الملاحظات
صفحة 17 من 26 الأولىالأولى ... 71516171819 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 161 إلى 170 من 255

الموضوع: رواية انت لي كامله

  1. #161  
    المشاركات
    3,259
    " ليلة السابع عشر من شهر الحج إن شاء الله "

    إنها فترة طويلة سأضطر لتمضيتها مع رغد تحت سقف واحد !

    ليت الأيام تنقضي بسرعة !

    رغد لم تظهر حتى الآن . حقيقة هي أنني أنظر ناحية الباب بين الفينة و أختها و أرتقب طلوعها .

    كم اشتقت إليها . ! هكذا بدون أي تكلّف و ادعاء ، أنا اشتقت إليها !

    مرت الساعات و لم تظهر فتملكني الضيق و الانزعاج . و لولا الحياء و الحرج لذهبت بنفسي إليها . أهي غاضبة مني لهذا الحد حقا

    و الشخص الذي ذهب إليها كان بطبيعة الحال شقيقي .

    و بعد أن ذهب لم يعد .

    على الأريكة الضيقة رميت بجسدي فغرقت في أعماقها . في غرفة الضيافة .

    و للعجب نمت بسرعة لم أتوقعها ! و حين نهضت وجدت جسدي غارقا في العرق !

    ساعات الصباح انقضت و الصغيرة لم تظهر ، أكاد أجن . لم لا تأت لتحيتي و لو بشكل عابر

    على مائدة الغذاء انتظرت حضورها فلما لم أجدها سألت :

    " أين رغد ألن تشاركنا "


    دانة بدأت بالضحك ، قم قالت :

    " إنها تقلي البطاطا ، فأطباقنا اليوم لم تعجبها و ستأكل البطاطا المقلية كالعادة ! "


    نظرت نحو أمي و قلت :

    " أرجو ألا أكون السبب في . "

    أمي هزّت رأسها نفيا و قالت :

    " لا أبدا بني ! إنها لا تحب السمك كما تعلم كما و أنها كثيرا ما تتغيب عن المائدة خصوصا في الفترة الأخيرة ! "

    قالت دانة بحدّة :

    " تتدلّل ! "

    قال أبي :

    " دعوها تفعل ما تشاء "

    قال سامر :

    " سأستدعيها "

    وقفت أنا و قلت :

    " أنا سأستدعيها "

    و تحركت فورا لأسبق سامر .

    حين وصلت إلى المطبخ وجدت الباب شبه مغلق . طرقته و قلت :

    " أيمكنني الدخول "

    سمعت صوت رغد يرد علي .

    " من أنت ! ؟ "

    عجبا ! من أنا من عساي أكون !؟ بالطبع وليد ! قلت :

    " وليد ! "

    قالت :

    " وليد ؟ لا ! "

    ثم إذا بي أرى الباب يغلق بدفعة قوية !

    تراجعت ُ للخلف خطوة و بقيت محدقا في الباب .

    هل تقصد أنها لا ترتدي الحجاب ؟

    قلت :






    رد مع اقتباس  

  2. #162  
    المشاركات
    3,259
    " هل أذهب "

    قالت :

    " ماذا تريد ؟ "

    " فقط . أن ألقي التحية و . أسأل عن الأحوال "

    " بخير و شكرا و اذهب "


    شعرت بالحرج من ردها هذا ، فقلت معتذرا :

    " سأذهب ، أنا آسف "


    و استدرت منصرفا .

    فجأة سمعت الباب ينفتح من خلفي ، فالتفت إلى الوراء .


    هناك عند الفتحة ، رأيت عيني رغد تطلان علي !

    ظهرت رغد واقفة أمامي . بحجمها الصغير و وجهها الطفولي و حجابها الطويل الذي يكاد يصل إلى ركبتيها !

    لدى رؤيتي لها بعد كل تلك المدة من الغياب شعرت بأن قلبي قد تخدّر و أعصابي قد تبلّدت . و عضلاتي استرخت لبرهة كادت تفقدني توازني .

    قلت بصوت خفيف و بابتسامة تفجرت على وجهي رغما عني :

    " كيف حالك صغيرتي "


    صغيرتي كانت تنظر إلي بنظرات ملؤها الغضب و الانزعاج . كأنني أقرأ في وجهها كلمات اللوم و التأنيب و التوبيخ . و الشتم أيضا !


