الملاحظات
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 28 من 28

الموضوع: رواية الجرائم الابجدية

  1. #21  
    الفصل الثالث عشر
    جريمة دونكاستر

    ودخلت وراء بوارو إلى مكتب المفتش كروم وبعد ان تبادلنا التحية قال المفتش كروم لبوارو:
    - لقد ارتكب المجرم المجهول جريمته الرابعة يا مسيو بوارو.
    وتسمرنا في اماكننا من فرط الجزع والدهشة بينما قال المفتش مستطردا:
    - وفي هذه المرة استخدم السكين اداة للقتل.
    - وهل وجدتم بجوار القتيل دليل ا.ب.س للسكة الحديدية؟
    - أجل.
    - وهل عرفتم شخصية القتيل؟
    - أجل لقد أخطأ القاتل المجهول هذه المرة لأن القتيل رجل يدعى جورج ايرسفيلد.
    - عجبا.
    - لعله تجاوز حرفا هذه المرة لنسمع الشاهد التالي فقد عرفت انه يريد الإنصراف بسرعة.
    ودخل رجل في منتصف العمر وسيم الشكل مضطرب الأعصاب حاول ان يعبر عن اضطرابه
    بالثرثرة ولكن المفتش كروم ساله قائلا:
    - اسمك ايها السيد؟
    - دونز روجر دونز.
    - مهنتك؟
    - مدرس بمدرسة هايفيلد الثانوية.
    - اخبرنا الآن بما تعرفه عن الحادث يا مستر دونز.
    - استطيع ان اقول لكم ما اعرف بكل ايجاز عندما انتهى عرض الفيلم نهضت لأنصرف وكان بالقرب مني رجل حسبته نائما لأنه كان منحنيا على نفسه وكدت اتعثر في قدميه وانا احاول المرور امامه وفجأة ناديت على مدير الصالة حين خطر لي ان الرجل مريض ولما رفعت يدي عن كتفه رايتها ملوثة بالدماء وادركت فورا انه طعن بسكين نافذة إلى القلب وقد لاحظنا ـ مدير الصالة وانا ـ وجود دليل ا.ب.س للسكة الحديدية على المقعد المجاور وأؤكد لكم ايها السادة ان قلبي كاد يقف من فرط الفزع وقلبي بطبيعته ضعيف.
    ونظر المفتش كروم إلى المستر دونز ثم قال له:
    - يمكنك ان تعتبر نفسك سعيد الحظ يا مستر دونز.
    - لماذا يا سيدي؟
    - قبل ان اخبرك اريد ان اسألك هل كنت جالسا على مقربة من الرجل الذي قتل؟
    - نعم على مسافة مقعدين منه وكنت في اول الأمر جالسا بجواره مباشرة ثم انتقلت إلى مقعد ليس امامه احد حتى ارى الفيلم بوضوح.
    - انك في نفس طول الرجل القتيل وتلف حول عنقك مطرفا صوفيا كما كان الأمر معه.
    - ولكن ما علاقة هذا كله يا سيدي؟
    فقال المفتش كروم:
    - اراهن ان القاتل كان يتبعك انت إلى دار السينما وكان ينوي ان يقتلك لأن اسمك يبدأ بحرف"د" ولكنك حين انتقلت إلى مقعد آخر اخطأك وقتل المستر جورج وهو يحسبه انت.
    ولم يحتمل قلب المستر دونز الضعيف اكثر من هذا فتهالك الرجل على اقرب مقعد اليه وهو يلهث قائلا:
    - ماء اريد ماء.
    ولما اسرع احد السقاة اليه بالماء افاق الرجل فغمغم وهو ينهض مضطربا:
    - لا لا اصدق هذا. لماذا يريد ان يقتلني اي انسانهو او غيره؟ انني رجل مسالملم اسىء لأحد ابدا هل تريدون مني شيئا آخر؟
    - لا
    - حسنا طاب يومكم ايها السادة طاب يومكم
    واستدعى المفتش كروم احد مساعديه وقال له:
    - رايس ارسل اثنين من رجالنا لحراسة المستر دونز دون ان يشعر فانني اعتقد ان المجرم قد يعمد إلى تصحيح غلطته ويحاول القضاء على هذا الرجل.
    وأومأ بوارو براسه موافقا وقال:
    - مادام ذلك المجرم قد بدأ يخطىء فلا شك ان اخطاءه سوف تتوالى.
    واقبل احد رجال الشرطة وقال:
    - في الخارج رجل وسيدة من فندق بلاك سوان لديهما اقوال يردان الإدلاء بها في موضوع الجرائم "ا.ب.س".
    - ادخلهما ادخلهما بسرعة.
    ودخل صاحب فندق بلاك سوان وكان رجلا ضخما الجسم يدعى المستر بول ومعه سيدة شابة ممتلئة الجسم ينم وجهها عن الإنفعال الشديد قال الرجل بصوت خفيض غليظ:
    - ارجو الا اضيع وقتكم الثمين ايها السادة ولكن هذه الفتاة ماري تؤكد ان لديها اقوالا هامة بخصوص المجرم "ا.ب.س".
    فقال المفتش كروم:
    - حسنا يا فتاتي ما اسمك؟
    - ماريماري ستراود.
    - ماذا تريدين ان تقولي يا ماري؟
    فنظرت ماري إلى صاحب الفندق متسائلة فقال هذا:
    - ان عملها في الفندق هو حمل الماء الساخن إلى النزلاء وكان لدينا نحو سبعة او ثمانية نزلاء بعضهم جاء للفرجة على السباق وبعضهم يقيم لأغراض تجارية والآن تكلمي يا فتاة.
    فقالت ماري ستراود وهي تدير عينيها في وجوه الجميع:
    - طرقت على الباب ولكن لم يرد علي احد وانا عادة لا ادخل الا اذا قال لي النزيل "ادخلي" ولما لم يقل احد شيئا دخلت ووقفت برهة اننظر إلى النزيل وهو يغسل يديه في الحوض
    وتوقفت عن الحديث فجأة فقال كروم:
    - استمري وبعد؟
    - قلت له انني جئت بالماء الساخن فقال انه اغتسل بالماء البارد ونظرت إلى الماء في الحوض فوجدته يا للهول أحمر
    فهتف كروم في اهتمام:
    - احمر؟
    وهنا تدخل المستر بول في الحديث فقال:
    - واخبرتني الفتاة انها راته ايضا ممسكا بكم معطفه كأنما كان يغسله في الحوض لأن الكم كان غارقا بالماء.
    - تماما يا سيدي وكان وجهه يدل على انه في حالة غير طبيعية.
    - متى كان ذلك؟
    - في نحو الخامسة والربع مساء او اكثر قليلا.
    - اي منذ ثلاث ساعات فلماذا لم تات يا مستر بول مع الفتاة فورا؟
    فقال المستر بول:
