لا يصلح العطار ما افسده الزمن والدي لا يحبني
اعتاد الناس ان يستخدمو هذا المثل في عدة اوجه من مواقف الحياة في دلالة مجازية على ان العلاج او التدخل الان في حل مشكلة ما لا يُصلح ما تراكم على مر السنيين .
فالعطار هنا هو دلالة مجازية على احد الحلول او عدة حلول مثلا تريد التدخل لحل اي مشكلة كانت
وهنا اردت ان استخدم هذا المثل الشائع في حديثنا عن الاباء { تحديداً } وعلاقتهم بأولادهم ولن اتطرق او أشمل في مضمون أو معنى الموضوع { الحياة الزوجية }
ببساطة لان الحياة الزوجية من الممكن ان تنتهي بإنفصال الزوجان وذهاب كلاً منهما لحال سبيله وذلك بإختيار الطلاق نهاية لعلاقتها . فالطلاق يعتبر حل فعال وناجح في بعض المشكلات الزوجية .
ولكن وببساطة ايضا من غير المعقول ان نضع الانفصال حل فعال وناجح في العلاقة بين الأب وابنه او بين الأم وابنها { او ابنتها }
فإنفصال الازواج يسمى طلاق وهو مباح ولا شئ فيه .إنما انفصال الابن عن ابيه او امه لا يسمى سوى عقوق بل ويعتبر في ديننا الحنيف من { الكبائر }
قال عليه الصلاة والسلام: { رضا الله في ر ضا الوالد، وسخط الله في سخط الوا لد } [رواه الترمذي وابن حبان].
من هنا يتبين لنا اهمية هذه العلاقة وقدسيتها ومكانتها العظيمة عند الله سبحانه وتعالى
الجانب الذي اريد ان اتطرق اليه هو ما يسمى بمصطلح { الاباء الاغبياء } . اي نعم هناك أباء يهدون لأولادهم اسرع الطرق ليعقوهم بل ويسلمونهم اياها على طبق من ذهب لا بل يشربونهم اياها منذ نعومة اظفارهم ويربونهم عليها دونما ادنى شعور منهم بذلك
فالغبي هو امتلك الشئ الغالي الثمين ولكنه افسده او اساء استخدامه رغم كثرة المعلمين والناصحين والواعظين ولكن . هيهات
فالأصل في الحياة هم الوالدان هم من كانوا السبب لان تأتي هذه الروح للدنيا هم من ربوها هم من علموها هم من زرعوا بها المبادئ سواء أكانت خاطئة او صحيحة
فالأهل من يزرع في الطفل الصفات التي يريدون فإما صالحة وإما دون ذلك لانه يولد على الفطرة
وهذا نتاج الجهل وانعدام الثقافة التربوية وضعف الوازع الديني وتطبيق التربية الخاطئة التي تربوا بها هم انفسهم على اولادهم من قسوة او حرمان او ضرب او توبيخ او اهانة او بخل مادي او معنوي او او او
فعندما يردد الوالدان صفة معينة في الطفل مثلا { عنيد } على مسمعه مرارا وتكرارا بقصد او بدون قصد فماذا ننتظر من هذا الطفل فيما بعد ؟
ومن زرع فيه اصلا صفة العناد ؟
لابد وان نعلم ان هناك حلقة مفقودة بين الاهل والطفل واكرر الطفل وليس الشاب او المراهق لأن المشكلة تبدأ منذ طفولة هذا الانسان ولكن الاهل لا يشعرون بمرارة المشكلة الا بعد ان يشب الطفل وتصبح الحياة معه شبه مستحيلة
الحلقة المفقودة تتمثل في انعدام الفهم المطلق بين الطرفين اي ان احدهما لم يفهم الاخر فالطفل لا يفهم لماذا ابوه يصرخ عليه { في حين هو يصرخ عليه لانه يريده ان يصبح افضل انسان على وجه الارض } لكنه لم يقولها له كذلك بل ترجمها الى صراخ حاد او الفاظ مهينة او تهديد بحرمان او ضرب
