الملاحظات
صفحة 23 من 26 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 221 إلى 230 من 255

الموضوع: رواية انت لي كامله

  1. #221  
    المشاركات
    3,259
    و حررتهما من يدي وأنا أقول :

    " لا تتحركا خطوة واحدة "

    و هممت بالذهاب لمزاحمة الآخرين

    رغد صرخت صرخة حنجرة ميتة :

    " لا تذهب "

    قلت :

    " سأجلب الماء انتظريني "

    و حين سرت خطوة مدت هي يدها و أمسكت بذراعي تسحبني تجاهها و تقول في ذعر :

    " لا تذهب وليد كلا كلا "

    حررت ذراعي من يدها و زمجرت :

    " دعيني أدرك الماء قبل أن يدركنا الموت ستموتين إن لم ألحق "

    " سأموت إن ذهبت "

    لا أعرف كيف أصف الشعور الذي انتابني لحظتها

    في قعر الضعف و اليأس و الاستسلام أرى صغيرتي متشبثة بي في خشية من أن الوحدة بينما الموت أولى بأن تخشاه و تهرب منه

    قلت موجها كلامي لدانة :

    " أمسكي بها "

    و دفعت بيدها بعيدا عني و أسرعت إلى البقالةتلاحقني صيحاتها

    غصت وسط الزحام و لم استطع نيل أكثر من قارورتي ماء صغيرتين و علبة عصير انتشلتها انتشالا و ركلت من حاول سلبها مني

    خرجت بغنيمتي من المعركة و جريت نحو الموضع الذي تركت الفتاتين فيه فلم أجدهما

    تلفت يمنة و يسرة فلم أجدهما .

    جن جنوني و رحت أهتف مناديا :

    " رغد. دانة . أين أنتما "

    ثم سمعت صوت دانة تهتف :

    " وليد هنا "

    و وجدتها تجلس عند خازنات الوقود و رغد ملقاة أرضا إلى جوارها

    ركضت نحوها فزعا

    " ماذا حدث "

    " ربما ماتت ؟ لا أعرف إنها لا تستفيق "

    مسكت رغد و هززتها بقوة و أنا أصرخ :

    " رغد أفيقي لقد جلبت الماء أفيقي هيا "

    بالكاد ترمش بعينيها فتحت علبة العصير و أدخلت طرف الماصة بداخلها و الطرف الآخر في فم رغد و ضغطت على العلبة حتى يتدفق العصير إلى فم رغد رغد حركت شفتيها قليلا ثم أخذت تبلع العصير ثم تشربه

    " اشربي اشربي "


    أما دانة فأخذت إحدى قارورتي الماء و شربتها كاملة دفعة واحدة و تقاسمت أنا و رغد القارورة الأخرى

    " اشربي المزيد اشربيه كله "

    الناس كانوا يدخلون و يخرجون من البقالة كل يحمل الطعام و الشراب دون مراعاة لأي حقوق و أي لياقة ففي وضع كالذي كنا عليه ينسى المرء نفسه

    استردت رغد وعيها الكامل و شيئا من قوتها






    رد مع اقتباس  

  2. #222  
    المشاركات
    3,259
    " أأنت بخير الآن رغد أيمكنك النهوض ؟"

    أومأت برأسها إيجابا فنهضنا نحن الثلاثة و أنا مسندا إياها

    قلت :

    " سأجلب طعاما يمنحنا القوة لمتابعة السير"

    رغد قالت :

    " أنا متعبة لا أستطيع السير بعد لا أستطيع "

    و نظرت إلى دانة ، فقالت هي الأخرى :

    " و لا أنا دعنا نرتاح ساعة "

    و في الواقع ، جميع من كانوا يسيرون جلسوا للراحة و تناول ما امتدت إليه أيدهم من الطعام

    اخترنا نحن بدورنا موضعا لنجلس فيه بعيدا بعض الشيء عن الآخرين ذاك أني لم أشأ جعل الفتاتين عرضة لأعين الغير

