لصقر

[align=center]حمدي السبتاني
الليل يهبط كسفينة انجليزية من العهد الاستعماري
يجلس في مكان ما من العالم
حتى إذا حان الوقت
أتى بعربة ثلجية ليغسل الشوارع والحانات
يتثاءب كجرو صغير
يدخل البيوت، المقاهي، ودور العبادة
ويخرج من ناصية رجل عجوز
إنه الليل
خوذة لمحارب قديم
لم يعرف الموت قط
وبضربة واحدة من سيف
تنفلق الأرض
اجلس في شرفة الدار
والنجوم تسيل مثل قافلة من الأرز
أملأ جيوبي بالكعك والحليب
وتصبح أنفي جافة وباردة كسلك معدني
بعدها
تتساقط عيون حبيبتي مثل ندف حريرية
ويلمع القمر في خاصرة رجل وثني
الليل قادم من الجهات الأربع
لا الدروب
ولا الأصابع تستطيع أن توقفه
النوافذ ترقب مجيئه بشهوة آسنة
وانتظر بائع الخمر الذي سيناولني قارورة واحدة لا أكثر
في الطريق المؤدي
في الزقاق المهجور
وفي كل مكان يمكن أن ألقى فيه حتفي
الليل قاتل مأجور
عجوز يخبئ أطفاله من اللصوص و اللوطة
يلقي بعصاه بين السماء والأرض
وأتلقف المعجزة
أظنه ذبابة ذلك السكون القادم من أغنية همجية
(النار والطبول والرقصات)
وأنا أفكر بامرأة مالطية
تُجَهِزُنِي كما تجهز الأضحية
ثم تذبحني بخلخالها الأحمر
أحبك أيها النذل الحكيم
واستمع لنصائحك:
القلب تفاحة وأنا سحابة طائرة
القمر قرنفلة: وأنا يرقة
نتبادل المذكرات والأيدي
ويقف شامخاً في دمي كالمنجل
الليل طلقة
الليل نجمة
أغلق النافذة واقرأ:
"الليل أسطورة بابلية أغرقها الطوفان".
[/align]

gdg Harv