أوراق, مقدسة, تحترق

[frame="3 80"]إن كاثلين فتاة رشيقة تستحق مني كل إحترام. رأسي مُنهك بحرائق من أفكار لا يطفئها إلا فنجان القهوة المُرّة الذي إعتدتُ على احتسائه في مثل هذه الساعة من كل يوم.

حملتُ الفنجان و إذا بالقهوة طعمها كطعم الحديد الصدإ، بل شبيه بطعم الحنظل. تجرّعتها على مضض حتى آخر قطرة و شعرتُ بحاجة إلى التقيئ. مهلا، متى حدث ذلك؟

كان ذلك قبل أسبوع من تمزيق كافة أوراقي المقدسة التي إحتفظتُ بها طيلة حياتي. فبينما أنا جالس أنفثُ دخان سيجاري و سارح في الخيال، دعتني كاثلين لمشاركتها بفنجان قهوتها المسائية، قالت إنها قهوتها الأفضل على الإطلاق. شرحتُ لها موقفي من القهوة و أخبرتها بأنني لا أطيقها و أن رائحتها تتسبب لي بصداع في رأسي. ظنّت بأنني أمازحها، و لكنني أكدتُ لها بأن القهوة تضرّني نفسيا أكثر مما تتصور.

شربنا القهوة. إلتقت عينا كاثلين بعناي فتبسّمتُ لها، قالت "إنها لذيذة، أليس كذلك؟" كان طعمها كالحديد الصدإ; طعمها كطعم الحنظل، و تجرّعتها رغما عنّي حتى آخر قطرة. و راحت تحدثني عن طموحاتها و أحلامها المستقبليّة. تبادر إلى ذهني أثناء الحديث قطة جارتي; قطة شقراء جميلة، تألفُ الصاحب و الغريب و تنام النهار كله. قالت إن المرأة بحاجة إلى ثورة تدافع فيها عن حقوقها المهضومة و أن لندن ساقطة و أن شيكسبير كان وهما و أن الحرية الشخصية مطلبان نحتاجهما كالأوكسجين.

- إنني في الواقع أتحفظ على بعض ما تقولين.
- إنني معجبة بأفكارك.

عند إنتصاف الليل كنا قد ثملنا من شرب القهوة و قالت كاثلين "ما بك ساكتٌ منذ بدأنا الكلام؟"

تذكرتُ تلك الحادثة بعد عام. ذهبتُ إلى غرفتي و فتحتُ جارورا مقدّسا و سحبتُ ما فيه من أوراق و صور، و أحرقتها، و ترامى إلى مسمعي صوت كاثلين تصرخ و تبكي. لطالما تجرعتُ القهوة بنكهة الحنظل. الآن فهمتُ كل شيء.

اليوم يصادف مرور سبعة أيام على تطليقي للقهوة، و لأشياء كثيرة أخرى .
ترى ماذا حل بأحلام كاثلين المستقبلية؟
[/frame]

H,vhr lr]sm jpjvr