تربية الأولاد شاقة ؛ فهم يحتاجون الى صبر وسياسة،
و من ذلك أن بعض الأطفال يحتاج الى معاملة برفق و لين
و بعضالأطفال يحتاج إلى من يشد عليه، و لكن هذه الشدة
ليست بقسوة
فنسأل الله أن يرزقنا حسن الرعاية،
ولا بد من تعاون الأبوين في تربية أولادهما، و لو أهمل واحدٌ
منهما ما عليه من المسئولية، لبقي جانبه فيه نقصاً إلا ما شاء الله.
ويُعَلَّما الطفل حسب مرتبته و فهمه، و إليك شيئاً من ذلك :
فمثلا في المرحلة الأولى :
1- يُلقَّن الطفل الله، مع الإشارة بالإصبع إلى السماء.
2- إذا أعطيته طعاما إما كسرة خبز أو نحوها، تناوليه
فى يده اليمنى.
3- إذا كان طعاما حارا، فلا تنفخي فيه،فإن النبي صلى الله عليه
و على آله و سلم نهى عن التنفس في الإناء. و لو رأى الطفل
من يفعل ذلك ، لو جدتيه سرعان ما يطبق ذلك .
وهكذا جميع الأشياء، و هذا كله مصداقًا لقول النبي صلى الله
عليه وعلى آله و سلم :"مامن مولود إلا يولد على الفطرة،
فأبواه يهودانه، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ".
و في "صحيح مسلم" منحديث عياض بن حمار قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله و سلم :" إني خلقت عبادي
حنفاء، فاجتالتهم الشياطين".
والشاعر يقول:
ينشأ ناشئ الفتيان فينا°°°على ما كان عوّده أبوه
4- إذا كان ابن سنة و نصف أو نحو ذلك وأراد أن يأكل أو
يشرب لقنيه ،أن يقول : بسم الله، و بعد ذلك سيعتاد ذلك و
سيقول من نفسه : بسم الله.
5- و متى وجدتيه أهلا لأن يعقل أركان الإسلام ، و الإيمان،
وركن الإحسان فعلميه.
ولا أحدد تعلميه بالسنين؛ لأن فصاحة الأطفال و ذكاءهم
يتفاوت.
و أركان الاسلام هي:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
اللهعليه وعلى آله و سلم:"بني الاسلام على خمس : شهادة ان
لا اله الاالله و أن محمدّا رسول الله ، و إقام الصلاة، و إيتاء
الزكاة،والحجّ، و صوم رمضان".متفقعليه.
و أركان الإيمان هي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و على آله و سلم :"الإيمان : أن تؤمن بالله ، و ملائكته،
و كتبه، و رسله،ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر". متفق عليه
وانفرد به مسلم من حديث عمر بن الخطاب.
وركن الإحسان هو:
"أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
وسبق تخريجه في الحديث الذي قبله.
6- علمه /علميه أحكام الوضوء.
7- إذا أكل من إناء قل / فقولي له يأكل من الذي يليه؛ ففي
"الصحيحين " من حديث عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلاما
في حجر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
وكانت يدي تطيش في الصّحفة فقال لي النبي صلى الله عليه و
على آله و سلم :" ياغلام، سمِّ الله ، وكل بيمينك، وكل مما
يليك".
8- عوديه على الخير، فإذا كان ابن سبع سنوات، فدربيه على
الصلاة .
* قال أبو داود- رحمه الله - {1 رقم495}: "حدثنا مؤمل بن
هشام -يعني اليشكريّ- حدّثنا إسماعيل، عن سوّارٍ أبي حمزة-
قال أبو داود : وهو سوّاربن داود أبو حمزة المزنيّ ُ الصَّيرفيُّ-،
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم :"مروا أولادكم بالصلاة وهم
أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين
،وفرقوا بينهم في المضاجع".
-والحديث اسناده حسن-
و مؤمل بن هشام : ثقة، و إسماعيل : هو ابن عُلَيَّةَ :مشهور.
و سوار : صدوق له أوهام، كما في <<التقريب>>، فحديثه
صالح للحجية ما لم يكن من أخطائه ، و بقية رجاله معروفون.
و للحديث طريق أخرى من حديث سبرة في أبي داودبرقم
(494).
9-التفرقة بين الاطفال في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر،
و قد سبق الحديث الذي يدل ذلك.
10- دربه/ دربيه على الصوم، إذا كان لا يضعفه من أجل إذا
كبر يكون متدربا على ذلك.
11- علمه /علمي طفلك العقيدة الصحيحة،
وقولي له بمثل ما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعبد
الله بن عباس :"إنّي أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك ، احفظ
الله تَجده تُجاهك،إذا سألت فاسأل الله،وإذا استعنت فاستعن بالله،
واعلم أن الأمّة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا
بشيء قد كتبه الله لك ،ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم
يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ،رُفعت الأقلام وجفت
الصُّحف".
12-أوصي ولدك بما أوصى لقمان ولده،
قال تعالىوإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ
الشرك لظلم عظيم_إلى قوله_واقصد في مشيك واغضض من
صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير) (لقمان:13-19).
13- علمه /علميه أن يستأذن إذا أراد أن يدخل:
قال الله تعالى ياأيها الذّين آمنوا ليستأذن الذين ملكت أيمانكم
والذين لم يبلغوا الحُلم منكم ثلاث مرّات من قبل صلاة الفجر
وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء
ثلاثُ عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنّ طوافون
عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم
حكيم) (النور:5)
14- علمه /علّميه الأمور المنهية ليجتنبها ،
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال :أخذ الحسن بن عليّ
–رضي الله عنهما- تمرة من تمر الصدقة ،فجعلها في فيه فقال
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كِخْ كِخْ (*) ارمِ
بها أما علمت أنّا لا نأكل الصّدقة )).
15- اشرح /اشرحي له معنى الآية أو الحديث الذي تقرئينه
عليه.
16- علق /علّقي قلبه بالله عزّ وجل.
وبعض الأطفال تُعلّق قلوبهم بالدنيا ،وبالشهادات ويملأ قلبه
بالأوهام فربما يخاف من ظله.
17- اهتم / اهتمي بحفظ القرآن ، وحفّظي ولدك كل يوم شيئا
يسيرا ولو آية واحدة.
فإن المشتغلين بالقرآن هم خير الناس كما في صحيح البخاري
من حديث عثمان بن عفان قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم : ((خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه))،وفي
رواية للبخاري : ((إنّ أفضلكم)) ، بدل خير.
وقد أوصى النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمّته بالاهتمام
بشأن القرآن.
قال الإمام البخاري (9رقم:5022): حدّثنا محمد بن يوسف ،
حدّثنا مالك بن مغولٍ، حدّثنا طلحة قال: سألت عبد الله بن أبي
أوفى ، أوصى النّبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ فقال : لا
، فقلت : كيف كتب على النّاس الوصيّة ، أمروا بها ولم يوص
؟ قال : أوصى بكتاب الله.
قال الحافظ : المراد بالوصية بكتاب الله حفظه ، ويتبع فيه
فيعمل بأوامره ، ويجتنب نواهيه ويداوم على تلاوته وتعليمه
ونحو ذلك .
والقرآن يشفع لصحابه ، قال الإمام مسلم (1/553): حدّثني الحسن بن عليّ الحلوانيُّ ، حدّثنا أبو توبة – وهو الرّبيع بن نافع – جدّثنا معاوية –يعني ابن سلاّم –عن زيد : أنّه سمع أبا سلاّم يقول :حدّثني أبو أمامة الباهليُّ قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه".
18-لا تتركي أطفالك يخالطون الأولاد السفهاء، فإنه بذلك
سيأخذ أقوالهم وأفعالهم القبيحة، ويُهَدَّمُ ما عُلِّم.
19- لا تترك أطفالك خارج البيت عند المساء؛ فإن الشياطين
تنتشر حينئذٍ، وربما يحصل ضرر على ولدك منهم.
قال الإمام البخاري رحمه الله: حدّثنا إسحاق، أخبرنا روحٌ،
أخبرني ابن جُريجٍ قال: أخبرني عطاء أنه سمع جابر بن عبد
الله-رضي الله عنهما-قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا كان جُنْحُ اللّيلِ أو
أمسيتم فكٌفوا صبيانكم؛ فإنَّ الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهبت
ساعةٌ من الليل فخلُّوهُمْ وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله؛فإن
الشيطان لا يفتح بابًا مُغلقاً)) وأخرجه مسلم.
20- يترك الطفل أحياناً ليُرَفّهَ عن نفسه، فإنه إذا مُنع من اللعب
دائما ربما يبطل ذكاؤه، ويحصل له سآمة وملل.
فإذا أراد الأبوان رفعة أولادهما: فليجتهدا في تربية أبنائهما
تربية إسلامية، وتعليمهما الكتاب والسنة على فهم السلف
الصالح.
ومن أسباب رفعة درجات الأبوين في الآخرة إذا كانا مسلمين
دعوة ولدهما الصالح لهما، كما ثبت في "صحيح مسلم" من
حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:
(( إذا مات الإِنسانُ انقطعَ عملُهُ إلاَّ من ثلاثٍ: صدقةٌ جاريَةٌ،
وعلمٌ يُنتفعُ بِهِ، وولدٌ صالحٌ يدعو لَهُ)).
وجاء من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم قال ( إنَّ الله عزَّ وجلَّ لَيَرفعُ الدّرَجةَ للعبد الصَّالح في
الجنَّةِ، فيقول: يا رَبِّ ! أنَّى لي هذِهِ؟ ! فيقولُ: باستغفار ولدكَ
لَكَ )).
والحديث في "الصحيح المسند" برقم (1403).
21- احرصي على أن يجالس ولدك الصالحين، فهذه الأم
الصالحة أم سليم أتت بولدها أنس إلى النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم فقالت : أنس خادمك يا رسول الله، فقال :
(( اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيه ))
وعلى الأبوين أن يبذلا جهدهما في تربية أولادهما والهداية بيد
الله، فالإنسان لا يستطيع أن يهدي نفسه فضلا عن أن يهدي
غيره.