وقفة مع نهاية العام
بسم الله الرحمن الرحيم
ها نحن ودعنا عاما كاملا عشنا لحظاته بالثانية فدعونا أن أقف وقفة على أعتاب نهاية
هذا العام وما دار به من أحداث وما تخلله من تقلبات وما اجتاحه من عواصف النكبات وما سبب ذلك
وما نتج عن ذلك ولأجل من كان ذلك وما العظة من ذلك ؟ .
كما هو كل عام تظل الأمة الإسلامية والعربية مسرحا للأحداث الساخنة والتقلبات المريبة والصراعات
العنيفة التي تعجل بمصرع الأمة الإسلامية والعربية لتكون لقمة صائغة لليهود والمستعمرين ,
وقد اشتدت وطأت هذا العام والذي قبله على الوطن العربي , فبعد أن كنا نعاني من خلافات ومشاحنات بين
الدول العربية بتنا نعاني حروبا طاحنة بين أبناء الدولة الواحدة , معارك طاحنة بين حكومات الدول
وشعوبها فما اكتفى العرب بعدم الاتفاق بل تطاولوا لشهر السلاح في وجه بعضهم البعض , فمن
المستفيد من ذلك ؟! .
لقد شهدت الساحة العربية في هذا العام امتدادا للعام السابق أحداثا مؤلمة وصراعات دموية عنيفة
ووحشية متناهية امتدت فيها الأيادي لأعناق أهلها , فتحولت شوارع المدن وطرقاتها ساحات للمعارك
يقتل فيها الأخ أخاه وبات الشعب الواحد يقتل بعضه بعضا وتسخر لأجل ذلك الأسلحة الثقيلة والخفيفة
لنتراشق بها بعضنا البعض , فبدلا من أن نوحد الصف ونستجمع قوتنا لقتال عدونا , نشق الصفوف إلى
أقسام متعادية وتدور بيننا معارك طاحنة ونقاتل بعضنا بضراوة متناهية ليستمتع أعداؤنا بمشاهدة
سفكنا لدمائنا فأي عقل في هذا وأي حكمة ؟!.
حكام ليسوا على مستوى المسؤولية حينما يواجهون معارضة الشعب واحتجاجاتهم بالمدافع
والصواريخ ليضعوها في نحورهم ويمزقوا بها أشلاءهم , وما استدركوا أن شدة الضيم الذي عانه
الشعب هو سبب احتجاجهم وغضبهم , بل آثروا السلطة والاستعلاء على الحق والوفاء , فليس الحق
عندهم حق إذا خالف نهجهم فكل ما لا يسلم لهم فهو باطل , فلا كلمة تعلو كلمتهم ولا رأي يؤخذ في
مخالفة رأيهم , وهذا هو العلو والكبرياء الذي أصاب كثير من الزعماء , فما حل بهم ؟ وما كان
مصيرهم ؟ منهم من طرد ولاذ بالفرار , ومنهم سجن , ومنهم من قتل , ومنهم من ينتظر , فهل في ذلك
عبرة أيها المعتبرون ؟!.
,
فهل هذا حق وانتصار للذات أم ظلم وعدوان على الغير ؟ فما هكذا
يعبر عن الغضب ولا هكذا يكون الاحتجاج ,
فإن كانت الشعوب تشكوا ظلم حكامها فما بالها تتطاول على حقوق غيرها من
أبناء شعبها , أليس هذا ظلم مبين ؟.
إن ما شاهدناه في هذا العام لأمر يدعو إلى الخوف والفزع , فلقد ضاعت الحكمة من الزعماء وهاجت
الشعوب هوجة عمياء وكل ذلك مصاب عظيم وخطب جلل جسيم على الأمة العربية خاصة والإسلامية
عامةوالتي هي بمثابة الفريسة المتربص بها من قبل اليهود والنصارى الذين يرقبون رمقنا الأخير
لينقضوا علينا كما تنقض النسور على الجثث الهامدة .
فيا عرب ما هذا العدوان فيما بينكم وما هذا الخذلان الذي اعتراكم , في كل عام نأمل أن يتغير حالنا
للأفضل ونصلح أوطاننا للأجمل , نرى عكس ما نأمله من سوء في الحال وخراب في الأوطان وذل
وهوان , وما ذلك إلا لأننا غيرنا وبدلنا ما ارتضاه الله ورسوله لنا من عزة وكرامة وقوة ومهابة ورشد
وسيادة فآثرنا التغريب على النهج النجيب فتجرعنا مرارة الذل الرهيب .
ألم نعي ما قاله رسولنا الكريم
صلى الله عليه سلم في خطبته الخالدة في حجة الوداع ؟ {فإن دماؤكم
وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا}
فمالنا لم نعظم الحرمات حتى الأشهر الحرم التي كان في الجاهلية لها حرمتها انتهكنها نحن في
زمننا هذا
وبهذا نعد أجهل من جاهلية قبل الإسلام ويا أسفاه !!!
إننا ودعنا عامنا هذا بدماء مسفوكة وأوطان ممزقة وعدوان متفاقم ,
فأي عام سنستقبل إن كان ودعانا
لهذا العام على هذا النحو المشين , فليس هناك ما يدعو للتفاؤل فنحن في انتكاس مستمر , ومن عام
إلى عام يتسارع نحو الهاوية , فإلى أي قعر سنستقر يا عرب !!
اللهم إنا نرجوك ولا نرجو سواك فلا منجى ولا ملجأ مما نحن فيه إلى إليك , اللهم وحد صفوفنا واجمع
كلمتنا واحقن دماءنا وانصرنا على أعدائنا إنك سميع مجيب الدعاء
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
,rtm lu kihdm hguhl