الملاحظات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: قصة موت معلن

بينما حظي اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو بتغطية شاملة في التلفزيونات العالمية مثل الـ«سي إن إن» والـ«بي بي سي»، على مدار الأربع والعشرين ساعة، منذ اليوم الأول

  1. #1 Post قصة موت معلن 
    المشاركات
    46
    أعلن, موت, قصة

    بينما حظي اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو بتغطية شاملة في التلفزيونات العالمية مثل الـ«سي إن إن» والـ«بي بي سي»، على مدار الأربع والعشرين ساعة، منذ اليوم الأول وحتى دفنها، فإن بعض فضائيات الموت في العالم الإسلامي لم تغط الحدث إلا خبرا.


    ربما لأن قصة اغتيال بوتو في العالم الإسلامي هي قصة موت معروفة التفاصيل قبل حدوثها، لذا ظنت هذه القنوات أنها غطتها من قبل ولا داعي لتغطيتها مرة أخرى. واحدة من قنوات الموت عندنا بحثت في أرشيف وثائقها وبثت لنا برامج معادة ومقابلات مملة عن أحداث أخرى كثيرة حدثت منذ سنوات في أماكن مختلفة من العالم، وكأنها تحاول كل جهدها أن تتجنب تغطية موت بوتو. السؤال المثير: لماذا؟ ولا أجد إجابة، سوى أن موت بوتو جاء كصفحات من رواية العبقري اللاتيني غبرييل غارثيا ماركيز الشهيرة «قصة موت معلن».

    أحداث الرواية، باختصار، تدور حول خطة أخوين لقتل رجل دنس شرف اختهما. القرية كلها كانت تعلم بالمخطط، ونفذت الجريمة في يوم الاثنين وحسب الموعد في الساعة السابعة تماما، ولم يقم أحد بإيقاف القاتلين. رغم أن الأخوين باحا بمخططهما لمعظم أبناء القرية، وكأنهما يبحثان عمن يوقفهما، لكن أحدا لم يفعل. وهكذا كانت جريمة اغتيال بوتو وما سبقها أو ما سيلحقها من اغتيالات في العالم الإسلامي. إنها قصص لموت معلن، يصمت فيه السواد الأعظم في تواطؤ غير معلن مع المجرمين حول موت معروفة تفاصيله وساعة وقوعه. ربما هذا هو السبب الذي جعل بعض قنواتنا الفضائية غير متحمسة لموت بوتو، بينما فاجأ الحدث قنوات الغرب. كان الموت معروفا ومعلنا عندنا، لم يكن خبرا. أما في الغرب فكان موت بوتو حدثا جسيما استلزم تغطية شاملة على مدار الساعة.

    اغتيال بي نظير بوتو ليس مستغربا، إنها قصة موت معلن. كلنا يعرف من سيموت ومن عليه الدور. لم يعد الموت العادي يحركنا، بتنا نحتاج إلى مزيد من البشاعة في القتل. ارتفع سقف الإثارة عند مجانين العنف، فأصبح أي حدث أقل من جحيم الحادي عشر من سبتمبر مجرد حدث عادي. غدا العنف في عالمنا أمرا طبيعيا، وأصبح في ثقافتنا اليوم مقبولا أن تطرح محطة إعلامية استفتاء على مشاهديها يدور حول هل يؤيد المشارك هجمات «القاعدة» الأخيرة في الجزائر؟ وأن تأتي نتيجة الاستفتاء صادمة أكثر من السؤال القبيح ذاته. فمن بين عدد المصوتين الذي بلغ 30010، صوت 16402 بأنهم مؤيدون لهجمات «القاعدة» في الجزائر أي بنسبة 54.7% من إجمالي المصوتين، بينما بلغ عدد المصوتين الذين رفضوا الهجمات 13609 أي بنسبة 45.3% من عدد المصوتين الكلي! في هذا السياق المجنون، يصبح الاغتيال والقتل والتفجير وزهق أرواح البشر، كلها أعمالا مبررة ولا تستوجب منا الاستنكار أو التعجب.

