السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




ماذا تحتسبين في العفو عن الناس ؟

قال الشافعي رحمه الله :
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم *** إن الجواب لباب الشر مفتاح
فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب *** نعم وفيه لصون العرض إصلاح
إن الأسود لتخشى وهي صامته *** والكلب يحثى ويرمى وهو نباح

في رحلة الحياة ربما تعرضت لإساءات متكررة من بعضهم رميت بسهم الكلمة أحرقت بشرارة تلك النظرة .
أوذيت في أهلك في عرضك . بل في دينك ! فبعض الناس مبتلي بتصنيف عقائد الناس حسب الأهواء وبأكبر قدر من الجهل المركب !!.
ممن أتاك الأذى ؟ أمن اليهودية ؟ أم من نصرانية ؟ وا حسرتاه . إنه من () !
ويكون الجرح عميقاً بعمق البحار إذا كانت تلك الرمية ممن تتوسمين فيها الخير ! إن جرحك غائر وينزف بغزارة . فلا بد أن تفعلي شيئاً لتوقفي تلك الدماء . لتبدئي من جديد .


أنظري من حولك لتبدئي . قد تفاجئين بجيوش من البشر تشجعك على الظلم والبطش ورد الصاع صاعين ، ستشعرين عندها بالقوة والتمكن فالحق معك .
ولكنك . تتذكرين قدرة الله عليك . فيعظم العفو عندك رجاء عظم الثوب . فترددين : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها "
وترفعين يديك بالدعاء للطيف الخبير . للسميع القريب . أن يفرج همك ، وأن يعفو عمن ظلمك ، وعمن تخلى عنك وهو يملك نصرتك – سامحهم الله – وتشهدين الله على عفوك عن الجميع ابتغاء وجهه الكريم .

يا لطيفة الخصال

هذه كلها أمور عادية.أكرر عادية! تفرضها علينا طبيعة التجمع البشري فأنت تعلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { إن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم في العروق} صحيح البخاري .
فلا بد أن توطني نفسك على مواجهة مثل هذه المواقف وتحملها نعم تحمليها ،
أنت لا تعيشين في الدنيا وحدك ، بل هناك أشخاص كثيرون حولك تشكلين معهم مجتمعك الذي تعيشين فيه ، ولا شك أن احتكاكك بالناس سيتولد منه بعض التصادمات ، في الآراء .
في الأخلاق . في الطباع والعادات أو نتيجة سوء فهم منك أو من الطرف الآخر . أو ربما توضعين رغما عنك في موقف تكرهينه !
وكيفي نفسك على التحكم والسيطرة على انفعالاتك حسب ما يمليه عليك دينك ،
ثم توجي ذلك كله بالعفو العفو . العفو

تأكدي أنك لن تقدري على العفو الحقيقي إلا إذا احتسبت :

1- عمرك كله تدعين الله أن يغفر لك لقد أتتك المغفرة فلا ترديها !.
قال الله تعالى:{ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
2- افعلي ذلك لوجه الله . واقهري أول أعدائك الشيطان . فإن عفوك عمن أساء إليك يؤلمه أشد الإيلام لما يترتب على فعلك هذا من الأجر العظيم جداً . جداً .
قال تعالى : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } .
يا إلهي ! . هل تدركين معنى { فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}؟ .

إن أجرك لن يأتيك من وزير . ولا من أمير . ولا حتى من ملك مطاع !
بل سيأتيك من ملك الملوك سبحانه . فماذا تريدين أفضل من ذلك ؟! وقد تكفل الله بأجرك وضمنه لك !.

3- العفو هو طريقك إلى "الحظ العظيم " .
قال الله تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } .

أي ادفع السيئة إذا جاءتك من المسيء بأحسن ما يمكن دفعهاً به الحسنات ومنه مقابلة الإساءة بالإحسان والذنب بالعفو ، والغضب بالصبر ، والإغضاء عن الهفوات ، والاحتمال للمكروهات .
وقال مجاهد وعطاء : بالتي هي أحسن : يعني بالسلام إذا لقي من يعاديه ، وقيل بالمصافحة عند التلاقي { فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } هذه هي الفائدة الحاصلة من الدفع بالتي هي أحسن ، والمعنى : انك إذا فعلت ذلك صار العدو كالصديق

{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} قال الزجاج : ما يلقى هذه الفعلة وهذه الحالة ، وهي دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على كظم الغيظ واحتمال المكروه { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } في الثواب والخير .
وقال قتادة : الحظ العظيم الجنة


4ـ احتسبي أجر الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والأنبياء جميعاً في عفو عمن ظلموهم وأساءوا إليهم مع قدرتهم عليهم فهؤلاء خيرة البشر يتركون العقوبة لوجه الله ! .
فمن نحن حتى نتعالى عن العفو ونعتبره ذلة ومهانة في حقنا ؟! طبعا هذا إذا كان العفو في مكانه المناسب .
احتسبي بعفوك عن المسلمين أن تكوني ممن يدرءون بالحسنة السيئة لتنالي جنات عدن ،
قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ {22} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ {23} سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} "
{ أُوْلَئِكَ } الموصوفين بالصفات المتقدمة { لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } والمراد بالدار الدنيا ، وعقباها الجنة { جَنَّاتُ عَدْنٍ } العدن أصله الإقامة . { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ } يشمل الآباء والأمهات { وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } أي ويدخلها أزواجهم وذرياتهم ، وذكر الصلاح دليل على أنه لا يدخل الجنة إلا من كان كذلك
من قرابات أولئك ، ولا ينفع مجرد كونه من الآباء أو الأزواج أو الذرية بدون صلاح { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ } أي من جميع أبواب المنازل التي يسكنونها . { سَلاَمٌ عَلَيْكُم } أي قائلين سلام عليكم أي سلمتم من الآفات أو دامت لكم السلامة{ بِمَا صَبَرْتُمْ } أي بسبب صبركم { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } جاء سبحانه بهذه الجملة المتضمنة لمدح ما أعطاهم من عقبى الدار المتقدم ذكرها للترغيب والتشويق ".

يا عظيمة الحظ .

عندما عفوت عن الآخرين قمت بعبادات كثيرة .
وصلت ما أمر الله به أن يوصل إن كان من عفوت عنه ذا رحم .
عفوك علامة على خشيتك لله وهذه عبادة عظيمة تدل على عبادة الخوف من الله .
كذلك الصبر على الإساءة . والصبر على العفو نفسه يرفعك المنازل العالية . وبهذا أصبحت ممن يدرءون بالحسنة السيئة وهذه عبادة جليلة فأبشري وأملي .

5- إن عفوك عمن ظلمك إحسان منك إلى مسلم ترجين به إحسان الله إليك .
قال الله تعالى : { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } . " ومعاملة الله له من جنس عمله , فإن من عفا عن عباد الله عفا الله عنه " .

6- ألا يفوتك فضل الله يوم الاثنين والخميس .
قال صلى الله عليه وسلم : ( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين , ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء , فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا . أنظروا هذين حتى يصطلحا ) رواه مسلم .
وأسألك بالله ما الذي يستحق في هذه الدنيا أن تحرمي نفسك من مغفرة الله لأجله ؟ !.


7- أن يحبك الله وهذه من أغلى الأماني .
قال الله تعالى : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ومن أحبه الله أحبته الملائكة وأحبه الناس .


8- احتسبي أن يزيدك الله عزاً ورفعة , إما في الدنيا وإما في الآخرة أو فيهما معا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما زاد الله عبدا بعفوا إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " رواه مسلم .

وهل هناك أفضل ممن تواضعت لله فعفت عمن ظلمها . إن العفو ليشمل التواضع كل التواضع فهنيئا لك العز والرفعة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " كل الناس مني في حل "
قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : " إنك إن تلقى الله ومظلمتك كما هي ، خير لك من أن تلقاه وقد اقتصصتها "

الآن . فكري وبهدوء قبل أن تقرري عدم العفو !

**thut,h ,hwtp,h V tQHQ[XvEiE uQgQn hggQ~iAC? > **