|
قال الزوج لصاحبه: من عشرين عامًا لم أر ما يغضبني من أهلي.
فقال صاحبه متعجبًا: وكيف ذلك؟!
قال الزوج: من أول ليلة دخلت على امرأتي، قمت إليها فمددت يدي نحوها.
فقالت: على رسلك يا أبا أمية كما أنت، ثم قالت: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأتركه.
ثم قالت: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك.
قال الزوج لصاحبه: فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع.
فقلت: الحمد لله وأصلي على النبي وآله وأسلم.
وبعد: فإنك قلت كلامًا إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا وما رأيتي من حسنة فانشريها، وما رأيتي من سيئة فاستريها.
فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري . (يعني لا يريدها تكثر من الزيارة)
فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فأأذن له؟ ومن تكره فأكره؟
قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء .
قال الزوج لصاحبه: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولًا لا أرى إلا ما أحب فلما كان رأس الحول جئت من عملي وإذا بأم الزوجة في بيتي
وهنا يبدأ الحوار بين الزوج وحماته
فقالت (أم الزوجة) لي: كيف رأيت زوجتك؟
قلت: خير زوجة
قالت: يا أبا أمية والله ما حاز الرجال في بيوتهم شرًا من المرأة المدللة فأدب ما شئت أن تؤدب، وهذب ما شئت أن تهذب
قال الزوج: فمكثت معي عشرين عامًا لم أعتب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالمًا [عشرة النساء للنسائي، (1/128)].
هذه هي قصة شريح مع زوجته زينب بنت بني تميم وهو يقصها على صاحبه الشعبي الذي تعجب كثيرًا من حديثه
ثم يكمل شريح على الشعبي قصته فيقول: فأقمت معها عشرين سنة ما غضبت عليها يومًا ولا ليلة إلا يومًا وكنت لها ظالمًا، وذلك إني ركعت ركعتي الفجر وأبصرت عقربًا فعجلت عن قتلها، فكفأت عليها الإناء وبادرت إلى الصلاة وقلت: يا زينب، إياك والإناء فعجلت إليه فحركته فضربها العقرب.
فلو رأيتني يا شعبي وأنا أمصّ أصبعها وأقرأ عليها المعوذتين، وكان لي جار يقال له قيس لا يزال يقرع امرأته فعند ذلك أقول:
رأيت رجالًا يضربون نساءهم . فشلت يميني حين أضرب زينبا
يا شعبي، فعليك بنساء بني تميم فإنهن النساء [مختصر تاريخ دمشق، ابن منظور، (3/455)].
استراحة زوجين: قال لزوجته: ولا يوم الطين:
كان للمعتمد زوجة مرحة اسمها الرميكية وكان له معها قصة طريفة جعلته حين تقسو عليه يذكرها بها ويقول لها: ولا يوم الطين.
يروي أنها رأت ذات يوم بإشبيلية نساء البادية يبعن اللبن في القرب وهن رافعات عن سوقهن في الطين، فقالت له: أشتهي أن أفعل أنا وجواري مثل هؤلاء النساء فأمر المعتمد بالعنبر والمسك والكافور وماء الورد وصير الجميع طينًا في القصر، وجعل لها قربًا وحبالًا من إبريسم، وخرجت هي وجواريها تخوض في ذلك الطين، فيقال: إنه لما خلع وكانت تتكلم معه مرة فجرى بينهما ما يجري بين الزوجين فقالت له: والله ما رأيت منك خيرًا، فقال لها: ولا يوم الطين، تذكيرًا لها بهذا اليوم الذي أباد فيه من الأموال ما لا يعلمه إلا الله تعالى فاستحيت وسكتت.
ولعل المعتمد أشار في أبياته الرائية إلى هذه القضية حيث قال:
(يطأن في الطين والأقدام حافية . كأنها لم تطأ مسكًا وكافورا) [نفح الطيب، أحمد بن محمد المقري التلمساني، (4/237)].
قضية للنقاش: منغصات السعادة بين الزوجين:
للسعادة في بيت الزوجية منغصات، يجب أن يحذر الزوجين منها حتى يحظيا بالسعادة في هذه الدنيا وينعما بالرضا والفرح، ويمكن أن نلخص هذه المنغصات في الأمور التالية:
1. عصيان أحد الزوجين أو كليهما الله تعالى:
إن منبع السعادة الأول هو طاعة الله سبحانه وتعالى لأنه الطريق الوحيد إلى الحياة الطيبة التي وعدنا بها المولى سبحانه وتعالى في قوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن السبب الرئيسي للتفريق بين المتحابين والمتوادين في الله هو اقتراف أحدهما ذنبًا فقال صلى الله عليه وسلم: (ما تواد اثنان في الله عز وجل، أو في الإسلام، فيفرق بينهما إلا ذنب يحدثه أحدهما) [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (637)].
ونحن كثيرًا ما نلحظ أن الشقاق والخلاف بين كثيرًا ما يحدث بين الزوجين اللذين يصر أحدهما على ترك الصلاة أو على معصية من المعاصي.
ولذلك أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الزوجين اللذين يطيعان الله تعالى معًا فقال: (رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) [قال الألباني في صحيح سنن أبي داود (1181): حسن صحيح].
2. الانشغال الشديد بالتوافه:
يروى أن رجلًا أهدى لزوجته عصفورًا، فنظرت الزوجة إلى العصفور وقالت هذه عصفورة، فقال لها الزوج بل هو عصفور، فردت عليه مرة أخرى وقالت: بل هي عصفورة، ثم رد عليها الزوج حتى احتدم بينهما الصراع وارتفع الصوت واحتدم الشجار.
وهذا ما يحدث كثيرًا بين الزوجين أن يقف أحدهما كثيرًا على توافه الأمور ويجعل منها سببًا للشجار والصراع، وهذا ليس من الحكمة والعقل.
ولذلك على الزوجين أن يتعلما فن التغافل، وأن لا يدققا في التوافه حتى لا تتسبب هذه التوافه في إضفاء جو الكآبة والحزن بدون سبب.
3. كثرة اللوم والعتاب:
لابد أن يكون اللوم والعتاب بين الزوجين كالملح للطعام فقليله نافع وكثيره مفسد لذلك قال الشاعر:
تصالح عاشقان على عتاب . فما افترقا إلى يوم الحساب
فلا عيش كوصل بعد هجر . ولا شيء ألذ من العتاب
فلا هذا يمل حديث هذا . ولا هذا يمل من الجواب
أما إذا كثر العتاب واللوم بين الزوجين أصبح من أشد أسباب الخلاف والصراع؛ لأن كثرة اللوم والعتاب تتسبب في فقدان الثقة، ثم تولد عقد المقارنات من الطرفين، ثم نشوء الخلافات التي تطرد السعادة عن البيت.
وقد قال بشار في تقليل العتاب:
إذا كنت في كل الأمور معاتبًا . صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
إذا كنت لم تشرب مرارًا على القذي . ظمئت وأي الناس راقت مشاربه
وقال آخر:
أقلل عتابك فالبقاء قليل . والدهر يعدل مرة ويميل
ولعل أيام الحياة قصيرة . فعلام يكثر عتبنا ويطول [ديوان الصبابة، (1/57)].
4. أن ينام الزوجان متخاصمان:
وهذه من منغصات السعادة، لأن الشيطان يستغل هذا الموقف السيئ ويصور لكل طرف مساوئ الآخر، ويعمل على تعظيم هوة الخلاف بينهما ويذكرهما بصور سلبية سالفة، ليعمل على تقوية هذا الخصام وتنمية هذا الخلاف.
لذلك على الزوجين أن ينهيا حالة الخصام فورًا قبل النوم، وألا ينام أحدهما بعيدًا عن الآخر ويكفي أن يعلما أن الشيطان الذي ينجح في التفريق بينهما هو الشيطان المحبب عند إبليس لعنه الله.
ففي الحديث الصحيح: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت)، قال الأعمش: أراه قال: (فيلتزمه) [رواه مسلم].
5. طلب المثالية في الحياة الزوجية:
من منغصات السعادة أن يطلب الرجل زوجته زوجة مثالية لا تخطئ أبدًا، وأن يحاسبها من منطق هذه المثالية، فإن أهملت أو قصرت ساعة انهال عليها بالعتاب والسباب، وكذلك الزوجة التي تطلب زوجها رومانسيًّا طوال الوقت لا يفكر إلا بها ولا يتكلم إلا عنها ولا يمل الحديث معها، وهذا كله أمر محال في الحياة الصعبة التي يخوضها الأزواج في حياتهم الزوجية المليئة بالهموم والمشاكل والمسئوليات، ولو كانت هذه المثالية محتملة لوجدت في بيت النبوة وفي بيوت الصالحين، ولكن هذا لم يحدث بل كانت في بيوتهم الاختلاف والتغاضب، ولكن هذا الخلاف والتغاضب لم يكن يؤدي إلى الخصام والشقاق.
عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله ببيت فاطمة فلم يجد عليًّا في البيت فقال: (أين ابن عمك؟) قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: (انظر أين هو؟) فجاء فقال: يا رسول الله هو (ذا) في المسجد راقد (في فيء الجدار) فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه (وفي لفظ: عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره) فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: (قم أبا تراب، قم أبا تراب) [متفق عليه].
تصافيا: كيف نحقق السعادة في بيوتنا؟
وكي يحقق الزوجان السعادة عليهما أن يقدما أسباب السعادة ذلك لأن السعادة لا توهب وإنما تكتسب، وإنما يكتسبها من حصل أسبابها وعمل بجد ليحصل عليها وإليكما بعض هذه المسببات:
1. احرصا على أن تواظبا على طاعة يومية حتى ولو كانت قليلة كصلاة ركعتين أو قراءة ربعين واجتنبا معصية الله تعالى لأنها تمحق السعادة من البيت.
2. اجعلا لكما يومًا ثابتًا للترفيه في الأسبوع واحرصا على الاستمتاع به بعيدًا عن الأطفال.
3. لا تكثرا من استخدام اللوم والعتاب.
4. لا تناما وأنتما متخاصمين وليبادر أحدكما بالتصالح فخيركما الذي يبدأ بالسلام.
5. استخدما الكلمة الطيبة دائمًا في حديثكما واحذرا استخدام الألفاظ والكلمات الجارحة.
6. استخدما أسلوب الابتسامة والدعابة والمرح دائمًا لإضفاء السعادة على البيت.
7. اطويا صفحات الماضي ولا تستخدما أسلوب استرجاع الذكريات السلبية وركزا على الإيجابيات.
لا يذم أحدكما الآخر أمام الآخرين بل على العكس قدما أسلوب الثناء والمدح.hgsfdg Ygn hgsuh]m2013
« لحياة زوجية جميلة ومثالية | بماذا فضل الله المرأة على الرجل » |