أهلاً بكم في منتديات مياسه
 
 
 
 
 
 في قسم 
 
 
 رياض المؤمنين
 
 
 
 
 
 
 وضمن منتديات 
 
 
 
 •][• منتديات الملتقى الاسلامي •][•
 
 
 
 التابع لـ منتديات مياسه  
 
 
 
 
 
 
 
 والذى يضم
 
 
 نفحات رمضانيه 1434 - 2013
 
 
 رياض المؤمنين
 
 خاص بالمواضيع الاسلامية " كن لله كما يريد يكن لك فوق ما تريد"
 
 
 
 
 تحميل و استماع اناشيد و صوتيات الاسلامية
 
 يتعلق بالفتاوي ورأي المشايخ ومقاطع الفيديو الاسلاميلماذا لم يغفر الله لابليس
 
لماذا لم يغفر الله لابليس
 
  قرأت      العديد من الآيات في القرآن ، وفي الحديث ، أن الله رحيم لدرجة أن   رحمته    تشمل كل شيء ، ويحب أن يغفر لعباده في أي وقت ، إذا تابوا ، لكنَّ   شيئاً    جعلني أتساءل : ما دام أن الله رحيم : فلماذا لم يغفر خطأ   الشيطان ، وقد    كان من عباد الله ولم يرتكب الشرك ؟ وكما قال الله في   القرآن : ( إن  الله   لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ،   فهذا يجعلني أخاف  حيث   إنه لم يغفر للشيطان بسبب خطئه الوحيد ، فكيف يمكن   أن يغفر لنا  أخطاءنا   الكثيرة ؟ وكذلك أن كل واحد سيدخل الجنة ليس  بعمله  الصالح وإنما  برحمة الله   ، هذا يجعلني أبكي ، هل سيغفر الله لي  ذنوبي  ويريني رحمته ،  ويسمح لي   بدخول الجنة ، فإنه رحيم بعباده بحق .  أرجو  التوضيح ، وإزالة  شكوكي ، وأكون   ممتناً لكم .
   الجواب:
   الحمد لله
   أولاً:
      هذا  من أغرب الأسئلة  التي وصلت لموقعنا ، ولعلَّ حداثة سنِّك – أخي    السائل -  هي السبب ، ونحن  نشعر من رسالتك أن عندك خيراً عظيماً ، وقلباً    رقيقاً ،  وإحساساً مرهفاً ،  ونشد على يديك لتبقى على هذا الخير ،  والصدق  ،  والحرص  على ما ينفعك .
    والجواب على سؤالك  وإشكالك سهل ويسير ، وهو  أن    إبليس      لم يتب  أصلاً ، ولم يستغفر ربَّه تعالى ،  ولم يطلب منه الصفح  والعفو ،   فكيف  سيغفر الله تعالى له وهو يصر على كبره ،  وغروره ، ويعصي أمر  ربه   تعالى  المباشر له ؟! .
     وليس لك أن تقارن ذلك  بمغفرة  الله تعالى لآدم عليه السلام ؛ ذلك لأن   آدم   عليه السلام استغفر  ربَّه من  أكل الشجرة ، وندم على ما حصل منه من      معصية       ربه عز وجل ، قال  تعالى : (  فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ  رَبِّهِ  كَلِمَاتٍ  فَتَابَ عَلَيْهِ  إِنَّهُ هُوَ  التَّوَّابُ  الرَّحِيمُ )  البقرة/ 37 .
     وقال تعالى – عن   آدم    وحواء - : ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا  أَنْفُسَنَا  وَإِنْ لَمْ   تَغْفِرْ  لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ  مِنَ  الْخَاسِرِينَ )  الأعراف/  23 .
   وقارن هذا بتكبر    إبليس    وغروره بعد الأمر المباشر من رب العالمين :
      قال  تعالى : ( وَإِذْ  قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ    فَسَجَدُوا  إِلَّا إِبْلِيسَ  أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ    الْكَافِرِينَ )  البقرة/ 34.
   وانظر ماذا قال بعد علمه بسخط الله تعالى عليه لمخالفته أمره :
      قال  تعالى – عنه - : (  قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي  لَأُزَيِّنَنَّ   لَهُمْ  فِي الْأَرْضِ  وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )  الحِجر/ 39 .
      وقال  تعالى : ( قَالَ  فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ    صِرَاطَكَ  الْمُسْتَقِيمَ .  ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ    أَيْدِيهِمْ وَمِنْ  خَلْفِهِمْ وَعَنْ  أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ    شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ  أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ )  الأعراف/ 16 ، 17 .
      فانظر لهذا  العدو  الخبيث كيف يصف ربه بأنه أغواه ، وأضلَّه ! – حاشا   لله  - ، وكيف أنه  طلب  طول العمر لا لكي يراجع نفسه ويتوب ، بل ليضل من    يستطيع إضلاله من  الناس ؛  لئلا يكونوا مهتدين .
   قال الطبري – رحمه الله - :
     وأما  قوله : ( لأقعدن  لهم صراطك المستقيم ) فإنه يقول : لأجلسنَّ لبني    آدم  (  صراطك المستقيم ) ،  يعني : طريقك القويم ، وذلك دين الله الحق ،   وهو  الإسلام ، وشرائعه ،  وإنما معنى الكلام : لأصدَّن بني  آدم  عن  عبادتك ،   وطاعتك ، ولأغوينهم كما  أغويتني ، ولأضلنهم كما أضللتني .
   " تفسير الطبري " ( 12 / 334 ) .
   وبه يتبين لك أخي السائل :
   1. أن  آدم  عليه السلام كانت معصيته بفعل المحظور ، وكانت     معصية    إبليس    ترك المأمور ، وبينهما فرق شاسع ، من أوضحه :
   2. أن سبب     معصية    آدم  الشهوة ، وسبب     معصية    إبليس    الكِبر والغرور ، وبينهما فرق عظيم ، وقد بان ذلك في نتائجهما :
   3. فآدم عليه السلام تاب ، واعترف أنه ظلم نفسه ، وإبليس أبى ، واستكبر ، وتوعَّد الناس أن يُضلَّهم ، ويغويهم .
   قال ابن القيم - رحمه الله - :
      هذه  مسألة عظيمة لها  شأن ، وهي أن ترك الأوامر أعظم عند الله من  ارتكاب    المناهي ، وذلك من وجوه  عديدة : . ( وذكر ثلاثاً وعشرين وجهاً  ) .
   " الفوائد " ( ص 125 – 135 ) .
      والله  تعالى يقبل توبة  التائب حتى لو كان أشرك معه سبحانه إلهاً آخر ،    بل  ويبدِّل سيئاته حسنات ،  كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا  يَدْعُونَ   مَعَ  اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ  وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ  الَّتِي حَرَّمَ   اللَّهُ  إِلَّا بِالْحَقِّ  وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ  يَفْعَلْ ذَلِكَ  يَلْقَ  أَثَاماً  . يُضَاعَفْ لَهُ  الْعَذَابُ يَوْمَ  الْقِيَامَةِ  وَيَخْلُدْ  فِيهِ  مُهَاناً . إِلَّا مَنْ  تَابَ وَآمَنَ  وَعَمِلَ  عَمَلاً صَالِحاً   فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ   سَيِّئَاتِهِمْ  حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ   غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/   68 – 70 .
      فلا تقلق أخي  السائل ،  فرحمة الله واسعة ، والله تعالى يتقبل توبة    التائب ، ولو بلغت  ذنوبه عنان  السماء ، قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ    الَّذِينَ  أَسْرَفُوا عَلَى  أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ    اللَّهِ إِنَّ  اللَّهَ يَغْفِرُ  الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ    الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )  الزمر/ 53 .
    ولو أن    إبليس      اعترف  بذنبه ، وتاب لربه تعالى :  فلن يجد باباً  مغلقاً ، وهو أعلم  بربه  من غيره ،  ولم يكن ثمة ما يدعوه  للعناد إلا  كبره ، وغروره ، ورضي  أن  يكون قائد أهل  النار من أجل هذا .
   ثانياً:
      أما  دخول الجنة برحمة  الله تعالى : فهو حق لا ريب فيه ، وإنما لا يدخل    أحدٌ  الجنة بعمله : لأنه  ليس ثمة عمل يقوم به العبد – ولو عظُم – يبلغ   أن  يكون  ثمناً لدخوله الجنة ،  فسلعة الله غالية .
      عَنْ أَبِى  هُرَيْرَةَ  عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم   أَنَّهُ  قَالَ : (  لَنْ  يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ ) قَالَ   رَجُلٌ :  وَلاَ إِيَّاكَ  يَا  رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( وَلاَ   إِيَّايَ إِلاَّ  أَنْ  يَتَغَمَّدَنِيَ  اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ ،   وَلَكِنْ سَدِّدُوا ) .
   رواه البخاري ( 6098 ) ومسلم ( 2816 ) .
   لكنْ للعمل فائدتان مهمتان :
   الأولى : أنه يحصِّل به الرحمة التي تكون سبباً لدخول الجنة .
   والثانية : أن المنازل تتفاوت في الجنة بحسب الأعمال .
   قال ابن بطال – رحمه الله - :
      فإن  قال قائل : فإن  قوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل أحدكم عمله    الجنة )  يعارض قوله تعالى  : ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي    أُورِثْتُمُوهَا بِمَا  كُنتُمْ  تَعْمَلُونَ ) الزخرف/ 72 ، قيل : ليس كما    توهمتَ ، ومعنى الحديث  غير معنى  الآية ، أخبر النبي صلى الله عليه  وسلم   في الحديث أنه لا يستحق  أحد دخول  الجنة بعمله ، وإنما يدخلها  العباد   برحمة الله ، وأخبر الله تعالى  في  الآية أن الجنة تُنال المنازل  فيها   بالأعمال ، ومعلوم أن درجات العباد   فيها متباينة على قدر تباين  أعمالهم ،   فمعنى الآية في ارتفاع الدرجات   وانخفاضها والنعيم فيها ،  ومعنى الحديث   في الدخول في الجنة والخلود فيها ،   فلا تعارض  بين  شيءٍ  من ذلك .
   " شرح صحيح البخاري " ( 10 / 180 ) .
   وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
      وكذلك  أمر الآخرة ،  ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة ، بل هي سبب  ،   ولهذا  قال النبي صلى  الله عليه وسلم ( إنه لن يدخل أحدكم الجنة  بعمله   قالوا : ولا  أنت يا رسول  الله قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله  برحمة   منه وفضل ) ،  وقد قال تعالى  : ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )  ، فهذه   باء السبب ، أي :  بسبب  أعمالكم ، والذي نفاه النبي صلى الله  عليه وسلم :   باء المقابلة ، كما  يقال  : اشتريت هذا بهذا ، أي : ليس  العمل عوضاً   وثمناً كافياً في دخول  الجنة ،  بل لا بد من عفو الله ،  وفضله ، ورحمته ،   فبعفوه : يمحو السيئات ،   وبرحمته : يأتي بالخيرات ،  وبفضله : يضاعف   البركات .
   " مجموع الفتاوى " ( 8 / 70 ، 71 ) .
      فلعلك  علمتَ الآن أن  هذا الحديث لا يدعو للقلق ، ولا لليأس ، بل هو   يدفع  نحو  العمل ؛ لأنه  بالعمل تحصِّل رحمة الله ، وبالعمل ترتفع درجاتك   في  الجنان .
   والله أعلم