[gdwl]
6:30

كالأمس، وكأول أمس، وككل يوم، أطلت الشمس بنورها من خلف أشجار الزيتون، ونشرت أشعتها في المكان برتابة معتادة، وكأنها قد ملت من ذات الوجوه التي تطالعها كل شروق، عندها أحسست وكأن أيامي قد أصبحت شديدة التناظر، وكأنها صدى لأحداث عشتها من قبل، ولكن عزائي الوحيد هو أنني كنت أستطيع أن أفكر فيها وأن أجد اللذة في محاولة تذكر ملامحها، والتي أنهكت السنين الكثير من تفاصيلها.

6:45

انقطع السكون فجأة وانتزعني من أفكاري صوت كصوت إحدى الدبابات الروسية القديمة، ولكن ما لبثت أن عرفت مصدر الضجة، إنها سيارة أخي الأكبر المتهالكة التي جار عليها الزمان والناس، فسقطت بين يدي أخي الذي أوقفها أمامي واطل برأسه منها وسألني( ماذا تفعل هنا؟) فرديت عليه بكل بساطة (لاشيء إني فقط جالس أفكر).

كان من الصعب على أخي أن يقتنع بمسألة التفكير لأجل التفكير، ولذلك فقد اعتبرني إنسانا لا يجد ما يشغله فنظر إلي نظرة ذات معنى ثم قال لي( ماذا تفعل اليوم؟) فجاءت إجابتي لتؤكد اقتناعه، فقد قلت بكل بساطة( لاشيء) فقال لي( إني ذاهب إلى المدينة اليوم فهل تأتي معي؟) فأومأت برأسي (حسنا).

9:30

كان صعبا علي جدا أن أجد حلا للغز ، فالبرغم من عيشنا في نفس المنزل إلا أننا على طرفي نقيض، فهو ماديٌ جدا في حين كنت أنا روحيا جدا، ولا أقصد هنا كلمة مادي بمعناها الجامد الذي ترسب إلينا من ترهات الثقافة الحديثة والتي أراد البعض وصمها لكل من خالفهم الرأي، ولكن قصدت أنه كان يعرف بأنه يريد أن يعيش ، ولكي يعيش يجب أن يأكل ويشرب و يلبس و يتزوج، ولكي يفعل ذلك يجب أن يحصل على المال، ولكي يحصل على المال يجب أن يعمل، لم يكن يهمه أبدا أن يعرف ما هي عاصمة غواتيمالا مثلا ولكن كان يهمه أين يجد أفضل بضاعة وأرخصها، أما أنا فأعتقد بأنه لكي أعيش يجب أن أحس ولكي أحس يجب أن أعلم ولكي أعلم يجب أن أطلع ولكي أطلع فإني أحتاج إلى المال الذي كان أخي يغطي جزءا منه، فكانت النتيجة في النهاية بأنه يسبقني بمرتبة لأنني أحتاج إليه.

كل هذه الأفكار راودتني وأنا جالس بجانب أخي في سيارته التي كان ينطلق بها نحو المدينة.

10:30

rwi v,lhksdi