    قلت :

    " أنا آسف ! "

    رغد أشاحت بوجهها عني ، و استدارت و دخلت المطبخ ، تاركة الباب مفتوحا .

    توجهت رغد نحو الموقد ، تحرك أصابع البطاطا في المقلاة .

    تجرأت و خطوت خطوة للداخل ، و خطوة أخرى فأخرى حتى صرت على مقربة من الوعاء الذي أعدته لوضع البطاطا المقلية فيه .

    هاهي الآن تضع أول دفعة من البطاطا فيه . دون أن تلتفت إلي .


    قلت :

    " تبدو شهية ! "

    لم تعلّق !

    قلت :

    " أتسمحين لي بتذوقها "

    قالت :

    " تفضل "

    طبعا دون أن تلتفت إلي .

    و لأنني كنت مخدّر الإحساس فأنا لم أشعر بحرارة البطاطا المقلية لا بين أصابعي و لا في فمي !

    بل حتى طعمها لم أشعر به ، إلا أنني قلت :

    " لذيذة ! "

    قالت :

    " خذها إن شئت "

    " شكرا ، سأتناول الغذاء الآن "

    بقيت صامتة و هي تخرج دفعات البطاطا واحدة بعد الأخرى حتى انتهت .

    ثم رفعت الطبق و وضعته على المائدة و سحبت الكرسي استعدادا للجلوس .

    قلت :

    " ألن تأتي معنا "

    قالت :

    " لن آكل من أطباقكم "

    قلت :

    " تعالي بطبقك "

    " لا داعي "

    و جلست على الكرسي ، و انتظرت مغادرتي !

    و عوضا عن الانصراف اقتربت ُ من الطاولة قليلا و قلت :






    رد مع اقتباس  

  3. #163  
    المشاركات
    3,259
    " صغيرتي . هل أنتِ غاضبة مني "

    لم تجب .

    قلت :

    " أنا آسف . سامحيني "

    رغد الآن رفعت بصرها إلى و قالت بحنق :

    " أطلب السماح ممن استهنت بعظمته لخداعي . يا كذّاب "


    كأنها خنجر مسموم طعنت كلماتها صدري بعنف .

    لم يكن أمامي إلا الانسحاب مخذولا .

    عدت وحيدا إلى من كانوا ينتظرون عودتي برغد . و حين رأيت أعينهم جميعا تحدق بي بتساؤل ، قلت :

    " لا تود الحضور . "

    و جلست على مقعدي و بدأنا تناول وجبتنا .

    لم يكن مضغ الطعام و بلعه من السهولة بمكان . لقد اشتد علي الألم، لا أدري أ بسبب الطعام الغير مهضوم ، أم بسبب الخناجر التي طعنت أحشائي

    ربما لاحظت والدتي شيئا فقد كانت تعلق :

    " كل يا وليد ! ما بك لا تأكل "

    من حين لآخر .

    هل يطيب لي الطعام و صغيرتي متخذة مني هذا الموقف

    في وقت لاحق ، اجتمعنا كلنا في غرفة المعيشة ، عدا رغد .

    والدي طلب من دانة استدعائها فهو يود قضاء الوقت معنا جميعا قبل السفر . ذهبت دانة ثم عادت تقول :

    " لا تريد الحضور ! و عندما قلت لها أنها تتصرف كالأطفال صرخت في وجهي ثم بدأت بالبكاء ! أوه خذاها معكما و خلصاني من سخافتها يا والدي ! "

    جميعنا تبادلنا النظرات .

    والدي قال :

    " دانة . تحاشي الاصطدام بها يا بنيتي ، دعيها تفعل ما تشاء "

    دانة قالت :

    " كالعادة يا أبي ستقول لي ذلك ، حسنا، أنا لا شأن لي بهذه الطفلة الكبيرة . أترك الأمر لوليد بالكامل حتى لا يتهمني أحد بأنني متعجرفة معها "

    همّ سامر بالنهوض إلا أن أمي استوقفته و قامت هي ، و ذهبت إلى رغد .

    قال أبي موجها كلامه لي :

    " اعتني بشقيقتيك جيدا يا بني ، دانة لن تتعبك في شيء ، فهي معتمدة على نفسها في تصريف أمورها ، لكن رغد . معتمدة علينا كثيرا . و طلباتها لا تنتهي ! "

    قالت دانة معقبة :

    " هذا لأنك تدللها كثيرا يا أبي ! كما الأطفال تماما ! "

    والدي قال :

    " دانة إياك و تعمّد مضايقتها . رجاءً "

    سامر قال :

    " إياك ! "

    دانة نقلت بصرها بين الاثنين ثم قالت :

    " لا تخشيا على مدللتكما الصغيرة ! "

    و التفتت نحوي و قالت :

    " ألقي عليك المسؤولية كاملة ! "

    أنا وجدت الثلاثة يحملقون بي بمختلف التعبيرات المتقلبة على أوجههم .