    - لم نسمع بنبأ الجريمة الا اخيرا ولما سمعت الفتاة النبأ تذكرت الماء الأحمر في الحوض فصرخت واخبرتني بما رات فاسرعت إلى غرفة ذلك النزيل فلم اجده فيها ولهذا بادرت بالحضور مع ماري.
    فتناول كروم ورقة وقلما وقال:
    - صفي ذلك النزيل بسرعة يا ماري.
    - رجل متوسط الحجم منحني القامة قليلا يضع على عينيه نظارة طبية.
    - وملابسه؟
    - بذلة قاتمة اللون وقبعة من نوع هامبرج وتدل ملابسه بوجه عام على رقة الحال.
    ولم تستطع ماري ان تضيف إلى هذا الوصف اكثر من ذلك وارسل كروم اثنين من رجاله فورا إلى فندق بلاك سوان وماهي غير لحظات حتى عادا ومعهما سجل اسماء النزلاء فيه واشار المستر بول صاحب الفندق إلى اسم بين الأسماء وقال:
    - هذا توقيعه يا سيدي.
    وتجمعنا حول السجل حيث قرأ المفتش كروم الإسم قائلا:
    - ا.ب.سوس او سوش.
    وغمغم بوارو بصوت له دلالته:
    - اي ا.ب.س!
    وسال كروم صاحب الفندق قائلا:
    - الم يترك هذا النزيل شيئا وراءه.
    - ترك حقيبة سفر متوسطة الحجم فيها ملابس داخلية قليلة ومجموعة من علب الكرتون المسطحة.
    - علب كرتون مسطحة؟ ماذا بداخلها؟
    - جوارب نسائية.
    وهنا التفت كروم إلى بوارو وقال:
    - اهنئك يا مسيو بوارو.
    عاد المفتش كروم إلى مكتبه في اسكوتلانديار وصلصل جرس التلفون على مكتبه فرفع المسماع حيث صوت عامل التلفون يقول:
    - هنا شاب يريد ان يدلي باقوال في قضية ا.ب.س يا سيدي.
    وتنهد كروم وقال لنفسه كل واحد يريد ان يدلي بشيء في هذه القضية وليتهم يدلون بما يفيد
    ثم قال في التلفون:
    - دعه يصعد.
    ودخل احد رجال المباحث يصحب شابا مترددا يقول عنه هذا هو المستر توم هارنيجيان يا سيدي المفتش ان لديه اقوالا عن قضية ا.ب.س فنهض المفتش وصافح الشاب ثم قال له:
    - طاب يومك يا مستر هارنيجيان تفضل بالجلوس هل تدخن؟ حسنا ماذا لديك من اقوال؟
    وجلس توم هارنيجيان وهو كما نذكر خطيب ليلى ماربري ابنة المسز ماربري صاحبة البنسيون الذي يقيم فيه المستر الكسندر بونابرت سوست جلس توم هذا في شيء من الروع اذ كانت تلك اول مرة يدخل فيها ادارة اسكوتلانديار واخيرا قال:
    - ربما لا يكون في اقوالي شيئا ولعلي بذلك اضيع وقتكم الثمين.
    - هذا ما سوف نعرفه بعد ان نسمع حديثك يا مستر هارنيجيان.
    - انني يا سيدي خاطب لفتاة شابة تدير امها شقة مفروشة حيث تؤجر غرفتها لبعض النزلاء وتقع في طريق كامدن تاون بلندن كما تعلم يا سيدي.
    - حسنا بعد.
    - وهي في الطابق الثاني وينزل في احدى الغرف المفروشة منذ عام رجل يدعى سوست.
    - سوست؟ آه.
    - أجل يا سيدي رجل في منتصف العمر غريب الأطوار هادىء الطباع يبدو ان الحياة قست عليه بعض الشيء ويمكنني القول انه من النوع الذي لا يؤذي ذبابة ولهذا ما كان يخطر يبالي ابدا ان اتهمه بشيء لولا بعض الدلالات الغريبة التي لاحظتها عنه وراح توم في شيء من الإضطراب والإرتباك يحدث المفتش كروم بقصة مقابلته للمستر سوست في اوستن وكيف اعاد اليه صحيفته وتذكرة سفره ثم استطرد يقول:
    - اترى يا سيدي لقد كانت ليلى اعني خطيبتي واثقة بانه سيسافر إلى شلتام بينما كان مسافرا كما ظهر من تذكرته إلى دونكاستر ولم اهتم بهذا كثيرا في اول الأمر ولكن عندما استطردت في الحديث معها وعلمت منها انه كان في توركاي القريبة من سيرستون عند وقوع الجريمة الثالثة وانه كان غائبا في مكان ما على الشاطىء البحر عند وقوع الجريمة الثانية بكسهيل عندما سمعت هذا بدأ الشلك يخامرني في امره رغم انه في رايي لايستطيع ان يؤذي ذبابة.
    وبعد برهة وجيزة اسطرد الشاب يقول:
    - ولما قرانا نشرة ادارة اسكوتلانديار عن رغبتها في الإستدلال على كل من يبدأ اسمه بالحرفين ا.ب ثم الإسم سوس او سوش اسرعت بالإتصال بالمسز ماربري حيث علمت منها ان نزيلها الغريب الأطوار المستر سوست يحمل اسما كاملا يبدأ بالحرفين ا.ب وقد دهشنا كثيرا وابينا ان نصدق انفسنا ولكن المسز ماربري كانت واثقة تماما ان نزيلها هذا كان غائبا عن غرفته في الليالي التي وقعت فيها الجرائم الثلاث الأخيرة وراحت هي وابنتها تعتصران ذاكرتيهما لتتذكرا اين كان في اثناء وقوع الجريمة الأولى جريمة اندوفر التي حدثت منذ ثلاثة اشهر وقد تذكرت المسز ماربري ان اخا لها كان قد وصل من كندا في ذلك الحين ولما لم تجد له غرفة يبيبت فيها اقترحت ليلى عليها ان يبيت في غرفة المستر سوست لأنه قال يومذاك انه سيغيب ليلته في الخارج وقد تحرينا تاريخ وصول الباخرة التي اقلت شقيق المسز ماربري إلى لندن وعلمنا انها وصلت ميناء ساوثمبتون في صباح اليوم الحادي والعشرين من شهر يونيه الماضي
    وكان المفتش كروم ينصت باهتمام إلى حديث الشابفلما فرغ من حديثه قال له:
    - اهذا كل شيء؟
    - اجل يا سيدي.
    - لقد احسنت بمجيئك الينا اين المستر سوست هذا الآن؟
    اني احب ان التقي به لألقي عليه بعض الأسئلةهل هو في غرفته الآن؟
    - اجل يا سيدي.
    - متى عاد؟
    - من دونكاستر؟ في ليلة وقوع الجريمة وتقول المسز ماربري انه لا يكف عن شراء الصحف ولا عن الحديث عن نفسه.
    وبعد ان دون المفتش كروم العنوان شكر توم هارنيجيان بحرارة ثم استدعى احد مرؤوسيه ـ بعد انصراف توم ـ وطلب منه ان يرسل ببعض رجال المباحث بمراقبة عنوان المستر سوست.

