ترقص, ترقصودفنت, وهي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ركبت السيارة ، كشفت الغطاء عن وجهها
أصلحت من حال عباءتها ، تأكدت من حقيبتها
الهاتف النقال ، المال ، عطرها لم تنس شيء
انطلقت السيارة بهدوء نحو صالون التجميل ، وتجولت هي بنظرها .
وقفت السيارة ، ارجع إلينا الساعة الثانية عشر .
^**^**^**^
النساء كثير في الداخل ، لا بأس فأنا عميلة دائمة ومميزة
لابد أن تراعي صاحبة الصالون هذا الأمر وإلا
استقبال حافل ، تبادلن الابتسامات ، ذهب الخوف ، لن نتأخر كثيراً .
هذا حمام زيتي ، انتظري ساعة .
مجلة أزياء ، عرض لبعض التسريحات ، قلبت الصفحات تنقلت بين المجلات المختلفة.
مضت الساعة ، ارتفع آذان المغرب ، أسلمت نفسها لمصففة الشعر
جففت شعرها ، غاب الآذان ، ومضت الصلاة .
إزالة الشعر وتنظيف البشرة ، أنصتت لموسيقى هادئة ، تحولت لأخذ حمام مائي .
ارتفع الآذان ، إنها صلاة العشاء ، لم يتبق على الفرح سوى بضع ساعات .
وضعت رأسها بين يديّ المصففة ، اختارت التسريحة ، تناثر الشعر بين يديها ، يودعها وداعاً حزيناً
ألقت نظرة إلى المرآة لم تعرف نفسها ، ارتسمت ابتسامة على شفتيها ، لن يسبقني أحد .
رسمت وجهها لطخته بالألوان ، تغيرت ملامحها ، نظرت إلى الساعة
الواحدة ، ألقت العباءة على كتفها ، وبحذر شديد و ضعت الغطاء على رأسها .
ركبت السيارة . إلى المنزل بسرعة لقد تأخرت .
لبست فستانها ، تعرت من حياءها ، بدت بطنها ، وسائر ظهرها
أنكمش الفستان عن ركبتيها ، دارت حول نفسها ، لن يغلبني أحد .
^**^**^**^
العيون ترقبها ، الكل يتأملها ، نظرات الاعجاب تحيط بها ، تقترب منها .
نظرات السخط تنفر منها ، تغمض عينيها تقززاً من حالها .
السفيهات يلاحقنها بالتعليقات الساخرة .
رقصت على انغام الموسيقى ، اهتز جسدها .
تنوعت الأغاني وتنوع رقصها . لم يسبقها أحد ، ولم يغلبها أحد .
الكل يتابعها ، الكل يتحدث عنها .
من أين أتت بكل هذا ؟
كيف تعلمت كل هذا ؟ وكيف حفظت كل هذه الأغاني ؟ الكل يعرف الإجابة .
^**^**^**^
توقفت عن الرقص ، سقطت على الأرض ، ارتفع الصراخ
تدافع النساء إلى المسرح ، نادوها فلم تجب ، حركوها فما تحركت
ارتفع الصراخ ، حملوها ، أحضروا الماء ، مسحوا وجهها ، بكت الأم والأخوات
ارتفع العويل ، علا النحيب ، تدخل الأب والأخ
اختلطت الأمور تحول الفرح إلى حزن ، والضحكات إلى بكاء ، توقف كل شيء .
ألبسوها . غطوا ما ظهر من جسدها .
حضر الطبيب ، أمسك بيدها ، وضع سماعته على صدرها
أرخى رأسه قليلا ، انطلقت الكلمات من شفتيه لقد
ماتت . لقد ماتت .
^**^**^**^
ارتفع النحيب ، جرت الدموع .
ألقت الأم بجسدها على صغيرتها الجميلة
أخفى الأب وجهه بين يديه ، الأخ يدافع عبراته
خلاص يا أمي خلاص .
قامت الأم مذهولة ، صرخت ، لقد تحركت ، تحولت الأنظار نحوها
لقد جنت ، لقد ماتت هكذا قال الطبيب .
أسرع الأب والأخ والأخوات نحو الأم .
المشهد رهيب ، والمنظر مؤلم .
سقطت الأم على الأرض.
الأخوات فقدن السيطرة على مشاعرهن .
والأخ يصرخ . لا . لا . مستحيل .
تجلد الأب ، أمسك بالأخ ، وبلهجة حازمة أخرج الأخوات
وهن يحملن أمهن .
حضر بعض النسوة من الأسرة .
نظروا إلى الميتة ، ترقرقت الدموع ، وضعت الكبيرة منهن يدها على رأسها
انطلقت منها كلمة : فضيحة . فضيحة .
أسرعت نحو الأب ، يجب أن تستر عليها ، أحضروا المغسلة هنا
ادفنوها بين الصلوات ، إنها فضيحة ، ماذا يقول الناس عنا .
أرخى الأب رأسه ، نعم ، نعم .
إنا لله وإنا إليه راجعون .
^**^**^**^
جاءت المغسلة ، جهزت سرير الغسل ، وضعت الأكفان والطيب ، جهزت الماء .
أين جثة المتوفاة ؟.
سارت العمة أمامها ، فتحت الباب .
الفتاة على السرير مغطاة بغطاء سميك
وبجانب السرير وقفت الأم تكفكف دموعها .
أمسكت بورقة الوفاة ، الاسم العمر : ثمانية عشر عام
سبب الوفاة : سكتة قلبية .
شعرت بالحزن ، نطقت بكلمات المواساة للجميع .
كشفت الغطاء ، تحول الحزن إلى غضب ، لماذ تركتموه على هذا الوضع
لقد تصلبت أعضائها ، كيف نكفنها .
الحاضرات لم يستطعن الإجابة ، سكتن قليلاً .
زاد حنق المغسلة ، انبعث صوت الأم ممزوجاً بالبكاء .
لم تكن هكذا حينما ماتت ، لقد اتخذت هذا الوضع بعد لحظات من موتها .
لقد سقطت على المسرح وهي ترقص
حملناها جثة هامدة ، حضر الطبيب ، كتب التقرير
ايقنت حينها بأنني قد فارقت ابنتي ، ألقيت بجسدها عليها
رحت أقبلها ، وأبكي ، شعرت بيدها اليمين ترتفع
ويدها اليسرى تعود وراء ظهرها ، أما قدمها اليسرى فقد تراجعت للوراء
أرعبني الموقف ، صرخت حينها ثم سقطت على الأرض
لأجد نفسي في غرفتي ومن حولي بناتي يبكين أختهن
ويبكين نهايتها المؤلمة .
انتحبت بالبكاء ، أنا السبب أنا من فرط في تربيتها
أنا من غشها ، ياويلي وياويلها من عذاب الله ياويل أباها وياويلنا جميعاً .
كانت تحب الرقص والغناء ، فماتت
وستدفن في قبرها يارب ارحمها يارب ارحمني يارب اغفر لها .
محاولات لأعادة جسدها إلى وضعه الطبيعي ، الفشل كان النتيجة .
بذلت المغسلة مجهوداً جباراً في تكفينها .
وفي لحظة هدوء وبعيداً عن العيون ، نقلت الجنازة إلى المقبرة .
وهناك صلى عليها الأب والأخ وبعض المقربين .
نعم لقد دفنت وهي في وضع راقص .
اللهم ثبتنا عند الموت
وجعل خاتمتنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
اللهم ارحمنا اذا غسلنا اهلونا وارحمنا اذا كفنونا ياارحم الراحمين
lhjj ,id jvrw,]tkj ,id jvrw