- إذا كنت أكرهه وهو يكرهني فما الفائدة في إلقاء السلام؟ ألا يكون من الأفضل أن يكون كل منا في حاله بلا سلام ولا كلام تجنبا للمشاكل؟
- زميلي سليط اللسان وأنا أكرهه, فإذا تبسمت عند لقائه وألقيت عليه السلام, هل أكون منافقا ذا وجهين؟
- لي جار نمام, ونصحته فلم ينتصح, فهل يجوز أن أهجره ؟ وما هي ضوابط الهجر الشرعي؟
.
- إذا كنت أكرهه وهو يكرهني فما الفائدة في إلقاء السلام؟ ألا يكون من الأفضل أن يكون كل منا في حاله بلا سلام ولا كلام تجنبا للمشاكل؟
ذكرنا فيما سبق ما رواه البخاري بسنده عن أبي أيّوب الأنصاريّ- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم قال: « لا يحلّ لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الّذي يبدأ بالسّلام»
فالمسلم الحق إذا سمع هذا الحديث ينبغي أن يبادر بالعمل بمقتضاه ولا يقدم مثل هذه الحجج العقلية على كلام من لا ينطق عن الهوى – صلى الله عليه وسلم – حتى لو لم يظهر له وجه الحكمة فيه, فقد قال الله تعالى في الآية 59 من سورة النساء: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر), ولقد عبر الإمام الطحاوي عن هذا المعنى في العقيدة الطحاوية فقال: ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام.
وقد ضرب لنا الصحابة رضوان الله عليهم أروع الأمثلة في سرعة الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم, فلنقتد بهم ولنتبع آثارهم لعلنا نسعد كما سعدوا ونفوز كما فازوا.
هذا لو افترضنا أنه ليس هناك حكمة ظاهرة في هذا الأمر منه صلى الله عليه وسلم, لكننا لو تأملنا فيه قليلا لوجدنا حكما كثيرة, فعلى سبيل المثال, جاري هذا المؤذي إذا مرض فسيكون من السهل علي أن أزوره, وأستغل فرصة مرضه في دعوته بكتيب أو مطوية أو غيرها من وسائل الدعوة, أما إذا لم يكن بيني وبينه حتى إلقاء السلام, فسيكون من الصعب علي أن أزوره في هذا الحال, والإنسان عند مرضه غالبا ما يرق قلبه, ويصير أكثر قبولا لدعوة الحق, وكثيرا ما قرأنا أو سمعنا عن أناس كانوا من أظلم الناس وأفسقهم, انضموا لقوافل التائبين بأسباب يسيرة جدا, خاصة في حالات المرض أو الضعف, فينبغي ألا نستبعد الهداية على أحد, ولنجتهد في استغلال الفرص.
- زميلي سليط اللسان وأنا أكرهه, فإذا تبسمت عند لقائه وألقيت عليه السلام, هل أكون منافقا ذا وجهين؟
عن عائشة رضي الله عنها أنه أستأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال« إئذنوا له بئس أخو العشيرة» فلما دخل ألان له الكلام فقلت له: يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له في القول، فقال: « أي عائشة: إن شر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه»
وعلق الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى على هذا الحديث في الفتح (10/528) بقوله: " قال ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين وهي خفض الجناح للناس وترك الإغلاظ لهم في القول وذلك من أقوى أسباب تأليف القلوب. وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغلط، لأن المداراة مندوب إليها، والمداهنة محرمة. وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسقوإظهار الرضا بما هو فيه من غيرإنكار عليه"
فأنت عندما تتبسم في وجهه وتلين له الكلام بنية تأليف قلبه, مع الإنكار عليه بأسلوب حسن بكلمة طيبة أو محاضرة نافعة أو رسالة بالجوال أو غير ذلك من وسائل الدعوة, فهذا أبدا ليس نفاقا, بعكس من يتبسم في وجه أخيه طمعا فيما عنده من الدنيا.
أيضا تذكر أخي أن سلاطةاللسان داء, لكن علاجه غير مستحيل, فاستعن بالله و لاتعجز, وكرر المحاولة ولا تيأس, و« لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم»
- لي جار نمام, ونصحته فلم ينتصح, فهل يجوز أن أهجره ؟ وما هي ضوابط الهجر الشرعي؟
الهجر الشرعي لأجل زجر المهجور، وتأديبه، ورجوع الناس عن مثل حاله, من أقوي الأدلة علي مشروعيته قصة هجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم لكعب بن مالك وصاحبيه – رضي الله عنهم - لما تخلفوا في غزوة تبوك.
ولكن هذا الهجر له ضوابط مهمة يجب التقيد بها,ويوضح ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (28/204 – 208): (. الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم، وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور، وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كان هجره يضعف الشر؛ كان مشروعاً، وإن كان المهجور لا يرتدع بذلك، ولا يرتدع به غيره، بل يزيد الشر والهاجر ضعيف، وتكون مفسدة الهجر راجحة على مصلحته, لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، كما كان الهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى اللّه عليه وسلّم يتألف قوماً ويهجر آخرين,وينبغي أن يفرق بين الهجر لحق الله، وبين الهجر لحق النفس، فالهجر لحق الله تعالى مأمور به، والهجر لحق النفس منهي عنه)
وقال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع على زاد المستقنع: المجلد الثاني عشر: بَاب وَلِيمَةِ العُرْسِ: (.لأن الأصل أن هجر المؤمن حرام لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال»، فإن لم يكن مصلحة صار الهجر حراماً، إذ لا يحصل منه إلا عكس ما نريد، وأما ما يفعله بعض الإخوة المستقيمين الغيورين على دينهم من هجر أهل المعاصي مطلقاً فغلط ومخالف للسنة.)
ختاما: أرجو من كل أخ حبيب ابتلاه الله بخصام أحد إخوانه أن يرجع إلى من يثق فيه من أهل العلم قبل أن يتخذ قرارا بالاستمرار في الخصام, فالأمر ليس باليسير.
lh wghm hglohwl 2013