    ***
    مرة اخرى تلفت المستر سوست حوله في جوانب غرفته المفروشة بمسكن المسز ماربري وبدت في عينيه نظرة الحيوان الواقع في الشرك وفجأة نهض وقد قرر ان يخرج إلى اين؟ انه لايدري
    وتسلل إلى الباب وفتحه واطل منه براسه وشعر بالمسز ماربري وهي تتحرك في المطبخ وارهف السمع قليلا ثم سار على اطراف اصابعه وهبط من المسكن إلى الباب الخارجي وفتحه ووقف برهة يتلفت حوله إلى اين يذهب؟
    ومرة اخرى شعر انه لا يدري






    رد مع اقتباس  

  2. #22  
    الفصل الرابع عشر
    في اسكوتلانديار

    ومرة اخرى انعقد مؤتمر في اسكوتلانديار وضم هذا المؤتمر نائب الحكمدار والمفتش كروم والمسيو بوارو وانا وقال نائب الحكمدار لبوارو:
    - كانت ضربة معلم تلك التي ذكرت فيها موضوع الجوارب النسائية يا مسيو بوارو فقد ثبت بما لا يدع للشك ان القاتل كان يتظاهر ببيع الجوارب النسائية.
    فبسط بوارو يديه وقال:
    - كان الأمر واضحا بعد ان سمعت كلمة "الجوارب" تتردد كثيرا على السنة المقربين إلى الضحايا.
    والتفت نائب الحكمدار إلى المفتش كروم وقال:
    - هل وضحت لك كل غوامض هذه الحالة يا كروم؟
    - كلها تقريبا يا سيدي هل اسرد كل ما لدينا من معلومات حتى الآن؟
    - ارجوك ان تفعل.
    - لقد ثبت لنا انه كان في فندق ببيت بمصيف توركاي قبل وقوع جريمة سيرستون بيوم واحد وقد سجل اسمه في الفندق "ا.ب.سوست" وثبت انه عاد إلى الفندق في ليلة وقوع الجريمة في الساعة العاشرة والنصف مساء اي كان في امكانه ان يستقل قطار الساعة التاسعة والسابعة والخمسين دقيقة من محطة سيرستون فيصل إلى محطة توركاي في العشرة وعشر دقائق
    وصمت المفتش كروم برهة قبل ان يستطرد قائلا:
    - وكذلك الحال بشان بكسهيل لقد نزل في فندق جلوب وسجل بنفس الإسم المذكور وعرض جواربه للبيع على اكثر من اثنتي عشرة سيدة منهن المسز بارنارد وغادر الفندق في ساعة مبكرة من مساء وقوع الجريمة ثم عاد إلى لندن في الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح اليوم التالي اما بشان اندوفر فقد نزل في فندق ثيثرز وعرض جواربه على المسز فاولر جارة المسز آسكر ـ المجني عليهاـ كما عرضها على اكثر من خمس سيدات اخريات وقد حصلت على الجوارب الذي اشترته المسز آسكر منه لإهدائها لإبنة اخيها ماري دراور كما يبدو حصلت عليه من ماري وثبت انه من نفس الصنف الذي يبيعه المستر سوست.
    فقال نائب الحكمدار:
    - هذا عظيم جدا حتى الآن.
    - وبعد المعلومات التي ادلى بها توم هارنيجيان ذهبت بنفسي إلى مسكن المسز ماربري حيث علمت ان المدعو المستر سوست خرج من غرفته دون ان يشعر به احد وقمت بتفتيش هذه الغرفة وثبت بما لايدع للشك انه المجرم المجهول لقد عثرت على رزمة من اوراق الرسائل من نفس النوع الذي كتبت عليه رسائله إلى بوارو وكذلك وجدت في ذاخل خزانة الملابس كمية كبيرة من الجوارب النسائية في علب مسطحة ولفافة بها مجموعة من دليل "ا.ب.س" للسكة الحديدية كلها جديدة وكانت اللفافة تشبه لفافات علب الجوارب تماما بحيث يظن الذي يراها لأول وهلة انها تضم علب جوارب لا مجموعة من دليل "ا.ب.س" للسكة الحديدية.
    وقال نائب الحكمدار:
    - انه حتما مجنون!
    وقال المفتش كروم بلهجة الإنتصار:
    - وقد عثرت على شيء آخر. عثرت في هذا الصباح فقط ولم تتح لي الفرصة بعد لإبلاغ النبأ رسميا والواقع انني لم اكن انتظر ان اجد السكين المستعملة في الجريمة الأخيرة في غرفته.
    فقال بوارو:
    - مهما بلغت درجة جنونه فلا يعقل ان يخفي السكين في غرفته.
    - ايا كان الأمر فالمجنون ليس شخصا متزن التفكير ومن ثم فلا يستطيع الإنسان ان يحكم على نتائج تصرفاته بالمقدمات المنطقية ولهذا خطر لي انه ربما عاد بالسكين إلى مسكنه ولكنه اخفاها في مكان آخر فماذا يمكن ان يكون ذلك المكان الآخر؟ انه قائمة الصالة والمفروض ان احدا لا يحرك قائمة الصالة عن موضعها وبعد الكثير من الجهد استطعت مع رجالي ان نحرك قائمة الصالة قليلا عن الجدار فوجدنا السكين وراءها
    - نفس السكين؟
    - أجل وكانت لم تزل ملوثة بالدماء.
    فقال نائب الحكمدار:
    - احسنت يا كروم لم يبق امامنا غير شيء واحد.
    - ماهو يا سيدي؟
    - القبض على الرجل نفسه.
    فقال كروم بلهجة تنم عن الثقة الكاملة:
    - لسوف يتم هذا في اقرب فرصة.
    والتفت إلى بوارو وقال:
    - ما رايك يا مسيو بوارو.
    وبذا كان بوارو قد تنبه من ذهوله وقال:
    - معذرة ماذا تقول؟
    - كنا نقول ان القبض على ذلك المجرم المجنون مسالة وقت فما رايك؟
    - اوه نعم نعم بلا شك.
    وكان صوته ينم عن شرود الفكر فقال نائب الحكمدار:
    - هل هناك مايثير قلقك يا مسيو بوارو؟
    - ان هناك ما يهمني جدا ان اعرف الإجابة عليه وهو السبب المبرر الدافع على هذه الجرائم.
    فقال نائب الحكمدار في ضجر:
    - ولكن الرجل المجنون الا يعتبر هذا سببا كافيا؟
    - لا ياسيدي ان هذا لا يعتبر سببا كافيا في رايي.
    فقال كروم:
    - ربما يتضح لنا السبب عندما نقبض عليه.
    وقال نائب الحكدار:
    - ترى اين هو؟