    قلت بتردد :

    " لا تقلقوا . سيسير كل شيء على ما يرام . "

    بينما أنا في الداخل شديد القلق .



    ~ ~ ~ ~ ~ ~






    رد مع اقتباس  

  4. #164  
    المشاركات
    3,259
    أنا مستاءة بشكل لا يمكنكم تصوّره !

    سأتزوج بعد ثلاثة أسابيع من سامر ، فيما يقف وليد إلى جانبي ليعتني بي أثناء ابتعاد أمي عني .

    ثلاثة أمور جعلتني في غاية التوتر خصوصا هذا اليوم ، و آخر شيء كنت لأتقبله هو كلمات السخرية من دانة التي ترددها منتقدة إياي .

    لم أحتمل كل ذلك و بدأت بالبكاء بشكل غريب !

    هم يجلسون الآن معا يودعون بعضهم البعض و أنا قابعة هنا أبلل المناديل بالدموع المالحة المتدفقة بغزارة .

    أريد أن أبقى مع والديّ قبل رحيلهما !

    ليت وليد يختفي !

    ليتني أنا من يختفي !

    ليتكم أنتم أيضا تختفون !

    سمعت صوت والدتي تناديني ، من خلف الباب المغلق .

    " نعم أمي "

    والدتي فتحت الباب و دخلت قبل أن تدع لي الفرصة لمسح دموعي ، و التي و إن مسحتها لا أسهل عليها من أن ترى آثارها مطبوعة على وجهي .

    أمي نظرت إلى بقلق و حيرة و قالت :


    " و بعد ما نهاية حكايتك هذه ما بك يا رغد أخبريني "

    " لا شيء أمي "

    " إذن . لم تحبسين نفسك في غرفتك و تسبحين في بركة الدموع هذه "

    قلت بانفعال :

    " لا شيء أمي لا شيء . لا شيء . لا شيء . "

    و انخرطت في البكاء باستسلام .

    لم أقاوم أو أواري أي دمعة تحدتني بالظهور . بكيت بحرقة . لم أعهدها من قبل . لم أكن أشعر بمثل هذه الأشياء تتحرك في صدري قبل الآن . لكنني أشعر الآن بصرخة كبيرة تود الانطلاق رغما عني . إنني منهارة و أريد من يواسيني .
    من يسندني . من يساعدني . من ينقذني مما أنا مقبلة عليه .

    من ؟
    من

    أمي أقبلت نحوي ، و مسحت بيدها الحنونة على رأسي و ربتت على كتفي بلطف

    قالت :

    " بنيتي . أخبريني ما بك . إنني قلقة عليك و لا أريد السفر قبل أن أطمئن . ما بك مم أنت مستاءة ؟ "


    أنظر إلى أمي ، فأرى في عينيها عالما كبيرا محيرا . أرى فيها أكواما من القلق و الخوف . و الخشية و الاضطراب .

    ليتك يا أمي تدخلين إلى أعماقي و ترين بنفسك .

    أترين يا أمي

    إنني لا أريد أن تسافري و تتركيني .

    أيقلقك ذلك

    إنني لا أريد الزواج من سامر .

    أيفجعك ذلك

    إنني أريد أن استعيد وليد .

    أيذهلك ذلك

    إنني أريد أن تعود أمي للحياة .






    رد مع اقتباس  

  5. #165  
    المشاركات
    3,259
    " أمي . لا شيء صدقيني ، أنا فقط متأثرة لسفركما ، فهي أول مرة في حياتي تبتعدان فيها عني . لا أتصور حياتي بدونكما "

    والدتي ضمتني إلى صدرها و قالت :

    " ستعيشين حياتك بسعادة و راحة مرضية . لا تقلقي . فابني سيعتني بك جيدا كما نفعل نحن . الله قسم هكذا "


    رفعت رأسي و نظرت إليها بشيء من الحيرة . فكلماتها بدت غامضة ، فقالت هي:

    " و الآن عزيزتي . ألن تأتي لمجالسة والدك ؟ إن هي إلا فترة قصيرة ثم نسافر ! "

    أجبت بإذعان :

    " بلى "

    و استدركت :

    " وليد معكم "

    قالت :

    " بالتأكيد . "

    طبعا هو معهم ! أين يمكن أن يكون

    أخذت حجابي و سرت نحو المرآة لارتدائه ، و هالني منظر عيني الحمراوين و جفوني المتورمة !

    تركت الحجاب جانبا و مضيت لأغسل وجهي .

    عندما خرجت من دورة المياه وجدت أمي تنتظرني .


    قالت :

    " هيا عزيزتي . "

    ارتديت حجابي على عجل و أقبلت نحوها .

    قالت :

    " سيسير كل شيء على ما يرام ، و إن احتجت شيئا لا تترددي في طلبه من دانة أو وليد أو سامر . سنبقى على اتصال دائم "


    بعدها ذهبنا إلى غرفة المعيشة .

    كانوا جميعهم مندمجين في الأحاديث المختلفة ، و ما أن رأونا حتى قال سامر :

    " تعالي رغد ! كنا نوصي الكبير و العروس بك خيرا ! "

    والدي قال موجها حديثه إلي و هو يبتسم بابتهاج :

    " أهلا بالعزيزة المدللة ! تعالي و اجلسي قرب أبيك ليرتوي منك قبل السفر "


    سرت ُ كالآلة نحو المقعد الذي يجلس عليه أبي و جلست إلى جواره ، ففتح ذراعه و أحاطني بها .
    قال :

    " ما بك صغيرتي ؟ على الوجبات لست معنا ، و في الجلسات لا تشركينا ! ألن تشتاقي لشيبتي هذه "

    سامر ضحك ، و دانة نظرت إلى السقف باستنكار . و أمي ابتسمت ، أما الكائن الأخير فلم ألتفت نحوه لأعرف ما فعل !


    قلت :

    " بلى . كثيرا جدا ! خذاني معكما ! "

    قال سامر مداعبا :

    " و أنا أيضا ! "

    قالت دانة :

    " ماذا عنّي "

    قلت :

    " نتركك مع المغرور ! "

    ضحك من ضحك ، أما صوت وليد ـ و الذي كان خفيفا و مع هذا تمكنت مجسات أذني من التقاطه ـ فجاء في الكلمتين التاليتين :

    " تقصدينني أنا "

    و أجبرني سؤاله على الالتفات إليه .

    لقد كان ينظر إلي بغرابة .

    لم أرد عليه ، بل التفت إلى أبي

    و دانة تولت الإيضاح بنفسها إذ قالت :

    " بل تقصد خطيبي . فهي لا تطيقه و تنعته بالمغرور دوما "

    الآن أنا التفت إلى دانة و قلت بصوت حاد :

    " على الأقل . خير من الكذابين "

    بعض الصمت خيم علينا لبعض الوقت .

    و بعض الندم شعرت ُ به لبعض الوقت !

    قال أبي :

    " و من الكذابون بعد يا ترى "

    قلت :






    رد مع اقتباس  

  6. #166  
    المشاركات
    3,259
    " بعض معارفي يا أبي ! لا يطاقون ! . "

    و الآن تكلم وليد و قال :

    " المغرورون ، و الكذابون ، و الخونة كذلك . كلهم لا يطاقون ! "

    التفت إلى وليد و قلت :

    " من تقصد "

    قال :

    " بعض معارفي يا ابنة عمي . لا يطاقون ! "

    بدا كل هذا سخف ! أليس كذلك

    قال سامر :

    " دعونا من هذا . و لنعد إلى موضوعنا لدينا عروسان ، بالتالي موكبا زفاف . أبي و وليد ، من سيقود موكب من دعونا نحدد الآن "


    قلت أنا بسرعة :

    " أنا أريد أبي "

    التفت سامر نحو دانة و قال :

    " إذن أنت مع وليد "

    دانة نظرت إلى وليد و قالت :

    " إذن يجب أن تستأجر سيارة فخمة من أجلي ! أفخم من سيارة سامر ! "

    والدتي ضحكت و قالت :

    " يا لتفكيركن العجيب يا فتيات هذا الزمن ! "

    قالت دانة :

    " لن أقبل بسيارة قديمة كهذه ! "

    و وجهت كلامها إلى وليد قائلة :

    " لم لا تستبدل سيارتك يا وليد لقد عثى عليها الدهر ! "

    قال وليد :

    " سأفعل . عندما تتحسن الأحوال ! "

    الأحوال بالتأكيد يقصد بها الأحوال المادية !

