من روائع قصص الحب الاموي 2013
عروة و العفراء
هي من أقدم قصص الحب
كان عروة يعيش في بيت عمه والد عفراء بعد وفاة أبيه، وتربيا مع بعضوأحبا بعضهما وهما صبيان.
فقد ربط الحب بين القلبين الصغيرين منذ طفولتهماالمبكرة، وشب مع شبابهما.
فلما شب عروة تمنى عروة أن يتوج الزواج قصة حبهماالطاهرة، فأرسل إلى عمه يخطب إليه عفراء، ووقف المال عقبة
في طريق العاشقين، فقد غالت أسرة عفراء في المهر، وعجز عروة عن القيام به .
وألح عروةعلى عمه، وصارحه بحب عفراء، ولأنه كان فقيرا راح والدها يماطله ويمنيه الوعود، ثمطلب إليه أن يضرب
في الأرض لعل الحياة تقبل عليه فيعود بمهرعفراء.
ولم يكذب عروة خبرا، وانطلق من غده بحثاً عن المال، وعاد وجيبه عامربالمهر وما يزيد ، فقد تيسر له ما كان يسعى
إليه، والأمل يداعب نفسه، ويرسمله مستقبلا سعيداً يجمع بينه وبين عفراء.
وفى أرض الوطن يخبره عمه أن عفراءقد ماتت، ويريه قبراً جديداً ويقول له إنه قبرها.
وتتحطم آمال عروة، وينهاركل ما كان يبنيه لأيامه المقبلة، وترتبط حياته بهذا القبر، يبثه آلامه، ويندب حظه،ويبكي
حبه الضائع ومأساته الحزينة، ويذيب نفسه فوق أحجاره حسرات ودموعاً،فقد فقد حبيبته ورفيقة صباه.
ثم تكون مفاجأة لم يكن يتوقعها، لقد ترامت إليهأ نباء بأن عفراء لم تمت، ولكنها تزوجت.
فقد قدم أموي غني من الشام في أثناءغيبته، فنزل بحي عفراء، ورآها فأعجبته، فخطبها من أبيها، ثم تم الزواج
رغممعارضتها، ورحل بها إلى الشام حيث يقيم.
وتثور ثائرة عروة، ويصب جام غضبهعلى عمه الذي خدعه مرتين:
خدعه حين مناه عفراء، ودفع به إلى آفاق الأرضالبعيدة خلف مهرها، ثم خدعه حين لفق له قصة موتها، وتركه فريسة
أحزانهودموعه، فمضى يهجوه :
فيا عم يا ذا الغدر لازلت . مبتلي حليفا لهم لازموهوان
غدرت وكان الغدر منك سجية . فألزمت قلبي دائمالخفقان
وأورثتني غما وكربا وحسرة . وأورثت عيني دائمالهملان
فلازلت ذا شوق إلى من هويته . وقلبك مقسوم بكل مكان
وانطلقعروة إلى الشام، ونزل ضيفاً على زوج عفراء والزوج يعرف أنه ابن عم زوجته ولا يعلمبحبهما بطبيعة الحال،
ولأنه لم يلتقي بها بل بزوجها فقد راح هذا الأخيريماطل في إخبار زوجته بنبأ وصول ابن عمها.
ففكر عروة في حيلة عجيبة، فقدألقى بخاتمه في إناء اللبن وبعث بالإناء إلى عفراء مع إحدى الجواري.
وأدركتعفراء على الفور أن ضيف زوجها هو حبيبها القديم قد عاد فتلتقي به
ويلتقيالعاشقان بعد تلك الأيام الطويلة الحزينة التي باعدت بينهما، ويتذكران ماضيهماالسعيد فوق أرض الوطن
البعيدة وما فعلت بهما الأيام، وتكون شكوى، وتكوندموع.
صمم عروة على العودة حرصا على سمعة عفراء وكرامتها، واحتراما لزوجهاالذي أحسن وفادته وأكرم مثواه
ورحل عروة بعد أن زودته عفراء بخمار لها ذكرىحبيبة منها.
وفي أرض عذرة التي شهدت رمالها السطور الأولى من قصة حبه، تكونالأدواء والأسقام في استقباله.
فقد ساءت حال عروة، واشتد عليه الضنى، واستبدبه الهزال، وألح عليه الإغماء والخفقان، وأخذه مرض السل حتى لم
يبقي منهشيئ، وعجز الطب عن علاجه.
ولم يجد عروة إلا شعره يفزع إليه ليبثه آلامهوأحزانه، ويصور فيه ما يلح على نفسه من أشواق وحنين، وما يضطرب
في جوانحهمن أسى ووجد.
يقول مرة :
فوالله لا أنساك ما هبت الصبا . وماعقبتها فى الرياح جنوب
وإنى لتعروني لذكراك هزة . لها بين جلدي والعظامدبيب
وما هو إلا أن أراها فجأة . فأبهت حتى ما أكاد أجيب
وأصرف عنرأيي الذي كنت أرتني . وأنسى الذي أعددت حين تغيب
حلفت برب الراكعين لربهم . خشوعاً، وفوق الراكعين قريب
لئن كان برد الماء حران صاديا . إلى حبيبإنها لحبيب
قضى عروة أيامه بين أمل عاش له ثم ضاع منه إلى الأبد، وألم عاشفيه وقد استقر في أعماقه إلى الأبد، وبينهما
خيال عفراء الحبيبة لايفارقه.
ثم كانت نهاية المأساة، فقد أسدل الموت على العاشقين ستار الختام،بموت عروة.
ظل عروة يهذي باسم عفراء ويحادث طيفها حتى وافتهالمنية.
بلغ النبأ عفراء، فاشتد جزعها عليه، وذابت نفسها حسرات وراءه، وظلتتندبه وتبكيه وامتنعت عن الطعام والشراب
حتى لحقت به بعد فترة وجيزة، ودفنتفي قبر بجواره .
ويأبى خيال القصاص إلا أن يجمع بينهما بعد الموت، فقد دفنتعفراء إلى جانب قبر عروة، ومن القبرين نبتت شجرتان
غريبتان لم ير الناسمثلهما من قبل، ظلتا تنموان وتلتف إحداهما على الأخرى، تحقيقا لأمل قديم حالتالحياة دون
تحقيقه، وأبى الموت إلا أن يحققه.
هذه هى أقدم قصة وصلتإلينا من قصص الحب العذري في العصر الأموي، وهي تمثل المعالم الأساسية، والملامح
المميزة، لكل قصص الحب العذري، ومن المحتمل أن تكون هي التي أعطت هذا اللونمن الحب اسمه الذي عرف به.
lk v,hzu rww hgpf hghl,d 2013