    ***
    وتوقف المستر سوست بجوار دكان الفاكهة الواقع امام دكان المسز آسكر عبر الشارع وراح ينظر إلى دكان المسز آسكر. نعم ان اللافتة تحمل اسمها بوضوح حلوى وسجائر وصحف وبجانب اللافتة ورقة مكتوبة عليها "للإيجار" لقد اصبح الدكان خاليا بلا حياة.
    - " معذرة يا سيدي".
    قالتها زوجة الفكهاتي للمستر سوست لكي تتناول بعض ثمار الليمون واعتذر لها وتحرك جانبا
    وفي بطء وتمهل راح يسير متثاقلا في اتجاه الطريق العام المؤدي إلى خارج البلدة ان الأمر الشاق شاق تماما لأنه لم يعد يمتلك قرشا واحدا. واشق من هذا انه لم يتناول طعاما طوال يومه ويبدو ان الجوع يملأ النفس بمشاعر غريبة ويجعل الراس خفيفا مضطربا. ولاحت منه نظرة إلى واجهة "كشك" لبيع الصحف فطالعته العناوين الضخمة عن جرائم "ا.ب.س" الرهيبة وعن المجرم الذي اختفى وعن المؤتمر الذي اشترك فيه هيركيول بوارو مع رجال المباحث وتمتم المستر سوست لنفسه قائلا "لو ان المسيو بوارو يعرف".
    وعاد يستأنف السير وقال لنفسه:






    رد مع اقتباس  

  3. #23  
    - لن استطيع ان امضي هكذا طويلا.
    انه يحرك قدما امام قدم يا لها من حركة عجيبة غريبة لمن يلاحظها. ولكن اليس كل انسان حيوانا عجيبا غريبا؟ او ليس هو الكسندر بونابرت سوست حيوانا عجيبا غريبا بوجه خاص؟ لقد كان هكذا دائما. كان الناس دائما يضحكون منه وعليه وهو لايستطسع ان ينحى عليهم باللوم
    إلى اين هو ذاهب؟.انه لايعرف
    لقد وصل إلى النهاية ولم يعد في مقدوره ان يرى شيئا غير تحركات قدميه. قدم تمضي امام قدم ورفع راسه وراى اضواء امامه ولافتة كبيرة مكتوبة عليها "مركز الشرطة" وضحك المستر سوست وقال:
    - ماعجب هذا؟
    ثم تقدم نحو المدخل وقبل ان يصل إلى اولى درجات السلم تمايل واهتز ثم سقط على الأرض مغشيا عليه.

    ***






    رد مع اقتباس  

  4. #24  
    الفصل الخامس عشر
    بوارو يسأل

    كان يوما من ايام نوفمبر الصافية الأديم وكان الدكتور ثومبسون وكروم والمفتش جاب قد جاءوا إلى مسكن بوارو ليخبروه بآخر تفاصيل قضية "ا.ب.س" وكان بوارو ملازما الفراش بسبب نوبة برد وقال المفتش جاب:
    - لقد حول القاضي التحقيق قضية ا.ب.س إلى محكمة الجنايات.
    وقلت انا:
    - هل سيصر الدفاع إلى انه مجنون غير مسؤول عن جرائمه؟
    فقال جاب:
    - ان الدافع بالمجنون لن يؤدي إلى اطلاق سراح المتهم بل سيدفع به إلى مصحة الأمراض العقلية حيث لايخرج منها الا بمرسوم.
    ثم اردف قائلا:
    - ولكنني اعتقد ان المحامي المستر لوكاس يرى امام المتهم ثغرة يمكنه النجاة منها وهي اقامة الدليل الحاسم على ان سوست لم يكن في بكسهيل ليلة وقوع الجريمة ولكنه لن يستطيع في رايي ان ينقذ المتهم من حبل المشنقة في نهاية الأمر.
    وقال بوارو للدكتور ثومبسون:
    - مارايك يا دكتور؟
    - تسالني عن رايي في سوست؟ انني لا ادري ماذا اقول انه يتظاهر بتمام العقل والحكمة ولم اجد حتى الآن اي عرض من اعراض الجنون في حديثه او تصرفاته ولكنه مصاب بداء الصرع.
    - عجبا!
    لقد فجأته نوبة الصرع وهو يدخل مركز الشرطة في اندوفر فسالت الطبيب قائلا:
    - هل يمكن ان يرتكب المريض بالصرع بعض الأعمال كالجرائم مثلا دون ان يشعر بما يفعل؟ انني احس انه صادق في انكاره امام المحققين.
    - لا تنخدع بحركاته واقواله المسرحية عندما كان يقسم امام المحققين " بالله العظيم ثلاثا" انه لم يرتكب اية جريمة من هذه الجرائم رايي انه كان على ادراك كامل بما ارتكب.
    وقال كروم:
    - ان تحمس المجرم في الإنكار يكون في كثير من الأحيان دليلا على ادانته.
    وقال الدكتور ثومبسون:
    - والدليل الحاسم على ادراكه التام لإرتكابه هذه الجرائم تلك الرسائل التي ارسلها اليك يا مسيو بوارو انها تدل على عقلية تعرف كيف تحكم التدابير.
    وقال بوارو:
    - الم يقل سوست شيئا بخصوص هذه الرسائل بعد؟
    - لا انه لا يزال مصرا على انه لا يعرف من امرها شيئا.
    - انني شخصيا لن اعتبر القضية منتهية حتى اعرف لماذا اختارني بالذات لكي يرسل هذه الرسائل الي.
    - طبعا طبعا هذا من حقك.
    وقال بوارو:
    - وذلك الشاهد العجيب المدعو سترانج الا يزال مصرا على قوله بان المتهم كان يلعب الدومنو معه إلى ساعة متأخرة من مساء اليوم الرابع والعشرين من يوليو وفي فندق ببلدة ايستبورن؟
    واجاب المفتش جاب الذي كان قد بقي بعد انصراف الدكتور ثومبسون:
    - نعم انه مصر عليها كل الإصرار هل يهمك امر هذه الشهادة يا بوارو؟
    - كل الأهمية.
    - ولكنها لا تهمني كثيرا لأني لا اصدقها لالا ان المحامي لوكاس سوف يعرف كيف يستفيد منها في دفاعه.
    - صف لي هذا الشاهد العنيد يا جاب.
    - انه رجل في نحو الأربعين قوي البنية متين الجسم شديد الثقة بنفسه وبارائه يعمل مهندسا في المناجم وهو الذي تقدم من تلقاء نفسه للشهادة واصر عليها واجل بسببها سفره إلى شيلي.
    فقال بوارو مفكرا:
    - اي انه من طراز الرجال الذين يرفضون الإعتراف بالخطأ مهما يكن الحال.
    فقلت انا وكنت قد سمعت شهادته اثناء التحقيق:
    - انه من اشد الناس عنادا واصرارا على اقواله لقد اقسم بكل شيء مقدس انه التقى مصادفة بسوست في فندق هوايت كروس ببلدة ايستبورن في مساء اليوم الرابع والعشرين من يوليو الماضي اي في ليلة وقوع جريمة بكسهيل ولما رآه وحيدا بائسا اشفق عليه وراح يتحدث اليه وبعد طعام العشاء لعبا معا الدومينو ويبدو ان ذلك المدعو سترانج من هواة اللعبة وقد ادهشه وسره ان يجد في سوست غريما بارعا وقد اقسم مرات عديدة انهما ظلا يلعبان ساعات طوالا متوالية وانهما لم يفرغا من اللعب الا في منتصف الليل ولهذا فهو اقسم مرات عديدة بكل ماهو مقدس ان سوست لا يمكن ان يكون مرتكب جريمة بكسهيل لأنه كان موجودا معه في ايستبورن حتى آخر لحظة من الساعة الثانية عشرة مساء اليوم الرابع والعشرين وقد ثبت طبيا ان الجريمة ارتكبت في هذه الساعة فكيف استطاع سوست ان يكون موجودا في مكانين مختلفين في وقت واحد لا سيما ان المسافة بين البلدتين اربعة عشر ميلا؟
    فقال بوارو:
    - هذه مسالة تستحق التفكير والتامل.
    فهز كروم كتفيه وقال:
    - حتى لو ظل ذلك المدعو سترانج على شهادته فلا تزل لدينا جريمة دونكاستر بما فيها من السكين الملوثة بالدماء وكم المعطف الذي كان يغسله في الحوضانه لن يستطيع ان يجد في هذه الجريمة ثغرة واحدة ثم هناك جريمة سيرستون ثم اندوفر ان هذه الجرائم الثلاث الثابثة عليه تدل على انه مرتكب الجريمة في بكسهيل مهما اقسم واصر سترانج على شهادته.
    وقال جاب:
    - ان مهمتك يا مسيو بوارو ان تبين لنا كيف يمكن التوفيق بين اصرار سترانج على شهادته وبين ارتكاب سوست لجريمة بكسهيل.
    وبعد انصراف المفتش قلت لبوارو:
    - ما رايك في هذا كله؟
    - ومارايك انت يا هاستنغز؟ اتعتبر الموضوع منتهيا؟
    - اعتقد هذا لأن الرجل قد وقع اخيرا والأدلة متوافرة إلى حد مذهل.
    - انني شخصيا لا اعتبر الموضوع منتهيا حتى اعرف كل شيء عن ذلك الرجل.
    - لقد عرف عنه الشيء الكثير.
    - لا لا لم يعرف عنه في الواقع شيء عرفنا اين ولد حقا وانه اشترك في الحرب العالمية الأخيرة وانه جرح في راسه واعفي من الخدمة بسبب داء الصرع ونعرف انه اقام سنتين في غرفة مفروشة بمسكن المسز ماربري وانه كان دائما هادئا منعزلا من النوع الذي لا يشعر به احد ونعرف انه وضع خطة هذه السلسلة من الجرائم واحكم تنفيذها وانه في النهاية ارتكب عدة اخطاء عجيبة لا يرتكبها اي مبتدىء في عالم الجريمة ونعرف ايضا انه لم يحاول ان يتهم احدا بارتكاب هذه الجريمة كما تعرف في الوقت نفسه انه كان يقتل ضحاياه بلا رحمة او شفقة اترى يا هاستنغز مبلغ المتناقضات في شخصيته؟ داهية وابله عطوف وقاس لايرحم هادىء منعزل وجبار سفاك هذه متناقضات كلها لابد ان يكون لها عامل اساسي يربط بينها.
    - اذا كنت تريد ات تحلل نفسيته على هذا النحو فلا شك.
    فقاطعني بوارو وقال:
    - لا لا انني في الواقع لا اكاد اعرف عن حقيقته شيئا.
    - لعل شهوة القتل
    - أجل ان هذا الحافز يفسر الشيء الكثير ولكنه لا يقنعني فهناك اشياء كثيرة اريد ان اعرفها عن يقين مثلا: لماذا ارتكب هذه الجرائم؟ ولماذا اختار هؤلاء الناس بالذات؟
    - لأن اسماءهم مرتبة بالحروف الأبجدية
    - هل كانت بيتي بارنارد مثلا الفتاة الوحيدة في بكسهيل التي يبدأ اسمها بالحرف "ب" آه لقد خطرت لي فكرة لابد انها فكرة صائبة بل يجب ان تكون فكرة صائبة.
    ثم استغرق في تفكير عميق حتى ظننته نائما ويبدو انني الذي نمت لأني لم البث ان تنبهت على يده وهي تربت على كتفي وعلى صوته وهو يهتف بي قائلا:
    - يا عزيزي هاستنغز يا ملهمي العبقري.
    ونظرت اليه في ارتباك لهذا التقدير المفاجىء والإعجاب غير المنتظر اما هو فقد استمر يقول:
    - انك تميمة حظ يا هاستنغز انك دائما الذي تلهمني باول ضوء ينير لي السبيل.
    فسالته قائلا:
    - وكيف الهمتك هذه المرة؟
    - بينما كنت القي على نفسي بعض الأسئلة تذكرت ملاحظة سمعتها منك ملاحظة وضيئة ملهمة الم أقل لك ذات مرة انك عبقري في ملاحظة الأشياء الواضحة وهي نفس الأشياء التي كثيرا ما تفوتني ملاحظتها.
    - وماهي ملاحظتي الوضيئة الملهمة هذه؟
    - نعم ملهمة ووضيئة لأنها اوضحت لي كل شيء انني الآن اعرف الإجابة على جميع اسئلتي اعرف السبب الذي من اجله قتلت المسز آسكر - وان كنت اعرف السبب منذ مدة- والسبب الذي من اجله قتل السير سيرميكال كلارك والسبب الذي من اجله وقعت جريمة دونكاستر واخيرا وهذا هو المهم لماذا وقع الإختيار على هيركيول بوارو بالذات لإرسال تلك الرسائل اليه.
    - هل تسمح وتشرح لي الأمر؟
    - لا ليس الآن اريد اولا ان اجمع بعض المعلومات وربما استطعت جمعها من فرقتنا الخاصة ثم بعد ان اعرف الإجابة على سؤال معين سوف اذهب لزيارة صاحبنا ا.ب.س لسوف اقف معه وجها لوجه ا.ب.س امام هيركيول بوارو!
    - وبعد ذلك؟
    - وبعد ذلك سنتحدث وتأكد يا هاستنغز ان الحديث من اخطر الأسلحة التي تكشف عن مكنونات الصدور ان الحديث ـ كما قال لي فرنسي عجوز ذات مرة ـ من الضروريات التي اخترعها الإنسان لتخفف عنه كثرة التفكير والإنسان يا هاستنغز لا يستطيع ان يقاوم عملية كشف نفسه والإفصاح عن حقيقة شخصيته عن طريق الحديث و كلما زاد من الحديث ازدادت شخصيته وضوحا.
    وهنا قلت له:
    - ماذا تنتظر ان يقول لك سوست؟
    فابتسم بوارو وقال:
    - كذبة وعن طريق هذه الكذبة سأعرف الحقيقة.






    رد مع اقتباس  

  5. #25  
    الفصل السادس عشر
    في بكسهيل

    ظل بوارو مشغولا بضعة ايام فكان يختفي ساعات طوالا ثم يظهر فجأة ثم يستغرق ساعات اخرى في التفكير العميق كل هذا دون ان يدعوني للذهاب معه او يشركني في افكاره وبالقرب من نهاية الأسبوع اعلن عن رغبته في الذهاب إلى بكسهيل وما يجاورها ثم اقترح ان اذهب معه وبطبيعة الحال رحبت بالإقتراح وتبين لي ان هذه الدعوة لم تقتصر علي فقط وانما شملت الفرقة الخاصة ايضا وذهبنا إلى بكسهيل وزار بوارو اولا المسز والمستر بارنارد حيث عرف من السيدة الموعد الذي حضر فيه سوست إليها لبيع جواربه وماذا قال لها على وجه التحديد ثم ذهب إلى فندق الذي كان سوست قد نزل فيها عرف الموعد الذي رحل عنه بالتحديد ورغم انني لم اجد في هذا كله جديدا الا ان بوارو بدا لي شديد الرضا وذهبنا بعد ذلك إلى الشاطىء إلى المكان الذي قتلت فيه بيتي بارنارد وهناك راح بوارو يسير حوله في دوائر ولم اجد انا في هذا كله جدوى لاسيما ان المد كان يغمز المكان اكثر من مرة في اليوم وانتقل من الشاطىء الرملي بعد ذلك إلى اقرب مكان يمكن ان تقف فيه سيارة خاصة ثم مضى إلى الموقف الذي تبدأ منه السيارات العامة رحيلها إلى ايستبورن واخيرا ذهبنا جميعا إلى ملهى جنجركات حيث شربنا اقداحا من الشاي قدمتها الينا هيجللي ولشد ما ادهشني ان رايت بوارو يداعب المس هيجلي ويتغزل في جمال ساقيها قائلا:
    - ان جمال الساقين في الفتيات الإنجليزيات شيء نادر.
    وضحكت هي ابتهاجا واكدت له انه فرنسي لطيف وقال بوارو اخيرا:
    - لقد انتهيت من بكسهيل ولم يبق امامي غير زيارة لإيسبورن ولا حاجة بكم لأن تصحبوني والآن هلم نعود إلى الفندق لنتناول بضع كؤوس كوكتيل؟
    وعلى مائدة الشراب قال فرانكلين كلارك:
    - اعتقد انك تريد ان تحطم شهادة ذلك المدعو سترانج اليس كذلك؟
    - صبرا يا صديقي صبرا.
    - يبدو لي يا سيد بوارو انك راض عن نفسك جدا.
    - نعم نعم لأن فكرتي الصغيرة بدات تتبلور إلى حقيقة اكيدة.
    ثم ارتسمت امارات الجد على وجهه وقال فجأة:
    - حدثني صديقي هاستنغز ذات يوم انه كان يحب وهو شاب لعبة اسمها لعبة الحقيقة ومؤداها ان يوجه إلى كل فرد من مجموعة اللاعبين ثلاثة اسئلة عليهان يجيب ـ بصدق ـ على اثنين منها ويمكنه ان يرفض الإجابة على السؤال الثالث والأسئلة في هذه اللعبة تكون بطبيعة الحال بعيدة عن الخصوصيات المحرجة ولهذا يستلزم ان يقسم كل لاعب على قول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة
    ولما وقف عن الحديث برهة قالت ميجان بارنارد:
    - حسنا!
    - آه اريد ان نشترك في هذه اللعبة معا ويكفي ان يوجه إلى كل واحد منا سؤال واحد فقط بدلا من ثلاثة.
    وقال فرانكلين كلارك في ملل:
    - اننا على استعداد للإجابة على اي سؤال.
    - أوه ولكن الأمر اخطر من هذا هل انتم على استعداد للقسم؟
    ولما كان الجد واضحا في صوته فقد دهشنا جميعا ولم يسعنا الا ان نقسم الواحد بعد الآخر على
    قول الحقيقة كل الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة وقال بوارو مسرورا:
    - عظيم جدا لنبدأ الآن.
    وقالت تورا جراي:
    - فلتكن انا الأولى.
    - آه السيدات اولا؟. ولكننا سنخالف هذا التقليد في هذه المرة
    ثم التفت إلى فرانكلين كلارك وقال:
    - ماريك في القبعات التي ارتدتها السيدات في سباق اسكوت هذا العام؟
    - هل انت جاد في هذا السؤال يا مسيو بوارو؟!
    - اجل.
    - رايي انها قبعات مثيرة للسخرية والضحك.
    - عجيبة شاذة؟
    - اجل.
    - وانت يا مسيو دونالد فريزر متى قمت باجازتك السنوية هذا العام؟
    - اجازتي السنوية؟ في الأسبوعين الأولين من شهر اغسطس.
    والتفت بوارو فجأة إلى تورا جراي وقال:
    - لو ان السير سيرميكال كلارك عرض عليك الزواج بعد وفاة الليدي زوجته فهل كنت تقبلين؟
    فوثبت الفتاة غاضبة وهتفت قائلة:
    - كيف تجرؤ على توجيه سؤال كهذا الي؟ انه اهانة.
    - ربما ولكنك اقسمت على ان تقولي الحقيقة.
    - كان السير سيرميكال شديد العطف علي وكان يعاملني كابنته وهكذا كان شعوري نحوه.
    - عفوا يا آنسة ولكنك لم تجيبي على سؤالي بنعم ام لا.
    - لاطبعا!
    - شكرا جزيلا.
    والتفت بوارو إلى ميجان التي كان وجهها شديد الشحوب ثم قال:
    - اخبريني يا آنسة هل تتمنين حقا ان تنتهي تحرياتي بالكشف عن الحقيقة كلها؟
    - لا
    وابتسم بوارو وقال:
    - انك لاتريدين ظهور الحقيقة ومع ذلك فانت من اشد انصارها يا آنسة.
    ثم التفت إلى ماري دراور وقال:
    - اخبريني يا آنستي هل لك حبيب شاب؟
    وفوجئت الفتاة المسكينة واضطرم وجهها ثم تمتمت:
    - انني انني لست واثقة اذا كان يبادلني الحب ام لا!
    فابتسم بوارو وقال:
    - هذا يكفي يا ابنائي والآن هلم يا هستنغز إلى ليستبورن.
    وفي الطريق إلى ايستبورن قلت لبوارو:
    - هل يمكن ان القي عليك بعض الأسئلة يا بوارو؟
    - لا ياهاستنغز عليك ان تصل إلى النتئج بمفردك.
    ثم استغرق في سكون عميق وبعد فترة وجيزة افاق وقال لي:
    - غدا سوف ازور ذلك المدعو سوست.
    ثم اضاف قائلا للسائق:
    - عد بنا إلى لندن.
    فهتفت إلى ايسبورن؟
    ما الداعي إلى هذا؟ لقد عرفت ما يكفي للوصول إلى الحقيقة.






    رد مع اقتباس  

  6. #26  
    الفصل السابع عشر
    الكسندر بونابرت سوست

    لم احضر للمقابلة التي تمت بين هيركيول بوارو والمدعو الكسندر بونابرت سوست لأن القاضي لم يصرح بزيارته الا لبوارو فقط ولكني ساسرد فيما يلي تفاصيل ما دار بينهما بدقة كاملة على حديث بوارو معي بعد ذلك لقد بدا سوست منكمشا على نفسه ولاح كأنما ازداد جسمه انحناء وهو لا يكف عن العبث باصابعه في اطراف معطفه ومرت برهة طويلة ـ كما اخبرني بوارو دون ان ينطق احد بكلمة ـ وانما جلس الإثنان كل في مواجهة الآخر في هدوء واسترخاء وقال بوارو اخيرا بصوت رقيق:
    - اتعرف من انا؟
    فهز الرجل راسه ورفع وجهه إلى بوارو وقال وهو يطرف بعينيه:
    - لا لا اعرفك هل انت احد المحامين في مكتب المستر لوكاس؟
    - انني هيركيول بوارو.
    وحرص بوارو ان يلاحظ بدقة تاثير هذا الإسم ورفع هذا وجهه مرة اخرى وتمتم ببساطة:
    - آهنعم.
    وبعد لحظة عاد يقول بصوت ينم على الإنفعال وكانما بدا يتذكر:
    - آه المسيو بوارو هيركيول بوارو.
    - انني الرجل الذي كنت تبعث اليه برسائلك.
    فجأة اغضى المستر سوست بعينيه وقال باضطراب:
    - انني لم اكتب اليك ابدا هذه الرسائل لم اكتبها انا هذا ما قلته كثيرا طوال جلسات التحقيق.
    - اعرف هذا ولكن اذا لم تكن انت كاتبها فمن يكون؟
    - احد الأعداء لا بد ان لي عدوا من الناس جميعا يعادونني ولا ادري لماذا انها مؤامرة ضخمة مدبرة ضدي ولكن لماذا؟
    فصمت بوارو برهة وقال:
    - هل كان الناس يعادونك حتى وانت طفل؟
    - لا لا لا اظن كانت امي شديدة الحب لي وكانت تركز كل آمالها الكبار في شخصي ويعتقد اني ساكون عظيما يوما ما ولهذا اسمتني الكسندر بونابرت وكانما الإسم وحده يمكن ان يخلق من صاحبه شخصيا عظيما ولكنها كثيرا ما كانت تؤكد لي ان الإنسان هو سيد مصيره وان في مقدوره ان يحدد مستقبله كما يشاء.
    وصمت برهة قبل ان يستطرد قائلا:
    - ولكنها كانت مخطئة وهذا ما عرفته بنفسي لأني لم اكن من الأشخاص الذين يمكن ان يظفروا بمكانة رفيعة في الحياة كنت دائما ارتكب الحماقات التي تثير سخرية الناس مني وهكذا اصبحت خجولا خائفا من الناس ولشد ما عانيت من سخرية زملائي في المدرسة من اسمي
    ومرة اخرى لزم الصمت فترة وجيزة قبل ان يردف قائلا:
    - وماتت امي ماتت ميتة حزينة ساخطة والتحقت بالمعهد التجاري وتخرجت متخلفا فيه عن جميع زملائي وانا اذا كنت ابدو امام الناس غبيا الا أنني في الواقع لست غبيا.
    - انني ادرك هذا استمر.
    - ولشد ما كنت اتالم كلما رايت الناس ينظرون الي على اني انسان غبي متخلف ابله وقد ازداد شعوري بالألم اثناء التحاقي بالعمل ككاتب في احدى الشركات.
    واشرق وجهه فجأة حين استطر يقول:
    - ولكنني استمتعت بالفترة التي قضيتها بين زملائي الجنود في الحرب لأني وجدت نفسي فجأة في مستوى واحد معهم ولكنني للأسف اصبت بجرح في راسي فسرحت من الخدمة العسكرية لأني اصبت بسبب ذلك الجرح بداء الصرع والواقع انني لا اعرف على وجه التحديد ماذا دهاني فاحيانا اقوم باعمال على غير وعي مني.
    - وبعد ذلك؟
    - اشتغلت كاتبا في شركة ولكنني لم احسن القيام بعملي فكان زملائي يتخطونني في الترقيات واصبح مرتبي لا يكاد يكفي ضرورات الحياة لا سيما بعد الإرتفاع الجنوني في الأسعار ولهذا السبب رحبت بالعمل كمندوب متجول لمصنع الجوارب النسائية نظير مرتب ثابت وعمولة على البيع.
    وهنا قال بوارو برفق:
    - ولكنك علمت ان اصحاب المصنع ينكرون انهم عهدوا اليك بعمل كهذا!
    فقال سوست وقد عاوده الإضطراب:
    - لأنهم مشتركون في هذه المؤامرة وان معي ادلة مكتوبة معي رسائل مرسلة من ادارة المصنع فيها التعليمات عن الأماكن التي يجب ان اذهب اليهم واعرض عليهم الجوارب.
    - ان هذه الرسائل مكتوبة على الآلة الكاتبة.
    - طبعا لأن ادارة المصنع لا بد ان تكتب رسائلها على آلة كاتبة.
    - ألا تعرف ان في الإمكان معرفة نوع الآلة التي كتبت هذه الرسائل؟
    - طبعا هذه مسالة بديهية.
    - لقد ثبت ان هذه الرسائل مكتوبة على الآلة الكاتبة التي وجدت في غرفتك.
    - ان هذه الآلة ارسلتها ادارة المصنع لي عند بدء التحاقي بالعمل.
    - اجل ولكن هذه الرسائل ارسلت اليك بعد استلامك الآلة ومعنى هذا انك كتبت عليها الرسائل وارسلتها إلى نفسك.
    - لا هذا لم يحدث انها جزء من المؤامرة.
    - ومجموعة كتب دليل ا.ب.س للسكة الحديدية التي وجدت في غرفتك؟
    - لا اعرف عنها شيئا لقد ظننت انها لفافة تحتوي على علب جوارب.
    - لماذا وضعت علامة المسز آسكر في اندوفر؟
    - لأني قررت ان ابدأ عملية البيع معها ان على الإنسان ان ينظم اعماله ويحدد مرحلة البدء.
    ثم اردف قائلا في انفعال شديد:
    - انها مؤامرة دنيئة ضدي وليس ادل على ذلك من وجودي في ليلة جريمة بكسهيل في مكان بعيد في ايستبورن حيث كنت العب الدومينو مع المستر سترانج.
    فهز بوارو كتفيه وقال:
    - من السهل ان يخطىء الإنسان في التاريخ لاسيما اذا كان الخطأ في تاريخ يوم واحد ان رجلا عنيدا مثل سترانج يرفض ان يعترف بخطئه مهما تكن الظروف ومن السهل عليك ان تكتب في سجل الفندق تاريخ يوم سابق او لاحق على يوم الجريمة دون ان يفطن احد إلى هذا.
    - لقد كنت العب الدومينو في تلك الليلة.
    وفجأة هتف الرجل قائلا في الم:
    - آه عاودني الصداع انه مؤلم مؤلم انه يجعلني في بعض الأحيان لا ادري ماذا اقول او افعل.
    وانحنى بوارو نحوه فجأة وقال:
    - ولكنك تعلم انك ارتكبت هذه الجرائم اليس كذلك؟
    ورفع المستر سوست وجهه وبدت نظراته هادئة بسيطة وكانما قد تلاشت من نفسيته
    رغبة للمقاومة واخيرا قال:
    - نعم اعلم.
    - وانا على حق في قولي انك لا تعرف لماذا ارتكبت هذه الجرائم اليس كذلك؟
    - نعم اني لااعرف لماذا.






    رد مع اقتباس  

  7. #27  
    ولكن ماذا عن الرسائل؟ ان المسكين يخرج من غرفته من مسكن المسز ماربري في لحظة ياس ويمضي شاردا بلا مال او هدف ولكن إلى اين؟ ان قدميه تقودانه إلى اندوفر وهناك وقف يتامل دكان المسز آسكر الضحية الأولى ثم انصرف عنها حيث فاجأته نوبة الصرع وهو يدخل مركز الشرطة ولما اعترف لي لحظة ياس واستسلام للمصير بانه ارتكب هذه الجرائم ازددت يقينا من نظريتي.
    وهنا قال فرانكلين كلارك:
    - ان نظريتك هذه غريبة شاذة.
    - لا يا مستر كلارك لقد كنت آمنا على نفسك لعدم وجود ادلة اما الآن فقد توافرت الأدلة على اتهامك.
    - أدلة؟
    - نعم لقد عثرنا على العصا التي استعملت في جريمة اندوفر وسيرستون وهي عصا عادية الشكل ولكن طرفها الأعلى مفرغ ومصبوب فيه رصاص عثرنا هليها في خزانة قديمة بقصر اخيك في بلدة سيرستون وتعرف على صورتك ثلاثة من الذين كانوا في السينما وقالول انك كنت احد الخارجين منها بعد انتهاء العرض الذي وقعت اثناءه الجريمة الرابعة وتعرفت على صورتك ميللي هيجلي وفتاة اخرى تدعى سكارليت رانز في مشرب رودهاوس الذي جلست فيه مع بيتي بارنارد في ليلة وقوع الجريمة واخيرا وهذا هو الأهم عثرنا على بصمة من بصمات اصابعك على الآلة الكاتبة التي وجدناها في غرفة المستر سوست فلو انك كنت بريئا لما كان لك اي شان بها.

    ***






    رد مع اقتباس  

  8. #28  
    الفصل التاسع عشر
    الخاتمة

    وساد الصمت برهة وفجأة قال فرانكلين كلارك:
    - انني لست آسفا على ما فعلت لقد كنت اريد ان اضمن مستقبلي
    ثم دس يده في جيبه واخرج مسدسا صغيرا وضعه على جانب راسه ولكن بوارو كان له بالمرصاد فضربه على يده والقى المسدس بعيدا ودخل في تلك اللحظة اثنان من رجال اسكوتلانديار كانا في الغرفة المجاورة والقيا القبض على فرانكلين كلارك والتفت بوارو نحوي باسما وقال:
    - لقد خانه الذكاء اخيرا لأن الحقيقة لم نجد آثار بصمات لأصابعه على الآلة الكاتبة ولكنها حيلة قديمة اوقعته بها في فخ الإعتراف.
    ونهضت تورا جراي شاحبة الوجه لتنصرف فقال لها بوارو:
    - انني آسف يا مس جراي لقد طار العصفوران من يدك.
    واندفعت إلى باب الخروج دون ان تجيب من فرط الغضب:
    - اما انت يا مس ماري دراور فارجو ان تتأكدي من ان صاحبك يبادلك الحب قبل ان تتمادي في علاقتك به.
    ثم ابتسم واردف قائلا للشاب دونالد فريزر حين رآه ينهض ممسكا بيد ميجان بارنارد:
    - لا تخجل يا مستر فريزر من مصارحة ميجان بحقيقة مشاعرك فالواقع انها تبادلك الحب ولكن مأساة بيتي تقف عقبة في سبيلكما اذكر دائما ان الحياة اقوى من الموت وان الحب اجمل ما في الحياة.
    ثم قال بعد انصراف الجميع:
    - اما المستر سوست المسكين فيجب ان اعرضه على طبيب عيون لكي يصنع له نظارة جديدة لأنني اعتقد ان صداعه المؤلم ناشيء من سوء حالة نظارته الطبية.

    (
    ??

    ??

    ??

    ??

    ==== الجرائم الأبجدية (القاتل الخفي)






    رد مع اقتباس  

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  2. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  3. كوني مثل الحروف الابجدية تسعدين
    بواسطة ! الحب ! في المنتدى ثقافة الحياة الزوجية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-Jun-2011, 08:53 PM
  4. دعاء جميل بالحروف الابجدية
    بواسطة ماجـــــــــد في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 07-Nov-2006, 12:04 AM
  5. الجرائم المرتكبة بحق أبناء الشعب الفلسطيني
    بواسطة سارة اسماعيل في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01-Jul-2006, 04:51 AM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •