غيرت لين الموضوع فجأة وسألته عن هوية الشخص الذييبحث عنه جفل رادولفلسؤالها وقال :
- الم تقولي سابقا أني أبحث عن شخصوبررت استنتاجك هذا ؟
- قلت ان هذا هو التفسير الوحيد لتنقلك الدائم أطرقتلين قليلا وزادت :
- سأكون صريحة معك هذه المرة
- تفضلي
- سمعت الرجلالعجوز يتحدث اليك عن رجل لم يأت الى المخيم وينصحك بألا تكملالبحث عنه
فكرت لين بأن تذكر كلمات اولاف أيضا لكنها عدلت لأن ذلك ليس ضروريا
- لمتخبريني بذلك في المرة السابقة
- تعني عندما قلت لك انك تبحث عن أحد ما ؟ لافقد ظننت أنك تتضايق لو عرفتأني كنت أسترق السمع حاول رادولف ان يبتسموقال بعد أن غير وجهة الحديث :
- أطلعتني الآن على شئ يضايقني الم تخافي منأثارة غضبي ؟
- لم أعد أخاف منك
- قولي بصراحة يا لين , هل انت أسعد الآنمما كنت عليه توقف فجأة محاولا ايجاد الكلمات المناسبة لأنهاء السؤال , لكندفعة منالشجاعة أتت لين فأكملت عنه:
- مما كنت عليه عندما كنت ترغمني علىمشاطرتك السرير ؟فوجئ الغجري لصراحة زوجته ولكنه كتم شعوره بذكاء
- أحسنتفهذا ما كنت سأقوله
- لست سعيدة بل راضية ان تردد لين وعدم ثقتها بما تقوليضرب بهما المثل فلماذا تنكر انها طالمانظرت الى يديه القويتين خلالالأسبوعين الفائتين وتذكرت مداعباتهما ولمساتهماالجذابة وتمنت لو يعيد الكرة ؟أهي ترغب فيه ؟ ولم لا فهي تحبهالحباحتقرت نفسها لأنها وقعت في حبائلهلمجرد انه كان ودودا معها فيالأيام الماضية , كرهت ضعفها وسرعة ذوبانها في بحرالعاطفةولكن هل صحيح ان شعور الحب لم يبدأ الا منذ وقت قصير ؟خصوصا وانلين تعترف أنها وجدت الغجري جذابا منذ رأته
- وهل يرضيك عيشنا بهذه الطريقةحتى نصبح عجوزين هرمين ؟
- سؤالك غير مجد فأنا لا انوي قضاء حياتي معك سمعتلين زوجها يتنهد بدل أن يغضب كالعادة وتساءلت اذا كان سلم بالأمر الواقعواقتنعبأن المشاركه في الحياة الزوجية تأتي نتيجة الرضى المتبادل لا القهروالاكراهبعد دقائق انطلق رادولف بالسيارة صامتا وملامحه قاسية كالحجر , ينظر أمامهكأن عينيه متجمدتان لا حياة فيهما وغرقت لين بدورها في التفكيربمشاكلهاوبالحل الأنسب الذي يخرجها من هذا المأزق من دون ان تسبب أي الم أوأذىلزوجهاتوقف الغجري في احد المخيمات لكنه لم يمكث هناك سوى بضع دقائق وأبلغ زوجتهبعد ذلك أنهما سيمضيان الليل في منزل يملكه صديق له يقع على شاطئالبحر
- ومن هو هذا الصديق ؟
- لا ضرورة لأن تعرفي
- انه ليس غجريابالطبع
- لي أصدقاء كثيرون من غير الغجر يا عزيزتي
- أهناك أحد في المنزل؟أجاب رادولف بنبرة ناعمة وفي صوته تلك الرنة الموسيقية القريبة من اللهجةالايرلنديه :
- المنزل خال فهو مخصص لقضاء العطلة الصيفية أنا واثق من أنهسيعجبك كثيرافهو مجهز بكل شئ برغم بعده عن أي تجمع سكني
- أتعني أنالمنزل منعزل ؟
- يبدو أنك فكرت بالهرب ياحلوتي ! لم أكن لأصطحبك الى هناك لو لميكن المنزلمنعزلا عن بقية العالم
- أيستعمل المنزل لأغراض سياحية ؟ فالبعض يحب تمضية وقت فراغه بعيدا عن الناس
ضحك رادولف وعلق :
- استعملتديباجة بارعة لأخفاء خيبتك
- ماذا تعني ؟
- لاتدعي الغباء يا لين ظننت أنوجودك في منزل على شاطئ البحر سيسهل الفرار
, ففي المخيمات هناك من يراقبك ليلانهارا
- الفرار من مخيم للغجر هو في الحقيقة مستحيل , أما بالنسبة لاستنتاجاتكالاخرى فانك مخطئ لأني صرت أعرفك كفاية كي أدرك أنك حاضر أبدا لاحباط ايةمحاولة أقوم بها للأفلات جل ما في الامر أني استغرب وجود منزل مخصص للعطلةفي مكان منعزل كما فهمت من كلامك
- لقد بنى صديقي هذا المنزل منذ اربعسنوات حتى يهرب من همومه ويرتاح هناك منعناء أعماله المتراكمة عجبت لينلكلام زوجها فكيف يتوصل غجري الى مصادقة شخص ثري يبني منزلا لمجردحبه الاختلاءبنفسه !
- لابد أن صديقك ثري جدا ! انا لم أعد أفهم شيئا آه لو تخبرنيالمزيد عننفسك فلربما صارت الامور بيننا مختلفة ضغط رادولف على المكابححتى كاد رأس لين يرتطم بالزجاج الأمامي نظر اليهابدهشة وسألها :
- ماذاتعنين بمختلفة ؟هزت المرأة رأسها عاجزة :
- لا أستطيع التفسير وبالفعللم تكن تستطيع التوضيح لأنها هي نفسها لا تعلم ماذا تقصد تماما منكلامهاانطلق الغجري بالسيارة , وقاد لساعات في طرق منعزلة تتعرج بينالهضاب الخضراءحتى انعطف أخيرا في زقاق ضيق لا يعرفه أحد وليس موجودا علىالخريطة كما أبلغزوجته كادت لين تلهث عندما رأت جمال الطبيعة حولها , صخور الشاطئ ورماله الذهبيةالمترامية كأنها لا تنتهي لايزورها سوى طيورالنورس تبحث عن رزقها بعيدا عنفضول الانسان استمر سيرهما في هذا المكانالنائي حتى وصلا الى طريق صخرية لم تعرف طعمالأسفلت , فأخذت السيارة تثب علىالحجارة وراكباها يعانيان صعوبة المسلك حتىبلغا أخيرا بوابة عتيقة منحوتة فيالحجر تدل على أن المنزل بني على أنقاضبناء قديم وخلف البوابة والسور المحيطبالأرض نمت أشجار خضراء من مختلفالأنواع , وتوزعت أزهار وورود زاهية هنا وهناكتضفي على الجو رونقا وضياء كانت أشعة الشمس ما تزال ساطعة ترسل ألوانها علىالمنزل الأبيض المحاط ببساطمن العشب الأخضر وسجادة من الأزهار انعقد لسانلين من الدهشة وصعقت لجمالهذه البقعة الطاهرة التي لم تدنس عذريتها أرجلالأنسان الشرهقالت وهي تترجل من السيارة :
- آه ما أروع هذا المكان !
أجالت طرفها بين الجبال الشاهقة والبحر المترامي الأطراف في زرقة يخالطهابياض الزبد عجيبة هي طبيعة ايرلندا في جمعها سمو الجبال ووداعة البحر فيلوحة واحدة
- كيف وصل صديقك الى مكان كهذا ؟مرت لحظات تردد قبل أنيجيب زوجها :
- أن عائلته تملك الأرض منذ عدة أجيال وقد أقامت فيها مزرعة كبيرة
أشار بيده الى بقايا البناء المتهدم وقال :
- كان هذا بيتا لعمال المزرعة وجد صديقيالمكان مناسبا ليناء منزل يرتاح فيه عندما يحتاج الى الابتعاد عن عالمالاعمال والضجيج
- وماذا يعمل صديقك ؟
- لديه أملاك كثيرةجاء جوابالغجري مقتضبا يحذر لين من التمادي في طرح الأسئلة , ويعلمها بأنهما عاد يرغبفي التوغل في الموضوع أكثر دخل الزوجان الى المنزل الفخم حيث الاثاث الوثيروالسجاد العجمي والستائرالحريرية الفاخرة وأعجبت لين بالثريات والكريستالوالآنية الفضية وتماثيلالعاج والبرونز كما لفت نظرها الديكور الذواق الذينظمت على أساسه غرفة الجلوس , ثم هزترأسها مدركة.
في هذه اللحظة دخل رادولف الى غرفة النوم مرتديا لباس نوم أنيقايتناقض معشعره غير المسرح , ويعطيه شكلا فريدا جامعا بين الظاهر الانيقوالطبيعةالبدائية لايقال عن رادولف الا أنه طائر يغرد خارج سربه !
عرفالغجري ما أثاره مظهره في نفس زوجته فقال معتذرا:
- لآسف لمظهري , ولكني سأتحسنمع الوقت اذا اهتممت أكثر بالتفاصيل
- لا ضرورة للتهكم أتسمح الآن بأن أرتديملابسي فالجو ليس دافئا كفاية هنا؟لم يحتج رادولف لسماع المزيد فسارع الىتشغيل جهاز التدفئة المركزية وعلىالفور غمر المنزل دفء عارم بعد ذلك عادرادولف الى غرفة النوم وفتح خزانةالثياب
- ستجدين ثيابك وحقيبتك هنا
أستدار وأكمل:
-أظن أني رأيت بين ملابسك فستانا طويلا تأخرت لين فيالأجابة لأنها كانت تراقب بتعجب اللباس الذي يرتديه زوجهاوالمناسب له تمامامما يدل على أن قياسه معادل تماما لقياس صديقه , حتىالكمان يناسبان ذراعيزوجها المتميزتين بطولهما
- ماذا عن الفستان ؟
- أريدك ان ترتديه الليلة
مرر نظراته الشغوفة على جسمها وأكمل :
- سنتناول العشاء بكامل أناقتنا كأناس متمدنين