الملاحظات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: الأربعين حديث النووية

الأربعين حديثا النووية للحافظ محيي الدين النووي ومعها مع زيادة الحافظ ابن رجب الحنبلي بسم الله الرحمن الرحيم الحديث الأول عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن

  1. #1 الأربعين حديث النووية 
    المشاركات
    246
    الأربعين, النووية, حديث

    [CENTER][SIZE=+0]
    [font="lucida console"][color="blue"]

    الأربعين حديثا النووية
    للحافظ محيي الدين النووي

    ومعها
    مع زيادة الحافظ ابن رجب الحنبلي




    بسم الله الرحمن الرحيم



    الحديث الأول
    عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).

    رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي ، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله عنهما في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.



    الحديث الثاني
    عن عمر رضي الله عنه أيضا ، قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا احد ، حتى جلس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال: "يا محمد أخبرني عن الإسلام" ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمالأربعين حديث النووية frown.gifالإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) ، قال: "صدقت" ، فعجبنا له ، يسأله ويصدقه؟ ، قال: "فأخبرني عن الإيمان" ، قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) ، قال: "صدقت" ، قال: "فأخبرني عن الإحسان" ، قال: (أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ، قال: "فأخبرني عن الساعة" ، قال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) ، قال: "فأخبرني عن أماراتها" ، قال: (أن تلد الأم ربتها ، وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) ، ثم انطلق ، فلبثت مليا ، ثم قال: (يا عمر أتدري من السائل؟) ، قلت: "الله ورسوله أعلم" ، قال: (فإنه جبريل ، أتاكم يعلمكم دينكم).

    رواه مسلم.



    الحديث الثالث
    عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولالأربعين حديث النووية frown.gifبني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان).

    رواه البخاري ومسلم.



    الحديث الرابع
    عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقه مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح , ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أم سعيد . فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة) رواه البخاري ومسلم


    الحديث رقم :1







    عن أُمِّ المُؤمِنينَ أُمِّ عَبْدِ الله عائِشَةَ رَضي اللهُ عنها قالَتْ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا هذا ما لَيْسَ منهُ فَهُوَ رَدّ%u


    الحديث رقم 7



    عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ : سمعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إن الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثيِرٌ مِنَ الناسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشَّبُهاتِ وَقَعَ في الْحَرَامِ، كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِك أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً أَلا وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُه، أَلا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحً الْجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْب" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.



    مفردات الحديث:

    " بَيِّن ": ظاهر .

    " مُشْتَبِهَات ": جمع مشتبه، وهو المشكل؛ لما فيه من عدم الوضوح في الحلال والحرمة.

    " لا يَعْلَمُهُنَّ ": لا يعلم حكمها.

    " اتَّقَى الشُّبُهَاتِ ":ابتعد عنها، وجعل بينه وبين كل شبهة أو مشكلة وقاية.

    " اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ": طلب البراءة أو حصل عليها لعرضه من الطعن ولدينه من النقص، وأشار بذلك إلى ما يتعلق بالناس وما يتعلق بالله عز وجل.

    " الْحِمَى": المحمي، وهو المحظور على غير مالكه.

    " أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ": أن تأكل منه ماشيته وتقيم فيه.

    " مضغة ": قطعة من اللحم قدر ما يُمضغ في الفم.

    المعنى العام :

    الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات: معناه أن الأشياء ثلاثة أقسام : حلال واضح، لا يخفى حله، كأكل الخبز، والكلام، والمشي، وغير ذلك وحرام واضح؛ كالخمر والزنا، ونحوهما وأما المشتبهات: فمعناه أنها ليست بواضحة الحل والحرمة، ولهذا لا يعرفها كثير من الناس، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد، فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي.

    ومن الورع ترك الشبهات مثل عدم معاملة إنسان في ماله شبهة أو خالط ماله الربا، أو الإكثار من مباحات تركها أولى .

    أما ما يصل إلى درجة الوسوسة من تحريم الأمر البعيد فليس من المشتبهات المطلوب تركها، ومثال ذلك: ترك النكاح من نساء في بلد كبير خوفاً من أن يكون له فيها محرم، وترك استعمال ماء في فلاة، لجواز تنجسه فهذا ليس بورع، بل وسوسة شيطانية.

    وقال الحسن البصري: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام.

    وروى عن ابن عمر أنه قال: إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها.

    لكل ملك حمى، وإن حمى الله في أرضه محارمه : الغرض من ذكر هذا المثل هو التنبيه بالشاهد على الغائب وبالمحسوس على المجرد، فإن ملوك العرب كانت تحمي مراعي لمواشيها وتتوعد من يقربها، والخائف من عقوبة الملك يبتعد بماشيته خوف الوقوع، وغير الخائف يتقرب منها ويرعى في جوارها وجوانبها، فلا يلبث أن يقع فيها من غير اختياره، فيعاقب على ذلك.

    ولله سبحانه في أرضه حمى، وهي المعاصي والمحرمات، فمن ارتكب منها شيئاً استحق عقاب الله في الدنيا والآخرة، ومن اقترب منها بالدخول في الشبهات يوشك أن يقع في المحرمات.

    صلاح القلب: يتوقف صلاح الجسد على صلاح القلب؛ لأنه أهم عضو في جسم الإنسان، وهذا لا خلاف فيه من الناحية التشريحية والطبية، ومن المُسَلَّم به أن القلب هو مصدر الحياة المشاهدة للإنسان، وطالما هو سليم يضخ الدم بانتظام إلى جميع أعضاء الجسم، فالإنسان بخير وعافية.

    والمراد من الحديث صلاح القلب المعنوي، والمقصود منه صلاح النفس من داخلها حيث لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى، وهي السريرة.

    صلاح القلب في ستة أشياء قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السَّحَر، ومجالسة الصالحين. وأكل الحلال .

    والقلب السليم هو عنوان الفوز عند الله عز وجل، قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89].

    ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح الجوارح، فإذا كان القلب صالحاً ليس فيه إلا إرادة ما يريده الله، لم تنبعث الجوارح إلا فيما يريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه وكفت عما يكره، وعما يخشى أن يكون مما يكرهه وإن لم يتيقن ذلك.

    يفيد الحديث : الحث على فعل الحلال، واجتناب الحرام، وترك الشبهات، والاحتياط للدين والعرض، وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء الظن والوقوع في المحظور.

    الدعوة إلى إصلاح القوة العاقلة، وإصلاح النفس من داخلها وهو إصلاح القلب.

    سد الذرائع إلى المحرمات، وتحريم الوسائل إليها.

    والله اعلم


    الحديث رقم7


    عن أبي رُقَيَّةَ تَمِيمِ بنِ أوْسٍ الدَّارِيِّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"الدِّينُ النَّصِيحَةُ". قُلْنَا: لِمَنْ ؟ قالَ: "للهِ، ولِكِتَابِهِ، ولِرَسُولِهِ، ولِلأَئِمةِ المُسْلِمِينَ، وعامَّتِهِمْ" رواه مسلم.

    أهمية الحديث:

    هذا الحديث من جوامع الكَلِم التي اختص الله بها رسولنا صلى الله عليه وسلم، فهو عبارة عن كلمات موجزة اشتملت على معانٍ كثيرة وفوائد جليلة، حتى إننا نجد سائر السنن وأحكام الشريعة أصولاً وفروعاً داخلةً تحته، ولذا قال العلماء: هذا الحديث عليه مدار الإسلام.

    مفردات الحديثَ:

    المراد بالدين هنا: الإسلام والإيمان والإحسان .

    "النصيحة":كلمة يعبَّر بها عن إرادة الخير للمنصوح له.

    "أئمة المسلمين": حُكَّامهم.

    "عامتهم": سائر المسلمين غير الحكام.

    المعنى العام:

    1- النصيحة لله: وتكون بالإيمان بالله تعالى، ونفي الشريك عنه، وترك الإلحاد في صفاته، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها، وتنزيهه سبحانه وتعالى عن جميع النقائص، والإخلاص في عبادته، والقيام بطاعته وتَجَنُّب معصيته، والحب والبغض فيه، وموالاة من أطاعه، ومعاداة من عصاه. والتزام المسلم لهذا في أقواله وأفعاله يعود بالنفع عليه في الدنيا والآخرة، لأنه سبحانه وتعالى غني عن نصح الناصحين.

    2- النصيحة لكتاب الله: وتكون بالإيمان بالكتب السماوية المنزَّلة كلها من عند الله تعالى، والإيمان بأن هذا القرآن خاتم لها وشاهد عليها.

    وتكون نصيحة المسلم لكتاب ربه عز وجل:

    أ- بقراءته وحفظه، لأن في قراءته طهارةً للنفس وزيادة للتقوى. روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه". وأما حفظ كتاب الله تعالى في الصدور، ففيه إعمار القلوب بنور خاص من عند الله.

    روى أبو داود والترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْتَقِ، ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".

    ب- بترتيله وتحسين الصوت بقراءته.

    ج- بتدبر معانيه، وتفهُّم آياته.

    د- بتعليمه للأجيال المسلمة، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "خيرُكم من تعلم القرآن وعلّمه".

    هـ- بالتفقه والعمل، فلا خير في قراءة لا فقه فيها، ولا خير في فقه لا عمل به.

    3- النصيحة لرسول الله: وتكون بتصديق رسالته والإيمان بجميع ما جاء من قرآن وسنة، كما تكون بمحبته وطاعته {قلْ إنْ كُنتم تُحِبُّونَ الله فاتَّبعُوني يُحببْكُم اللهُ} [آل عمران: 31] {مَنْ يُطعِ الرسولَ فقد أطاعَ اللهَ} [النساء:80]. والنصح لرسول الله بعد موته، يقتضي من المسلمين أن يقرؤوا سيرته في بيوتهم، وأن يتخلقوا بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ويتأدبوا بآدابه، ويلتزموا سنته بالقول والعمل، وأن ينفوا عنها تُهَمَ الأعداء والمغرضين.

    4- النصيحة لأئمة المسلمين: وأئمة المسلمين إما أن يكونوا الحكام أو من ينوب عنهم، وإما أن يكونوا العلماء والمصلحين.

    فأما حكام المسلمين فيجب أن يكونوا من المسلمين، حتى تجب طاعتهم، قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، ونصيحتنا لهم أن نحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم، لا أن نحبهم لأشخاصهم، ونصيحتنا لهم أن نعينهم على الحق ونطيعهم فيه ونُذَكِّرهم به، وننبههم برفقٍ وحكمةٍ ولُطف، فإنه لا خير في أمة لا تنصح لحاكمها، ولا تقول للظالم: أنت ظالم، ولا خير في حاكم يستذل شعبه ويكمُّ أفواه الناصحين، ويصمُّ أذنيه عن سماع كلمة الحق.

    وأما العلماء المصلحون، فإن مسؤوليتهم في النصح لكتاب الله وسنة رسوله كبيرة، وتقتضي رد الأهواء المضلة، ومسؤوليتهم في نصح الحكام ودعوتهم إلى الحكم بكتاب الله وسنة رسوله أكبر وأعظم، وسيحاسبهم الله إن هم أغرَوا الحاكم بالتمادي في ظلمه وغيه بمديحهم الكاذب، وجعلوا من أنفسهم أبواقاً للحكام ومطية لهم، ونصحنا لهم أن نذكرهم بهذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

    5- النصيحة لعامة المسلمين: وذلك بإرشادهم لمصالحهم في أمر آخرتهم ودنياهم، ومما يؤسف له أن المسلمين قد تهاونوا في القيام بحق نصح بعضهم بعضاً وخاصة فيما يقدمونه لآخرتهم، وقَصَرُوا جل اهتماماتهم على مصالح الدنيا وزخارفها ويجب أن لا تقتصر النصيحة على القول، بل يجب أن تتعدى ذلك إلى العمل.

    6- أعظم أنواع النصيحة: ومن أعظم أنواع النصح بين المسلمين : أن ينصح لمن استشاره في أمره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له"، ومن أعظم أنواعه أن ينصح أخاه في غيبته، وذلك بنصرته والدفاع عنه، لأن النصح في الغيب يدل على صدق الناصح، قال صلى الله عليه وسلم: "إن من حق المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب".

    وقال الفُضَيْل بن عِيَاض: ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنُّصْح للأمة.

    أدب النصيحة: وإن من أدب النصح في الإسلام أن ينصح المسلم أخاه المسلم ويعظه سراً، وقال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يَهْتِك ويُعَيِّر.

    يستفاد من الحديث:

    - أن النصيحة دِينٌ وإسلام، وأن الدِّين يقع على العمل كما يقع على القول.

    - النصيحة فرض كفاية، يجزى فيه مَن قام به ويسقط عن الباقين.

    - النصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يُقْبَلُ نُصْحُه، ويُطاع أمره، وأَمِنَ على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذىً فهو في سَعَة.



    الحديث رقم 8

    عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رسُوَل الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرْت أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ محمداً رسوُل اللهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاَةَ، ويُؤتُوا الزَّكاةَ، فإذا فَعَلوا ذَلِكَ عَصَموا منِّي دِماءَهُمْ وأمْوَالَهُمْ إلا بِحَقِّ الإِسْلامِ، وحِسابُهُم على اللهِ تعالى". رواه البخاري ومسلم.

    أهمية الحديث:

    هذا الحديث عظيم جداً لاشتماله على المهمات من قواعد دين الإِسلام وهي: الشهادة مع التصديق الجازم بأنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة على الوجه المأمور به، ودفع الزكاة إلى مستحقيها.

    مفردات الحديث:

    "أُمرت": أمرني الله تعالى.

    "الناس": هم عبدة الأوثان والمشركون.

    "يقيموا الصلاة": يأتوا بها على الوجه المأمور به، أو يداوموا عليها.

    "يؤتوا الزكاة": يدفعوها إلى مستحقيها.

    "عصموا": حَفِظُوا ومنعوا.

    "وحسابهم على الله": حساب بواطنهم وصدق قلوبهم على الله تعالى، لأنه سبحانه هو المطلع على ما فيها.

    المعنى العام:

    هل الاقتصار على النطق بالشهادتين كافٍ لعصمة النفس والمال؟

    من الثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَقبل مِن كل مَن جاءه يُريد الإِسلام الشهادتين فقط، وَيْعصِم دمه بذلك ويجعله مسلماً.

    ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها، وحسابه على الله عز وجل"، وفي رواية لمسلم: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئتُ به".

    فإن مجرد النطق بالشهادتينَ يْعصِم الإنسان ويصبح مسلماً، فإن أقام الصلاة وآتى الزكاة بعد إسلامه، فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم.

    وحكم من ترك جميعَ أركان الإسلام إذا كانوا جماعة ولهم قوة، أن يُقَاتَلوا عليها، كما يُقَاتَلون على ترك الصلاة والزكاة.

    الإيمان المطلوب: وفي الحديث دلالة ظاهرة، أن الإيمان المطلوب هو التصديق الجازم، والاعتقاد بأركان الإسلام من غير تردد، وأما معرفة أدلة المتكلمين والتوصل إلى الإيمان بالله بها، فهي غير واجبة، وليست شرطاً في صحة الإيمان، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه هذا، وفي غيره من الأحاديث،يكتفي بالتصديق بما جاء به، ولم يشترط معرفة الدليل.

    "إلا بحقها": من هذا الحق إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، ومن العلماء من استنبط منه فعل الصيام، ومن حقها أن يُقْتَل المسلم إذا ارتكب محرَّماً يُوجب القتل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث : الثَّيِّبُ الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لِدِينِهِ المفارق للجماعة".

    "وحسابهم على الله" : فالله سبحانه وتعالى يعلم السرائر ويحاسب عليها، فإن كان مؤمناً صادقاً أدخله الجنة، وإن كان كاذباً مرائياً بإسلامه فإنه منافق في الدَّرْكِ الأسفل من النار. أما في الدنيا فإن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم التذكير، وفي البخاري ومسلم قال صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد: "إني لم أؤمر أن أُنَقِّب عن قلوب الناس، ولا أَشُقّ بطونهم".

    - ويرشدنا الحديث إلى وجوب قتال عبدة الأوثان حتى يُسْلِموا.

    - دماء المسلمين وأموالهم مصونة إلا عند مخالفة الشرع.


    الحديث رقم 9
    عن أبي هُرَيْرةَ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ رضي الله عنه قال : سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ما نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجتَنبوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فإنَّما أَهْلَكَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ واخْتلاُفُهُمْ على أَنْبِيَائِهِمْ" رَواهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ.

    أهمية الحديث إن هذا الحديث ذو أهمية بالغة وفوائد جلى، تجعله جديراً بالحفظ والبحث: وهو من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكَلِم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام. وهو حديث عظيم من قواعد الدين وأركان الإسلام، فينبغي حفظه والاعتناء به. سبب الورود: سبب ورود هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجّوا". فقال رجل : أَكُلَّ عام يا رسول الله ؟. فسكت، حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لو قلتُ نعم لوجبت، ولما استطعتم". ثم قال: "ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه". وورد أن السائل هو الأقرع بن حابس رضي الله عنه. مفردات الحديث: "نهيتكم عنه": طلبت منكم الكَفَّ عن فعله، والنهي: المَنْع. "فاجتنبوه": أي اتركوه. "فأتوا": فافعلوا. "ما استطعتم": ما قدرتم عليه وتيسر لكم فعله دون كبير مشقة. "أهلك": صار سبب الهلاك. "كثرة مسائلهم": أسئلتهم الكثيرة، لا سيما فيما لا حاجة إليه ولا ضرورة. المعنى العام: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه": لقد ورد النهي في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعان عدة، والمراد به هنا التحريم والكراهة: · نهي التحريم: من أمثلة ذلك: النهي عن الزنا وشرب الخمر وأكل الربا والسرقة وقتل النفس بغير حق


    الحديث رقم 10



    عن أبي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عنه قال: قاَل رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : "إنَ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طَيِّباً، وإنَّ الله أَمَرَ المُؤمِنينَ بِمَا أَمَرَ به المُرْسَلينَ فقال تعالى: {يا أَيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيَّباتِ واعمَلُوا صالحاً} [المؤمنون: 51] وقال تعالى: {يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ} [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُل يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ يا رَبُّ يا رَبُّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْربُهُ حَرَامٌ، وغُذِّيَ بالحَرَامِ، فأَنَّى يُسْتَجَابُ لهُ". رَوَاهُ مُسْلمٌ.

    أهمية الحديث:

    هذا الحديث من الأحاديث التي عليها قواعد الإسلام ومباني الأحكام، وعليه العمدة في تناول الحلال وتجنب الحرام، وما أعمَّ نفعه وأعظمه في إيجاد المجتمع المؤمن الذي يحبُّ فيه الفرد لأخيه ما يحب لنفسه، يكره لأخيه ما يكره لنفسه، ويقف عند حدود الشرع مكتفياً بالحلال المبارك الطيب، فيحيا هو وغيره في طمأنينة ورخاء.

    مفردات الحديث:

    "إن الله طيب": أي طاهر منزه عن النقائص.

    "لا يقبل إلا طيباً": لا يقبل من الأعمال والأموال إلا ما كان خالصاً من المفسدة، أو حلالاً.

    "أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين": سوَّى بينهم في الخطاب بوجوب أكل الحلال.

    "أشعث": جَعْد شعر الرأس لعدم تمشيطه.

    "أغبر": غَيَّر الغبار لون شعره لطول سفره في الطاعات كحج وجهاد.

    "يمد يديه إلى السماء": يرفع يديه إلى السماء داعياً وسائلاً الله تعالى.

    "فأنى يُستجاب له": كيف ومن أين يُستجاب لمن كانت هذه صفته.

    المعنى العام:

    1- الطيب المقبول: يشمل الأعمال والأموال والأقوال والاعتقادات:

    فهو سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلها كالرياء والعجب.

    ولا يقبل من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً.

    ولا يصعد إليه من الكلام إلا ما كان طيباً، قال الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].

    والمؤمن كله طيب قلبه ولسانه وجسده بما يسكن في قلبه من الإيمان، وظهر على لسانه من الذكر، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان.

    كيف يكون العمل مقبولاً طيباً: إن من أعظم ما يجعل عمل المؤمن طيباً مقبولاً طِيْبُ مَطْعَمِه وحِلّهِ، وفي الحديث دليل على أن العمل لا يُقبل إلا بأكل الحلال، وأن الحرام يُفسد العمل ويمنع قَبوله.

    وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال الله تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} وقال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} . ومعنى هذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح.

    "لا يقبل إلا طيباً" فالمقصود هنا نفي الكمال المستوجب للأجر والثواب في هذه الأعمال، مع أنها مقبولة من حيث سقوط الفرض بها من الذمة.

    كيف يخرج المسلم من الحرام: يتخلص المسلم من المال الحرام بعد العجز عن معرفة صاحبه أو العثور عليه بالتصدق به، والأجر لمالكه.

    أسباب إجابة الدعاء:

    إطالة السفر: ومجرد السفر يقتضي إجابة الدعاء، فقد روى أبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده". والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء.

    مد اليدين إلى السماء: وهو من آداب الدعاء، روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى حَيِيٌّ كريم، يستحي إذا رفع الرجلُ إليه يديه أن يَرُدَّهما صفراً خائبتين".

    الإلحاح على الله عز وجل: وذلك بتكرير ذكر ربوبيته سبحانه وتعالى.

    ما يمنع إجابة الدعاء: أشار صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أن التوسع في الحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذية يمنع إجابة الدعاء.

    ما يستفاد من الحديث: يرشد الحديث إلى الحث على الإنفاق من الحلال، والنهي عن الإنفاق من غيره.

    أن من أراد الدعاء لزمه أن يعتني بالحلال في مأكله وملبسه حتى يُقبل دعاؤه.

    يَقْبَل الله من المؤمنين الإنفاق من الطيب ويُنَمِّيه، ويُبَارِك لهم فيه.



    hgHvfudk p]de hgk,,dm







    رد مع اقتباس  

  2. #2  
    المشاركات
    246


    الحديث رقم : 11
    عن أبي محمد الحسن بن على بن ابي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عـنهـما ، قـال : حـفـظـت مـن رســول الله صلى الله عـليـه وسلم : ( دع ما يـريـبـك إلى ما لا يـريـبـك ).

    رواه الترمذي [ رقم : 2520 ] ، والنسائي [ رقم : 5711 ] ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.



    الشرح

    مفردات الحديث:

    "دع ما يَرِيبك ": دع ما تشك فيه من الشبهات.

    "إلى ما لا يَرِيبك" إلى ما لا تشك فيه من الحلال البَيِّن.

    المعنى العام:

    إن ترك الشبهات في العبادة والمعاملات والمناكحات وسائر أبواب الأحكام، والتزام الحلال في كل ذلك، يؤدي بالمسلم إلى الورع، وقد سبق في الحديث السادس أن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، وأن الحلال المتيقَّن لا يحصل للمؤمن في قلبه منه شك أو ريب، أما الشبهات فيرضى بها الإنسان ظاهراً، ولو كَشَفْنَا ما في قلبه لوجدنا القلق والاضطراب والشك، ويكفيه هذا العذاب النفسي خسارة معنوية، والخسارة الكبرى والهلاك الأعظم أن يعتاد الشبهات ثم يجترئ على الحرام، لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.



    تعارض الشك واليقين: إذا تعارض الشك مع اليقين، أخذنا باليقين وقدمناه وأعرضنا عن الشك.

    أما من يخوض في المُحَرَّمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشُّبَه، فإن ورعه هذا ثقيل ومظلم، ويجب علينا أن نُنْكِر عليه ذلك، وأن نُطالبه بالكَفّ عن الحرام الظاهر أولاً، ولذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "هما رَيحانتاي من الدنيا"رواه البخاري [حديث رقم: 5994] .



    وسأل رجل بشير بن الحارث عن رجل له زوجة وأُمُّه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بَرَّ أُمَّه في كل شيء ولم يَبْقَ من بِرّها إلا طلاق زوجته فليفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أُمِّه فيضربها فلا يفعل.

    الصدق طمأنينة والكذب ريبة:

    وعلامة الصدق أن يطمئن به القلب، وعلامة الكذب أن تحصل به الشكوك فلا يسكن القلب له بل ينفر منه.

    ما يستفاد من الحديث

    ويرشدنا الحديث إلى أن نبني أحكامنا وأمور حياتنا على اليقين.

    وأن الحلال والحق والصدق طمأنينة ورضا، والحرام والباطل والكذب ريبة وقلق ونفور


    الحديث رقم : 12

    عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حُسْنِ إسْلاَمِ الْمَرءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ".حديث حسن ، رواه الترمذي وغيره .
    حديث حسن ، رواه الترمذي [ رقم : 2318 ] ابن ماجه [ رقم : 3976 ].
    الشرح
    أهميته:

    قال ابن رحب الحنبلي: هذا الحديث أصل عظيم من أُصول الأدب.



    مفردات الحديث:

    "من حسن إسلام المرء": من كمال إسلامه وتمامه، وعلامات صدق إيمانه، والمرء يُراد به الإنسان، ذكراً كان أم أنثى.

    "ما لا يعنيه": ما لا يهمه من أمر الدين والدنيا.

    المعنى العام:

    يحرص الإسلام على سلامة المجتمع، وأن يعيش الناس في وئام ووفاق، لا منازعات بينهم ولا خصومات، كما يحرص على سلامة الفرد وأن يعيش في هذه الدنيا سعيداً، يَألف ويُؤلف، يُكْرَم ولا يُؤذَى، ويخرج منها فائزاً رابحاً، وأكثر ما يثير الشقاق بين الناس، ويفسد المجتمع، ويورد الناس المهالك تَدَخُّل بعضهم في شؤون بعض، وخاصة فيما لا يعنيهم من تلك الشؤون، ولذا كان من دلائل استقامة المسلم وصدق إيمانه تركه التدخل فيما لا يخصه من شؤون غيره.

    والمسلم مسؤول عن كل عمل يقوم به، فإذا اشتغل الإنسان بكل ما حوله، وتدخل في شؤون لا تعنيه، شغله ذلك عن أداء واجباته، والقيام بمسؤولياته، فكان مؤاخذاً في الدنيا ومعاقباً في الآخرة، وكان ذلك دليل ضعف إدراكه، وعدم تمكن الخُلُق النبوي من نفسه. وروى ابن حبان في صحيحه: أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر رضي الله عنه : "بحسب امرئ من الشر ما يجهل من نفسه ويتكلف ما لا يعنيه".

    وإذا أدرك المسلم واجبه، وَعقَل مسؤوليته، فإنه يشتغل بنفسه، ويحرص على ما ينفعه في دنياه وآخرته، فَيُعْرِض عن الفضول، ويبتعد عن سَفَاسِفِ الأمور، ويلتفت إلى ما يعنيه من الأحوال والشؤون.

    والمسلم الذي يعبد الله عز وجل كأنه يراه، ويستحضر في نفسه أنه قريب من الله تعالى والله تعالى قريب منه، يشغله ذلك عما لا يعنيه، ويكون عدم اشتغاله بما لا يعنيه دليل صدقه مع الله تعالى وحضوره معه، ومن اشتغل بما لا يعنيه دل ذلك على عدم استحضاره القرب من الله تعالى، وعدم صدقه معه، وحَبِط عمله، وكان من الهالكين.

    رُوي عن الحسن البصري أنه قال: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه.

    ما يعني الإنسان من الأمور وما لا يعنيه: والذي يعني الإنسان من الأمور هو: ما يتعلق بضرورة حياته في معاشه، من طعام وشراب وملبس ومسكن ونحوها، وما يتعلق بسلامته في معاده وآخرته، وما عدا هذا من الأمور لا يعنيه: فمما لا يعني الإنسان الأغراض الدنيوية الزائدة عن الضرورات والحاجيات: كالتوسع في الدنيا، والتنوع في المطاعم والمشارب، وطلب المناصب والرياسات، ولا سيما إذا كان فيها شيء من المماراة والمجاملة على حساب دينه.

    الفضول في الكلام مما لا يعني، وقد يجر المسلم إلى الكلام المُحَرَّم، ولذلك كان من خُلُق المسلم عدم اللَّغَط والثرثرة والخوض في كل قيل وقال. روى الترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلام ابن آدم عليه لا له، إلا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذكر الله تعالى".

    ما يستفاد من الحديث: أن من صفات المسلم الاشتغال بمعالي الأمور، والبعد عن السَفاسِفِ ومُحَقِّرَات الشؤون.

    وفيه: تأديب للنفس وتهذيب لها عن الرذائل والنقائص، وترك ما لا جدوى منه ولا نفع فيه.

    الحديث رقم : 13



    عن أبي حَمْزَةَ أَنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه خادِم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حتى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسه". رَواهُ البُخاري ومُسلم.



    مفردات الحديث:

    "لا يؤمن": الإيمان الكامل.

    "أحدكم": من يدعي الإيمان والإسلام منكم.

    "لأخيه": المسلم والمسلمة، وقيل : لأخيه الإنسان.

    "ما يحب لنفسه": مثل الذي يحبه لنفسه من الخير.

    المعنى العام:

    تماسك المجتمع المسلم والمحبة والود فيه: يهدف الإسلام أن يعيش الناس جميعاً متوادين ومتحابين، يسعى كل فرد منهم في مصلحة الجميع وسعادة المجتمع، حتى تسود العدالة، وتنتشر الطمأنينة في النفوس، ويقوم التعاون والتضامن فيما بينهم، ولا يتحقق ذلك كله إلا إذا أراد كل فرد في المجتمع لغيره ما يريده لنفسه من السعادة والخير والرخاء، ولذا نجده صلى الله عليه وسلم يربط ذلك بالإيمان، ويجعله خَصْلَة من خِصَاله.

    الإيمان الكامل: إن أصل الإيمان يتحقق بتصديق القلب الجازم، وإذعانه لربوبية الله عز وجل، والاعتقاد ببقية الأركان، من الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر، ولا يتوقف أصل الإيمان على شيء سوى ذلك. وفي هذا الحديث يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإيمان لا ترسخ جذوره في النفس، ولا يتمكن من القلب، ولا يكمل في صدر المسلم، إلا إذا أصبح إنسان خير، بعيداً عن الأنانية والحقد، والكراهية والحسد، ومما يحقق هذا الكمال في نفس المسلم:

    أن يحب لغيره من الخير المباح وفعل الطاعات ما يحبه لنفسه، وأن يبغض لهم من الشر والمعصية ما يبغضه لنفسه أيضاً.

    أن يجتهد في إصلاح أخيه المسلم، إذا رأى منه تقصيراً في واجبه، أو نقصاً في دينه.

    روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحبَّ أن يُزَحْزَحَ عن النار ويَدخلَ الجَّنة، فلتدركْه مَنِيَّتُهُ وهو مؤمنٌ بالله واليوم الآخر، ويأتي إلى الناس الذي يُحبُّ أن يُؤتى إليه".

    من كمال الإيمان في المسلم أن لا يقتصر في حب الخير لغيره وبغض الشر له على المسلم فحسب، بل يحب ذلك لغير المسلم أيضاً، ولا سيما الإيمان، فيحب للكافر أن يسلم ويؤمن، ويكره فيه ويبغض له الكفر والفسوق، قال عليه الصلاة والسلام: "وأَحِبَّ للناس ما تُحبُّ لنفسكَ تكنْ مسلماً " رواه الترمذي. ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحباً.

    في هذا الحديث حثُّ منه صلى الله عليه وسلم لكل مسلم، أن يحمل نفسه على حب الخير للناس، ليكون ذلك برهاناً منه على صدق إيمانه وحسن إسلامه. وهكذا تسري المحبة بين الناس جميعاً، وينتشر بينهم الخير.

    أما المجتمع غير الإيماني فهو مجتمع أناني بغيض: إذا ذبل الإيمان في القلوب وانتفى كماله وانتفت محبة الخير للناس من النفوس، وحل محلَّها الحسدُ ونية الغش، وتمكنت الأنانية في المجتمع، وأصبح الناس ذئاباً بشرية، وانطبق على مثل هذا المجتمع قول الله عز وجل: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 21] فهذا المجتمع إلى خراب وزوال.



    ما يستفاد من الحديث

    الحث على ائتلاف قلوب الناس، والعمل على انتظام أحوالهم، وهذا من أهم ما جاء الإسلام من أجله وسعى إليه.

    التنفير من الحسد، لأنه يتنافى مع كمال الإيمان، فإن الحاسد يكره أن يفوقه أحد في خير أو يُساويه فيه، بل ربما تمنى زواله عنه ولو لم يصل إليه.

    الإيمان يزيد وينقص: تزيده الطاعة وتنقصه المعصية.



    الحديث رقم : 14



    عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أنْ لاَ إله إلاّ الله وأَنِّي رَسُولُ الله إلاّ بإحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بالنّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِيِنِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَماعَةِ". رَوَاهُ البخاري ومسلم.

    أهمية الحديث :

    إذا أصبحت حياة الفرد خطراً على حياة الجماعة، فأصابه المرض وانحرف عن الصحة الإنسانية والسلامة الفطرية، وأصبح جرثومة خبيثة، تَفْتِك في جسم الأمة، وتُفْسِد عليها دينها وأخلاقها وأعراضها، وتنشر فيها الشر والضلال، فقد سقط حقه في الحياة، وأُهدر وجوده، ووجب استئصاله، ليحيا المجتمع الإسلامي في أمن ورخاء. وهذا الحديث من القواعد الخطيرة لتعلقه بأخطر الأشياء وهو الدماء، وبيان ما يحل وما لا يحل، وإن الأصل فيها العصمة.

    مفردات الحديث:

    "لا يحل دم": أي لا تحل إراقته، والمراد: القتل.

    "الثيِّب الزاني": الثيب: من ليس ببكر، يطلق على الذكر والأنثى، يقال: رجل ثيب، وامرأة ثيب، وإطلاقه على المرأة أكثر، والزاني هو في اللغة الفاجر وشرعاً: وطء الرجل المرأة الحية في قُبُلِها من غير نكاح (أي عقد شرعي).

    "التارك لدينه": هو الخارج من الدين بالارتداد، والمراد بالدين: الإسلام.

    "المفارق للجماعة": التارك لجماعة المسلمين بالرِّدَّة .

    المعنى العام:

    إنَّ مَن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فأقرّ بوجوده سبحانه ووَحْدانيته، وصدَّق بنبوة خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم واعترف برسالته، فقد عصم دمه وصان نفسه وحفظ حياته، ولا يجوز لأحد ولا يَحِل له أن يُرِيق دمه أو يُزْهِق نفسه، وتبقى هذه العصمة ملازمة للمسلم، إلا إذا اقترف إحدى جنايات ثلاث:

    1- قتل النفس عمداً بغير حق.

    2- الزنا بعد الإحصان، وهو الزواج.

    3- الرِّدَّة.

    أجمع المسلمون على أن حد زنى الثيب (المحصن) الرجم حتى يموت، لأنه اعتدى على عرض غيره، وارتكب فاحشة الزنا، بعد أن أنعم الله عز وجل عليه بالمتعة الحلال، فَعَدل عن الطيب إلى الخبيث، وجنى على الإنسانية بخلط الأنساب وإفساد النسل، وتنكَّر لنهي الله عز وجل {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32].

    وقد ثبت الرجم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله، فقد روى الجماعة أنه رجم ماعزاً، وروى مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم أمر برجم الغامدية.

    وكان الرجم في القرآن الذي نُسِخَ لفظه: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم".

    القصاص: أجمع المسلمون على أن من قتل مسلماً عمداً فقد استحق القصاص وهو القتل، قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]. وذلك حتى يأمن النَّاسُ على حياتهم، وقال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 179]. ويسقط القصاص إذا عفا أولياء المقتول.

    حد الرِّدَّة: أجمع المسلمون على أن الرجل إذا ارتد، وأصر على الكفر، ولم يرجع إلى الإسلام بعد الاستتابة، أنه يُقتل، روى البخاري وأصحاب السنن: عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ بَدَّلَ دينَه فاقتلُوه".

    تارك الصلاة: وأجمع المسلمون على أن من ترك الصلاة جاحداً بها فقد كفر واعتُبِر مرتداً، وأقيم عليه حد الرِّدة. وأما إذا تركها كسلاً وهو يعترف بفرضيتها فقد اختلفوا في ذلك : فذهب الجمهور إلى أنه يُستتاب فإن لم يتب قتل حداً لا كفراً، وذهب الإمام أحمد وبعض المالكية إلى أنه يقتل كفراً، وقال الحنفية: يُحْبَس حتى يصلي أو يموت، ويُعَزَّر في حبسه بالضرب وغيره. قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31] وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة". رواه الإمام أحمد ومسلم.

    ما يستفاد من الحديث:

    أن الدين المعتبر هو ما عليه جماعة المسلمين، وهم الغالبية العظمى منهم.

    الحث على التزام جماعة المسلمين وعدم الشذوذ عنهم.

    التنفير من هذه الجرائم الثلاثة (الزنا، والقتل، والرده)، والتحذير من الوقوع فيها.

    تربية المجتمع على الخوف من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن قبل تنفيذ الحدود.

    الحدود في الإسلام رادعة، ويقصد منها الوقاية والحماية.

    القصاص لا يكون إلا بالسيف عند الحنفية، وقال الشافعية: يُقتل القاتل بمثل ما قَتل به، وللولي أن يَعْدِل إلى السيف.

    الحديث رقم : 15

    عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهُ: أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : "مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُل خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ". رواه البخاري ومسلم.

    مفردات الحديث:

    "يؤمن" : المقصود بالإيمان هنا: الإيمان الكامل، وأصل الإيمان التصديق والإذعان.

    "اليوم الآخر": يوم القيامة.

    "يصمت": يسكت.

    "فليكرم جاره": يُحَصِّل له الخير، ويَكُفّ عنه الأذى والشر.

    "فليكرم ضيفه": يقدم له الضيافة (من طعام أو شراب) ويحسن إليه.

    المعنى العام:

    يحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث على أعظم خصال الخير وأنفع أعمال البِرّ، فهو يُبَيِّن لنا أن من كمال الإيمان وتمام الإسلام، أن يتكلم المسلم في الشؤون التي تعود عليه بالنفع في دنياه أو آخرته، ومن ثَمّ تعود على المجتمع بالسعادة والهناء، وأن يلتزم جانب الصمت في كل ما من شأنه أن يسبب الأذى أو يجلب الفساد، فيستلزم غضب الله سبحانه وتعالى وسخطه.

    روى الإمام أحمد في مسنده: عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه".

    والخوض في الكلام سبب الهلاك وقد مرّ قوله صلى الله عليه وسلم : "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" [ انظر الحديث:12] ، والمعنى أن الكلام فيما لا يعني قد يكون سبباً لإحباط العمل والحرمان من الجنة. فعلى المسلم إذا أراد أن يتكلم أن يفكر قبل أن يتكلم: فإن كان خيراً تكلم به، وإن كان شراً أمسك عنه، لأنه محاسب عن كل كلمة يلفظ بها. قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل كلام ابن آدم عليه لا له " وقال : "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم". رواه البخاري.

    ومن آداب الكلام:

    الإمساك عن الكلام المحرَّم في أي حال من الأحوال. وعن اللغو و هو الكلام الباطل، كالغيبة والنميمة والطعن في أعراض الناس ونحو ذلك.

    عدم الإكثار من الكلام المباح، لأنه قد يجر إلى المحرم أو المكروه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوةٌ للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي". رواه الترمذي.

    العناية بالجار والوصاية به: ومن كمال الإيمان وصدق الإسلام الإحسان إلى الجار والبر به والكف عن أذاه، فالإحسان إلى الجار وإكرامه أمر مطلوب شرعاً، بل لقد وصلت العناية بالجار في الإسلام، إلى درجة لم يعهد لها مثيل في تاريخ العلاقات الاجتماعية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". رواه البخاري.

    إن إيذاء الجار خلل في الإيمان يسبب الهلاك : وهو محرم في الإسلام، ومن الكبائر التي يعظم إثمها ويشتد عقابها عند الله عز وجل. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله ؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه" رواه البخاري. أي لا يَسْلَم من شروره وأذاه، والمراد بقوله: "لا يؤمن"، أي الإيمان الكامل المنجي عند الله عز وجل.

    من وسائل الإحسان إلى الجار:

    مواساته عند حاجته، روى الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم".

    مساعدته وتحصيل النفع له، وإن كان في ذلك تنازل عن حق لا يضر التنازل عنه.

    الإهداء له، ولا سيما في المناسبات.

    إكرام الضيف من الإيمان ومن مظاهر حسن الإسلام : يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث : أن من التزم شرائع الإسلام، وسلك مسلك المؤمنين الأخيار، لزمه إكرام من نزل عنده من الضيوف والإحسان إليهم، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه".

    هل الضيافة حق واجب أم إحسان مستحب ؟

    ذهب أحمد إلى أنها واجبة يوماً وليلة، والجمهور على أن الضيافة مستحبة، ومن باب مَكَارِمِ الأخلاق، وليست بواجبة.

    ومن أدب الضيافة وكرمها البِشْر والبشاشة في وجه الضيف، وطيب الحديث معه، والمبادرة بإحضار ما تيسر عنده من طعام وشراب، وأما الضيف فمن أدبه أن لا يضيق على مزوره ولا يزعجه، ومن التضييق أن يمكث عنده وهو يشعر أنه ليس عنده ما يضيفه به.

