اسماء بنت أبي بكر
(ذات النطاقين)
هي أسماء بنت أبي بكر الصديق, التيمية القرشية , صحابية من الفضليات, كانت من
أوائل المسلمين, ومن أشدهم إيمانا بالنبي صلى الله عليه وسلم, وهي أخت عائشة
أم المؤمنين لأبيها, وأمها قتيلة بنت عبد العزى.
وُلدت أسماء في العام الرابع ,قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، أسلمت أسماء قديماً
بعد سبعة عشر نفساً, في بيت من بيوت سادة قريش هو بيت عبدالله بن أبي قحافة
الملقَّب بأبي بكر. وهو بيت عزٍّ ومجد وغنى، وتعلَّمت من والدها الشجاعة في القول
والعمل، والأمانة، والصدق، والرحمة والرفق بالضعفاء وإطعام الفقراء والمحتاجين.
وكانت قوية الجسم سريعة النمو، شديدة الذكاء والفهم والحفظ لما تسمعه حتى حفظت
الكثير من أشعار العرب ورواياتهم وأخبارهم وتاريخهم وأنسابهم.
وكانت تشارك الخدم في إعداد موائد الطعام للضيوف الذين لا تخلو قاعة البيت الكبيرة
منهم يوماً سواء كانوا من الفقراء والمساكين أو من القاصدين لأمور التجارة. وأمها
قتيلة بنت عبد العزى, طلقها أبو بكر في الجاهلية, فقدمت إلى ابنتها بهدايا فلم تقبلها,
وأبت أن تدخلها إلى بيتها وتقبل هديتها, لأنها كانت مشركة, ثم أسلمت وهاجرت
إلى المدينة . تزوج أسماء الزبير بن العوام وولدت له عدة أبناء بينهم عبد الله بن الزبير
ثم طلقها فعاشت في مكة مع ابنها عبد الله إلى أن قتل.
عاشت أسماء رضي الله عنها حياة كلها إيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية ، فهي من
السابقات إلى الإسلام ، ولقد أسلمت بمكة وبايعت النبي صلى الله علية وسلم على
الأيمان والتقوى.
سميت ذات النطاقين لأنها صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم سفرة حين أراد الهجرة
إلى المدينة مع أبيها, فعسر عليها ما تشدها به, فشقت خمارها وشدت السفرة بنصفه
وانتطقت بالثاني, فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم أبدلك الله بنطاقك هذا
نطاقين في الجنة, فقيل لها ذات النطاقين
شهدت معركة اليرموك مع ابنها وزوجها, وأبلت فيها بلاء حسنا
وكانت أسماء إذا مرضت أعتقت كل مملوك لها, قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض
من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤونته، وأسوسه،
وأدق النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقي الماء، وأعجن، ولي جارات من الأنصار يخبزن لي،
وأنقل النوى من أرض الزبير على رأسي على ثلثي فرسخ. حتى أرسل لي أبو بكر بعد
ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني. شهدت أسماء اليرموك مع زوجها الزبير.
وكانت تأمر أبناءها وبناتها وأهلها بالصدقة تقول: أنفقوا ، أو أنفقن ، وتصدقن ،
ولا تنتظرن الفضل، فإنكن إن انتظرتن الفضل، لم تفضلن شيئاً ، وإن تصدقتن لم تجدن فقده.
روت أسماء رضي الله عنها خمسة وثمانين حديثاً وفي رواية أخرى ستة وخمسين حديثاً،
اتفق البخاري ومسلم على أربعة عشر حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وانفرد مسلم بمثلها،
وفي رواية أخرج لأسماء من الأحاديث في الصحيحين اثنان وعشرون المتفق عليه منها
ثلاثة عشر والبخاري خمسة ولمسلم أربعة.
لما قتل الحجاج ابنها عبد الله بن الزبير دخل عليها، وقال: إن أمير المؤمنين أوصاني بك،
فهل لك من حاجة؟ فقالت: لست لك بأم، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية، ومالي
من حاجة.
ثم دخلت مكة بعد ثلاثة أيام من قتل ابنها، وهو مصلوب، فجاءت وقد كف بصرها، فقالت
للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل، فقال الحجاج: المنافق، فقالت والله ما كان منافقاً،
وإن كان لصواماً، قواماً براً، فقال: انصرفي ياعجوز، فإنك قد خرفت، قالت لا والله
ما خرفت منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير،
فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت. ثم أتي بجثة عبد الله إليها، فجعلت تحنطه
بيدها، وتكفنه، وصلت عليه.
فما أتت عليها جمعة أو ثلاثة أيام حتى ماتت رضي الله عنها. عاشت مائة سنة، وماتت
بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزبير بليال، سنة ثلاث وسبعين. وهي آخر من مات من
المهاجرين والمهاجرات.