    بعدما استقررنا هناك، أردت العودة إلى البقالة و إحضار أي طعام إلا أن رغد منعتني فالتزمت مكاني

    كنت أراها تضغط على جرحها من حين لآخر و تعبيرات وجهها تتألم و أسمعها تئن

    قلت :

    " أهو مؤلم جدا ؟ تحمّلي صغيرتي قليلا بعد"

    و لا يزيدها ذلك إلا أنينا

    " أنا متعبة "

    قالت و هي بالكاد قادرة على حمل رأسها و تكاد تسقطه و تدور بعينيها في المكان و تفرك يديها من البرد

    تفطّر قلبي لرؤيتها بهذا الشكل و لم أعرف ما أفعل إن صغيرتي تتألم و على حافة الموت ماذا أفعل ؟

    هي رأتني أراقب تحركاتها و تململها قالت :

    " أريد أن أنام "

    قلت :

    " اضطجعي و نامي صغيرتي "

    حركت رأسها اعتراضا بينما عيناها تكادان تنغلقان رغما عنها

    رأفت بحالها البائس و قلت بعطف :

    " اضطجعي رغد أنت متعبة جدا استرخي هيا"

    رغد نظرت إلى دانة ثم إلى الناس ، ثم إلي بتردد

    قلت مشجعا :

    " هيا صغيرتي لا تخشي شيئا "

    و بادرت دانة بالاضطجاع بدورها فتشجعت رغد و همت بالانبطاح لكنها قالت قبل ذلك :

    " لا تذهب إلى أي مكان وليد أرجوك "

    قلت مطمئنا :

    " لا تقلقي، أنا باق ٍ هاهنا "

    ثم تمددت على الرمال و أغمضت عينيها

    أنا أيضا استلقيت على الرمال المجردة طالبا بعض الراحة و سرعان ما رأيت رغد تجلس و هي تنظر إلي و تقول :

    " هل ستنام ؟ "

    قلت :

    " كلا سأسترخي قليلا "

    و بدت مترددة

    قلت :

    " عودي للنوم رغد اطمئني "

    فعادت و استلقت على الأرض و سكنت قليلا قم عادت فجلست و ألقت نظرة علي !

    قلت :






    رد مع اقتباس  

  3. #223  
    المشاركات
    3,259
    " ماذا "

    قالت :

    " لا تنم وليد أرجوك "

    جلست مستويا ، و قلت :

    " لن أنام صغيرتي نامي أنت و أنا سأبقى أراقب ما حولنا اطمئني "

    و أخيرا اطمأن قلبها أو ربما تغلّب عليها النعاس و التعب ، فاستسلمت للنوم بسرعة




    في العراء ننام مفترشين الأرض الجرداء. ملتحفين السماء تهب علينا التيارات الباردة تجمّد أطرافنا فنرتجف و تقشعر أجسادنا و قلوبنا ثم لا تجد ما يدفئها و يهدئ روعها


    كان الليل يمر ساعة بعد أخرى دون أن نحسب الزمن

    عاد البدر يراقبنا و يشهد تشردنا و حال لم يخلق الله مثلها حالا

    أراقب الفتاتين فأجدهما مستغرقتين في النوم و أنا شديد الإعياء و السكون و الظلام مخيم على الأجواء و معظم الناس رقود


    النعاس غلبني أنا أيضا فقد نلت ما نلته من الإجهاد لكنني كنت أقاومه بتحد ٍ كيف لعيني أن تغفوا و فتاتاي نائمتان في العراء عرضة لكل شيء و أي شيء

    وقفت كي أطرد سلطان النوم ، و جعلت أحوم حول الفتاتين و أذرع المكان ذهابا و جيئة و أقترب منهما كل حين أراقب أنفاسهما و أطمئن إلى أنهما نائمتان و على قيد الحياة

    أنا متعب متعب أكاد أنهار رأسي دائخ و الكون يدور من حولي و عيناي تزيغان
    يا رب إن عينك لا تغيب و لا تغفل و لطفك و رحمتك وسعا كل شيء فاشملنا تحت حفظك

    أ اغمض عينيّ لحظة واحدة؟ فقط لحظة أهدئ من تهيجهما و حرارتهما لحظة واحدة يا رب

    و لم تطعني عيناي كما أبى قلبي أن يغفل عنهما طرفة عين.

