ثم قالت : المهم ودي أكلمهم واسمع أصواتهم !!
قلت : حالاً لكن كما وعدتني
لا تتحدثين في مشاكله مع زوجة أبيه أو أبيه !!
قالت : أبشر !
دعوت ياسر وأيمن إلى غرفة المدير وأغلقت الباب
قلت : ياسر هذي أمك تريد أن تكلمك !!
لم ينبت ببنت شفه
أسرع إليَّ وأخذ السماعة من يدي وقال :
أمي أمي أمي
تحول الحديث إلى بكاء !!
إذا اختلطت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكا !!
تركته يفرغ ألماً ملأ فؤاده
وشوقاً سكن قلبه !!
حدثها خمسة عشر دقيقة !!
أما أيمن فكان حديثها معه قصة أخرى
كان بكاء وصراخ من الطرفين !!
ثم أخذتُ السماعة منهما
وكأنني أقطع طرفاً من جسمي
فقالت لي : سأدعو لك ليلاً ونهاراً
لكن لا تحرمني من ياسر وأخيه !!
ولا يعلم بذلك والدهما !!
قلت : لن تحرمي من محادثتهم بعد اليوم !!
وودعتها !
قلت لياسر بعد أن وضعت سماعة الهاتف :
انصرف وهذه المكالمة مكافأة لك على اهتمامك الفترة الماضية .
وسأكررها لك إن اجتهدت أكثر !!
عاد الصغير فقبَّل يدي .
وخرج وقد افترَّ عن ثغره الصغير ابتسامة فرح ورضى !!
قال : أوعدك يا أستاذ أن اجتهد وأجتهد !!
مضت الأيام وياسر من حسن إلى أحسن .
يتغلب على مشاكله شيئاً فشيئا
رأيت فيه رجلاً يعتمد عليه !!
في نهاية الفصل الأول ظهرت النتائج
فإذا بياسر الذي اعتاد أن يكون ترتيبه بعد العشرين في فصل عدد طلابه ( 26 ) طالباً
يحصل على الترتيب ( السابع ) !!
دعوته إليَّ وقد أحضرت له ولأخيه هدية قيمة
وقلت له : نتيجتك هذه هي رسالة إلى والدك
ثم سلمته الهدية وشهادة تقدير على تحسنه
وأرفقت بها رسالة مغلقة بعثتها لأبيه كتبتها كما لم أكتب رسالة من قبل
كانت من عدة صفحات !!
بعثتها ولم أعلم ما سيكون أثرها وقبولها !!
خالفني البعض ممن استشرتهم وأيد البعض !!
خشينا أن يشعر بالتدخل في خصوصياته !!
ولكن الأمانة والمعاناة التي شعرت بها دعت إلى كل ما سبق !!
ذهب ياسر
يوم الأثنين بالشهادة والرسالة والهدية بعد أن أكدت عليه أن يضعها بيد والدة !!
في صبيحة يوم الثلاثاء
قدمت للمدرسة الساعة السابعة صباحاً
وإذ بياسر قد لبس أجمل الملابس يمسك بيده رجلاً حسن الهيئة والهندام !!
أسرع إليَّ ياسر وسلمت عليه .
وجذبني حتى يقبل رأسي !!
وقال : أستاذ هذا أبوي هذا أبوي !!
ليتكم رأيتم الفرحة في عيون الصغير
ليتكم رأيتم الاعتزاز بوالده
ليتكم معي لشعرتم بسعادة لا تدانيها سعادة !!
أقبل الرجل فسلم عليّ .
وفاجأني برغبته تقبيل رأسي فأبيت فأقسم أن يفعل !!
أردت الحديث معه فقال : أخي لا تزد جراحي جراح .
يكفيني ما سمعته من ياسر وأيمن عن معاناتهما مع ابنة عمي ( زوجتي ) !!
نعم أنا الجاني والمجني عليه !!
أنا الظالم والمظلوم !!
فقط أعدك أن تتغير أحوال ياسر وأيمن وأن أعوضهما عما مضى !!
بالفعل تغيرت أحوال ياسر وأيمن
فأصبحا من المتفوقين .
وأصبحت زيارتهما لأمهما بشكل مستمر !!
قال الأب وهو يودعني : ليتك تعتبر ياسر ابناً لك !!
قلت له : كم يشرفني أن يكون ياسر ولدي !!
ــــــــــــــــــ
أيها الأحباب :
كم أحدث الطلاق من معاناة !!
كم هم أمثال ياسر !! ووالد ياسر !!
آهٍ .
كم أتمنى معرفة أخبار ياسر بعد عشر سنين من تركي لحقل التعليم !!!!
رعاك الله يا ياسر وأصلحك .
وأقر بك عين والديك !!!!
راوي القصة المعلم / محمد القرني