عمر السبع
لا للتربية العفوية:لقد تعود المربون أن يمارسوا التربية بطريقة عفوية، ومن غير تخطيط مسبق، بل إن أغلب ممارساتهم التربوية ماهي إلى ردود أفعال وتصرفات موقفية، وهذا الأسلوب يعتمد على التركيز فقط على حل المشكلة الحالية، وإزالة مظاهر السلوك السيء، بغض النظر عن دوافع هذا السلوك.
وللتربية العفوية عدة صور منها:
1. أسلوب الذكريات السلبية:
وهو أن يتجنب المربي كل الطرق التي استخدمها والديه في تربيته، سواء كانت صحيحة أم خاطئة لتعرضه لبعض الذكريات السلبية(كالصفع والشتم والسخرية) ،وبالتالي فهو يربي أولاده بخلاف الطريقة التي تربى بها؛ لأنه يظن أن أباه كان مخطئًا في تربيته.
2.استنساخ السلوك التربوي:
وهو أن يفخر المربي بأبيه وأمه وتربيتهم له وللأجيال السابقة، ويرغب المربي في تنفيذ نفس أسلوب الأب والأم في التربية، ويعد ما سواه هو الخطأ بعينه، وأن تقليدهم في خطئهم وصوابهم هو عين الصواب لأنهم كانوا الأكثر خبرة، والأكبر سنًا، والأعمق فهمًا.
3. اختلاف القناعات والأساليب التربوية بين الأبوين:
فما يراه الأب سلوكًا سيئًا قد لا تراه الأم كذلك، وما تراه الأم سلوكًا سيئًا قد لا يراه الأب كذلك، وذلك بسبب اختلاف الأسس والأساليب التي تربى عليها كل منهما.
4.المداخلات السلبية من الآخرين:
سواء كانت من الجد، أو الجدة، أو العم، أو العمة، أو الخال، أو الخالة، كل على حد سواء، فالكثير منهم لا يتوانى عن التعليق وإبداء رأيه فيما يظن أنه الحل الصحيح.
5. التعميم الناتج عن الأمية التربوية:
فكثير من الآباء يعتمد مبدأ التعميم في التعامل مع السلوكيات السيئة التي تصدر من الطفل، فلا يفرق بين الخطأ لأول مرة، وبين الخطأ المتكرر أو المعتاد، ولا يفرق بين الخطأ العمد وبين الخطأ غير المقصود، ولا يفرق بين المراحل السنية المختلفة، ولا بين الذكر والأنثى، ولا بين العنيد والمطيع.
6. عدم التغاضي عن بعض الأمور:
فكثير فإن التحدي الذي يواجهه الأهل هو تحديد الوقت المناسب لتشجيع الأبناء على اتباع السلوك النموذجي، وتعلم فن التغاضي عن السلوكيات التي يفعلها الطفل في مقتبل عمره.
7. اقتران التوجيه بالغضب:
وهو من آثار التربية العفوية، فأكثر الآباء يعلمون أبناءهم السلوك الحسن في لحظة غضبهم، فيكون هذا التوجيه مصحوبًا بالصراخ ورفع الصوت والعبوس والضرب والسب في بعض الأحيان.
وهكذا أصحبت التربية العفوية عبارة عن تنفيس للآباء عن الضغوط التي يتحملونها لا أكثر، وعلاج مؤقت للمشكلة لأنها تعتمد على أسلوب المسكنات التربوية وتنشغل بمظاهر السلوك لا بدوافعه.
وداعاً للتربية العفوية:
ونريد اليوم أن نقول وداعاً للتربية العفوية، وأن نبدأ عهداً جديداً من التربية يعتمد على تحديد الأهداف والبناء المتكامل للطفل في كافة الجوانب النفسية والعقلية والجسمية والاجتماعية مع فهم كل مرحلة يمر بها الطفل، وهذا النوع من التربية يمكن أن نسميه التربية المقصودة، والتي تعني، أن التصرف التربوي الذي سأسلكه في الموقف التربوي مع طفلي لن يعتمد على ذكريات سلبية ولا على آراء الآخرين ولا على انفعال الغضب بل سيعتمد على الخطة التي وضعتها لطفي والهدف الذي أسعى لتحقيقه معه.