتحدث عن أخلاقة ، وذكائه , ونجاحه في العمل بالتدريس الجامعي ، فهو المتفوق الذي تتمناه أي فتاة، وهذا ما جعلني أوافق عليه بدون تفكير ، فالكل كان يحسدني عليه، حتى زميلاتي وصديقاتي كن يحسدني على أنه اختارني أنا بالتحديد ، وقد كنت سعيدة بذلك ، كنت أشعر بانني فزت برجل كل الفتيات يحلمن بمثله زوجا لهن ،

لكن بعد شهور من قليلة من الزواج ، تبدد كل ذلك ، فزوجي الهادىء الوقور، انقلبت موازينه ، وظهر على حقيقته ، فهو عصبي لأقصى درجة ، وانفعالي بطريقة لا تطاق ، وهكذا أصبح زواجنا كأنه تحصيل حاصل ، كأنه دائرة مغلقة لا يمكن لأحدنا الخروج منها ، مشاعرنا أصيبت بالجمود والبرود ,والكلام بيننا ليس له طعم ، وحياتنا كلها فقدت بريقها ، منذ سنوات لم يقل لي جملة واحدة تذكرني بأنه في يوم من الأيام كان يحبني ، وأنه فضلني على طابور طويل من بنات الحي الذي عشنا وتربينا فيه ، أتساءل ـ أحيانا ـ لماذا تزوجني ؟ وهل هو ـ أيضاً ـ صدم في شخصيتي ؟

وإذا كان الأمر كذلك ، لماذا لم يفكر في الزواج مرة أخرى ، أولما ذا لم يطلقني ؟ أعتقد أن الطلاق أفضل كثيراً من استمرارنا بهذا الشكل ، لكن ,, أنا لايمكن أن اطلب منه ذلك ، ولا يمكن أن أهدم بيتي ’ وأتسبب في تعاسة أولادي بيدي، لذلك استسلمت للأمر الواقع .

غياب المنطلق الحواري من خلال هذه القصص ، يتبين لنا أن هذه الزيجات كلها قامت على قدر معقول من التفاهم ، لكن الذي حدث أن الحياة الزوجية تحولت تحولا ملحوظاً إلى جهة النقيض ، وبالتأكيد لهذا التحول أسبابه العلمية ، ربما تكون أسئلة الزوجات التي طرحت عبر هذه القصص معدومة الإجابة ، لأنهه لا يجدن لها أجوبة منطقية لديهن ،لكننا إذا نظرنا إلى الأمر من الوجهة العلمية ، سنجد أسباباً هي التي أدت بالحياة الزوجية إلى هذا الفتور العاطفي .

وهنا تؤكد الخبيرة الأمريكية (ديبورا تأنيني) :
على أن سبب هذه الخلافات ، هو انقطاع الاتصال الكلامي بين الأزواج، وهذا يعود لاختلاف أساليبهم ، ومدى تفهمهم لأحاديث بعضهما البعض ، وقد قامت (ديبورا) بتلخيص الوراق الأساسية في أنماط التبادل الكلامي بين الأزواج في النقاط التالية :

- في الأحاديث المتبادلة بين الزوجين , تطرح المرأة معظم الأسئلة ، وترى في الأسئلة سبيلا لمتابعة حديث ما , بينما يعتبر الرجل الأسئلة طلبا في المعلومات ، ونلاحظ أنه لا يطرح أسئلة شخصية ، بينما المرأة تعبتر ذلك نوعا من الاهتمام والألفية .
- في الأغلب تستعمل النساء بعض الإيماءات لتشجيع الأزواج على الكلام ، وقد يعتبرا لزوج ذلك دليلا على كلامه ، ولكنه يشعر بعد قليل من الاتسرسال أنه خدع ، حيث يكشف أنها كانت ببساطة تساعده على متابعة حديثة فحسب، وفي المقابل تشعر الزوجة أنها مهملة لأن زوجها يقلل من استعمال هذه الإيماءات لكي تتكلم هي ، يصغي هو إليها ، الأمر الذي يزيد إحساسها بتجاهله لها ولكلامها .