    فيما أنا بهذه الحال بعد مضي فترة من الزمن أبصرت نورا يقترب منا قادما من آخر الشارع

    إنها سيارة ! السيارة الأولى التي تعبر هذا الشارع مذ تشرّدنا فيه

    لم تكن سوى سيارة حوض ما أن رآها بعض الناس حتى أسرعوا راكضين إليها طالبين النجدة

    أسرعت إلى الفتاتين و أيقظتهما :

    " رغد دانة هيا بنا بسرعة "

    فتحتا أعينهما مذعورتين ، و مددت يدي و أمسكت بيديهما و سحبتهما لتنهضا جالستين ثم واقفتين في فزع

    قلت :

    " لنلحق بالسيارة "

    و ركضت ساحبا إياهما حتى أدركنا السيارة و انضممنا إلى أفواج الناس الذين ركبوا حوضها

    سائق السيارة كان يهتف :

    " انتظروا لأعبئ خزانها وقودا "

    إلا أن الناس تشبثوا بها بجنون

    بعد ذلك انطلقت السيارة بمن حملت تسير بسرعة لا بأس بها كان بعضنا جالسا و البعض واقفا ، و كنا نحن الثلاثة ضمن الوقوف .

    كنا واقفين عند مقدمة الحوض، الفتاتان ملتصقتان برأس السيارة و أنا أكاد ألتصق بهما، فاتحا ذراعيّ حولهما أصد الناس عن ملامستهما

    بعد مسيرة ساعة أو أكثر لا أعلم تحديدا بلغنا مشارف إحدى المدن و أوقف السائق السيارة و قال :

    " امضوا في سبلكم"

    هبطنا جميعا و تفرقنا هذا هنا و هذا هناك باحثين عن ملاجئ لهم

    وقفت أنا حائرا إلى أين أذهب في هذا الليل الكئيب و معي هاتان الفتاتان المنكوبتان

    و تلفت من حولي فرأيت لا فتة تدل إلى طريق المدينة الشمالية الزراعية ، و الكائنة على مقربة

    نجحت بعد جهد في إقناع السائق بإيصالنا إلى هناك ، و تحديدا إلى مزرعة نديم ،
    فهي الفكرة التي طرأت على رأسي المرهق هذه اللحظة ، بمقابل
    و شكرت الله أن جعلني أحمل محفظتي في جيبي مع المفاتيح


    ولم تكن المسافة طويلة ، وصلنا بعد فترة قصيرة إلى هناك


    هبطنا من السيارة و شكرت السائق و حثثت الفتاتين على السير معي

    قالت دانة :

    " إلى أين ؟ "

    قلت :






    رد مع اقتباس  

  4. #224  
    المشاركات
    3,259
    " تقطن عائلة صديقي هنا، سأسألهم استضافتنا لهذه الليلة فنحن متعبون جدا "

    لقد كان كل ما سبق أشبه بالكابوس إلا أنه كان الواقع

    بوابة المزرعة كانت مفتوحة كالعادة ، مشينا متجهين نحو المنزل دانة تمسك بقميصي الموضوع حول رأسها، و رغد تجر قدمها المصابة و كلاهما تمسكان بيدي من الجانبين

    عند عتبات باب المنزل تركتاني لأصعد العتبات ، ثم أقرع الجرس، ثم ينفتح أسمع صوتا يسأل عن الطارق ، فأجيب :

    " وليد شاكر "

    ثم أرى الباب ينفتح ، و تظهر من خلفه . أروى نديم .