    و لكن هل ابن عمي هذا ضئيل المال ألم يذهب للدراسة في الخارج ؟ لا بد أن لديه شهادة عظيمة تمكنه من احتلال وظيفة مرموقة . ذات دخل محترم !
    مثل سامر !

    لا أدري ما كان يقصد بتحسن الأحوال هذه !


    وليد قال :

    " أ لديك دراسة هذه الفترة ؟ "

    طبعا كان يقصدني ! لكنني تظاهرت بأنني لم أنتبه !

    لذا قال والدي :

    " نعم لمدة خمسة أيام قبل إجازة العيد . ، ستأخذها للجامعة خلال هذه الأيام "

    قال وليد :

    " حسنا ، أهناك أي تغيير في مواعيدك "

    الكل ينظر إلي بانتظار جوابي !

    قلت بنفور :

    " لا ، و لكنني أفكر في عدم الذهاب هذه الأيام "

    قال وليد :

    " لم "

    قلت باستياء :

    " ليس من شأنك "






    رد مع اقتباس  

  7. #167  
    المشاركات
    3,259
    بعض الصمت سكن الغرفة تلاه صوت أبي :

    " لم لا تودين الذهاب رغد "

    قلت :

    " لا أريد ترك دانة وحيدة معظم النهار "

    دانة نظرت إلي بتشكك و قالت :

    " لا تكترثي بشأني ! سأقضي الوقت في إعداد الطعام و العناية بالمنزل ! "

    ثم أضافت بجرأة :

    " و التنزه مع نوّار ! "

    قالت أمي :

    " على ذكر الطعام . ماذا عن كعكتك يا دانة "

    قامت دانة و قالت :

    " آه نعم . سأحضرها لكم الآن . "

    و ذهبت إلى المطبخ ، فقمت أنا و لحقت بها .




    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~





    عادت دانة و رغد بعد قليل تحملان الكعكة و كؤوس العصير . و قامتا بتوزيعها علينا جميعا .

    الذي آلمني هو أنها ـ أي صغيرتي رغد ـ كانت تعاملني بنفور شديد . حتى أنها حين جاء دوري لأخذ كأس عصيري لم تدع لي المجال لأخذه ، بل أمسكت هي به و وضعته على المنضدة الماثلة أمامي بسرعة كادت تدلق محتوياته فوقها !

    كانت الكعكة لذيذة جدا . قلت :

    " ما ألذها ! سلمت يداك يا دانة ! أنت ماهرة "

    قالت دانة بزهو :

    " شكرا يا أخي ، سترى ! سأذيقك أصنافا لذيذة من الحلويات فأنا ماهرة في إعدادها ! "

    قلت :

    " عظيم ! فأنا أحب الحلويات ! "

    و التفت نحو رغد و قلت :

    " و أنت "

    رغد رفعت بصرها عن قطعة الكعك التي بين يديها ببطء ، و نظرت إلي بنفاذ صبر و قالت :

    " أنا لا أحب الحلويات "

    قلت :

    " أقصد ماذا ستذيقيننا من صنع يدك "

    لم يبد على رغد أنها تريد تباديل الأحاديث معي . قالت بضجر :

    " لا شيء . "

    قالت دانة :

    " إنها كسولة ! لا تحب الطهو و لا تجيده ! لا أعرف كيف ستتولى مسؤولية بيتها المستقبلي ! مسكين سامر ! "

    ضحك سامر و قال :

    " سأعود لأمي كلما قرصني الجوع ! "

    و أخذ الجميع يضحكون عدانا أنا و هي .

    قالت دانة و هي تضحك :

    " أو صبّر معدتك بالبطاطا المقلية المقرمشة ! "

    و استمروا في الضحك بمرح .

    رغد وقفت الآن بغضب و قالت :

    " أنتم تسخرون مني "






    رد مع اقتباس  

  8. #168  
    المشاركات
    3,259
    " أمرها يقلقني "

    قالت أمي :

    " و أنا كذلك ، لست ُ مطمئنة للسفر و تركها ! "

    قالت دانة :

    " خذاها معكما ! أنا لا أطيق تصرفاتها هذه ! "

    أبي التفت إلي و قال :

    " احرص في التعامل معها . كن حليما . "

    قالت دانة :

    " إنها لا تزال غاضبة منك ! كان الله في عونك على مراسها هذا ! "

    بعد قليل آن أوان مغادرة والدي و سامر ، الذي سينقلهما إلى المطار ثم يذهب إلى شقته في المدينة الأخرى .