- يستعمل الرجال ـ عادة ـ تعليقات هامشية أكثر من النساء ،
إلا أن هذه التعليقات تزعج النساء ، حيث أنهن يعتبرنها مقاطعة وتهجماً عليهن ، فيأتي رد فعلهن بشكل (احتجاج صامت) يبدو على ملامح الوجه ، بينما يعتبر الرجال هذه التعليقات الهامشية أسلوباً عاديا ليس إلا’ واقع لابد منهإن إدراك الفوارق الأساسية في عملية الاتصال الحوراي أو الكلامي ، بين كل زوجين ، يعلمهما حسن التفهم وتجنب الخلافات ، حيث إن القدرة على المحادثة بلغة خاصة ذات مدلولات غامضة ، وتلميحات مبطنة ، ونظرات مدركة ، تمثل تقارباًً خاصاًَ في العلاقة الحوارية بين الزوجين .

وهنا يقدم لنا علم العلاقات الاجتماعية خمس قواعد أساسية تساعد الأزواج على التقارب والتفاهم والحوار:

- كونوا حساسين تجاه مشاعر شركاء حياتكم ، خصوصا مشاعرهم العاطفية .
- دعوا شريك الحياة يشعر بأنكم تصغون إليه باهتمام.
- لا تقاطعوا حديث بعضكم البعض لأن ذلك يشعر الطرف الآخر بأن كلامه يجب أن يتوقف.
- اطرحوا أسئلتكم بينكم بذكاء .
- تعمدوا الدبلوماسية حتى لا يشعر أحدكم بالملل من الطرف الأخر.

الحب في الحياة الزوجية
أما الدكتور طارق الحبيب رئيس قسم الطب النفسي في المستشفيات الجامعية فيقول : إن الحياة الزوجية تقوم على معنى أوسع من الحب ، إنه الود والرحمة ، ولذلك فإن هذه العلاقة تختلف في مضمونها وفي طبيعة التواصل بين الزوجين عن علاقة الصداقة . وتكمن أكثر المشكلات الزوجية في عدم تحديد طبيعة وحقيقة المشكلة والاتجاه لعلاجها قبل تحديد الأسباب ، ولذا كان لزاماً على الزوجين أن يكونا على وعي بفن التعامل مع المشكلات وذلك لأنه لا توجد علاقة في حياة الإنسان تعتريها المتغيرات كما يحدث في العلاقة الزوجية .

ولقد انتشرت لدى العديد من الناس مفاهيم خاطئة عن هذه العلاقة ، كما أن عدداً منهم ينطلق في نظرته لها من نظرات الآخرين وتجاربهم ، دون أن نظرات الآخرين وتجاربهم ،دون أن يعيش ويتأمل حقيقة واقعة وطبيعة شريكة في الحياة . ويؤكد الدكتور الحبيب على أن حقيقة هذه العلاقة تهدف إلى تحقيق معنى السكن والطمأنينة لدى الفرد في الحياة ولذا يجب أن يسعى كل طرف فيها لاحتواء الطرف الآخر في افكارة ومشاعره ، حتى يحقق له الراحة دون أن يضاقه ويحاصره بل يترك له مساحة نفسية تشعره بالخصوصية في إطار شعوره العام باهتمام الطرف الآخر .

ويستطرد الدكتور طارق الحبيب ، فيقول : إن الحب لا يولد وينمو بنفسه بل تتم صناعته ورعايته بشكل مستمر ، كما أنه لا ينمو بالعواطف بل بشعور الثقة والأمان الذي يحدث أساساً عندما كل طرف برعاية احتياجات الطرف الآخر ، ويتجه لملء ذاته منطقياً من فهمه لشخصية وميوله وقد تنحو الحياة الزوجية منحى مرضيا فيحدث الطلاق العاطفي ، وحينها تجمد المشاعر ويقل شوق كل منهما لشريك

glh`h ikh; .,[m jwvo , Hovn jjHgl