    بالطبع، انتشت «القاعدة» لهذا الاستفتاء ونتيجته اللذين يعدان نصرا لها. المؤشر هنا واضح. جمهور قناة تدعي أن مشاهديها أكثر من ثلاثين مليونا، أزيد من نصفهم يؤيدون «القاعدة». «القاعدة» إذن هي الرأي العام، ونقادها هم المتطرفون. لهذا نشر تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» نسخة من نتيجة الاستفتاء في موقعه الإلكتروني، كما جاءت في الموقع الإلكتروني الأصلي للمحطة الإعلامية. هذه أمور تجاوزت الحد الإنساني المقبول وليس الإعلامي المهني فقط، أتمنى أن يتعرض لها من يسمون أنفسهم بالكتاب الإسلاميين.

    اتجاه التحقيقات في باكستان بدأ يشير بأصابع الاتهام إلى كل من «القاعدة» وطالبان والمدارس الدينية التي تفرخ التطرف، وبهذا يصبح من السهل جدا في هذه الحالات أن نقع في مطب لوم الإسلام في اغتيال بوتو. وهنا لا بد من توضيح أمرين: أولهما، أن الإسلام لا علاقة له بالتخلف والقتل. إننا أمام بلدان متخلفة حدث أن معظم سكانها من المسلمين. ولو صادف واعتنق هؤلاء المتخلفون أي ديانة سماوية غير الإسلام أو غير سماوية لانطبعت أعمالهم أيضا بطابع التخلف. وثانيا، هو أن هناك مشكلة حقيقية لمن لا يتقنون اللغة العربية في فهم جوهر الدين. القرآن في المقام الأول هو معجزة لغوية، فكيف يفهم تلك الدلالات المركبة من لا يعرف تلك اللغة. نحن أبناء اللغة نحار في كثير من الأحيان في الدلالات والتفسيرات، فما بالك بمن هم لا يتحدثون العربية. تفسير هؤلاء للنص القرآني يكون أشبه بتفسير العوام عندنا لشكسبير. بالطبع هناك ترجمات جيدة وهناك علماء دين في تلك البلاد، ولكني أتحدث هنا عن المجموع الأكبر الذي يتصف بالجهل وربما بالأمية. مشكلة جنوب آسيا هي ذلك المستغرب من تفسيرات الدين وهي مشكلة تحتاج إلى حوار، بلا شك.

    باكستان لولا بوتو وأمثالها من المتنورين لتحولت إلى طالبان غدا. وينطبق هذا على كثير من المجتمعات الإسلامية، فلولا أقلية مختلفة من أبناء هذه المجتمعات لتحولت تلك الدول إلى إمارات طالبانية. لذا يجب علينا أن نقدر الثمن الذي تدفعه هذه الأقليات التي تقف حائلا بشريا بيننا وبين «طلبنة» مجتمعاتنا. ولا أقصد هنا الأقليات العرقية أو الدينية، وإنما كل ذي فكر متنور جريء في عالم تسوده مؤامرة الصمت حول الموت المعلن. وجود هذه الأصوات، وهذه الشجاعة، هو الحائل الوحيد بين قبول الموت المعلن كقدر، وبين قدرة المجتمعات على رفضها أن تذبح كالخراف وسط تهليل إعلام التخلف وأضواء الشاشات المبهرة التي تمجد القتلة.

    قتلة بي نظير بوتو مثل قتلة أنور السادات جاءوا كنتاج لسياسات فاشلة، خصوصا على تخوم الثقافات المغايرة. في باكستان، كما في العالم العربي، هناك صراع مع الدولة المجاورة الهند، وهي عدو مغاير في الدين وفي العرق ودولة أكثر قوة تجاور باكستان في الحدود السياسية والثقافية. وعندما تكون الدولة غير قادرة على مجابهة القوة الحديثة بمثلها، الهند في حالة باكستان، وإسرائيل في حالة العرب، ينتج هذا الصراع مع الجوار المختلف والمتفوق ما يسمى بقوى المقاومة التي حاربت في كشمير وادعت أنها تقاوم في العالم العربي، وفي كلتا الحالتين، أنتجت هذه المقاومات قوى التطرف. مقاتلو كشمير هم من أصبحوا نواة طالبان وجماعة عسكر طيبة، والمقاومة والجهاد هما اللذان أنتجا قتلة السادات. رجال كما الأسلحة الفاسدة تضرب للخلف لا للأمام، تصيب الأهل ولا تصيب الأعداء. الفارق بين مصر السادات وباكستان بوتو، هو قوة الدولة التي قبضت على المتهمين في مصر، بينما حتى هذه اللحظة لم يتم التحفظ على أحد في باكستان.

