تتعدد طرق وأساليب تجار المخدرات في سبيل إدخالها إلى المملكة، وقد يطول الحديث عن أعداء الداخل والخارج ممن يستهدف هذه البلاد، وهذه حقيقة لا شك فيها، لكننا نقصر الحديث عن مواجهة المخدرات. فهناك طرق لاستقطاب الشباب وإدخالهم في دائرة الاستخدام من قبل هؤلاء التجار حتى تنشط سوقهم ويجدون لبضاعتهم رواجا. ومكافحة المخدرات في بلادنا تعمل كل ما في وسعها، إلا أن نشاط المروجين وتعدد أساليبهم ما زالا يشكلان خطراً كبيراً علينا. وبسبب فنون مختلفة من التلون لمروجي المخدرات كان لا بد أن تقابلها جهودٌ ذكية لمواجهتها، من هنا أتى البرنامج الوطني لمكافحة المخدرات "نبراس" الذي حظي في إعداده ولا يزال يحظى في تطبيقه بمتابعة شخصية واهتمام من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الأمير محمد بن نايف، ويأتي هذا المشروع لتوحيد الجهود في مكافحة هذا الشر، ويستمر لمدة 5 أعوام على مستوى المملكة كمرحلة أولى، ويأخذ أبعاداً محلية وإقليمية ودولية.
يهدف "نبراس" إلى خلق بيئة خالية من المخدرات من خلال نشر ثقافة الوقاية عبر وسائل الإعلام المختلفة، واستغلال وسائل الدعاية والإعلان لتعزيز الثقافة الوقائية ونشرها والتشجيع عليها، ويقدم خدمات متعددة، منها خدمة الاتصال المجاني لسهولة التواصل مع المجتمع 1955 تحت إشراف مباشر من اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، والمديرية العامة لمكافحة المخدرات للعمل على الحد من هذه المشكلة. أي أن "نبراس" أتى لهدف واضح، ومحدد، وهو (الوقاية).
من واجبنا الوقوف وراء هذه الوزارة بكل ما نستطيع لدعم جهودها في نبراس للحفاظ على وطننا وشبابه. والمطلوب هنا أمران: الأول يتعلق بنا نحن الأب والأم في مراقبة سلوك أولادنا ومعرفة أقرانهم، والأمر الثاني أن نتعاون مع الجهات المختصة في سبيل إنجاح البرنامج. "نبراس" رسالة بالغة الوضوح والقوة للمروجين بأن عقول شبابنا ليست للبيع أو التلاعب. وأننا من اليقظة والحزم بالدرجة التي تقف بصلابة وبذكاء وبشكل مستمر في وجه هؤلاء المجرمين، لأن أسوأ كارثة تحل بالوطن والأسرة هي مواطنون سلبيون وذرية غير منتجة، ولعل زيارة قصيرة لدور الأحداث أو السجون تكشف أعدادا كبيرة من ضحايا الترويج والتعاطي لأنواع متعددة من المخدرات. لكن نجاح نبراس يحتاج إلى جهد كبير من كافة المؤسسات كي يحقق أهدافه، ويأتي ذلك عن طريق تكثيف الدعاية للبرنامج، وعقد الدورات في المؤسسات والقطاعات الحكومية والخاصة، وتحديدا في التعليم العام والعالي، في كافة المدارس والجامعات. يعرض فيها رجال الأمن والأطباء والأخصائيون الاجتماعيون والنفسيون نتائج وآثار الترويج والتعاطي، والخسائر المادية والمجتمعية لأفراد أصبحوا ضحايا لهذه الآفة، وكيفية الوقاية منها في المراحل الأولى، وضرورة توعية الوالدين بطرق العلاج الأولية في المصحات للتخلص من الإدمان، ولمساعدة من كانوا عبئاً على بلادهم ومجتمعهم وأهلهم.
لا بد أن تصل رسالة "نبراس" بوضوح تام وبصوت عال إلى أطياف واسعة من الناس، بعضهم لا تؤهله ثقافته أو تعليمه للتعامل الصحيح مع أبنائه فيما يتعلق بهذا الأمر. "نبراس" للوقاية أولا، وقاية شبابنا وعلاجهم وتخليصهم من معاناتهم وتحويلهم إلى أفراد منتجين ومواطنين صالحين.
نحن كمواطنين لهذا البلد العظيم نتوجه بالشكر والعرفان والتقدير لجهد وزارة الداخلية. لكننا نحمل مسؤولية كبيرة في الوقوف إلى جانب المسؤولين، كل بما يستطيع لدعم جهودهم في الحفاظ على بلادنا وأمنها واستقرارها. فثروتنا البشرية بحاجة إلى دعم الجهات الرسمية والعائلات لإنقاذها، وأولى الخطوات أن نبدل نظرتنا نحو ضحايا المخدرات واعتبارهم مرضى يحتاجون إلى المساعدة، لا مجرمين يستحقون العقاب. شكرا وزارة الداخلية.
المصدر : جريدة الوطن .
علي الخبتي
kfvhs: vshgm Ygn lk dilil hgHlv