    رد مع اقتباس  

  5. #225  
    المشاركات
    3,259
    اتسعت حدقتا الفتاة التي أطلت من فتحة الباب . و ألقت علينا جميعا نظرة مذهولة و قالت :


    " سيد وليد ! "

    وليد قال :

    " مساء الخير هل العم إلياس موجود "

    ردت الفتاة :

    " خالي في طريقه إلى هنا "

    ثم عاودت النظر إلينا أنا و دانة ، ثم قالت :

    " ما الأمر "

    قال وليد :
    " فررنا من القصف الجوي. نجونا بأعجوبة "

    الفتاة وضعت يدها على صدرها و شهقت ثم قالت :

    " أ . أنت . تقيم في المدينة الصناعية "

    أجاب وليد :

    " نعم ، مع عائلتي "

    و أشار إلينا

    ثم قال :

    " تدمرت مدينتا و الآن أصبحنا بلا مأوى "

    سرعان ما فتحت الفتاة الباب على مصراعيه و قالت :

    " هلموا بالدخول "


    وليد قال :

    " سننتظر العم إلياس "

    إلا أن الفتاة أصرت :

    " تفضلوا رجاء . "

    ثم التفتت إلى الداخل و أخذت تنادي :

    " أمي . "


    وليد الآن التفت إلينا و قال :

    " تعالا"

    ترددنا قليلا إلا أننا سرنا معه إلى الداخل .

    و في النور استطعت أن أرى وجه الفتاة الذي لم يكن جليا قبل قليل.

    فتاة شديدة البياض و الشقرة. زرقاء العينين حمراء الخدّين أجنبية الملامح

    أقبلت سيدة أخرى نحونا و حين رأت وليد تهللت و رحبت به بحرارة

    السيدة كانت شديدة الشبة بالفتاة

    قالت الفتاة :

    " هربوا من المدينة الصناعية يا أمي ! "

    امتقع وجه السيدة ثم قالت :

    " أوه ربّاه ! حمدا لله على سلامتكم "

    و أخذت الفتاة تكرر ذلك أيضا

    قال وليد :

    " سلمكما الله ، شكرا لكما و أعتذر على حضوري إلى هنا لكننا بحاجة لمكان آمن نبات فيه ليلتنا هذه "

    السيدة الكبرى أشارت إلى وليد بالتوقف عن الحديث و عادت ترحب من جديد و التفتت إلينا أنا و دانة

    وليد قال :

    " شقيقتي و ابنة عمّي "

    قالت السيدة :

    " و أين أبواك ؟ "

    قلت :

    " لم يعودا من الحج بعد أو لا أعرف ما حصل معهما ! "

    قالت السيدة و هي تشير بيدها نحو المقاعد :

    " تفضلوا رجاء تفضلوا "


    أنا و دانة كنا ممسكتين بيد بعضنا البعض واقفتين بحذر و تردد

    وليد تحدّث إلينا قائلا :






    رد مع اقتباس  

  6. #226  
    المشاركات
    3,259
    " تعالا لنجلس هناك "

    و سرنا معه إلى المقاعد

    و جلست دانة ملتصقة به و أنا ملتصقة بها

    وليد ألقى نظرة علينا ثم قال مخاطبا الفتاة :

    " هل لنا ببعض الماء من فضلك "

    " فورا "

    و ذهبت الفتاة و عادت تحمل قارورة كبيرة من الماء المعدني و كأسين اثنين

    ملأتهما ماءا و قدّمت الأول إلي و الثاني إلى دانة فشربنا بنهم شديد. المزيد و المزيد و المزيد. و وليد و الفتاة و السيدة يراقبوننا بشفقة !

    ذهبت الفتاة و أحضرت قارورة أخرى و كأسا ثالثا و دفعتهما نحو وليد .