    أنا لست ضد روح المقاومة. المقولة الجوهرية التي أريد أن أؤكد عليها وهي تحتاج إلى نقاش موسع، هي أن حصاد السياسات الفاشلة تجاه اختلال القوة بين الهند وباكستان واختلال القوة بين العرب وإسرائيل، سينتج المئات من أمثال قتلة بوتو في باكستان وفي العالم العربي.

    اغتيال بي نظير بوتو، ودونما رثاء، وبكثير من الواقعية، هو بداية انفراط العقد في باكستان. فما هو قادم قد يكون اغتيال برويز مشرف على طريقة اغتيال السادات، لأنه خلق الحالة الطالبانية، ثم انقلب عليها من أجل حماية وطن يمتلك قنبلة نووية. اغتيال نواز شريف وارد أيضا لقربه من الإسلاميين المتطلعين للحكم. هذه قصص موت معلن نعرفها. وفي أجواء القتل والثأر للقتل، وباكستان مثال صارخ على ذلك، ليس مستغربا أن تنهار المنظومة برمتها في يوم وليلة.

    عالمنا أصبح معظمه عناوين لروايات ماركيز، فهناك بلدان عنوانها «مائة عام من العزلة»، وبلدان عنوانها «الحب في زمن الكوليرا»، وبلدان بعنوان «الجنرال في متاهة»، والبقية تحت عنوان «لا أحد يموت سعيدا».

    *نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية

    rwm l,j lugk







    رد مع اقتباس  

  2. #2  
    ـآلــثــُـرٍيــّــآ غير متواجد حالياً : حروفـ صامتهـ :
    المشاركات
    4,034
    لا حول ولا قوه الا بالله


    اسمح لي بنقل الخبر لقسم نبض الشارع لانه الانسب من قسم ثنائيه الجسد والروح

    تقبل مروري






    رد مع اقتباس  

  3. #3  
    //

    لاحول ولاقوه الا بالله





    رد مع اقتباس  

  4. #4  
    المشاركات
    12,791
    لاحول ولاقوه الا بالله








    رد مع اقتباس  

  5. #5  




    يسلموووووووووووووووووووووووووووو

    على الموووووووووووووووووووضوووووووووووووووووووووع

    وما اقـــــــــــــــــــــــول

    ألا الله لا يحرمنا تواجدكم ومن مشاركاتكم الرائعة





    `v´
    ( `•.¸
    `•.¸ )
    ¸.•´
    ( `•.¸
    `•.¸ )
    ¸.• )´
    (.•´
    ×´¨) (¨`×
    ¸.•´¸.•´¨) (¨`•.¸`•.¸
    (¸.•´ ( * * ) `•.¸)
    (¨`•.¸`•.¸ هووواوووي ¸.•´¸.•´¨)
    (¸.•´` ´`•.¸)
    (¨`•.¸`•.¸ ¸.•´¸.•´¨)
    (¸.•´`v´`•.¸)






    رد مع اقتباس  

المواضيع المتشابهه

  1. شاب سوداني أعلن أسلامة* اتحداك أن لاتدمع .
    بواسطة جنون أنثى في المنتدى تحميل و استماع اناشيد و صوتيات الاسلامية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 16-Feb-2009, 05:18 PM
  2. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 28-Dec-2006, 04:31 PM
  3. أعلن توبته الامير . ( السامر ) . مع بعض الصور
    بواسطة نـايف التميمـي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 24-May-2006, 11:31 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •