الموضوع: وقفات مع سورة الحجرات

الوقفة الثــــــــانية:

بسم الله الرحمن الرحيم(ياأيها الذين آمنوا لاتقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم)
هذه آية عظيمة هذه الآيه نهي أن يتقدم أحد بين يدي الله ورسوله ,وقد بين العلماء معنى التقدم بين يدي الله ورسوله,فقال ابن عباس رضي الله عنهما"لاتشرعوا مالم يشرعه الله ورسوله"
وقال الضحاك"لاتقترحوا فتأتوا بشئ مما لم يشرعه الله جل وعلا .

إنني أقف أمام هذا الآيه(ياأيها الذين آمنوا لاتقدموا بين يدي الله ورسوله)
ماذا نقول عن أولئك الذين تقدموا بين يدي شرع الله جل وعلا.؟
ماذا نقول عن أولئك الذين ينادون بالقوانين الوضعية؟
ماذا نقول عن أولئك المنافقين الذين ينادون بالنظم الأرضية .؟
ماذا نقول عن هؤلاء المنافقين الذيين يفضلون شريعة الطاغوت على شريعة الله جل وعلا ؟
أليس هذا هو التقدم بين يدي الله ورسوله!!

لقد عمت العلمانية في عالمنا الإسلامي .وفي بلادنا هنا وهناك أناس يعملون ليل نهار .يحرصون على أن تسود شريعة الطاغوت بدل شريعة الله جل وعلا (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)


الذين يعلنون الربا جهراً وعيانا إنما يحاربون الله جل وعلا سراً وعلانية ولقد تقدموا بين يدي الله ورسوله

ما أحوجنا ان نقف أمام هذه الآية العظيمة .أمام هذه الآية الجليلة ليس معناها كما قد يتصور البعض هو التقدم الحسي فقط ,إنما هو التقدم الحسي بين يدي الله ورسوله والتقدم المعنوي

إذن هذه وقفـــــــــة جليلة لو خصصت لها درساً لما كفاها.

الوقفــــــــــــة الثــــالثــــــــــــه.

نجد في هذه السورة ملحظاً وقفت عنده طويلا.ً

يقول جل وعلا في هذه الآيه(واتقوا الله إن الله سميع عليم)
ويقول في آية أخرى(واتقوا الله لعلكم ترحمون) ويقول في آية ثالثة
(واتقوا الله إن الله تواب رحيم)
ويقول في آية رابعة(أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)
ويقول في آية خامسة(إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
الله أكبر لقد تكررت آيات التقوى في هذه السورة خمس مرات مع قصره. ومع أنها لاتتعدى ثمانية عشر آية فإنها مع ذلك تكررت فيها التقوى خمس مرات وذلك لعظم شأن التقوى

ماهي التقوى

لاأظن ان مر بنا يوم أو يومان أو ثلاثة ولم نسمع من يقول:اتقوا الله ,سواء في خطبة من الخطب أو في محاضرة من المحاضرات.فما هي التقوى التي ينادينا الله جل وعلا ويأمرنا في هذه السورة ثلاث مرات (واتقوا الله) وفي آيتين (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)(إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

سأل عمر بن الخطاب أبي بن كعب رضي الله عنهما فقال له: ياأبي ماهي التقوى؟أتعلمون ماذا قال له أبي رضي الله عنه؟ قال له:ياأمير المؤمنين أما سلكت طريقاً ذا شوك؟قال: بلى.قال:فما صنعت؟قال:شمرت واجتهدت.قال:فذلك التقوى.
نحن نسير في هذه الحياة بطريق مليئة بالأشواك ,نحن نسير في هذه الحياة بين شهوات وشبهات ,فالتقوى أن نعتزل تلك المعاصي وتكلك الفتن ولذلك قال ابن المعتز:
خل الذنوب وصغيرها
وكبيرها ذاك التقى.
واصنع كماش فوق
أرض الشوط يحذر مايرى
لاتحقرن صغيرة.
إن الجبال من الحصى

لاتحقرن صغيرة .إن الجبال من الحصى

أرأيتم كثبان الرمال؟

إن كثبان الرمل العظيمة التي تمتد كيلوات ومسافات طويلة تتكون من حبيبات دقيقة ,إن المعاصي تاتي شيئاً فشيئاً ,من هنا نظرة ومن هنا كلمة ومن هنا سماع ماحرم الله , وتتجمع الحسنات وتتجمع السيئات فتأتي الحسنات إن وجدت حسنات
يأتي الرجل يوم القيامة بصلاة وصيام وأعمال صالحة ويأتي وقد شتم هذا هذا هو المفلس كما قال وسب هذا واكل مال هذا في}خذ لهذا من حسناته لهذا من حسناته حتى إذا لم يبق من حسناته شئ أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار والعياذ بالله

التقوى كما قال علي بن أبي طالب هي :الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل
إن كثيراً من المسلمين يحفظون من الأغاني أكثر مما يحفظ من أحكام الله جل وعلا

إن كثيراً من الناس لديهم الدقة في تنفيذ التعليمات البشرية ولكن أين التتقوى كما قال علي العمل بالتنزيل والقناعة بالقليل .
هل قنعنا بالقليل؟هل قنعنا بالكثير حتى نقنع بالقليل؟ والإستعداد ليوم الرحيل الإستعداد للانتقال من هذه الحياة من منا قد استعد لهذا الإنتقال؟

التقوى هي
أن تستمر بتزيين سرك ومخبرك أكثر من اهتمامك بتزيين مظهرك ,نحن نهتن بتزيين بيوتنا ,نهتم بالجميل من ملابسنا نهتم بالسيارات الفارهة
التقوى أن نهتم بقلوبنا ,أن نهتم بدواخلنا أكثر من اهتمامنا بمظاهرنا

هذه هي التقوى.والله أعلم.

الوقفــــــــة الرابعــــــــــــة.

مع قوله تعالى (إن الله سميع عليم)

الله أكبر هذه السورة فيها آيات عظيمة

في ختام الآيات (إن الله سميع عليم).(والله غفور رحيم)(إن الله تواب رحيم)

الله أكبر .هل نعي معنى قوله تعالى (أن الله سميع عليم)
يسمع مانقول.ويعلم مانقول.
هل نحن إذا خلونا بأنفسنا وأردنا أن نرتكب المعصية تذكرنا أن الله يرانا فتراجعنا عن عملها أو عن عمل هذه المعصية

[mark=FFCCFF]إذا ماخلوت الدهر يوما فلا .تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
فلا تحسبن الله يغفل ساعةولا أن ماتخفي عليه يغيــــب[/mark]

نعم أخواتي الحبيبات.
النفس تدعوا إلى الطغيان فإذا خلوت بنفسك وخلوت بريبة الله الله الحذر من أن تقعي في معصية الله جل وعلا .

هذا مايهمنا وهذا مايجب علينا أن نستشعره في هذه الآيات العظيمة

[mark=FF3333]يامدمن الذنب أما تستحي والله في الخلوة ثانيكا
غرك من ربك إمهالهوستره طول مساويكـــــا[/mark]

الواحد منا إذا أغلقت على نفسها الباب قال: لإيراني أحد
نستحي من أن يرانا مخلوق في معصية أو ذنب ولانستحي من الخالق !!
وهو يرانا ويراقبنا.

[mark=CC33CC]وإذا خلوت بريبة في ظلمة.والنفس داعية إلى الطغيـــان
فاستحي من نظر الإله وقل لها.إن الذي خلق الظلام يراني[/mark]

هكذا تكون التقوى وهكذا تكون المراقبة .

وهكذا نفهم معنى قوله تعالى(إن الله سميع عليم)

يسمع أقوالنا .ويرى أفعالنا جل وعلا.

[img] [/img]


الوقفــــــــــة الخـــــــامسة

مع قوله تعالى(ياأيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون)

أتعلمون بمن نزلت هذه الآيه

أتعلمون بمن نزل قوله تعالى (أن تحبط أعمالكم وانتم لاتشعرون)

هل نزلت في المنافقين

لا والله نزلت في أبي بكر وعمر كما ورد في البخاري كاد الخيران أن يهلكا , ماذا فعل الخيران اللذان بشرهما رسول الله بالجنة

أبو بكر الصديق الذي جاهد مع رسول الله منذ فجر هذه الدعوة ,وعمر الفاروق ماذا فعلا
اتعلمون ماذا فعلا؟

جلسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاء وفد بني تميم ,فقال : احدهما: يارسول الله ول عليهم الأقرع بن حابس ,فقال الآخر: ول عليهم فلانا ,
فقال ابو بكر لعمر :ماأردت إلا خلافي_لأنه اقترح شخصاً آخر_
فقال له عمر والله ماأردت خلافك قال: لا ماأردت إلا خلافي, فارتفعت أصواتهما عند رسول الله

فنزل قوله تعالى(ياأيها الذين آمنوا لاترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي .)
ماذا نقول عن الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت الحق؟
ماذا نقول عن الذين يرفعون أصواتهم فوق قول النبي صلى الله عليه وسلم؟
ماذا نقول عن الذين يصفون شريعة المصطفى بالتأخر؟
لقد حبطت أعمالهم وهم يشعرون أو لايشعرون

دخل عمر بن الخطاب يوماً إلى المسجد بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فوجد رجلين قد رفعا أصواتهما .
فقال: من أين أنتما
قالا: من الطائفقال: لو كنتما من المدينة لأوجعتكما ضرباً اترفعان أصواتكما عند رسول الله !!
هذا بعــــــد وفــــــــاته.إنه أدب رفيــــــع.إنه ادب جــــــــــم

وهذا ثابت بن قيس لما نزلت هذه الآيه اعتكف في بيته وجلس يبكي ففقده رسول الله عليه الصلاة والسلام وأرسل له أحد الصحابة فجاء له الصحابي وقال: مابالك؟
قال: انا الذي حبط عملي انا الذي رفعت صوتي عند رسول الله .لماذا
لأن صوته كان قوياً خلقة وطبيعةً ومع ذلك خشي ان هذه الآيه نزلت فيه
فقال النبي عليه الصلاة والسلام (لا انت من أهل الجنــــــــة) بشره بالجنـــــــه

ما أحوجنا إلى الأدب الرفيع مع رسول الله
ماأحوجنا إلى الأدب الرفيع مع كتاب الله
ماأحوجنا إلى الأدب الرفيع مع علمائنا الذين ورثوا سنة المصطفى (العلماء ورثة الأنبياء)

أولئك الذين يرفعون أصواتهم على من يحمل ميراث النبوة
أولئك الذين يلمزون المؤمنين والمطوعين
أولئك الذين يقعون في اعراض العلماء
إنهم كما قال سماحة الشيخ محمد بن عثيمين_رحمه الله_ (إن كلامهم ليس للعلماء فقط ,وإنما هو لمز لميراث النبوة, ) ميراث النبوة وهو العلم الذي يحمله أولئك العلماء

ما أحوجنا إلى الأدب مع كتاب الله ومع سنة نبيه

هذه السورة جاءت لتنشئ جيلاً رفيعاً له أخـــــلاقه .وله آدابــــــــه.وله سمتـــــــــه.

هذه السورة جاءت لتنشئ عالماً له الأدب مع الله جل وعلا ومع رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

http://www.4zz.net/show.php?pic=57615
الوقفة الاخيرة
مع قوله تعالى (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)
أقف وقفة يسيرة مع قوله تعالى (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)

قلوبنا ممتحنة قلوبنا في امتحان مستمر

نحن نهتم كثيراً بأعمالنا الظاهرة والقليل منا من يهتم بخشوعه في الصلاة نحن نتفقد أحوالنا الظاهرة والقليل منا من يتفقد قلبه والله عز وجل يقول عن أبي بكر وعمر (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) أي : أخلصها فجعلها مكناناً للتقوى فقط

أن هذا القلب بصحته ومرضه بصلاحه وبفساده بشؤونه وشجونه أمر عجيب

أتعلمون ما هي الأمراض التي تعتري القلب هل نحن على معرفة بها !!

إنني آخذ لكم هذه الأمراض عمن خلق هذا القلب, فهو أعلم جل وعلا بالأمراض التي تعتريه
من الأمراض التي تعتري هذا القلب : الغفلة والعمى والزيغ والتقلب والقسوة واللهو والرياء والنفاق والحسد كلها تعتري القلب _والعياذ بالله_وأي مرض من هذه الأمراض الكثيرة يؤذي بالقلب حتى يقول العلماء :ثم تكون النهاية إذا أصابته هذه الأمراض الطبع والختم والموت ,وصفة هذا القلب أسود والعياذ بالله
إننا نتوقى مرض السكر ونحاول أن نتوقى مرض السرطان ومن فيه حساسية يتوقى هذه الأمراض فهل نحن نتوقى أمراض القلب؟

وهناك أيضاً حالات طيبة, حالات محمودة لهذا القلب

إن هذا القلب الصغير عالم عجيب والله تعتريه حالات طيبة فانظر أخيي هل هذه الحالات التي سأذكرها قد اعترت قلبك فاحمد الله على ذلك.

