الرحيـــــل 2013 , قصة حقيقية 2013

السلام عليكم ورحمة الله
الرحيـــــل 2013 حقيقية 2013 120813133149LKYj.gif الرحيــــل







بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم ولكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم تبحث عنها تجدها في مصلاها راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا تفتر ولا تمل كنتُ أحرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي أشاهد الدش بكثرة لدرجة أنني عرفت به ومن أكثر من شيء عُرف به لا أؤدي واجباتي كاملة ولست منضبطة في صلواتي بعد أن أغلقت الدش وقد شاهدت أفلاما متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة هاهو الأذان يرتفع من المسجد المجاور عدت إلى فراشي تناديني من مصلاها نعم ماذا تريدين يا نورة؟ قالت لي بنبرة حادة: لا تنامي قبل أن تصلي الفجر أوه بقى ساعة على صلاة الفجر وما سمعتيه كان الأذان الأول بنبرتها الحنونة- هكذا هي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش نادتني تعالى يا هناء بجانبي لا أستطيع إطلاقا رد طلبها تشعر بصفائها وصدقها لا شك طائعاً ستلبي ماذا تريدين اجلسي ها قد جلست ماذا لديك بصوت عذب رخيم: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) سكتتْ هنيهة ثم سألتني ألم تؤمني بالموت؟ بلى مؤمنة ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرةبلى ولكن الله غفور رحيم والعمر طويليا أختي ألا تخافين من الموت وبغتتهانظري هند أصغر منك وتوفيت في حادث سيارة وفلانة وفلانةالموت لا يعرف العمر وليس مقياسا لهأجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلمإنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت كيف أنام الآن كنت أظن أنك وافقتِ للسفر معنا هذه الإجازة فجأة تحشرج صوتها واهتز قلبيلعلي هذه السنة أسافر سفرا بعيداً إلى مكان آخر ربما يا هناء الأعمار بيد الله وانفجرتُ بالبكاءتفكرتُ في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض ربما لن يمهلها طويلاًولكن من أخبرها بذلك أم أنها تتوقع هذا الشيءما لكِ تفكرين؟ جاءني صوتها القوي هذه المرة؟هل تعتقدين أني أقول هذا لأنني مريضة؟كلا ربما أكون أطول عمرا من الأصحاءوأنت إلى متى ستعيشين ربما عشرون سنة ربما أربعون ثم ماذا لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوةلا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا أما إلى جنة أو إلى نار ألم تسمعي قول الله (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز)تصبحين على خيرهرولتْ مسرعة وصوتها يطرق أذني هداك الله لا تنسي الصلاةالثامنة صباحاًأسمع طرقا على الباب هذا ليس موعد استيقاظي بكاء وأصوات يا إلهي ماذا جرىلقد تردّتْ حالة نورة وذهب بها أبي إلى المستشفى إنّا لله وإنّا إليه راجعونلا سفر هذه السنة مكتوب عليّ البقاء هذه السنة في بيتنابعد انتظار طويلعند الساعة الواحدة ظهرا هاتفنا أبي من المستشفى تستطيعون زيارتها الآن هيا بسرعةأخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغير عباءتي في يديأين السائق ركبنا على عجل أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه يبدو قصيراً ماله اليوم طويل وطويل جداً أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي التفتُ يمنة ويسرة زحام أصبح قاتلا ومملاأمي بجواري تدعو لها أنها بنت صالحة ومطيعة لم أرها تضيع وقتها أبدا دلفنا من الباب الخارجي للمستشفىهذا مريض يتأوه وهذا مصاب بحادث سيارة. وثالث عيناه غائرتان لا تدري هل هو من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة منظر عجيب لم أره من قبلصعدنا درجات السلم بسرعةإنها في غرفة العناية المركزة وسآخذكم إليها ثم واصلتْ الممرضة أنها بخير وطمأنت أمي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لهاممنوع الدخول لأكثر من شخص واحدهذه هي غرفة العناية المركزةوسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر إلي وأمي واقفة بجوارها بعد دقيقتين خرجتْ أمي التي لم تستطع إخفاء دموعهاسمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن لا أتحدث معها كثيرا. دقيقتين كافية لككيف حالك يا نورةلقد كنتِ بخير مساء البارحة ماذا جرى لكأجابتني بعد أن ضغطت على يدي: وأنا الآن ولله الحمد بخير الحمد لله ولكن يدك باردةكنتُ جالسة على حافة السرير ولامستُ ساقها أبعدتها عني آسفة إذا ضايقتك كلا ولكني تفكرت في قول الله تعالى: (والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق ) عليك يا هناء بالدعاء لي فربما استقبل عن قريب أول أيام الآخرة سفري بعيد وزادي قليل.سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت لم أع أين أنااستمرت عيناي في البكاء أصبح أبي خائفا عليّ أكثر من نورة لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتيمع غروب شمس ذلك اليوم الحزينساد صمت طويل في بيتنادخلت عليّ ابنة خالتي ابنة عمتيأحداث سريعةكثر القادمون اختلطت الأصوات شيء واحد عرفتهنورة ماتتلم أعد أميّز من جاء ولا أعرف ماذا قالوايا الله أين أنا وماذا يجري عجزتُ حتى عن البكاء فيما بعد أخبروني أن أبي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير وأني قبلتها لم أعد أتذكر إلا شيئا واحدا حين نظرت إليها مسجاه على فراش الموت تذكرت قولها ( والتفت الساق بالساق ) عرفت حقيقة أن ( إلى ربك يومئذ المساق ) لم أعرف أنني عدتُ إلى مصلاها إلا تلك الليلةوحينها تذكرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين تذكرت من شاركتني همومي تذكرت من نفست عني كربتي من دعت لي بالهداية من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدثني عن الموت والحساب الله المستعانهذه أول ليلة لها في قبرها اللهم ارحمها ونور لها قبرها هذا هو مصحفها وهذه سجادتها وهذا وهذا بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئه لزواجيتذكرتها وبكيت على أيامي الضائعة بكيتُ بكاء متواصلا ودعوت الله أن يرحمني ويتوب علي ويعفو عني دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعوفجأة سألتُ نفسي ماذا لو كانت الميتة أنا؟ ما مصيري؟لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني بكيتُ بحرقةالله أكبر الله أكبر ها هو أذان الفجر قد ارتفع ولكن ما أعذبه هذه المرةأحسست بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن لفلفت ردائي وقمت واقفة أصلي صلاة الفجر. صليت صلاة مودع كما صلتها أختي من قبل وكانت آخر صلاة لهاإذا أصبحتُ لا أنتظر المساءوإذا أمسيتُ لا أنتظر الصباح

hgvpdJJJJJg 2013 < rwm prdrdm 2013