    ما يستفاد من الحديث

    إن العمل بما عرفناه من مضمون هذا الحديث بالغ الأهمية، لأنه يحقق وحدة الكلمة، ويؤلف بين القلوب، ويذهب الضغائن والأحقاد، وذلك أن الناس جميعاً يجاور بعضهم بعضاً، وغالبهم ضيف أو مضيف، فإن أكرم كل جار جاره، وكل مضيف ضيفه، صلح المجتمع، واستقام أمر الناس، وسادت الأُلفة والمحبة، ولا سيما إذا التزم الكل أدب الحديث، فقال حسناً أو سكت.


    الحديث رقم : 16



    عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رَجُلاً قال لِلنَّبِّي صلى الله عليه وسلم: أَوصِني، قالَ:

    "لا تَغْضَب"، فَرَدَّدَ مِرَاراً، قال: "لا تَغْضَب". رواه البخاري.



    مفردات الحديث:

    "رجلاً" : قيل: هو أبو الدرداء رضي الله عنه . وقيل جارية بن قُدَامة رضي الله عنه "أوصني": دلني على عمل ينفعني.

    "لا تغضب": اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لم يجلبه.

    "فردد مرارً": كرر طلبه للوصية أكثر من مرة.

    المعنى العام:

    المسلم إنسان يتصف بمكارم الأخلاق، يتجمل بالحلم والحياء، ويَلْبَس ثوب التواضع والتودد إلى الناس، وتظهر عليه ملامح الرجولة، من الاحتمال وكف الأذى عن الناس، والعفو عند المقدرة، والصبر على الشدائد، وكظم الغيظ إذا اعْتُدِيَ عليه أو أُثير، وطلاقة الوجه والبشر في كل حال من الأحوال. وهذا ما وَجَّه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الصحابيَّ المستنصِحَ، عندما طلب منه أن يوصيه بما يبلغه المقصود ويحقق له المطلوب. بتلك العبارة الموجزة، الجامعة لكل خير، المانعة لكل شر: "لا تغضب".

    أي تخلق بالأخلاق الرفيعة، أخلاق النبوة، أخلاق القرآن، أخلاق الإيمان، فإنك إذا تخلقت بها وصارت لك عادة، وأصبحت فيك طبعاً وسجية، اندفع عنك الغضب حين وجود أسبابه، وعرفت طريقك إلى مرضاة الله عز وجل وجنته.

    الحلم وضبط النفس سبيل الفوز والرضوان : إذا غلب الطبع البشري، وثارت فيك قوى الشر، أيها المسلم الباحث عن النجاة، فإياك أن تعطي نفسك هواها، وتدع الغضب يتمكن منك فيكون الآمر والناهي لك، فترتكب ما نهاك الله عنه، بل جاهد نفسك على ترك مقتضى الغضب، وتذكر خُلُق المسلم التقي والمؤمن النقي، الذي وصفك الله تعالى به بقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133-134].

    إذا لم يغضب المرء فقد ترك الشر كله، ومن ترك الشر كله، فقد حصل الخير كله.

    الغضب ضعف والحلم قوة: سرعة الغضب والانقياد له عنوان ضعف الإنسان، ولو ملك السواعد القوية، والجسم الصحيح. روى البخاري ومسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". والصرعة هو الذي يغلب الرجال ولا يغلبه الرجال.

    آثار الغضب: الغضب خُلُقٌ مذموم وطبع سيء وسلاح فتاك، إذا استسلم له الإنسان وقع صريع آثاره السيئة، التي تضر بالفرد نفسه أولاً، وبالمجتمع ثانياً.

    أما أضراره بالنفس، فهي: جسمية مادية، وخلقية معنوية، وروحية دينية.

    وأما أضراره بالمجتمع: فهو يولد الحقد في القلوب، وإضمار السوء للناس، وهذا ربما أدى إلى إيذاء المسلمين وهجرهم.

    دفع الغضب ومعالجته:

    أسباب الغضب كثيرة ومتنوعة، منها: الكبر والتعالي والتفاخر على الناس، والهزء والسخرية بالآخرين، وكثرة المزاح ولا سيما في غير حق، والجدل والتدخل فيما لا يعني.

    وأما معالجة الغضب، فيكون بأمور كثيرة أرشدنا إليها الإسلام، منها:

    أن يروض نفسه ويدربها على التحلي بمكارم الأخلاق، كالحلم والصبر والتأني في التصرف والحكم.

    أن يضبط نفسه إذا أُغضب ويتذكر عاقبة الغضب، وفضل كظم الغيظ والعفو عن المسيء: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].

    روى أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما كظم عبدٌ لله إلا مُلِئَ جوفُه إيماناً".

    الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200].

    روى البخاري ومسلم: استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأحدُهما يسبُّ صاحبَه مُغضباً قد احمَرَّ وجهُه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يجد، لو قال: أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم".

    تغيير الحالة التي هو عليها حال الغضب، فقد روى أحمد وأبو داود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا غضبَ أحدُكم وهو قائم فليجلسْ، فإن ذهبَ عنه الغضب، وإلا فليضطجعْ".

    ترك الكلام، لأنه ربما تكلم بكلام قوبل عليه بما يزيد من غضبه، أو تكلم بكلام يندم عليه بعد زوال غضبه، روى أحمد والترمذي وأبو داود : "إذا غضب أحدُكم فليسكتْ". قالها ثلاثاً.

    الوضوء، وذلك أن الغضب يُثير حرارة في الجسم، والماء يبرده فيعود إلى طبعه، روى أحمد وأبو داود: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الغضبَ من الشيطان، وإنَّ الشيطانَ خُلِقَ من النار، فإذا غضبَ أحدُكم فليتوضأ".

    الغضب لله تعالى: الغضب المذموم، الذي يُطلب من المسلم أن يعالجه ويبتعد عن أسبابه، هو ما كان انتقاماً للنفس، ولغير الله تعالى ونصرة دينه. أما ما كان لله تعالى : بسبب التعدي على حرمات الدين، من تحدٍ لعقيدة، أو تهجم على خُلُق أو انتقاص لعبادة،فهو في هذه الحالة خلق محمود، وسلوك مطلوب.

    وورد: أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب لشيء، فإذا انتُهكتْ حرمات الله عز وجل، فحينئذ لا يقوم لغضبه شيء. رواه البخاري ومسلم.

    الغضبان مسؤول عن تصرفاته: إذا أتلف الإنسان، حال غضبه، شيئاً ذا قيمة لأحد، فإنه يضمن هذا المال ويغرم قيمته، وإذا قتل نفساً عمداً وعدواناً استحق القصاص، وإن تلفظ بالكفر حكم بردته عن الإسلام حتى يتوب. وإن حلف على شيء انعقد يمينه، وإن طلق وقع طلاقه.

    ما يستفاد من الحديث: حرص المسلم على النصيحة وتعرف وجوه الخير، والاستزادة من العلم النافع والموعظة الحسنة.

    كما أفاد الحث على الإقلال من القول، والإكثار من العمل، والتربية بالقدوة الحسنة.

    الحديث رقم : 17



    عن أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللهُ عنه، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسانَ على كلِّ شَيءٍ، فإذا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، ولْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ولْيُرحْ ذَبيحَتَهُ" .رواه مسلم.



    أهمية الحديث:

    هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين الهامة، ويتضمن إتقان جميع تعاليم الإسلام، لأن الإحسان في الفعل يكون بإيقاعه كما طلب الشرع.

    مفردات الحديث:

    "كتب": طلب وأوجب.

    "الإحسان": مصدر أحسن إذا أتى بالحَسَن، ويكون بإتقان العمل.

    "القِتلة": بكسر القاف، طريقة القتل.

    "ليحد": يقال أَحَدَّ السكين، وحَدَّها، واستحدَّها بمعنى واحد
    " شفرته ": السكين وما يذبح بها، وشفرتُها: حَدُّها.

    المعنى العام:

    ينص الحديث على وجوب الإحسان، وهو الإحكام والإكمال والتحسين في الأعمال المشروعة، وقد أمر الله به في كتابه العزيز فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل:90] وقال سبحانه: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]. وهو مطلوب عند الإتيان بالفرائض، وفي ترك المحرمات، وفي معاملة الخلق، والإحسان فيها أن يأتي بها على غاية كمالها، ويحافظ على آدابها المصححة والمتممة لها، فإذا فعل قُبل عمله وكَثُر ثوابه.

    الإحسان في القتل: وهو تحسين هيئة القتل بآلة حادة، ويكون بالإسراع في قتل النفوس التي يُباح قتلها على أسهل الوجوه، والقتل المباح إما أن يكون في الجهاد المشروع، وإما أن يكون قِصاصاً أو حَدّاً من حدود الله تعالى، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المُثْلَة، وهي قطع أجزاء من الجسد، سواء أكان ذلك قبل الموت أم بعده، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن المُثْلة.

    ولئن جاز للمسلمين أن يستخدموا الأسلحة النارية والمدفعية المدمرة من قبيل المعاملة بالمثل {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، فإنه لا يجوز لهم بحال من الأحوال أن يتجهوا في قتالهم بها إلى التعذيب والتشويه، فالإسلام يرفض هذا المسلك المتوحش، ويبقى منطلقه هو الإحسان إلى كل شيء، وخاصة الإنسان.

    وأما القتل قصاصاً: فلا يجوز التمثيل بالمقتص منه، بل يقتل بالسيف، فإن كان القاتل المتعمد قد مثَّل بالمقتول، فقد ذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه إلى أنه يُقتل كما قَتَلَ. وذهب أبو حنيفة وأحمد - في رواية عنه - إلى أنه لا يقتل إلا بالسيف.

    وأما القتل حداً للكفر، فأكثرُ العلماء على كراهة المثلة فيه أيضاً، سواء كان لكفر أصليٍّ أم لردة عن الإسلام.

    النهي عن التحريق بالنار: ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَذِنَ بالتحريق بالنار ثم نهى عنه، وروى البخاري عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تُعَذِّبُوا بعذابِ الله عز وجل". وهذا يدل على أن تعاليم النبي الكريم تقدمت وسبقت ما اتفقت عليه الدول من منع القنابل المحرقة، علماً بأن الدول الكبيرة والقوية لم تلتزم بهذا المنع، بل بقي حبراً على ورق !

    والنهي عن التحريق في الإسلام يشمل الحيوانات والهوام، ففي مسند الإمام أحمد وأبي داود والنسائي عن عبد الله بن مسعود قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمررنا بقرية نمل قد أُحرقت، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إنه لا ينبغي لبشرٍ أن يُعَذِّبَ بعذابِ الله عز وجل".

    النهي عن صبر البهائم: وهو أن تُحبس البهيمة ثم تضرب بالنبل ونحوه حتى تموت.

    النهي عن اتخاذ شيء فيه الروح غرضاً: والغرضُ هو الذي يُرمى فيه بالسهام. أي يتخذونها هدفاً.

    الإحسان في ذبح البهائم: وفي الإسلام آداب يلتزم بها المسلم عند الذبح وهي بمجموعها تجسيد عملي للإحسان والرفق، فمن ذلك أن يحدَّ الشفرة، ليكون الذبح بآلة حادة تريح الذبيحة بتعجيل زهوق روحها، ومن الآداب الرفق بالذبيحة، فتساق إلى الذبح سوقاً رفيقاً، وتوارى السكين عنها، ولا يُظهرْ السكين إلا عند الذبح.

    كما يستحب أن لا يذبح ذبيحة بحضرة أخرى، ويوجه الذبيحة إلى القبلة، ويسمي عند الذبح، ويتركها إلى أن تبرد، ويستحضر نية القُرْبةَ، ويعترف لله تعالى بالمِنّة في ذلك، لأنه سبحانه سَخَّرَ لنا هذه البهائم وأنعم بها علينا.

    ومن الإحسان لها أن لا تُحَمَّل فوق طاقتها، ولا تركب واقفة إلا لحاجة، ولا يُحلب منها إلا ما لا يضرُّ بولدها.

    ما يستفاد من الحديث

    والحديث بعد هذا كله قاعدة من قواعد الإسلام الهامة، لأنه دعوة كريمة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإحسان في كل عمل.









    رد مع اقتباس  

  3. #3  
    المشاركات
    10,997
    موضوع رآئــع

    يعطيك العـآفيه






    رد مع اقتباس  

  4. #4  
    أوهــــــامَ غير متواجد حالياً § أنسانه متواضعه §
    المشاركات
    58,525
    بارك الله فيك
    وجعله في ميزان حسناتك






    رد مع اقتباس  

  5. #5  
    المشاركات
    6,597
    جزاك الله خيرا على الطرح الطيب
    ماننحرم من جديد مواضيعك المميزة

    بإنتظار جديدك بكل شوق

    لك أرق التحايا و التقدير






    رد مع اقتباس  

  6. #6  
    المشاركات
    12,473
    طرح قيم
    جزاك الله خيـر
    وجعله في موازين حسناتك






    رد مع اقتباس  

  7. #7  
    يسـ س ـلمو يع ـطيك آلف ع ـافيه

    جزآـآك الله خيير . .






    رد مع اقتباس  

المواضيع المتشابهه

  1. بشرى الاربعون النووية هاهناااا
    بواسطة ضي الأمل في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 48
    آخر مشاركة: 26-Jul-2008, 05:54 PM
  2. القنبلة النووية
    بواسطة هووواوووي في المنتدى اخبار واحداث الشارع - اخبار محليه - عالميه
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-Oct-2007, 04:28 PM
  3. الأربعون النووية مع شرحها
    بواسطة السنافي1 في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 14-Mar-2007, 09:15 PM
  4. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-Jan-2007, 04:47 PM
  5. انتبهي لزوجك بعد الأربعين
    بواسطة حمدي السبتاني في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-Oct-2006, 07:51 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •