الوشم, تعيد
تعدد الزوجات وتنظيم النسل
عمر حيمري
لتنظيم النسل أو تحديده طرق ووسائل متعددة لا يهمني منها إلا واحدة قد تبدو غريبة لأنها ارتبطت في أذهان الناس منذ زمن بعيد بكثرة العيال، وذلك للنظر إليها نظرة شخصية ومن زاوية ضيقة وهي وسيلة تعدد الزوجات، صحيح لقد اقترن في ذهن الناس أن التعدد يؤدي إلى كثرة النسل، ولكن في تصوري أن هذه الفرضية - والتي تعتبر عند الكثيرين حقيقة مطلقة - هي مجرد هراء، وأن الصحيح هو العكس تماماً.
حقاً, عندما نقارن بين أسرتين إحداهما فيها أكثر من زوجة, والأخرى فيها زوجة واحدة فمن المحتمل جداً أن يكون عدد الأطفال في الأسرة الأولى يفوق عدد الأسرة الثانية، لكن إذا انتقلنا من هذه المقارنة البسيطة والضيقة إلى مقارنة مجتمعين كبيرين - وكلما كان المجتمع أكبر كانت المقارنة أفضل - أحدهما يشجع التعدد، ويدعو إليه، ويعتبر تعدد الزوجات ظاهرة طبيعية وصحية كدول الخليج والمملكة السعودية، والثاني يمنع التعدد، ويعاقب عليه كالجمهورية التونسية والمغرب بشكل قريب من المنع في مدونة الأحوال الشخصية الجديدة التي تشترط موافقة الزوجة والقاضي؛ فإننا سنجد الزيادة السكانية في المجتمع الأول الذي يبيح التعدد أقل بكثير من الزيادة السكانية في المجتمع الثاني الذي يمنع التعدد إلا في الحالة التي يكثف فيها استخدام وسائل قطع النسل، ونشرها في الأوساط الاجتماعية، وتفسير ذلك عندي أن أغلبية الأشخاص الذين يعددون يكونون من جهة أثرياء، ومن جهة أخرى متجاوزين لسن الشباب، فهم إما كهولاً أو شيوخاً، ومن الطبيعي أن تكون الخصوبة أو القدرة على الإنجاب عندهم ضعيفة، وحتى الرغبة في الإنجاب تنقص عندهم، خصوصا إذا سبق لهم الإنجاب لأنهم يكونون قد برهنوا على رجولتهم لدى المجتمع، بخلاف الشباب الذين يتمتعون بقدرة عالية على الخصوبة, وعلى الرغبة في الإنجاب، فإذا افترضنا مثلاً أن شيخاً تزوج بأربعة نساء فهو في هذه الحالة يفوت الفرصة على أربع شبان أكثر منه خصوبة، وأقدر على الإنجاب، زيادة على هذا فإن غالبية المعددين للزوجات يكون هدفهم الإنجاب بالدرجة الأولى, إما لقلة عيالهم، أو لعدم إنجابهم أصلاً بسبب عقمهم أو عقم زوجاتهم، أو لأي سبب آخر، فيلتجئون إلى الزوجة الثانية, والثالثة أو حتى الرابعة مجربين حظهم, وفي نفس الوقت مفوتين الفرصة على أربعة شبان هم أقدر منهم إنجاباً، هذا في حالة ارتفاع نسبة الذكور على الإناث.
أما فيما يتعلق بالأثرياء فهم في الغالب قليلو الخصوبة، غير قادرين على إنجاب ذرية كافية ترثهم لأسباب متعددة منها الأنانية التي تطغى عليهم، وحب الاستئثار بالمال، أو لكثرة أسفارهم، وانشغالهم عن زوجاتهم، أو لكثرة الملاهي عندهم، وفي هذا المعنى يقول:طوماس دوبل داي وهو من أنصار مدرسة الخصوبة: "إن عدد السكان يتزايد بشكل واضح قي الطبقات الفقيرة التي تعاني نقصاً في الغذاء، بينما يتناقص عدد السكان بصفة مستمرة بين الطبقات الثرية التي تعيش في ترف زائد، وتستحوذ على كميات وفيرة من الغذاء، أما عدد السكان في الطبقة الوسطى وهي التي تقع بين الطبقتين السابقتين ولا تعاني عموماً من نقص في الغذاء فإن عدد سكانها يكون ثابتاً، وبناء على هذا فان الأثرياء لا يستطيعون إنجاب ذرية كافية تنتقل إليهم ثرواتهم"، بالإضافة إلى ما ذكرناه عن علاقة تعدد الزوجات بتحديد النسل, واستناداً إلى خبرتنا في الواقع الاجتماعي فإنا نثبت وبشكل قاطع أن المرأة الواحدة تكون ميالة إلى تكثير النسل حتى تشغل زوجها عن التفكير في إضافة زوجة أخرى، لأنها بهذه الطريقة ترهقه مادياً، وذلك بالنفقة على الأطفال، كما ترهقه معنوياً وذلك بالانشغال في تربيتهم، والتفكير في مستقبلهم، وتقلل فرصته في الصول على زوجة أخرى، لأن المجتمع لا يحبذ تزويج صاحب العيال الكثير إلا نادراً، أما تلك التي توجد في حكم التعدد فليس لها هذا الهاجس, هاجس إضافة زوجة أخرى، ومن ثم فهي تميل إلى الاهتمام بجسمها وجمالها، والمحافظة على رشاقتها، غير مكترثة بكثرة الإنجاب حتى تضمن لها مكانة بين الضرائر في قلب زوجها, كما تعتبر أبناء زوجها أبناء لها وذلك للمكانة التي لامرأة الأب في المجتمع المغربي، وعلى هذا الأساس تكون الأسرة المكونة من عدة زوجات فليلة النسل كما ذكرنا سابقاً.
زيادة على هذا فإن الطواف على الأربعة يقلل من احتمال المصادفة مع فترة الخصوبة لدى المرأة، وبالتالي يقلل من احتمال حملها، إن وسائل منع الحمل كثير ومتنوعة، ومنها ما هو جائز شرعاً بإجماع الفقهاء ما لم يعتمدها المجتمع ككل، وما لم تتخذها الدولة كسياسة تدعو إليها لأن الإنجاب يعتبر فرض كفاية، فإذا تركه المجتمع ككل أصبح آثماً, كما أن إيقاف النسل أو تحديده مناف لقصد المشرع من النكاح أو الزواج، لأن النكاح ما شرع إلا من أجل استمرار النوع البشري، والمشرع عندما رخص للزوجين الحد من النسل وبصفة فردية كان يراعي مصلحتهما الشخصية، ولكن ليس كل ما هو مشروع للفرد مشروع للجماعة، والعكس صحيح، فليس للدولة إذن الحق في الدعوة إلى تحديد النسل أو قطعه أو التدخل فيه بشكل من الأشكال كما هو الشأن في الطلاق، فهو من حق الزوج أو الزوجة في بعض الأحيان, وليس لها كذلك حق الدعاية له، وصرف أموال المسلمين عليه، أما في بلادنا فقد تبنت الدولة ويا للأسف سياسة تحديد النسل تحت ضغط خارجي يمثله صندوق النقد الدولي، وأصبحت تدعو له، وتدافع عنه, بل سخرت كل وسائل الإعلام للدعاية له حتى يخيل إليك أن وسائل الإعلام لا هم لها، ولم توجد إلا للعازل الطبي، وكنينة الهلال.
http://www.islamselect.com:المصدر
--------------------------------------------------------------------------------
ju]] hg.,[hj ,jk/dl hgksg