فتكون ردة فعل الطفل اما الانعزال ومعاندة الاهل وكرههم او التكسير او كره احد اخوته وخاصة ممن يتمتعون بمعاملة مغايرة من قبل احد الوالدان فيقولا هذا غير اخوه هذا مطيع بينما هم لم يعاملوه كأخيه ذاك فالشخصيات تختلف بطبيعة الحال بل ان ذلك المهان هو اذكى واحن عليهم من اخيه الاخر ولكنهم لم يعطوه الفرصة ليخرج ما عنده لهم
وهكذا ندور في حلقة مفرغة . الاهل يهينون ويتوعدون ويوجهون وينصحون بالصراخ والشتائم والطفل يعند ويتحول لشخصية شرسة عدوانية يقضم اظافره او يقطع شعره او يكره ابواه واخوانه والبيت والمشكلة انه سيعتقد بل سيحفر في عقله انه انسان فاشل سئ غير محبوب من اهله فما بالك بباقي البشر سيعتقد انه غبي فلا يدرك ان والداه يحبانه ولكن الوسيلة التي يعبرون بها عن اهتمامهم به تعتبر كارثة من الكوارث . فإذا كبر بدات المصيبة هنا فبدل ان كان ينعزل في زواية الغرفة يبكي من ذلك الموقف اصبح يخرج من البيت لساعات طويلة وربما نام عن احد الاصحاب وهنا { الصاحب الساحب } اما ان يقع في يد ابن حلال واما غير ذلك والكارثة حينما يتزوج هذا الشاب . واقول كارثة لانه سيتعامل مع زوجته بقسوة وطباع جافة شرسة والادهى لو رزق بأولاد لن يعطيهم الحب او الحنان لانه ببساطة لا يعرفه
ولكن هل نقول هنا ان العطار لن يفسد ما اصلحه الزمن ؟
لا بل يستطيع العطار ان يصلح كل ما افسده الزمن لا بد وان نتدخل حتى لو اصبح عمر الشاب ثلاثون عاما والمهم ان نتدخل قبل ان يقدم الشاب على الارتباط والزواج لان تلك الانسانة لا ذنب لها ان تعيش مع شخص محطم داخليا عانى من اسقاطات احد والديه او كلاهما وايضا اولاده فلا ذنب لهم ان يعانوا كما عانى هو
كيف يكون العلاج .
لابد من الحوار ثم الحوار ثم الحوار . الحوار الهادئ الذي يزيح الغبار عن كل علامات الاستفهام التي تراكمت في عقل الشاب منذ كان طفلا صغيراً فالطالما تسائل لماذا يعاملونني هكذا . هو لا يعلم لماذا هو لا يعلم انهم يحبونه بل يعشقونه وهو بمثابة نور عيونهم والهواء الذي يعيشون به هو عندما كان يغضب وينعزل ويثور ويصرخ ويضرب ويكسر كان حزين لان احد والديه زعل منه وغضب منه فشعر انه سئ وانهم لا يحبونه . اي زعل لزعلهم ولم يزعل منهم . ولكن هذا الشعور سيتغير تدريجيا لو استمرت نفس الضغوط ونفس المعاملة ليتحول لكره حقيقي ومن ثم لعدم نسيان ومنها لعدم مسامحة
لابد وان يجلس من كان سبب لهذه النتيجة سواء الاب او الام ليشرح له انه كان مخطئ في طريقة معاملته له وانه وهذا المهم { يحبه جدا جدا } فهذا هو مربط الفرس وهذه هي العقدة فهذا الشاب تراه يشكي حاله للاستشاريين او الاطباء النفسيين او حتى الاصدقاء { والدي لا يحبني } واختص بالاب لانه الاقرب للشاب فهو قدوته وهو ملاذه وحصنه الحصين فالطفل مرآة أبيه في كل شئ
ولا بد من الصبر والاستمرار لان عدد التراكمات كبير جدا في نفس هذا الشاب ولن يتقبل الاعتذار الان بعد هذا المعاملة القاسية طوال هذه السنين وخاصة لو نتج عنها ادمان الشاب او سجنه نتيجة انحراف او ماشابه ناتج عن ذلك الاهمال تربوي