    " تفضّل "

    وليد تناولهما و بدأ يشرب الكأس بعد الآخر حتى أفرغ معظم محتويات القارورة في جوفه

    أيّكم جرّب عطشا كهذا العطش

    ألا لعنة الله على الظالمين .





    قالت السيدة مخاطبة الفتاة :

    " اذهبي و حضّري بعض الطعام حضّري الحساء و الشطائر "

    و أسرعت الفتاة منصرفة إلى حيث أمرت

    وليد قال :

    " نحن آسفون يا سيدة ليندا إننا"

    فقاطعته السيدة و قالت :

    " لا لا داعي لقول شيء يا بني ألف حمد لله على نجاتكم "

    ثم سمعنا صوت الباب ينفتح ، و يدخل منه رجل عجوز .

    ما إن دخل حتى وقف وليد فوقفنا أن و دانة تباعا

    الرجل ذهل ، و قال بتعجب :

    " وليد "

    و أقبل وليد نحوه فصافحه ثم أخبره عما حصل معنا و ما دعانا للحضور إلى هنا

    و العجوز لم يقل كرما عن السيدة و الفتاة بل رحب بوليد و عانقه و حمد الله كثيرا على سلامته

    حتى هذه الساعة لازلت بين الإدراك و إلا إدراك بين الحقيقة و الحلم ، و التصديق و التكذيب.

    و لازلت أشعر بتعب لا يسمح لي بالوقوف أكثر من ذلك خصوصا على قدم جريحة متألمة لذا فإنني هويت على المقعد و ألقيت برأسي على مسنده

    دانة جلست إلى جواري و ربتت على كتفي و قالت :

    " رغد أأنت بخير "

    أنا تنهّدت و أننت وليد أقبل هو الآخر نحوي قلقا و قال :

    " أأنت على ما يرام "

    أشرت إلى قدمي أنا أتألم

    وليد قال مخاطبا الرجل العجوز :

    " أيوجد لديكم مطهرا و ضمادا للجروح "

    السيدة غابت ثوان ثم عادت تحمل ما يلزم وليد قال :

    " يجب غسلها أولا "

    السيدة قالت :

    " دورة المياه من هنا "

    إلا أنني هزت رأسي ممانعة و لزمت مكاني

    دانة قالت بصوت هامس تكلم وليد :






    رد مع اقتباس  

  7. #227  
    المشاركات
    3,259
    " أنا أريد استخدام دورة المياه "

    وليد أستأذن أصحاب المنزل ، ثم نهضت دانة واقفة ، تغطي معظم وجهها بالقميص الموضوع على رأسها.

    اعتقد أن الرجل العجوز انصرف هذه اللحظة أما السيدة الأخرى فعادت تشير إلى ناحية الحمام :

    " من هنا "

    ذهبت دانة إلى دورة المياه ، و السيدة استأذنت و غادرت لدقائق و بقيت أنا متهالكة على المقعد و وليد واقف إلى جواري

    قال :

    " أأنت بخير صغيرتي "

    لا ! كيف لي أن أكون بخير إنني في حال من أسوأ الأحوال التي مرت علي ّ . بدأت بالبكاء إلا أن دموعا لم تخرج من عيني .

    وليد جلس بقربي و قال :

    " ستكونين بخير نجونا من الموت الحمد لله "

    شعرت لحظتها برغبة في الارتماء في حضنه و البكاء على صدره و الاسترخاء بين ذراعيه أنا متعبة و أتألم أريد من يواسيني و يشجعني أريد حضنا يشملني و يدا تربت علي أريد أمي أريد أبي أريد وليد و لم أنل منه غير نظرات مشجعة


    أقبلت السيدة تحمل معها وشاحين قدّمتهما إلي

    نزعت ُ عن رأسي ما كنت أتحجّب به، و لففت أحد الوشاحين حول رأسي ، على مرأى من وليد . !


    و عندما عادت دانة ، و قد غسلت وجهها و قدميها الحافيتين أعطيتها الوشاح الآخر.

    قالت :

    " تعالي لأغسل جرحك رغد."

    و أيضا لم أتحرّك ففوق تعبي و إعيائي و الدوار الذي أشعر به أنا خائفة
    نعم خائفة

    السيدة قامت بنفسها بإحضار وعاء يحوي ماء و وضعته عند قدمي ّ و قالت :

    " هل أساعدك ؟ "

    دانة قالت :

    " شكرا لك ، سأفعل ذلك "

    ثم أخذت تحل الضماد ـ و الذي هو عبارة عن كم قميص وليد ـ من حول قدمي و غمرتها بعد ذلك في الماء النظيف الدافئ

    بدأت الأوجاع تتفاقم و تتزايد و أخذت أئن و أصيح لكنني لم أقاوم و استسلمت لما فعلته دانة بقدمي و أنا مغمضة العينين

    عندما فتحتهما كانت قد انتهت من لف قدمي بالضماد . كما أن السيدة أحضرت ماءا نظيفا لأغسل قدمي الأخرى.

    كل هذا و أنا ملتزمة الصمت و السكون إلا عن أنات و صياح ألم

    و الآن، جاءت الفتاة تحمل صينية ملآى بالشطائر بينما يتبعها العجوز حاملا صينية أخرى رُصّت علب العصير الورقية فوقها.

    و وضعا الطعام و الشراب أمامنا و الفتاة تقول :

    " تفضلوا هذا لحين نضج الحساء "

    لم يمد أحدنا يده ما الذي يجعلنا نفكّر بالطعام في وقت كهذا فراح أصحاب المنزل يحثوننا على الطعام

    وليد تناول اثنتين من علب العصير و قدمهما لي و لدانة، فأخذت علبتي و شربت ما بها ببطء.

    أصحاب المنزل الثلاثة استأذنوا منصرفين عنا، ربما لنتصرف بحرية أكبر


    وليد أيضا وزع الشطائر علينا إلا أنني رفضت تناولها

    " خذي يا رغد لابد أنك جائعة جدا كلي واحدة على الأقل"

    " لا أريد "






    رد مع اقتباس  

  8. #228  
    المشاركات
    3,259
    " هيا أرجوك ستموتين إن بقيت بلا طعام ساعة بعد "

    و لم يفلح في إقناعي لكنه و دانة تناولا شيئا من الطعام بصمت


    لحظات و إذا بالفتاة تقبل بأقداح الحساء الساخن و تقدمها إلينا ثم تنصرف


    أجبرت نفسي على رشف ملعقتين من الحساء ثم أسندت رأسي إلى المقعد و أغمضت عيني

    كنت أسمع أصوات الملاعق و حركة الأواني و ربما حتى صوت بلعهما للطعام و هضم معدتيهما له ! و أسمع كذلك صوت نبضي يطن في أذني و أنفاسي تنحشر في أنفي و الآن صوت وليد يناديني

    " رغد "

    فتحت عيني فوجدته ينظر إلي بقلق و يعيد السؤال :

    " أأنت بخير "

    قلت :

    " أنا متعبة "

    قال :

    " سأتحدّث معهم "

    ثم نهض و نادى :

    " أيها العم الطيب "

    ظهر الثلاثة من حيث كانوا يختبئون عنا

    قال وليد :

    " اعذرونا رجاء ً إننا في غاية التعب فقد قضينا ساعات طويلة نسير في الخلاء أين يمكننا المبيت بعد إذنكم "

    قالت السيدة :

    " ستنام ابنتي معي في غرفتي و يمكن للفتاتين المبيت في غرفتها سنعد فراشا أرضيا إضافيا "

    و قال العجوز مخاطبا وليد :

    " و أنت غرفتك كما هي "

    قال وليد :

