فرحت عند سماع خبر وفاه والدي 2013

رحت عند سماعي خبر وفاة والدي وبكيت عند سماع صوت المنبه . توفي والدي رحمه الله وقد تجاوز التسعين من عمره ببضع سنين

وكان يتمتع بصحة جيدة وذاكرة حديدية إلى أن توفاه الله ، ولكنه كان كفيف البصر منذ شبابه وسبب له المرض الذي فقد بصره بسببه آلام لا تطاق لعدة سنوات ،

مما شل حركته وأعاق نشاطه ، عانَ كثيرا في حياته توفي له من الأبناء ستة ، وكان أولـهم ابنه البكر بعد أن أكمل من العمر ثلاث سنوات ،

وقد أدركتُ أنـا اثنين منهم أما البقية فقد توفاهم الله قبل ولادتي ، وما خفف عليه حرمانه نعمة البصر ومصائب فقدانه لأبناءه هو أنه كان مؤمناً بقضاء الله وقدره ،

فقد كان قلبه متعلق بربه ثم بالمساجد إلى حد كبير.



لا تفوته صلاة واحدة في المسجد حتى لو اشتد عليه المرض يتحامل على نفسه ويذهب للمسجد يكون متواجدا فيه قبل وقت الصلاة بما لا يقل عن ساعةٍ أو أكـثر,

ينام بعد صلاة العشاء مباشرة ويصحو في الثلث الأخير من الليل يقضيه قائما مصلياً إلى ما قبل أذان الفجر بساعة أو ساعتين ، ثم يذهب إلى المسجد متلمساً طريقه

الذي حفظ تفاصيله إلى أن يصل لروضته التي لا يرضى أن يسبقه أحدٌ إليها .



كان يذكر الله في كل وقت قائما وجالساً راكبا وماشياً, الدنيا لاتساوي عنده جناح بعوضـة ولم يكن يلقي لها بالاً ,

رفض جميع محاولاتنا لإقناعه بأن نقوم بمحاولة لعلاج عيونه في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون لعل الله أن يكتب ويعود له بصره من جديد ولم يقتنع

بذلك إلا بعد ثلاث سنوات من المحاولات الفاشلة ، ولكن للأسف لم يكن هناك أمل في شفاءه بعد أن ذكر الطبيب لنا ذلك .



تعرض لعدة حوادث أثناء ذهابه وعودته من المسجد والحمد لله كانت عبارة عن كدمات ورضوض, قد نكون مقصرين بعض الأحيان في متابعته

قبل أن يذهب إلى المسجد وبحكم أعمالنا ايضاً لا نستطيع متابعته في كل تحركاته وما يزيد الطين بلة أنه يذهب إلى المسجد دون أن يطلب من أحد إيصاله له ، لا يرضى أن يستعين بأحد.

كان يعتمد على نفسه في كل شي ، قبل عدة سنوات زاره مجموعة من الشباب المتدينين الذين أحبوه في الله وهم لا يعرفونه ولا يعرفهم فذكر له أحدهم أن

أحد الصحابة لم تفته تكبيرة الإحرام في المسجد أربعين سنة ، وسأل والدي كم سنة لم تفتك تكبيرة الاحرام؟



فرد عليه نحن لن نصل الى ربع ماوصل اليه الصحابة ، فأصر السائل على أن يجيبه على سؤاله ، فقال له: على ما أذكر أني خلال السبعين سنة

الأخيرة لم يأتِ المؤذن قبلي للمسجد ، أي أنه خلال السبعين سنة الأخيرة من عمره التي يذكرها وقد تكون أكـثر من ذلك كان يحضر للمسجد

قبل المؤذن وبالتالي لم تفته تكبيرة الإحرام سبعين سنة متواصلة .




ذكر لي قبل عدة سنوات أنه رأى في المنام وهو يسير في الشارع مجموعة كبيرة من الناس تتجمع أمام أحد البيوت فسأل أحد الواقفين عن

سبب هذا الزحام فقال له أن الرسول صلى الله عليه وسلم موجود داخل هذا البيت والناس حضرت لتسلم عليه فقرر أن يدخل ويسلم عليه معهم

وبعد أن دخل إلى المجلس الذي يتواجد فيه الرسول كان عليه الصلاة والسلام واقفاً أمامه مباشرة وبعد أن هم ليتقدم ليسلم عليه تقدم شخص آخر

من خلفه ليسبقه بالسلام ثم توقف والدي في مكانه وبعد أن وصل الرجل إلى الرسول قام الرسول عليه الصلاة والسلام بوضع يده على صدر هذا الرجل

ودفعه للخلف ثم تقدم إلى والدي وتوقف أمامه ثم قام عليه الصلاة والسلام بإخراج ورقةٍ من جيبه ووضعها في جيب والدي ، فسأله: ماهذه الورقة التي وضعتها في جيبي؟

فرد عليه الرسول قائلا اتركها معك فسوف يأتي يوم تحتاجها فيه .




سألت كثيرا عن هذه الرؤيا ولم أجد جوابا شافياً لها حتى عرضتها على الأخ الميداني الكاتب هنا في الساحات الذي يفسر الرؤى جزاه الله خير

()* وفسرها لي وأنزلها في حينه في موضوع مستقل هنا في الساحات ،

الاخ الميداني جلس ما يقارب الشهرين حتى استطاع ان يجيبني على تفسير هذه الرؤيا ، فقد قام بعد شهر بتفسير الشق الأول من الرؤيا ولم يستطع تفسير الشق الثاني

وطلب مني مهلة ، وكان متحمساً جداً لهذه الرؤيا وقد طلب مني الإجابة على بعض استفساراته ، وبعد شهر آخر فسر لي الجزء الثاني من الرؤيا وهي أن الرجل الذي تقدم ليسبق

والدي ثم دفعه الرسول وتقدم لولدي فسرها بأن أحد أقاربي سيصاب بمرض خطير أو ما شابه الى درجة أن الجميع يتوقعون موته في أي لحظة ،

ثم يشفى هذا المريض فجأة ويتوفى والدي وهو بكامل صحته , وهذا ما حدث بالفعل !!



فقد مرض قريب لنا مرضاً أقعده الفراش عدة أشـهـر إلى درجة أنهم يقومون بنقله في بطانية إلى المستشفى ثم في يوم من الأيام شُفي

فجأة وكأنما لم يصبه شيء ، وبعد ذلك بثلاثة أسابيع توفي والدي فجأة وهو يتمتع بكامل صحته رحمه الله.




أما تفسير الشق الثاني من الرؤيا فكانت الورقة التي وضعها الرسول عليه الصلاة والسلام في جيب والدي وطلب منه أن يتركها معها

لأنه سيحتاجها في يوم من الأيام ، فقد فسرها لي الأخ الميداني أن هذا عمله الصالح وسينفعه يوم القيامة .



ارجع إلى عنوان موضوعي وسبب فرحتي بوفاة والدي



قبل سفري لم أكن أرغب في إبـلاغ والدي أن مدة سفري ستصل إلى عدة سنوات مراعاة لمشاعره وبسبب حبه لي وخصوصا أني أصغـر أبناءه

فذكرت له أن سفري سيستمر لعدة شهور وفيما بعد سـأذكر له أني سأمدد عدة شهور أخرى وهكذا إلى أن يتعود على الوضع تدريجياً ,

في البداية تضايق من خبر سفري ولكن مع الوقت اقتنع بالفكرة وكان كل شيء على ما يرام .



في يوم سفري جلس معي وكان على غير العادة وما أن تحدثت إليه حتى أجهش بالبكاء إلى درجة أنه لم يعد يستطيع أن

يتنفس وبحكم معرفتي بوالدي فهو صبور جدا ولا يتأثر بسهولة ولم يبكِ قط حتى عندما توفي أخواي الاثنين اللـذين أدركت لم تنزل من عينه دمعة واحدة ،

كذلك عندما توفيت والدتي رحمها الله قبل تسع سنوات كان صابرا محتسباً لم تحرك فيه كل هذه الأحداث شعرة , بعد هذا المنظر قررت أن أستخير الله وألـغي سفري

ولكن من حولي أقنعوني بأن أسافر وأن هذا الأمر طبيعي ، وسيتعود مع الوقت وأن مكالماتي له بالهاتف ستقلل الكثير من هذا الحزن وقاموا بتهدئة والدي وإقناعه

حتى هدأ وعاد طبيعياً واستقر وضعه , ارتحت قليلاً وفي المساء سافرت .



بعد أن فسر الأخ الميداني الرؤيا بعد سفري قلقت كثيرا من تفسير الجزء الأول من الرؤيا فأخذت إجازة ورجعـت للسعودية .



بعد أن وصلت إلى والدي وجدته يتمتع بصحة جيدة وكان فرحاً بعودتي وذكرت له أني سأعود بضع شهور أخرى ثم أرجع له مرة ثانية .



ومكثت معه إلى ما قبل شهر رمضان قبل الماضي وفي ليلة سفري والعودة قام من نومه على غير العادة وكان الوقت متأخراً ورحلتي

كانت قبل الفجر فسأل عني فتعجبت لأني قد ودعته قبل أن ينام ، ناداني وقال لي ( أوصيك بطاعة الله ) فقط هاتيي الكلمتين وكانت آخر كلمتين يقولهما

لي فقبلت رأسه وذهب إلى فراشه إلى أن حان موعد رحلتي ثم سافرت ، وبعد رمضان وفي منتصف شهر شوال أتاني اتصال في ساعة مبكرة على غير العادة ،

استجبتُ للمكالمة فكان أحد إخوتي يطلب مني أن أحضر لأن والدي مريض ، فقلت له ماذا حث له؟ قال لي: لقد توفي .




وقع علي الخبر كاصاعقة تمالكت نفسي في لحظتها وأول ما تبادر إلى ذهني مباشرةً سؤال ، قلت له: هل صدمته سياره؟

لأني توقعت أنه قد صدمته سيارة وهو ذاهب إلى المسجد ولأنني على اتصال بهم بصفة مستمرة ولم يكن يشتكي من أي مرض .



قال لي لم تصدمه سيارة وكان البارحة معنا بعد صلاة المغرب بكامل صحته وقد تناول معنا القهوة إلى أن صلى صلاة العشاء في المسجد ،

قلت: ماذا حدث ؟ قال لي لقد وجدناه متوفياً وهو ساجد في مصلاه المعتاد آخر الليل وكانت أكمام ثوبه لا تزال مطوية ورطبة من جراء الوضوء ،

أحسست بعدها بشعور غريب أقرب إلى الفرح منه إلى الحزن لم تنزل مني دمعة واحدة ، أغلقت الخط ومن حسن الحظ أن في ذلك اليوم رحلة سوف تتجه إلى الرياض ،

أخذت أغراضي وتوجهت إلى المطار ووصلت الرياض في المساء .




بطبيعة الحال لم أتمكن من الصلاة عليه أو دفنه فقد تمت الصلاة عليه وقت صلاة الظهر وصلت الى البيت وقد غادر أغلب المعزين لأن الوقت متأخراً ،

ذهبت إلى المكان الذي توفي فيه لأنني أعرفه جيدا ، لم تدمع عيني ولم أبكِ . بعد أن تأخر الوقت الكل ذهب إلى فراشه ، لم أتمكن من النوم وفي

حدود الساعة الثالثة فجرا قررت أن أذهب إلى غرفته ، وبعد أن دخلتها وجدت رائحته في كل مكان ، جميع أغراضه كما هي عليه ، ومع ذلك لم تستطع

أن تخرج دمعة واحد من عيني ، وفي تمام الساعه 3.20 فجراً وبينما أنا جالس أتأمل أغراضه في الغرفة ، سمعت صوتاً جعلني أبكي لا إرادياً وبحرقة ،

صوتاً اعتدتُ أن أسمعه في هذه الغرفة كل ليلة ، لقد اشتغل المنبه الذي كان يضعه عند رأسة ليوقظه لصلاة التهجد آخر الليل ، اشتغل وشغل كل حواسي معه ،

اشتغل المنبه وهو لا يدري أن صاحبه قد فارقه ، اشتغل ليوقظه وهو لا يعلم أن رفيق دربه قد نام نوماً عميقاً لن توقظه منبهات الأرض مجتمعة .



تركت المنبه يعمل ولم اقفله ، هذا المنبه قبل أربعٍ وعشرين ساعة هو نفسه الذي أيقظ والدي من نومه ولم يعلم أنها آخر مرة يوقظه فيها ،

كان الوقت الذي أمضاه المنبه وهو يعمل طويلا جدا ، لأن والدي كان لا يتركه أكثر من عشر ثوانٍ ثم يغلقه ويذهب ليتوضأ ، لكن هذه المرة طال المنبه في الرنين ،

أخذ وقتاً طويلاً وصاحبه لم يمد يده عليه ليغلقه كالعادة ، بعدها أغلقت المنبه وتركته ينام نوماً عميقاً كنوم رفيق دربه .



رحمك الله يا والدي ، افتقدتك وافتقدت معك دعواتك التي كانت تيسر كل أمر في حياتي بعد توفيق الله ،

ورحم الله والدتي التي أفتقدها أيضاً وأفتقد حنانها رحم الله جميع أموات المسلمين . . .




قد لايهتم بعض الإخوة بهذه القصة ولكني شعرت بحاجة لكتابتها لكم

لعل من يقرأها يدعو لوالدي ووالدتي واخواني وجميع موتى المسلمين .









أحَبــائي . . تَــأمٌلوهآا فقط !

هَي طَويلــة نعم ! لكن معآنيهـآا كثيرةٌ كبيرةَ ؟!

tvpj uk] slhu ofv ,thi ,hg]d 2013