لان العلاقة الابوية لا فراق فيها الا بالموت فلا بد من المصالحة والاجتماع بعد الفرقة
الوضوح الحوار المصارحة شرح الدوافع التي ادت لهذه المعاملة وتبيين القصد والهدف منها . الاعتذار القرب المصاحبة تحمل كل ما سيخرج من هذا الشاب والاستماع له مهما قال التعويض بالمشاعر اولا لانها هي سبب كل ما هو فيه ومن ثم الاشياء المادية من هدايا او اساسيات يتمناها الشاب والاهم الصبر والصبر ثم الصبر
ولأن الوقاية دوما خير من العلاج
فانصح هنا الاهل بأن يكون الحوار سمة اساسية مع اولادهم فلو كان ابنك يمسك عود ثقاب او سكين او يضرب اخاه او انه يفعل اي عمل يضر به او بأحد اخوته او بأي شئ في البيت فبادر دوما بإنهاء الحادث بسرعة وهدوء ومن ثم اشرح له ما نتيجة فعلته تلك بهدوء حتى لو اعادها فعقله لا يستوعب الخطر فالصراخ والتوبيخ لن يجدي نفعاً لان الطفل لن يدرك لما عوقب ولما تم توبيخه لانه لا يعلم عواقب عمله فاشرح له كل ما تريده منه
ولابد وان يرافق الحوار المصاحبة او مصادقة الطفل كن صديقه لكي لا يبحث عن صديق آخر
لا للضرب فلو بدأت بالضرب فبماذا ستنتهي
لا تؤكد على صفات الطفل السيئة وتكررها امامه لكي لا ترسخها في عقله الباطن فتترجم لافعال وتترسخ بشخصيته
لا تنسى ان للوراثة عامل مهم في تحديد صفات الطفل سواء منك او من احد افراد العائلة ولكن هذا لا يعني ان نستسلم لهذه الصفة ونتركها تكبر مع الطفل وتتأسس في شخصيته بل هنا يأتي دور التربية والتوجيه الصحيح والتركيز على الايجابيات في الطفل والاهم تقوية الوازع الديني فيه
اعلم انك تربيت بشكل خاطئ ومنافي للدين الاسلامي وتعاليمه فلا تكرر خطأ والدك مع ابنك
الثقافة الدينية والتربوية وتعلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته في التربية وقراءة الكتب المتخصصة
الام وما ادراك ما الام . لا تكوني كمن يصب البنزين فوق النار فلا تشجعي زوجك وتقفي في صفه ضد ابنك ولا تحرضيه ولا تكوني مع الولد ضد الزوج فيزيد الزوج من قسوته ويتهمه بانه { دلوع امه } وستوغرين صدر الولد على ابيه وسيكبر وهو يكرهه بل كوني عون للعلاج وليس للتسكين عالجي السبب وكوني عون لزوجك على ان يغير من طباعه وطريقة تربيته الخاطئة مع ولده واشرحي للولد ان والده يحبه ولكنه لا يحسن التعبير فهكذا تضيئين الطريق وتزيحين عن عقل الطفل الكثيير من علامات الاستفهام
واخيرا وليس لهذا الموضوع نهاية . أيها الاباء اولادكم لا يوجد على وجه الارض ما هو اغلى منهم هم فلذات اكبادكم ونور اعينكم هم امانة وانتم الراعون لها اتقوا الله فيها واحسنوا تربيتها لانكم مسؤلون عنها فلا ترموها بأيدكم للتهلكة وترموا بانفسكم قبلها . فكلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
ايها الاب اخرج للحياة شخصية سوية تبني اسرة اخرى وجيل آخر سليم النفس لان الاسرة هي الحياة
gh dwgp hgu'hv lh hts]i hg.lk ,hg]d gh dpfkd