عندما انتهيت من قصة في مسرح الجريمة او قتل خطأ التي قد حازت على إعجاب الكثيرون بدأت في كتابة جزء جديد و كأنها سلسة لنفس الأبطال , و اليوم ها قد انتهيت من كتابة الجزء الجديد و أتمنى ان تنال إعجابكم لأني قد بذلت جهد كبير في إخراجها . . . .
 
 محمود غسان
 
 
 * * * * *
 
 ( سيتم طرح القصة على سبع حلقات )
 
الحلقة الأولى
 
 سافر المحقق دانيال واتسون و زميلته الآنسة كليرا الى ايطاليا لإلقاء دروس في الجريمة في روما , و كان في انتظارهم المخبر ريناتو زميل المحقق دانيال و صديقه منذ أكثر من خمس سنوات .
 
 في هذه القصة تدور إحداثها على متن قطار فراتشي أروسا ( السهم الأحمر ) في ايطاليا بين ميلانو و روما حيث تقع جريمة قتل غامضة , يكاد المحقق دانيال واتسون ان يشيب شعره , هذا لان الجاني احكم الخـُطة و لم يدع للثغرات أساس 
 
 * * * * * * * * *
 
 ايطاليا , ميلانو 
 الساعة السادسة مساءا .
 
 جلس المحقق دانيال على كرسيه في مقهى محطة ميلانو و في انتظار قدوم النادل , أخذ يقلـّب في محتوى الصحيفة التي أمامه حتى شد نظره نحو خبر سرقة احد البنوك في فاريزي , صـٌدم من هذا الخبر فرمى الصحيفة أمامه بهدوء على الطاولة حتى رأى النادل قادم نحوه 
 
 اعتذر عن التأخير بعبارة روتينية مؤدبة و قدم له فنجان القهوة و انصرف على الفور , فأخذ رشفه من فنجانه ثم أعاده مكانه بهدوء حتى لمح شخص قادم نحوه و كانت آنسة حسناء طويلة القامة , عاقدة شعرها كذيل الحصان كعادتها و في رفقتها رجل إيطالي الملامح و يحمل بين يديه حقيبة صغيرة .
 
 صرخ هذا الرجل الإيطالي بلهفة و قال :
 " ايها المحقق دانيال واتسون أعظم محقق في ساكرامنتو "
 ابتسم المحقق دانيال و نهض فورا لمبادلته التحية 
 
 ريناتو باريزي رجل طويل القامة , بشرته بيضاء , شعره كثيف و هو رئيس مكتب الشرطة في ميلانو و هو أيضا صديق مقرب لمحقق دانيال منذ خمس سنوات .
 
 اتخذ ريناتو مقعدا له و كذلك الآنسة كليرا مساعدة المحقق دانيال ,
 فقال ريناتو له : " هل تعلم يا سيادة المحقق بأن كان هناك رجـل يود مقابلتك ؟ "
 فأجاب باستغراب بعد ثواني : " من  هل هو ايطالي  "
 ابتسم و قال : " بلى . المفتش فيجو كونيري "
 حاول يتذكر الاسم قليلا ثم قال : " هل هو الرجل ذاته الذي حقق في قضية السيدة سليفا كالو في مقتل زوجها العربي  , أليس كذلك  "
 
 ضحك ريناتو و قال بإشارة بيده : " بلى هو "
 فقالت الآنسة كليرا مسرعة : " أتذكر تلك القضية جدا , مدام سليفا كالو كانت تعـُتبر شخصية عامة و علاقتها بالجيش العسكري سبب توتر هذه القضية أكثر " 
 ابتسم المحقق دانيال و قال : " و أين هو إذن  "
 أومأ ريناتو برأسه و قال :
 " انا أخبرته بأننا سوف ننطلق الى روما , و لكن يبدو و انه انشغل في بعض الأمور "
 فنظر المحقق الى ساعة يده و قال : " حسنا هيا بنا , حان موعد تحرك القطار "
 
 اخذ دانيال آخر رشفة من فنجانه ثم دفع الفاتورة للنادل و اخذ حقيبته الصغيرة و تحرك مع رفقته نحو رصيف المحطة .
 فقال ريناتو عندم تحركوا : " مقاعدنا في العربة الثانية "
 سكت ثم قال : " ها هي " و أشار إليها بيده ,
 
 فصعد المحقق دانيال واتسون و الآنسة كليرا و ريناتو باريزي الى العربة الثانية , حيث كانت مشغولة جميعها بالركاب و بالكاد استطاعوا تحديد مقاعدهم 
 فاتخذ الجميع أماكنهم و في انتظار تحرك القطار  
 
 اختلس ريناتو النظر نحو العربة المجاورة ثم قال للمحقق دانيال : " هل تعرف من هنا  "
 أجاب باستغراب : " من  "
 - " لا ظن انك تعرفه , اسمه مستر رينالدو بيروزي "
 
 افتعل المحقق دانيال حركة على عدم معرفته له , فقالت الآنسة كليرا : " من هذا  "
 عدل ريناتو موضعه و قال : " انه رجل غني جدا , زار ايطاليا منذ ستة أعوام تقريبا , افتتح عدة مشاريع في روما و نابولي و جنوة , مشاريع مختلفة , و قام بتوظيف الآلاف من المواطنين و هو الآن يعـُتبر شخصية عامة "
 سكت ثم قال : " و لكنه بالطبع ليس إيطالي "
 فقال المحقق دون ان ينظر إليه : " و كيف عرفت  "
 ضحك و قال : " عاداته و تقاليده لا تمس الإيطاليين بتاتا "
 فسمع صوت صفارة القطار ثم بدأ بالتحرك نحو فلورنسا عند السادسة و الربع 
 
 فقرر المحقق و صديقه ان يضيعا الوقت في أمور هادفة حتى وصول القطار , فدار بينهم عن ما حدث في أمريكا في الآونة الأخيرة و الإضرابات و حملات الاعتقال الواسعة للعمال و غير ذلك تحدثا عن عملية اغتيال بن لادن و كيف استطاع قوات كوماندوز مداهمة قصر بن لادن و اغتياله بالتعاون مع القوات الباكستانية .
 
 و في تمام الساعة الثامنة مساءا توقف القطار في محطة سانتا ماريا نوفيلا في فلورنسا فقال هذا الإيطالي بإبتهاج :
 " محطة سانتا ماريا نوفيلا "
 
 التفت الى المحقق دانيال و قال : " فلورنسا مدينة جميلة جدا , لها طابع خاص بالنسبة لي "
 فتوقف القطار تماما , فبدأ جميع الركاب بمغادرة القطار بينما المخبر ريناتو اعتذر لهم لدخوله دورة المياة 
 
 فلم يتبقى احد في العربة الثانية سوى المحقق و مساعدته , فالتفت إليها و قال لها :
 " تعالي معي ننتظر على الرصيف قليلا "
 غادر المحقق دانيال القطار و انتظر عند حافة رصيف المحطة , ثم أشعل غيلونا وبقيّ واقفا بالقرب من القطار , فاقتربت إليه الآنسة كليرا و هي تقول باستغراب :
 " منذ متى و أنت تدخن  "
 
 ابتسم المحقق و قال : " لقد اشتريت هذا الغيلون من ميلان , انه بنكهة النعناع "
 ضحكت و قالت : " هذا ضار لصحتك "
 بعد ثواني قليلة جاء إليهم المخبر ريناتو و هو يمسح يديه من الماء بمنشفة صغيرة :
 " لماذا تركتم مقاعدكم "
 التفت المحقق إليه و قال : " كم بقيّ على تحرك القطار ؟ "
 فنظر ريناتو الى ساعة يده و قال : " لا أعلم , ربما نصف ساعة "
 فتحرك المحقق و هو يقول : " حسنا انا ذاهب الى مقهى المحطة قليلا "
 فلحقت به الآنسة كليرا و هي تقول : " سوف أأتي معك "
 
 * * * * * * * * *
 
 جلس المحقق دانيال و الآنسة كليرا على و اتخذوا مقاعد لهم في مقهى المحطة ثم طلب من النادل فنجاني من الشاي و عندما لاحظت الآنسة السكون الذي حلّ عليه فجأة حاولت أن تكسر ذلك الحاجز , فأصدرت صوتا كما يكن هناك كارثة 
 
 فقالت بصوت عالي : " ما الأمر  "
 ابتسم المحقق دانيال و قال : " لا شيء لقد تذكرت فقط آخر قضية قمت بالتحقيق بها معك "
 فقطبت حاجبيها و قالت : " تقصد روبيرت باندريك  كان هذا منذ عامين  "
 سكت لثانية ثم قال مبتسما و بإشارة بيده : " لا عليك "
 
 فجاء النادل و هو يحمل صينية الشاي فقدمها لهما ثم قال للمحقق بهدوء :
 " هل تريد شيئا آخر سيدي  "
 نظر إليه و قال : " لا , أشكرك "
 فالتفت النادل حوليه ثم مال نحو المحقق و قال بهمس : " سيدي هناك رجل يود مقابلتك  "
 تغيرت ملامحه بشدة ثم قال بإستغراب : " مقابلتي انا  من ؟ "
 فسمع صوت غليظ من خلفه يقول بالإنجليزية : " أنا . "
 
 فنظر المحقق خلفه لتتبع مصدر الصوت حتى وجد رجل ابيض اللون شعره ابيض و له شارب ابيض و لحية بيضاء , قوي البنية , و عمره لا يتعدى الستون .
 نهض المحقق على الفور , و كذلك مساعدته الآنسة كليرا , فأقترب المحقق نحوه و قال :
 " مرحبا بك سيدي , هل أستطيع مساعدتك  " 
 
 فنظر هذا الرجل إلى النادل و قال له بالإيطالية : " انصرف أنت "
 أحنى رأسه احتراما له و ذهب على الفور 
 فاقترب هذا الرجل أكثر ثم تناول مقعدا و اتخذه مجلسا له 
 فاستغربت الآنسة كليرا له فنظرت الى المحقق دانيال بالخفاء و حركت شفاها و كأنها تريد معرفة من هذا المتطفل  
 فجلس المحقق دانيال ثم مساعدته , ثم قال له مجددا : " هل أستطيع مساعدتك  سيدي  "
 
 ابتسم هذا الرجل و قال : " لا يا سيد دانيال , لقد جئت إليك كي أتحدث معك قليلا "
 ثم أضاف : " أنا رينالدو . , رينالدو بيروزي "
يتبع , . . . . . .