الزوجة العصبية
الزوجة العصبية
لا شك أن المزاج العصبي يؤثر بشكل كبير على تفاعل الأفراد فيما بينهم خاصة في العلاقات الاجتماعية، فتبدو أكثر ضعفاً وتنافراً، وتتفاقم تلك التأثيرات على الأسرة الواحدة إذا كان أحد أركانها وهي الزوجة هي العصبية، فتذوب العلاقات الحميمة في بوتقة الغضب، وتنتهي مشاعر الود والمحبة، ويزول التفاهم والنقاش، ويحضر الاستبداد والقهر والعنف على طبيعة العلاقات؛ لذلك فعلى المرأة العصبية أن تتحرى المشكلات التي تزيد من عصبيتها والابتعاد عنها، وعلى المحيطين بها العمل على مشاركتها ضغوطات الحياة، بما يحقق لها مشاعر الأمان بأنها ليست وحيدة في مواجهتها.
"لها أون لاين" خلال السطور القادمة يستضيف الموقع أ. هدى جودة، الأخصائية النفسية الاجتماعية والمعنية بشؤون الأسرة للتعرف أكثر على سمات المرأة العصبية وأوقات عصبيتها وكيفية احتوائها من قبل الزوج والمحيطين بها، من أجل سير الحياة على وتيرة السعادة بعيداً عن منغصات وتأثيرات العصبية السلبية.
- بدايةً لو تحدثنا أ.هدى عن صفات الزوجة العصبية، ومتى يمكن أن نصف المرأة بأنها عصبية؟
لعل من أهم صفات الزوجة العصبية عدم القدرة على التصرف في بعض المواقف، بالإضافة إلى وجود بعض السلوكيات لديها تحمل مزيداً من العنفوانية، سواء داخل البيت أو خارجه، وهي دائما تحاول الهروب من الجو المحيط بها، سواء الأسرة أو الأشخاص المقربين لها، فكثيراً ما تلجأ إلى الخروج من البيت بمفردها إلى مكان خال بعيداً عن زيارة الأقارب والاجتماع مع الأصحاب مما يؤثر على علاقاتها الاجتماعية في محيط الأسرة والأصدقاء.
- برأيك هل هناك أوقات للعصبية لدى المرأة؟
غالبية الأوقات التي تكون فيها المرأة عندما تواجه ضغوطات كثيرة، وتشعر في ذات الوقت ببعد زوجها عنها وعن أولادها، وكذلك عندما تشعر بنقص في توفير الاحتياجات المادية لها ولأسرتها خاصة وأن ظروف الفقر وارتفاع معدلات بطالة الأزواج قضت بعدم قدرة الأسر على توفير متطلبات الحياة الأساسية، بالإضافة إلى ضغوطات الحياة العصرية.
- إذن في ضوء تلك الصفات كيف تكون علاقة الزوجة العصبية داخل محيطها الاجتماعي داخل الأسرة وخارجها؟
بالتأكيد تواجه حالة الانفصال وعدم ترابط في العلاقات الأسرية والاجتماعية تبعاً لحالة العنف التي تتسم بها، والتي تؤدي بها إلى إفراغ عصبيتها على أطفالها، سواء بالضرب أو قلة الرعاية والاهتمام بمختلف أمورهم، أو أيضاً بالحدية في الاهتمام والدلال الزائد بالأطفال، وكذلك لا يختلف تعاملها مع الزوج فتتسم تعاملاتها معه بالحدة والجفاف، والرسمية قائمة على تأدية الواجبات فقط.
- وماذا عن تأثير عصبيتها على نفسها؟
كما يتأثر المحيطون بها بسلوكياتها، فإن تلك السلوكيات تنعكس أيضاً على صحتها النفسية والاجتماعية، فتبدو المرأة العصبية تعاني من مشكلات نفسية تعبر عنها عبر فقدان الشهية أو الشره في الرغبة بتناول الأطعمة المختلفة في إطار التفريغ للغيظ أو "فش الغل" وتعويض النواقص لديها، وقد تؤدي بها العصبية إلى سلوك حالة من العدوانية مع المحيطين بها، وأحياناً أخرى قد تقودها إلى الانطواء والانعزال عن عالمها، وأحياناً ثالثة إلى الرغبة في الخروج بمفردها إلى أماكن خالية دونما اصطحاب أي من أفراد عائلتها، ويزيد شعورها بالضجر والملل والحزن الدائم، ويراودها شعور ورغبة في الطلاق وفقاً لطبيعة المشكلات التي تعايشها في محيطها الأسرى، ولا يقتصر تأثير مزاجها العصبي على حالتها النفسية وعلاقاتها الاجتماعية، بل يتعداه إلى تأثيره على حالتها الصحية، فتعاني من مشكلات في ارتفاع ضغط الدم، وأحياناً أخرى إذا ما استمرت المشكلات التي تعايشها في محيط أسرتها وما تتخلله من مشاحنات على المدى الطويل، قد تواجه خطر الانهيار العصبي والذي يؤدي بها إلى حالة اكتئاب، ناهيك عن اضطرابات النوم وشعورها بالقلق والأرق بشكل دائم.