ما هي هذه الحالات ؟

السلامة والحياة والإيمان وصفته أبيض _جعل الله قلوبنا بيضاء_

أرأيتم كيف تكون أحوالنا
أعطيكم الآن ميزاناً طبياً وضعه ابن القيم_ رحمه الله_ حتى كل واحد منا يعرف هل قلبها سليم أم به مرض _عافانا الله وإياكم_

من علامات صحة القلب ونجاته مايلي.

أنه لايزال يضرب على صاحبه حتى يتوب وينيب إذا عمل معصية ,أنه لايفتر عن ذكر ربه ,ولا يسأم من عبادته , أنه إذا فاته ورده _الله أكبر_ اسمعوا لهذه العبارة أنه إذا فاته ورده وجد لفواته ألماً أشد مما فاته من ماله

ما رأيك يا ابن القيم إذا كان ليس لدينا أوراداً أصلاً ؟!!!!

ابن القيم يتكلم على أن قضية الورد أمر مسلم هل نحن لنا أوراد ثابتة ؟

ومن علاماته أنه يجد لذة في العبادة أكثر من لذة ما يجد من الطعام والشراب هل نحن نجد لذة العبادة
هذا عروة بن الزبير وقيل مصعب بن الزبير أصيبت رجله بالآكلة أي:السرطان_عافانا الله وإياكم_ فقالوا له لابد من قطع رجلك قال: اقطعوها .قالوا : لانستطيع أن نقطعها وأنت كذا اقل: ماذا تريدون؟ قالوا نريد أن نسقيك خمراً _للضرورة حتى يغشى عليه ويقطعون رجله_ قال: أعوذ بالله أو يغفل قلبي عن ذكر الله لا لا لا قال: إذا شرعت في الصلاة فافعلوا ماشئتم فلما كبر واتصل بالله جل وعلا قطعوا رجله ولم يتحركوعندما جاءوا بالزيت المغلي ليوقف الدم ووضعوه في القدم سقط مغشياً عليه.

ونحن والله لانتذكر أبسط الأمور إلا في الصلاة والله المستعان

يقول ابن القيم من علامات رسوب القلب في الامتحان:

أنه لا تؤلمه جراحات القبائح كما قال شيخ الإسلام يعمل القبيح لاتؤلمه فهذا قلبه مريض ومن من يسلم من هذه

ثانياً: أنه يجد لذة في المعصية وراحة بعد عملها
ثالثاً: أنه يقدم الأدنى على الأعلى,ويهتم بالتوافه على حساب معالي الأمور وشئون الأمة
رابعاً: أنه يكره الحق ويضيق صدره به
خامساً: الوحشة من الصالحين والأنس بالعصاة والمذنبين
سادساً: قبوله للشبهة وتأثره بها وحبه للجدل
سابعاً: الخوف من غير الله فيما يجب صرفه لله جل وعلا
وجود العشق في قلبه كما قال شيخ الإسلام
وأخيراً:أنه لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ولا يتأثر بموعظة_والعياذ بالله_

إذن قلوبنا تحتاج إلى علاج حتى نكون كما قال الله جل وعلا (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)

أتعلمون ماذا قال أبو بكر وعمر بعد نزول الآية الأولى!!
أصبح عمر لايسمع رسول الله حتى يستفهمه وأصبح أيضاً أبو بكر لا يحدث رسول الله إلا سراً
فلذلك نزلت البراءة لهما (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)
قلوبنا تمتحن يومياً فالله الله تذكروا حديث حذيفة (تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا.)

أسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .

منقوووووووووووووول

جزاك الله خير اختي ملاك على هذا التميز المستمر

ننتظر جديدك

تحيتي لك

الله يحيك ويبقيك

جـــــــــزاك الله خير على المجهود الطيب