    أخذت أحمل الحقائب و أنقلها إلى سيارة أخي ، و عندما انتهيت من وضع الحقيبة الأخيرة و دخلت المنزل وجدت والدتي تقف عند الباب الداخلي .

    قالت :

    " أعطاك الله العافية يا بني "

    " عافاك الله أماه "

    هممت بالدخول إلا أن أمي أمسكت بذراعي و استوقفتني .

    " وليد "

    نظرت إليها بحيرة . قلت :

    " نعم أمي "

    أمي تحدثت بصوت منخفض ، و بنبرة جدية . و تعبيرات قلقة ، قالت :

    " انتبه لرغد جيدا يا بني "

    تعجبت ! قلت :

    " بالطبع أمي ! "

    أمي بدا المزيد من القلق جليا على وجهها و قالت :

    " كنا سنؤجل حجنا للعام التالي لكن . كتبه الله لنا هذا العام . هكذا قضت الظروف يا بني "

    و هذا زادني حيرة !

    قالت :

    " لو أن الظروف سارت على غير ذلك . لكانت الأوضاع مختلفة الآن . لكنه قضاء الله يا ولدي . سأدعوه في بيته العظيم بأن يعوّضك خيرا مما فاتك .
    فلنحمده على ما قسم و أعطى "


    قلت :

    " الـ . حمد لله على كل شيء . أمي أنت ِ تلمحين لشيء معين "

    قالت :

    " لم تتغير هي عمّا تركتها عليه قبل سنين . كما لم تتغير أنت . "






    رد مع اقتباس  

  9. #169  
    المشاركات
    3,259
    ثم أضافت :

    " إلا أن الظروف هي التي تغيرت . و أصبح لكل منكما طريقه . "


    توهج وجهي منفعلا مع كلمات أمي و الحقيقة الصارخة أمامي .


    لم أستطع البنس ببنت شفة أمام نظرات أمي التي كشفت بواطن نفسي .


    قالت :


    " اعتن بها كما يعتني أي شقيق بشقيقته . كما تعتني بدانة ، و ادع معي الله أن يسعدهم هم الثلاثة ، و أنت معهم "


    في هذه اللحظة فتح الباب و ظهر بقية أفراد عائلتي بما فيهم رغد ، و خرجوا واحدا تلو الآخر . و اجتمعنا قرب بعضنا البعض في وداع مؤلم جدا .


    بالنسبة لي ، فقد اعتدت فراق أحبتي و جمدت عيناي عن أي دموع

    أما البقية فقد كانت الدموع تغرق مشاعرهم .

    كلمات أمي .

    و كلمات أبي كذلك

    و توصيتهما الشديدة على الفتاتين

    و خصوصا رغد ، جعلتني أشعر بالخوف .

    فهل أنا أهل لتحمل مسؤولية هذا البيت و من به في حين غياب والدي ّ

    و هل هي مسؤولية خطرة تقتضي منهما كل هذه التوصيات و التنبيهات

    خرج الثلاثة ، فعدنا نحن الثلاثة إلى الداخل . و قضيت وقتا لا بأس أراقب دموع الفتاتين .

    كنا نجلس في غرفة المعيشة . و الحزن يخيم على الأجواء فشعرت بالضيق

    قمت بتشغيل التلفاز فرأيت مشهدا مريعا لآثار قصف تعرضت له إحدى المدن هذا اليوم . فزاد ذلك ضيقي .

    كم كنت مرتاحا هانئا في مزرعة نديم !

    ليتني أعود إلى هناك !

    قلت ـ في محاولة لتغيير الأجواء و طرد الكآبة ـ

    " ما رأيكما بالذهاب في نزهة بالسيارة "


    دانة تفهمت و قدّرت الأمر ، فقالت :

    " نعم يا ليت ! هيا بنا "

    نظرت إلى رغد أنتظر جوابها ، لكنها ظلت صامتة .

    قلت :

    " ما رأيك ؟ "

    قالت بصوت حاد و نبرة جافة مزعجة :

    " لا أريد الذهاب لأي مكان "

    دانة قالت :

    " إذن سنذهب و أنت ابقي هنا "

    رغد بسرعة التفتت إلى دانة و قالت :

    " تتركاني وحدي "

    قالت دانة :

    " ما نصنع معك أنا بحاجة لبعض الهواء المنعش . أما أن تأتي معنا أو ابقي مخنوقة وحدك "

    وقفت رغد منفعلة و قالت :

    " كان علي ّ أن أذهب معهما . كم كنت غبية . ليتني ألحق بهما الآن "

    وقفت أنا و حاولت تهدئة الوضع فقلت :






    رد مع اقتباس  

  10. #170  
    المشاركات
    3,259
    " لا بأس . سنؤجل نزهتنا لوقت لاحق . لا تنزعجي هكذا صغيرتي "

    رغد التفتت نحوي بعصبية و قالت صارخة :

    " لا شأن لك أنت بي . مفهوم لا تظن أنك أصبحت مسؤولا عني . لا تزعج نفسك في تمثيل دور المعتني فهذا لم يعد يناسبك . يا كذّاب "


    اللهم استعنا بك على الشقاء !


    ذهبت الصغيرة الغاضبة إلى غرفتها . و بقيت مع دانة التي بدت مستاءة جدا من تصرف رغد . اقترحت عليها بعد ذلك الجلوس في الفناء الخارجي فرحبت بالفكرة

    خرجنا معا و جلسنا على المقاعد القريبة من الشجرة . و بدأنا نتحدث عن أمور شتى .

    أخبرت دانة عن مزرعة صديق لي قمت بزيارتها مؤخرا و أعجبتني . و عن متفرقات من حياتي . ألا أنني لم أشر إلى السجن ، و لا ما يتعلق به .

    شقيقتي بدت متلهفة لمعرفة كل شيء عني ! و كأنها اكتشفت فجأة أن لديها شقيق يستحق الاهتمام و الفخر !
    اعتقد أنها كانت تنظر إلي بإعجاب و فخر بالفعل !

    بعد مدة حضرت رغد .

    كانت عيناها حمراوين .

    قالت :

    " دانة ، مكالمة لك "

    أجابت دانة :

    " من "

    قالت رغد :

    " من غيره ؟ خطيبك المبجل "

    دانة نهضت بسرور و استأذنت للدخول .

    و لحقت بها رغد بعد ثوان ، و بقيت وحيدا إلى أن سمعت ُ الآذان يرفع .

    دخلت ُ بعدها و استعددت للخروج لتأدية الصلاة في المسجد المجاور . كانت دانة في غرفتها أما رغد فأظنها في غرفة المعيشة !

    خرجت إلى الفناء و فيما أنا أعبره نحو البوابة الخارجية سمعت صوت نافذة يفتح و نداء باسمي

    " وليد "

    التفت نحو الصوت فإذا بها رغد تطل من النافذة المشرفة على الفناء و تقول :

    " إلى أين تذهب "

    قلت :

    " إلى المسجد "

    قالت :

    " ستتركنا وحدنا "

    حرت في أمري !

    قلت :

    " هل هناك مشكلة سأصلي و أعود فورا . تعالي و أوصدي البابين . "

    وافتني بعد قليل و وقفت عند البوابة و بيدها المفتاح .

    قالت :

    " لا تتأخر "

    قلت :

    " حسنا "

    و عندما عدت بعد أداء الصلاة كانت هي من فتح الباب لي .

    قدّمت لي مفتاحين و قالت :

    " هذا لبوابة السور و هذا للباب الداخلي ، احتفظ بهما "

    " شكرا لك "

    تولت رغد قاصدة دخول المنزل فناديتها

    " رغد "

    التفتت إلي ، و قالت بنفس ضائقة :

    " نعم "






    رد مع اقتباس  

صفحة 17 من 26 الأولىالأولى ... 71516171819 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية كنت أحبك حب ماتقراه في أعظم رواية
    بواسطة Bshaer‘am في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Aug-2014, 12:29 AM
  2. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  3. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  4. ديكورات كامله 2013 , ديكورات منزل كامله 2013 , صور ديكورات جميله 2013
    بواسطة ♣ ♣المتفائله♣ ♣ في المنتدى ديكور - فن الديكور المنزلي - اثاث غرف ومطابخ وحدائق
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-Sep-2012, 11:37 PM
  5. رواية قليل من الحب كامله من الروايات الرومنسية txt للجوال
    بواسطة بدويه اصيله في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 09-Oct-2011, 10:39 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •