.
ان الطفل الذي يعتاد على المعاملة اللطيفة ينشأ نشأة هادئة، وسينمو عاطفيا بدرجة حسنة تجعل منه كلما تقدم في عمره طفلا ودودا محبا منسجما مع محيطه واقرانه وسيكون طفلا سعيدا ومتفائلا.
ان هذا الصغير سيلاقي من تعامل معه بلطف ببشاشة غامرة خصوصا اذا اقترنت هذه الملاقاة بحوافز الحلويات او اللعب، ويصبح قرير العين تجاه صديقه الذي يحنو عليه، وهو سيقابل حتما الاحسان بالاحسان بالرغم ان احسان الطفل للكبير لن يتجاوز الابتسام والقبول فهو بحكم سنه لا يستطيع تقديم غير هذا باعتباره لا يملك حلوى او العاب يقدمها لصديقه.
وعلى عكس ذلك, فإن التعامل الفظ أو حتى التجاهل من قبل الكبار له, سيخلق لديه شعوراً بعدم المبالاة والاكتراث لمن يتجاهله وربما ينفر ممن يتجاهله سعياً وراء صداقة يرى فيها اضافة للمنافع المادية كالالعاب والحلوى, يرى فيها الحنان والعواطف النبيلة المحبة فيتفاعل معها بمثلها.
ومثلما تصنع المودة والتقرب اللطيف من الطفل, مثلما تصنع طفلاً باشّاً وسعيداً واجتماعياً, فإنه وعلى النقيض مما تفعل به الغلظة والشدة. ومثل هؤلاء الاطفال ينشأون على نزعة الكراهية, والشعور بالغبن والاهمال مما سيؤدي بهم مستقبلاً لأن يكونوا اطفالاً عدوانيين متشائمين وقد يميلون للتوحد لأنهم لم يأخذوا حقهم من التعامل اللطيف ومشاعر الحنان.
فالطفل اذن كائن سهل الانقياد للمعاملة الحسنة, وتسهل مصادقته واجتذابه اذا احسنا التعامل معه, وبذات الوقت فهو سريع النفور والإعراض عمن لا يحسنون معاملته.
وان للطفل حقوقاً على كل من يتعامل معه وليس حكراً على الوالدين فقط, فهذا الطفل لن يبقى حبيس سرير أمه أو ابيه, فهو سيتخالط مع الاقارب والجيران, ثم الحضانة فالمدرسة. وعلى كل هذه البيئات ان تتعامل معه بلطف ومحبة, حتى يتوفر له جو مناسب وخصب للنضوج العاطفي والانفعالي, لأن بناء العواطف الرقيقة والهادئة لديه في صغره ستجعل منه انساناً لطيفاً ورقيقاً مع الاخرين حيثما ذهب وحل, وسيكتمل نموه العاطفي والانفعالي بشكل أنسب واسرع, وفي المحصلة سيكون إنساناً وديعاً في شبابه وقادراً على بناء العلاقات الودية البناءة مع من سيتعامل معهم في صباه وشبابه.