علم الجنين ، دراسة الجنين ، علم الاجنة
 
 
 فقوله   : " إن أحدكم  يُجمَع خلقه في بطن أمه " يدل على أن هناك عملية جمع للخلق  ،  والخلق نصفان :  نصف تحمله النطفة المؤنثة ، و نصف تحمله النطفة  المذكرة  على صبغياتهما (  كروموسوماتهما ) ، و تبدأ عملية الجمع حين تبدأ  النطفتان  التحرك باتجاه  بعضهما البعض ، و ما يجري في خصية الرجل خارج عن  نص الحديث ،  أما ما يجري  في بطن المرأة فداخل في الحساب ، إذ نبدأ حساب  الأربعينات  اعتباراً من أول  الدورة الشهرية ، أي من أول يوم من آخر طَمث _  حيض _ رأته  المرأة ، لأنه  اليوم الذي يبدأ فيه تشكل الجريب حول البييضة ،  أو بكلمة  أخرى : هو اليوم  الذي يبدأ فيه التطور الذي سيؤدي إلى الإلقاح ،  و هو ما  ينطبق عليه نص  الحديث حرفياً : بدء عملية جمع الخلق في بطن الأم  ؛ و هو  الحساب المعتمد في  علم التوليد في كل كتب التوليد على الإطلاق ، و  هو  منتشر في كل بطاقات  الحوامل و في كل المستشفيات في مختلف أرجاء  العالم ،  فاليوم الأول من آخر  طمث هو الموعد الحقيقي لبدء حوادث الحمل ، و  هو اليوم  الوحيد الذي تذكره  المرأة و يمكن سؤالها عنه ، أما الجماع  الملقح فهو  واحد من عدد لا تعلم  المرأة أيها تختار ، و من أين لها أن  تعلم في أي مرة  حصل الإلقاح ، حتى لو  حصل الحمل نتيجة جماع واحد فقد  يلتبس أمر حصول  الإلقاح بعده لعدة أيام .
  إن حديث الأربعينات يقدم التقسيم العلمي والعملي الوحيد الواقعي المبسط   لعلم  الجنين   ، و ذلك دون إهمال أي حقيقة من حقائق هذا العلم فهو من  جوامع  الكلم  الشاهدة على قيام الساعة على نبوة الصادق الأمين صلى الله  عليه و سلم  ، و  أعترف أني فهمت علم  الجنين   لأول  مرة في حياتي حين  فهمت حديث  الأربعينات :
  فالمرحلة الأولى : للتخطيط واتخاذ الاستعدادات اللازمة و مدتها أربعين يوماً من أول يوم من آخر طمث .
  والمرحلة الثانية : هي للتنفيذ و الأعمال الإنشائية السريعة ، و اسم هذه    المرحلة : العلقة ، لأن محصول الحمل يكون فيها معلقاً بجدار الرحم تخلق فيه    كل الأعضاء ، و حين تنتهي يكون  الجنين  خلقاً سوياً ، و تستمر هذه  المرحلة  أربعين يوماً أيضاً .
  والمرحلة الثالثة : هي المضغة ، سميت بذلك لأن محصول الحمل أصبح كقطعة   اللحم ، و هي مؤلفة من قطعتين إحداهما توصف بالمخلَّقة و هي  الجنين   ، و   الثانية غير المخلَّقة و هي المشيمة ، و تستمر أربعين يوماً أخرى ، و  لا   ندري بالضبط ما يجري فيها إلا ما يتعلق بالعظام التي تأخذ بالتعظم و    العضلات التي تأخذ بالتخطط ( التعضُّل ) [ عن كتاب القرار المكين باختصار ]    .
  وقوله : " ذراع " المراد منه كما يقول النووي في شرح صحيح مسلم : التمثيل    للقرب من موته و دخوله عقبه الجنة أو النار ، و أن تلك الدار ما بقي بينه و    بين أن يصلها إلا كمن بقي بينه و بين موضع من الأرض ذراع ، و المراد  بهذا   الحديث أن هذا قد يقع في نادر من الناس لا أنه غالب فيهم ، ثم إنه  من لطف   الله تعالى و سعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة و  أما   انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور و نهاية القلة .