عندما تعلمت أمريكا الحرية منا
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يعلم أحد كيف سيكون التغيير، ولا يمكن لأحد أن يتوقع الأسلوب أو الطريقة، بل من الصعب محاولة وضع حد زمني، ربما كانت هذه بعض القواعد التي تعلمها الكثيرون بعد الثورات العربية أو ما سمي بـ"الربيع العربي".
لطالما سمعنا بأن عاقبة الظلم وخيمة، وأن الظلم إلى زوال، إلا أن البعض لما رأى استحكام الظلم وقوة بطشه وجبروته وطغيانه ظن أن الحديث عن نهاية الظلم مجرد حلم أو سراب يتعلق به عطشى الحرية، إلا أن الله سبحانه وتعالى يهيئ الأسباب ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، جاء "الربيع العربي" ليوقظ الغافلين، ويبث التفاؤل في النفوس، لكننا إن كنا منصفين فإن علينا أن نسميه "الربيع الإسلامي"، إذ إن مطالب الثوار هي مطالب دعا إليها الإسلام، ويكفي الإشارة إلى ارتباط الثورات بيوم الجمعة تحديداً ليتضح الصلة الوثيقة بين هذا الربيع والإسلام.
من كان يظن أن ينتقل الربيع من العالم الإسلامي إلى العالم الغربي، بل إلى مركز الرأسمالية، حيث انطلقت دعوات من مواقع التواصل الاجتماعي للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية في حملة غاضبة أطلق عليها: (احتلوا وول ستريت) في مدينة نيويورك والذي يرمز إلى النشاط المالي، بدأت الحملة عندما أطلقت مؤسسة "أدباسترز" الإعلامية، والتي تضم مفكرين وناشطين ينتقدون كافة جوانب حياة المجتمع الأمريكي، الحديث والتي قالت في الدعوة: "في 17 سبتمبر/أيلول، نريد أن نرى 20 ألف شخص يتدفقون إلى مانهاتن السفلى ينصبون خيماً ويقيمون مطابخ وحواجز سلمية ويحتلّون وول ستريت لعدة أشهر"، وقالت المؤسسة: إن المعتصمين سيبقون في "وول ستريت" حتى تحقيق مطلبهم الذي سيحدده الجمهور، وتبيّن من الاستطلاع الذي تجريه "أدباسترز" أن "إلغاء الشخصنة في الشركات" هو في طليعة المطالب يليه "إلغاء الرأسمالية"، وسرعان ما لقيت هذه الدعوة الترحيب بالرغم من محاولات التعتيم الإعلامي والتي امتدت لحجب الإيميلات، وضعف التغطية الإعلامية.
إلا أنه سرعان ما انتقلت الاحتجاجات إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، واتسعت دائرة الاحتجاج لتنتقل لأكثر من 150 مدينة أمريكية، فيما كلفت المظاهرات شرطة مدينة نيويورك حتى الآن حوالي مليونيّ دولار خلال 20 يوماً، والتي قد تطول إلى أسابيع أو أشهر كما يصرح القائمين عليها، ليتحول "وول ستريت" إلى ميدان تحرير لأمريكا، القائمون على هذه الاحتجاجات كتبوا صراحة أنهم أخذوا من الثورات العربية "التكتيكات"، إلا أن المقاطع التي تم بثها أظهرت أنهم أخذوا ما هو أكثر من "التكتيكات"، فكلما أرادت الشرطة تفريق المتظاهرين بالقوة هتف المتظاهرين بكلمة: "الله أكبر"، حتى غدت شعاراً لكل مظلوم.
الغضب في الولايات المتحدة الأمريكية ليس ضد الجمهوريين أو الديمقراطيين فالمتظاهرون يصفون "أوباما" بأنه الإصدار الثاني من "جورج بوش"، كما أن الغضب ليس ضد الفساد المالي وسيطرة الشركات بل حتى ضد صناعة الموت والدمار التي صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، لذا لم يكن مستغرباً انضمام معارضي الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد أفغانستان والعراق لهذه الاحتجاجات.
إن كان الشعب الأمريكي قد سئم من تحكم وسيطرة الشركات ورؤوس الأموال بالحكومات وبوسائل الإعلام حتى رفعوا شعار: (دعونا نسترد أمريكا)!، فإن الشعوب الإسلامية قد سئمت من السياسات الأمريكية.
لقد بقيت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم كله، وفي العالم الإسلامي بشكل خاص سياسة جائرة قائمة على حماية مصالح الكيان الصهيوني حتى قبل مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، فهي ترعى الأنظمة طالما كفلت الأمن لهذا الكيان، ربما اقتربت ساعة تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن الكيان الصهيوني بسبب انشغالها بأزماتها الداخلية، في الوقت الذي اقتربت فيه لحظة الحقيقة ليواجه الكيان الصهيوني الشعوب الإسلامية الغاضبة والتي بقيت حبيسة سنين طويلة وهي تشاهد جرائم الاحتلال وتسمع النداءات والصيحات من مسرى نبيها عليه الصلاة والسلام، حينها فقط سيدرك الصهاينة حجمهم الحقيقي ومقدار قوتهم، حينها فقط سيكتمل "الربيع الإسلامي" لينشر في العالم كله عبق زهوره بإذن الله.
uk]lh juglj Hlvd;h hgpvdm lkh