مرحبا بكم اعضاء وزوار منتدانا العزيز منتدى مياسة

العلاقة الزوجية لا تعني إلغاء الآخر


لعل من أخطر السلبيات في العلاقات الانسانية، ولا سيما في العلاقة الزوجية، وهي الأوثق في العلاقات الانسانية، لأنها الصلة التي ينفتح فيها الانسان بكلّه على الانسان الآخر بكلّه من دون أي حدود أو حواجز تفصل بينهما في كل المجالات التي تفصل بين الناس، هي مبادرة أحد طرفي العلاقة إلى إلغاء الآخر، فيعتبر أن خصوصياته ينبغي أن تكون خصوصيات الآخر، بحيث لا يجد له أية حرية في التمايز عنه من خلال خصوصياته الذاتية المنطلقة من جذوره الانسانية في نطاق العائلة، أو في نطاق آخر يتعلق بطبيعة ظروفه النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تحيط به.
لذلك، نرى أنه من الضروري للزوجين ألا يعتبرا الحالة الزوجية مناسبة لإلغاء أحدهما الآخر، بحيث يشعر أي منهما بالتعقيد لمجرد أن الآخر يختلف معه أو يتمايز عنه أو يستقل عنه في بعض الأمور. إن عليهما أن يعتبرا أن العلاقة الزوجية هي علاقة بين شخصين، أي أن التعددية تمثل أساساً لمعنى العلاقة. والتعددية تعني أن لكل واحد منهما خصائص وجودية إنسانية تختلف عن خصائص الآخر، وذلك في الوقت الذي يلتقيان فيه على بعض القضايا المشتركة في ما يتفقان فيه، ويلتقيان فيه على مصالح مشتركة، وفي ما يعيشان من أجله، وفي الممارسات المشتركة، وفي ما يتعاقدان عليه. ومن خلال ذلك نفهم أن عليهما أن يتفاهما في خصوصياتهما ليتكاملا في هذه الخصوصيات، بدلاً من أن يتنافرا. وعليهما أن يقربا هذه الخصوصيات، بحيث لا تطغى على الجوانب المشتركة لتفسدها. وفي جميع الحالات لا بد من احترام هذه الخصوصيات.
ومن الأمثلة على ذلك، نذكر أنه قد تكون هناك مسألة تثير الخلافات بين الزوجين. فالزوج قد يفرض على زوجته أن تندمج في مجتمع أهله بالمستوى الذي تفقد فيه حريتها وإنسانيتها وخصوصيتها أمامهم، الأمر الذي قد يفرض عليها الابتعاد عن أهلها ومقاطعتهم وما إلى ذلك. وربما تفرض الزوجة على زوجها مثل ذلك، وإن كان بدرجة أقل، مستخدمة ما تملك من عناصر الضغط على زوجها، ولو من خلال إرباك حياته وتعقيدها.
في هذا المجال لا بد للزوج من أن يفهم بأن زوجته هي إنسان كما هو إنسان، ولها جذور كما له جذور، وأن من الصعب أن يقتلع الانسان من جذوره، كما أنه من الصعب أن يندمج الانسان اندماجاً كلياً في مجتمع آخر لمجرد أن رغبة إنسان ما تفرض عليه الاندماج، باعتبار أن مسألة الاندماج لا بد من أن تنطلق من خلال بعض العوامل النفسية والشعورية والحياتية التي تلتقي بأجواء الانسان وبأعماله وأوضاعه في المجتمع، لذلك، يكون من الطبيعي أن يقرب الزوج أجواء زوجته من أجواء مجتمعه، أو أن تقرب الزوجة أجواء زوجها من أجواء مجتمعها، حتى يحصل من ذلك نوع من العلاقة الطبيعية التي يمكن بعدها ممارسة الضغط للامتداد أكثر، على أساس أن طبيعة المصلحة الزوجية المشتركة التي يريدان حمايتها، بالضغط هنا وهناك، تفرض نوعاً من أنواع الامتداد في العلاقة ولو على خلاف المزاج.
وفي هذا الجو، ينبغي لكل من الطرفين أن يرفض السلبيات التي تأتي من مجتمعه تجاه الآخر، ليحاول السيطرة عليه بطريقة أو بأخرى، أو للتخفيف من تأثيراتها السلبية من أجل ألا يستحق الآخر في عواطفه وفي روحيته وفي أوضاعه. ولعلنا نستهدي بعبارة (المودة والرحمة) التي اعتبرها القرآن الكريم عنواناً للحياة الزوجية، كمدخل للتحرك في ترتيب هذه لعلاقة التي تربط الزوجة بأهل زوجها وتربط الزوج بأهل زوجته، لأن الموجة تفتح للانسان آفاق احترام شعور الآخر، والرحمة تفتح له آفاق الاعتراف بظروف الآخر.
وهكذا يمكننا أن ننطلق إلى الاختلاف في الآراء السياسية أو الاجتماعية، فإنه ليس من الطبيعي أن يفرض الزوج على زوجته رأيه السياسي لمجرد أنه الزوج، أو لأن حياتهما الزوجية تفرض اتفاقهما في الرأي السياسي وأن على الزوجة أن تطيع زوجها في هذا المنحى، أو أن تفرض الزوجة على زوجها ما ترتئيه، باعتبار أن ذلك هو دليل محبة وإخلاص، ومن دون ذلك لن يكون محباً ومخلصاً لها. إن مثل هذا التصور خاطئ وغير إنساني، لأننا نعرف أن الالتزام بالرأي السياسي أو الموقف السياسي، أو الالتزام بالرأي الاجتماعي أو الموقف الاجتماعي، ينطلق من خلال قناعات معينة، ومن خلال ظروف معينة.
لذلك، ليس من الطبيعي أن نفرض قناعاتنا على الآخرين، إذا لم نستطع أن نقنعهم بما نقتنع به، أو أن نفرض ظروفنا على الآخرين إذا لم نستطع أن نقرب ظروفهم من ظروفنا. لهذا لا بد من أن يكون هناك نوع من أنواع الحوار في هذا المجال، أو نوع من أنواع ترتيب الخلافات بالطريقة التي لا تهدم الحياة الزوجية، بحيث يمكن التعايش مع الرأي المختلف. ويمكن التحرك بأسلوب يعتمد على القواسم المشتركة بين الرأيين، أو بين الموقفين، في طريق الوصول إلى القضايا المختلف عليها، على أن يتم ذلك بالتفاهم والحوار، وما إلى ذلك.


gh jgyn kts; hlhl .,[; K Not canceled yourself in front of your spouse