- إذن ما طرق التعامل الفعالة؟ سواء من الزوج أو المحيط الاجتماعي مع الزوجة العصبية لمحاولة احتوائها؟
بدايةً يجب على الزوج احتوائها بمنحها مساحة أكبر من المودة والمحبة والتقرب إليها بشكل أكبر، مما اعتادت عليه منه لمعرفة أسباب عصبيتها ومحاولة إنهائها في سبيل إنجاح العلاقات الأسرية بينهما وتجنيب أطفالهما التأثيرات السلبية لعصبيتها.
وعلى الزوج أيضاً أن يوفر لها الجو الهادئ بمشاركتها في أعباء المنزل، وتحمله مسؤوليات جديدة إلى جانب مسؤولياته الأساسية فذلك يبعث شعور بالرضا والاطمئنان لديها، ولعل نجاح تلك الخطوات والإجراءات تساهم فيها قابلية الزوجة إلى تحسين وضع علاقاتها الأسرية، فعليها أن تحاول الاسترخاء قدر الإمكان عبر ممارسة تمارين الاسترخاء والرياضة بشكل عام ناهيك عن تغيير بعض سلوكياتها في الانطواء بمخالطة وزيارة أصدقاء تشعر بقربهم منها، وفهمهم لحالتها فذلك يمنحها بعضاً من الراحة، أيضاً تحاول ابتكار جديد في نظام البيت بتغيير مكان الأثاث ووضع لمسات جمالية عليه مما يخلصها من العصبية الزائدة، بالإضافة إلى الاهتمام قليلاً بصحتها ومظهرها الخارجي والظهور بشكل لائق أمام نفسها وزوجها، بما ينعكس إيجابياً على مزاجها العصبي، وعلى الزوج أيضاً ألا يقابل عصبيتها بحدة حتى لا تشتعل المشكلات بشكل أكبر، وألا يحرمها من القيام بأدوارها المجتمعية المختلفة، ويجب على الزوجين أيضاً أن يجدا لغة للتفاهم والحوار بينهما والتي تعد أساسا مهما لحل كل المشكلات.
وأيضاً يحاول أن يضع نفسه مكانها ولا يعاملها بأسلوب جارح أو يسخر من مشاعرها ردة فعلها، وإذا ما شعر بوجود مشكلة ما بينها وبين أحد أفراد أسرته خاصة إذا يعيشون في بيت واحد يحاول أخذ أبنائها عنها لمنحها وقتاً من الراحة سواء داخل المنزل أو خارجه مع صديقاتها في المكان الذي تفضله، ويقدم لها الهدايا بين الحين والآخر لما في الهدية من دور مهم في تحسين العلاقات بينهما.
- ما النصائح التي توجهينها للمرأة العصبية للتغيير من سلوكها؟
على الزوجة أن تعي أن كل إنسان يواجه ضغوطات جمة في الحياة يجب عليه التغلب عليها بما لديه من قدرة على التحمل وصبر وعطاء وعدم الاستسلام لمشاعر الإحباط واليأس التي تفرزها تلك المشكلات، وأن تشرك زوجها في مسؤوليات الأسرة وتوعيته بدوره وتقوية شخصيته بما يحقق لها تخفيف في الأعباء ومشاركة ينتجها التفاهم ويزيد الحب والوئام فعاليتها، وأن تتحرى الأوقات المناسبة للحديث عما تواجهه من مشكلات؛ لتتمكن من النقاش والحوار بعيداً عن الصراخ واللوم الذي لا ينتج إلا مزيداً من الضغط العصبي والشقاق الأسري، وأن تقابل العصبية بنوع من الابتسامة بما يحقق لها السيطرة على المشكلة التي تواجهها، وأن تسعى إلى خلق جو من المرح في البيت وتتفاهم بشكل ودي مع أولادها، وأن تمارس هواياتها المختلفة، فذلك يخفف من عصبيتها وعدم مقارنة زوجها بغيره.
hg.,[m hguwfdm