يتصح, رجل
ذكر الشيخ مازن بن أحمد الغامدي وهو أحد تلامذة الشيخ ابن عثيمين ذكر رؤيا
رأى فيها والده المتوفى وكان والده قد توفي بحادث وكانت معه ابنته رباب ولكنها نجت
رأى الشيخ مازن هذه الرؤيا العجيبة في والده رأى أنه قد أرسل لهم رسالة يقول فيها :
إلى أبنائي الأعزاء
أنا والدكم أحمد بن محمد الغامدي
قد توفاني الله تعالى في الثالث من شهر ذي الحجة
وذلك بعد غروب الشمس يوم الجمعة
بعد أن صليت صلاة المغرب والعشاء قصرا وجمعا
وذلك في جبل الهدا في الطائف
برفقة ابنتي الحبيبة رباب
اكتب لكم هذه الرسالة أيها الأبناء وأنا بعيد عنكم
بعيد عنكم بعدا لا يوصفه مقياس
فأنا الآن في دار البرزخ !!!
حيث يكون الميت في دار انتقال للآخرة
بل بدأت آخرته حقا
إنني أعيش في حفرة مظلمة لا رفيق لي فيها ولا أنيس
إلا ما قدمت لنفسي من عمل صالح
لا أدري هل ستصدقون أن والدكم يكتب لكم بعد موته!!!
لا ألومكم يا أبنائي
لم يسبق لكم أن مررتم بمثل هذه التجربة الغريبة
وما من ميت مثلي خلف أولادا في سنكم وحالكم.
إلا ويتمنى أن يفعل ما أفعله
إنها آهات يا أبنائي
إنها كلمات أردت أن أخطها لكم بقلمي
وابعثها لكم لتستفيدوا منها
وتعتبروا بما فيها
إن آخر واحد منكم رأيته هي ابنتي الصغيرة رباب
أتذكرين يارباب
أتذكرين ياعصفورتي الصغيرة
حينما نظرت إليك قبل لحظات من الوداع
أتذكرين تقاسيم وجه أبيك
لقد أردت ياحبيبتي أن أقول لك كلمة
أردت أن أحملك رسالة
ولكني أشفقت عليك
أن أحمل جسمك الضعيف
أمرا ثقيلا تعجز عنه الجبال!!!
ولكن
لقد كفاني يارباب تلك الضمة الأخيرة
ضممتك لصدري لأشم عبيرك يابنتي
لقد مضت مشيئة الله أن أرحل من دونك .
ثم حصل ما حصل من قدر الله
أتعلمين يابنتي الصغيرة
أنني بعد الحادث لم أمت مباشرة
لقد استيقظت بعد لحظات بسيطة من الحادث
كان كل همي أن أراك والله
وأطمأن عليك
زحفت متثاقلا وأنا الكهل ابن الستين سنه.
وقد انفلق رأسي
وسالت دماء جسدي النحيل من حولي
لقد أيقنت ياصغيرتي أنها النهاية
لقد زحفت يارباب أبحث عنك
حاولت يابنتي أن أصل إليك
أردت أن اسبق الزمن إليك ولكن هيهات هيهات
وقف ملك الموت على رأسي
شامخا كالطود العظيم
أشار إلي إشارة فهمتها وقال لي
كفى ياأبا محمد كفى أيها الرجل الصالح
إنه أمر الله!!
نظرت إليه بنظرة توسل
ولمن حوله من ملائكة الرحمة
الذين امتدت منهم الطرقات مد البصر
أي والله هذا ما رآه أباك ياعزيزتي
توسلت إليه قائلا
أيها الملك الصالح
أيها الملك الصالح
إنها ابنتي
نظرة واحدة تكفيني لأطمأن عليها!!
نظرة واحدة
ضمة واحدة أرجوك
طأطأ برأسه وقال.
يا أبا محمد إنني عبد مأمور ولا راد لأمر الله.
الحمد لله على قدره
سمعت صوتك يارباب ، سمعت استغاثاتك
أبي، أبي ،أبي.
لم استطع إجابتك يابنتي فقد كنت أنازع الروح.
أحاطت بي ملائكة الرحمة
فخرجت روحي من جسدي كما يخرج الماء من في السقاء
وداعا يابنتي العزيزة وليرعاك الله ويحفظك ويجعلك من الصالحات العفيفات
أيها الأبناء
لكم تمنيت أن يزيدني رب الجلالة في العمر ساعة أو ساعتين
لأعود إليكم واجتمع بكم للحظات
لحظات أو دقائق فقط!!
لتشفي شوقي وألمي لفراقكم المفاجئ.
أردت أن أعود إليكم لأقول لكم وداعا ، وداعا
لأمسح رؤوسأحفادي
لأوزع ابتسامات صادقة لأبنائي
لأهمس في أذن كل واحد منكم بتوصيات تصلح أمر دينه ودنياه
آه آه ما أشد مرارتي
اشتقت لأم محمد
زوجتي الغالية
رفيقة دربي لأربعين سنة
آه يا أم محمد
أنا أدرى الناس بك وبحزنك على فراقي
أدرك كم تجدين من وجد علي وهذا والله حالي معك
ياأختاه لقد تعذبت بألم فراقك كما تتعذبين
ولكن صبرا فإن موعدنا الجنة إن شاء الله
لو كنت أعلم في تلك اللحظة حينما جلستي أمامي
قبل ساعة أو أقل من رحيلي من هذه الدنيا
ووضعت يديك على ركبتي .
حينما قلتي لي
أنا لا أذهب بغير إذنك يابو محمد
لو كنت اعلم بقدر الله تعالى لضممتك كما يضم الشاب الغر صبيته.
أتذكرين يا أم محمد
كم عشنا في هذه الحياة حلوها ومرها
في الطائف والباحة والرياض وجدة
قصص لا تنسى وذكريات تتعطر بها المجالس
لن تحرمي منها أبنائنا وأحفادنا
حدثيهم ولو قدر لي لحدثتهم عنك
أحدثهم عن صبرك وتحملك
والشوق يحدوني لأسجل آلاف الذكريات في هذه الرسالة
ولكن لن يسمح لي يابنائي سوى بتدوين بضع صفحات فقط
سأنجزها بأقل العبارات وأصدقها
أيها الأبناء الأعزاء:
إن أول شيء أوصيكم به أن تتقوا الله تعالى
يا أبنائي إن من خبر ليس كمن سمع!!
ليس من يحدثكم وهو يرى كمن يحدثكم من كتاب
يا أبنائي إن خير الزاد التقوى
إن خير حمل يحمله الإنسان في هذه الدنيا هي طاعة أو قربة للمولى جل وعلا
والله الذي لا إله سواه لحسنة واحدة لنا يا أبنائي وفي حالنا خير لنا من كل ما في الدني
من بيوت وكنوز وقصور وسيارات فارهة وبنوك وسواه
صدقوني يا أبنائي لو كان لي من الأمر شيء وعدت للعمل لملأت الأرض صلاة وتسبيحا
وقرءانا الحمد لله على ما قضى ويسر
إنني في غبن شديد على ساعات وأيام وشهور لم أقضها في شيء ينفعني يوم الدين
ولكن العوض فيكم إن شاء الله
لقد رأيت كيف ينفع عمل الولد والده
يا أبنائي نحن في الآخرة في حاجة للحسنة الواحدة
بتسبيحية
أو كلمة معروف
أو ذكر أو صلاة وقراءة قرءان
يا أبنائي لو رأيتم ما رأيت لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا
لو رأيتم ما رأيت لما انتفعتم من الدنيا بشيء
لو رأيتم الدود والظلمة في القبر وما يمر به المؤمن من أهوال فكيف بالعاصي
أبنائي الأعزاء .
إن أول أمر أوصيكم به بعد تقوى الله هي الصلاة
إن الصلاة كالسور يحميك من النار
إنها الصلة التي تصلك بربك في الدنيا وتؤنسك في قبرك في الآخرة
أوصيكم يا أبنائي أن تحذروا من أمور
احذروا من ألسنتكم فإما أن تقولوا خيرا أو اصمتوا
احذروا من آذانكم أن تسمعوا حراما أو تتجسسوا
احذروا من مال الحرام يا أبنائي
الربا أموال الأيتام ، أموال الناس بالباطل مال الحرام كله الحذر الحذر من ذلك
أخيرا يا أحبابي
أوصيكم أن تجتمعوا ولا تتفرقوا فإن الشيطان يجرؤ على من شذ .
ولا يقترب منكم مجتمعين.
إنها مئات بل عشرات الوصايا الثمينة التي أعلم نفعها لكم إن شاء الله
أوصيكم بطاعة الله وتقديمها على طاعة كل البشر من عظم ومن احتقر
كما أن لي طلبا هو حق لي عليكم
لا تحرموني ياأولادي من عمل صالح بمالي الذي قد ملكتموه
لا تحرموني من دعوة صادقة يا أولادي
لا تحرموني من صدقاتكم وبركم
فأنا والله كالغريق يبحث عن كل شيء ينقذه من الهلاك
أسأل الله تعالى أن يصلح حالي وحالكم وأن يهيئ لكم من أمركم رشدا
وأن يغفر لي خطيئتي يوم الدين
وأن يجعلني من ورثة جنة النعيم
أبوكم أحمد
يعلم الله تعالى قدر تأثري من تلك الرسالة فقد انفجرت باكيا ما كتب فيها
التف مجموعة من أهل المسجد حولي حينما سمعوا نحيبي
أخذوا يهدؤون من روعي ويذكروني بالله
قم يا عبد الله
قم وأنا أبوك
قم قم بسم الله عليك
ايش فيك تبكي !!!
نظرت من حولي فإذا أمي فوق رأسي توقظني من النوم !!!
لقد روعها بكائي فاستيقظت من نومها
وجاءت توقظني!!
قم ياولدي قم
جلست ومسحت وجهي
اجتمع حولي من استيقظ من نومه من الصبية والأخوات.
لم اصدق ما يدور حولي
فقد كنت كالتائه
طلبت الماء .
مرجع القصة : كتاب رحلتي إلى النور
v[g djwp h,gh]i ,i, lj,tn