    " هذا جيّد . "

    ثم أضاف :

    " أشكركم جميعا جزيل الشكر إنني . "

    و مرة أخرى قاطعته السيدة و قالت :

    " لا داعي لكل ذلك يا سيد وليد، ألم نكن كالعائلة؟ جميعكم أبنائي "

    ثم أضافت مخاطبة الفتاة :

    " خذي الفتاتين إلى غرفتك "

    الفتاة أقبلت نحونا و هي تبتسم و تقول :

    " تفضلا معي "

    كلانا نظرت إلى وليد بتردد فقال الأخير :

    " هيا عزيزتاي "

    و هز رأسه مطمئنا يبدو أنه على علاقة وطيدة بهم و يثق بهم كثيرا

    وقفت دانة و وقفت معها ثم قلت لوليد :

    " و أنت ؟ "

    قال :

    " سأبات في غرفة في الخارج تابعة للمنزل "

    هززت رأسي اعتراضا شديدا . مستحيل ! و عوضا عن مرافقة الفتاة اقتربت منه هو ، و قلت :

    " لن تذهب و تتركنا "






    رد مع اقتباس  

  9. #229  
    المشاركات
    3,259
    قال :

    " إنها غرفة خارجية اعتدت المبيت فيها ملاصقة للمنزل تماما "

    هززت رأسي بإصرار أشد :

    " لا لا "

    وليد نظر إلي بضيق و تعب و أسى كأنه يرجوني أن أطلق سراحه و أدعه يرتاح قليلا

    قال :

    " ستكونين بخير هذه عائلتي "

    إلا أنني ازددت إصرارا و رفضا و قلت :

    " سأذهب معك "

    وليد و دانة تبادلا النظرات و لم يعرف أي منهما ما يقول

    مددت يدي فأمسكت بيده مؤكدة أكثر و أكثر بأنني لن أسمح له بالابتعاد عني

    أخيرا تكلّم وليد مخاطبا أصحاب المنزل :

    " إن لم يكن في ذلك ما يزعجكم فسنبيت في الغرفة الخارجية نحن الثلاثة و نحن آسفون لكل ما سببناه لكم من إزعاج "

    العجوز تكلّم و قال :

    " كما تشاءون يا بني سأجلب المزيد من الفرش و البطانيات لكم "

    و تحرك الثلاثة ، و أحضروا البطانيات و حملوها سائرين نحو الباب، و سرنا معهم إلى خارج المنزل

    كانت الغرفة المقصودة هي غرفة تابعة للمنزل مفصولة عنه بجدار مشترك و كانت صغيرة نسبيا و بداخلها سرير صغير و أثاث بسيط ، و تتبعها دورة مياه صغيرة قريبة من الباب

    الثلاثة و معهم وليد تعاونوا في تحضير فراشين أرضيين على المساحة الحرة من الغرفة و حالما انتهوا ، قال العجوز

    " أتمنى لكم نوما هانئا "

    و عقّبت السيدة :

    " تصبحون على خير"

    أما الفتاة فقد أسرعت بالذهاب ثم العودة بصينية الشطائر و بعض العصائر و وضعتها على المنضدة الصغيرة التابعة لأثاث الغرفة و هي تقول :

    " فيم لو احتجتم أي شيء فلا تترددوا في طلبه ! "

    وليد قال :

    " شكرا جزيلاهل نستطيع استخدام الهاتف ؟ "

    قال العجوز :

    " بكل تأكيد "

    فشكرهم كثيرا و كذلك فعلت دانة ، ثم انصرفوا .

    و فور خروجهم أقفل وليد الباب و أقبل إلى الهاتف و اتصل بأحد الأرقام و كان أول ما نطق به بعدها و بلهفة شديدة :

    " سامر يا عزيزي أأنت بخير "






    رد مع اقتباس  

  10. #230  
    المشاركات
    3,259
    الحلقة السادسة و العشرون

    *********

    ~ عودي صغيرة ~





    مضطجعة على السرير في غرفة أناس غرباء
    مكان مظلم و بارد ألتحف لحافا و بطانية خفيفين لا يكادان يدفئان أطرافي كما ينبغي أتقلب يمينا و يسارا محاولة ضبط جسدي في وضع يريحه و يخفف آلام قدمي الممتدة لكامل الرجل و الظهر أيضا

    و كلما التفت ُّ يمنة وقع نظري على تلك الكومة من اللحم و الشحم البشري المتمددة على فراش أرضي و المدثرة بلحاف و بطانية شبيهين باللذين يغطياني، يخفيان الرأس و لا يكادان يغطيان القدمين اللتين تبرزان من تحتهما بحجميهما الكبيرين و شكليهما الأشبه بالسفينة !

    مسكين وليد !

    لابد أن عدد الخلايا الحسية في قدمه هو أكثر بكثير من قدمي أنا و لابد أنه تألم كثيرا و هو يركض و يمشي حافيا عليها !

    أوه و لكن لم علي التفكير بقدم وليد في ساعة كهذه و حال كهذه

    أم أن الآلام التي أشعر بها في قدمي أنا جعلتني مهووسة بالأقدام

    أكثر شيء أراحني ، و جعلني أستلقي بطمأنينة على هذا السرير هو تحدّثي إلى والدي ّ و اطمئناني عليهما ، و كذلك على سامر و خالتي و عائلتها

    الحمد لله إنهم جميعا بخير .

    و رغم التعب الذي كنت أعانيه، لم أنم مباشرة مثلما نام وليد و دانة على فراشيهما الأرضيين لقد كنت أشعر بالبرد. رغم أن جسدي متعرق

    جلست و أخذت أنظر نحوهما

    كانا مستغرقين في نوم عميق لا تصدر عن أي منهما أي حركة.

    نهضت عن سريري و توجهت نحو الخزانة الصغيرة الموجودة في الغرفة، و أنا أعرج بحثا عن بطانية أخرى.

    فتحت الخزانة و ألقيت نظرة على ما بداخلها، لم أجد أي بطانية أو لحاف

    أثناء إغلاقي لها أصدرت صوتا . فالتفت مباشرة إلى النائمين أستوثق من عدم استيقاظهما بسبب الصوت دانة لم تتحرك البتة ، أما كومة الشحم و اللحم البشرية تلك فقد تحركت و أُزيحت البطانية قليلا فظهر الرأس و العينان و الأنف المعقوف و الشفتان و الذقن الملتحي أيضا !

    وليد نظر إلي برهة نظرة ساذجة، ربما كان نصف نائم ثم بدأ تركيزه يحتد و يشتد ثم حملق بي في قلق و استوى جالسا

    " ما الأمر ؟ "

    سألني ذلك ، فقلت :

    " آسفة كنت أبحث عن بطانية أو ما شابه"

    نظر وليد نحو السرير ليتأكد من وجود بطانية معدة لي ، ثم إلي فقلت موضحة :

    " إنها خفيفة "

    قال :

    " أتشعرين بالبرد ؟ "

    " نعم "






    رد مع اقتباس  

صفحة 23 من 26 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية كنت أحبك حب ماتقراه في أعظم رواية
    بواسطة Bshaer‘am في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Aug-2014, 12:29 AM
  2. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  3. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  4. ديكورات كامله 2013 , ديكورات منزل كامله 2013 , صور ديكورات جميله 2013
    بواسطة ♣ ♣المتفائله♣ ♣ في المنتدى ديكور - فن الديكور المنزلي - اثاث غرف ومطابخ وحدائق
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-Sep-2012, 11:37 PM
  5. رواية قليل من الحب كامله من الروايات الرومنسية txt للجوال
    بواسطة بدويه اصيله في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 09-Oct-2011, 10:39 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •