حاولوا, جائزة, روايته, ولماذا
[align=right]روايته التي بموجبها حصل على جائزة نوبل .
دعونا نتحدث عن القصة بكل إسهاب وشرح وصهللة واستبيحكم عذراً أن أتحدث باللهجة التي كان
يعشق التحدث بها الأديب الراحل نجيب محفوظ وأعدكم ان أستخدم العبارات المصرية ( الخفيفة الدم)
كلما وجدت الحاجة لذلك ، لكني سألتزم باللغة العربية الفصحى مااستطعت وماتوفيقي إلا بالله
على فكرة نجيب محفوظ مثله مثل أي مُصلح أو قائد أو زعيم يجد المعسكر الكفري الأوروبي ومن ورائهم
أمريكا العزيزة ان هؤلاء هم الأدباء والقادة والزعامات ( المتفصلة على قدنا واللي مانستاهلش غيرهم)
( وكفاية ياعرب طمع ، ولو لقينا أظرف منهم لجئناكم بهم ) لذلك وبمتابعة قصيرة لماضي المنطقة
نجد طلائع الإستعمار القديم ( بريطانيا وفرنسا وأوروبا) والإستعمار الحديث ( أمريكا) يأتون في اللحظة
نفسها التي يأتي فيها ( سوبرمان ورامبو وجيمس بوند ) لإنقاذ العالم من الإشرار وهؤلاء الأشرار
هم من قاد الجهاد ورافع رايته ، لذلك وصل الشيوعيين إلى سدة الحكم في الجزائر ، ووصل القذافيين
لحكم ليبيا ، ووصل الناصريين لحكم مصر بالرغم أن من بدء الجهاد وتحمل تبعاته ومشاقه رجال رأى
المحتل فيهم أنهم ( العدو المبين ) لسياساته وأطماعه ومكره لذلك أجادوا أيما إجادة في إخراج
مسرحية الإنسحاب تاركين الساحة لزعامات لم نزل حتى هذه الساعة ندفع ثمن حماقاتهم وعمى بصيرتهم
هذه هي الحقيقة التي لانستطيع تجاهلها
وحتى لانتهم بالغباء وقصور النظر يجب أن نقر ونعترف ونضع الحقيقة كما هي لكل باحث أن المحتل
القديم والجديد لايكتفي بصنع الزعامات بل يتعدى من خلال مهارته ودراسته الدقيقة لنا أن يصنع لنا
الأدباء والمفكرين .
وهنا لا نتوقف طويلاًلأن النماذج كثيرة ولكنا سنقف عند الأديب الروائي الذي حُمِل على عربة مدفع
إلى قبره والذي نحن بصدده في موضوعنا هذا
قرأت كثيراً لنجيب محفوظ ولا أحد ينكر انه استطاع وبمهارة وبخبرة عريضة أن يتسلل إلى الأبواب
الخلفية للمجتمع المصري ليتحدث بإسهاب ( وعلى المكشوف ) عن تلك السلوكيات والنماذج من الحياة
وهي حرية يطلقها أي كاتب لمداد قلمه عندما يرى أن الإبداع والتنوير والفكر الراق يجب ان يُطلقن
دون مراعاة للحدود والخطوط الحمراء ، وهم من خلال معتقدهم يرون أن ذلك هو الأصوب ، بينما الأمر
يختلف عند أي كاتب أخر فهو يرى ان القلم يجب أن يُكبح جماحه ولابد أن يكون اللجام مانعاً قوياً
للشطحات التي ربما ترديه وتهلكه .
أعجب شيء وهو الشيء الذي يُسجل للأزهر الشريف أن رواية الرجل بقيت مرفوضة منذ عام 1959م
ولم يوافق الأزهر على طباعتها . وهي الرواية التي فضلتها مدرسة التنوير الفكري في السويد
على أن ينال الرجل بموجبها ( جائزة نوبل) وبذلك تكون مدرسة التنوير قد دشنت الحملة وأطلقت
صافرة البدء لكل ( زفة وراقصين وهواة التصفيق على الفاضي والمليان وبعد مايصفق المصفقين
يسألون هو احنا بنصفق ليه ؟ )
في شتاء عام ( 1408هـ) كنت في مدينة دمشق المحروسة وعندما كنت أتجول في صباح يوم وجدت
نفسي أمام مكتبة ( فندق الشام ) دخلت المكتبة واخذت أقلب في الكتب ودهشت عندما رأيت رواية
أولاد حارتنا ، وهي الرواية التي بموجبها سمحت لنا دور التنوير الفكري أن نحصل على جائزة نوبل
من خلال نجيب محفوظ أو من خلال ( اولاد حارتنا )
بعدما حصلت على الرواية إنطلقت بسيارتي مسرعاً صاعداً على سفح ( جبل الأكراد ) حيث البيت
الشعبي الذي أسكنه ومن خلال الأزقة الضيقة وصلت إلى جوار مسجد الشيخ ( الملا رمضان البوطي
نسأل الله له الرحمة والمغفرة ) ومن هناك تسللت صاعداً للبيت
أشعلت ( الصوبيا) ومن خلال النسمات الدافئة التي قهرت البرد القارس تمددت على فراشي الموضوع
على الأرض وبدأت في القراءة
صدقوني لم أكن أعرف حينها نجيب محفوظ سوى انه كاتب وأديب إستطعنا مشاهدته من خلال عمل
أدبي يعتبر راقياً بالرغم من تلك التجاوزات التي نراها في كثير من كتاباته
لكن وبحق كانت رواية ( اولاد حارتنا ) شيء أخر تماماً ، لولم أكن أعرف ان مؤلفها ( نجيب محفوظ)
لقلت أن من قام بتأليفها شخص أخر لاعلاقة له بالأدب وفن القصة والرواية وبعدما أنتهيت من
الرواية الضخمة خلال أيام قليلة ، أحسست ان من قام بتألفها وكتابتها ( شخص أُعطي كيس من الحشيش
لم يمارس قبل ذلك التأليف وقيل له اكتب لنا رواية )
هذه هي بوابة جائزة نوبل ، وهؤلاء هم من يريدونهم لنا ، لنخرج مصفقين وراقصين ومهنئين
دعونا من ذلك كله أعجب شيء أن الرواية تباع عندنا هنا في السعودية ) ولكي أنتشلكم من دهشتكم
لتعجبي هذا سأضع مقطع صغير من القصة ، لتروا ان الأمر تجاوز بكثير( الرسوم الدنماركية)
لنعرف الحقيقة كاملاً ولنعرف أي غباء وجليطة واستعباط يمارسه هؤلاء الندابين والندابات من
بني يعرب على صفحات جرائدنا وغير جرائدنا وقنواتنا
الأمة بحاجة إلى إلزام جميع مقرراتها الدراسية ومنذ الصف الأول الإبتدائي بمواد العقيدة والفقه ،
حتى نحد من ظاهرة نجيب محفوظ وغيره ونحد أيضاً من بشكات وجماعات الجليطة والغباء
الذين يرقصون ويصفقون ويزغردون على الفاضي والمليان
إنظروا لهذا المقطع من الرواية واحكموا ، وهو مقطع من مئات المقاطع التي جدف وهرطق فيها
الذي مات ولم يعتذر ولم يتب مما خطته يداه لان الضحكات والإبتسامات والتصفيقات جعلوه
ينسى كل شيء ، ليحمل أخيراً إلى قبره ومعه هرطقته وتجديفه
في جزء من تسلسل الرواية يذكر ان هناك رجل إسمه ( قاسم ) لأحظوا الربط بين قاسم وأبى القاسم
وكان هذه الرجل يرعى غنماً أسفل بيت جده الجبلاوي في حارة الجرابيع ، وفجأه رأى خادم جده
( قنديل ) ( جبريل) ينزل عليه ويبلغه رسالة عن جده الجبلاوي
ويعود قاسم لبيته يرتعش خائفاً ويقول لزوجته ( غطيني جدي الجبلاوي كلمني اليوم ) فتقول
له زوجته ماتخافش ياقاسم وتكيل في مدحه وبعد ذلك تقام الحفلات ويشرب قاسم الحشيش والبوظة
ويصيح قائلاً ( هس جدي الجبلاوي بيكلمني )
كفايه لو نشرنا كل تجديفه وهرطقته وكفرياته لم يسعنا الوقت
هل عرفتم ليه مُنحنا الجائزة النوبلية ؟ السؤال فقط لكل باحث عن الحقيقة يمنع مشاركة
الأغبياء والسذج وأصحاب مقام الجليطة الرفيعة
يشرح لنا أستاذ دكتور / إبراهيم محمد قاسم رموز روايته التي جعلت معسكر الكفر يري ان ليس غيره
من يستحق الجائزة !!
الرواية كما هو واضح من أحداثها وشخصياتها ترمز إلى تطور الحياة البشرية منذ خلق الله عز وجل الإنسان ، ولذلك امتلأت بالرموز والإشارات ، فموضوعها ينبني على حياة الأنبياء والرسل ، بجانب الشخصية الأولى في الرواية ، وهي التي ترمز إلى ذات الله عز وجل . ولن يكون حديثنا عن رمزية الشخصيات مجرد استنتاج مبني على ما سبق أن قيل ، ولكن سنحاول أن نصل إلى حقيقة هذه الأمور من خلال ما بثه الكاتب في الرواية ، ومن خلال الأدلة التي نستقيها من أحداث الرواية . وهذه الشخصيات وما ترمز إليه من شخصيات حقيقية : - الجبلاوي : أهم شخصيات الرواية ، فهو الشخصية الوحيدة التي ظلت موجودة طوال الرواية إلى أن مات حزنا على خادمه ، وهو يرمز إلى الذي العلية ، والدليل على ذلك ما أضفاه الكاتب على تلك الشخصية من أوصاف وصفات لا تكون إلا لله تعالى . فالكاتب يذكر أنه عاش فيها (يقصد الحارة ) وحده وهي خلاء خراب (ص 5) وهو في هذا يشير إلى مثل قول الله عز وجل "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء " وفي العهد القديم : في البدء خلق الله السماوات والأرض ، وكانت الأرض خربة وخالية ، وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه الله" (سفر التكوين : الإصحاح الأول 1-2) كما يقول الكاتب في وصف الجبلاوي كذلك : وهو يبدو بطوله وعرضه خلقا فوق الآدميين ، كأنما من كوكب هبط . (ص 11) وفي هذا إشارة إلى أن الله ليس كمثله شيء ، يقول الله عز وجل : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " (سورة الشورى آية 11) كما يقول الكاتب على لسان جبل في إشارة واضحة : ولكنه بدا لي شخصا ليس كمثله أحد في حارتنا ولا في الناس جميعا . (ص 176) وهي إشارة لا تحتاج إلى بيان أو توضيح . وفي حديث جبل مع الأفندي ، حين ذهب إليه يطالب بحقوق آل حمدان في الوقف ، وفي الحياة الآمنة ، نجد الكاتب يودر على لسان جبل قوله : إنما رددت على مسامعك رغبة من لا ترد له رغبة ، وهو جدك الجبلاوي (ص 185) وفي هذا إشارة إلى قول الله عز وجل :" سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " (سورة مريم آية 35) وقوله تعالى : "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " (سورة يس آية 82) وفي حديث الكاتب عن قاسم حين دنا من حافة الجبل ، واستقر بصره على البيت الكبير ، بيت الجبلاوي ، الغارق في صمته ، كأنه لا يبالي بصراع الأبناء من أجله ، يقول بعد ذلك : ما أحوجهم إلى قوته الخارقة التي دانت لها البقاع في الزمن الخالي . (ص 426) ثم قوله كذلك بعدها : ووجد دافعا من أعماق قلبه يدعوه إلى أن يصيح بأعلى صوته قائلا : يا جبلاوي كما يفعل أهل حارتنا في أحوال شتى . (ص 426) . وهو في الأولى يشير إلى قدرة الله عز وجل . وفي الثانية إلى توجه الناس بالدعاء إلى الله تعالى ، يقول الله سبحانه "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما" (سورة يونس آية 12) ويقول سبحانه "وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه" (سورة الزمر آية 8) وإلى جانب ما سبق فإن الجبلاوي بقي عبر هذا التاريخ الطويل والأجيال المتعاقبة ، وهذا لا يكون من شأن إنسان ، كما أنه كان معتزلا حياة الناس طوال هذا الزمن البعيد ، وكان مختفيا لا يراه أحد ، ولا يعلم الناس عنه شيئا إلا من خلال ما يروى ، ولا يلتقي به أحد وإنما يتصل بمن يريد من خلال وسطاء أو خدم ، وفي هذا رمز لوحي الله عز وجل لأنبيائه ورسله ، يقول الله تعالى :" وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم " سورة الشورى آية 51)
- أدهم : شخصية من الشخصيات الأساسية في الرواية ، والكاتب يرمز بهذه الشخصية لسيدنا آدم عليه السلام ، ويتضح التشابه في الاسمين والدليل على أنه يقصد آدم بهذه الشخصية ما ورد في الرواية من أن الجبلاوي أراد أن يقوم غيره بإدارة الوقف ، استطرد قائلا " وقد وقع اختياري على أخيكم أدهم ليدير الوقف تحت إشرافي . (ص 2) وهذا ما يشير إلى قول الله عز وجل : "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " (سورة البقرة آية 30) . وما ورد من أحداث بعد ذلك يؤكد ما نقول ، فعندما اعترض إدريس الأخ الأكبر لأدهم ، رد الجبلاوي قائلا : أؤكد لكم أني راعيت في اختياري مصلحة الجميع . (ص 13) وهو ينظر في ذلك إلى قول الله تعالى : "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون" وفي الرواية أن رضوان رفع رأسه نحو أبيه وقال برقة باسمة : ونحن جميعا أبناؤك ومن حقنا أن نحزن إذا افتقدنا رضاك عنا ، والأمر لك على أي حال ، وغاية مرامنا أن نعرف السبب . وعدل الجبلاوي عن إدريس إلى رضوان ، مروضا غضبه لغية في نفسه فقال أدهم على دراية بطباع المستأجرين ، ويعرف أكثرهم بأسمائهم ، ثم إنه على علم بالكتابة والحساب . (ص 13) وهو في هذا يشير إلى قول الله عز وجل : " وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين .قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم . قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " (سورة البقرة آية 31-33) - إدريس : من الشخصيات الواردة في الرواية ويرمز به الكاتب لإبليس عليه لعنة الله ، والدليل على ذلك ما ورد في الرواية من اعتراض إدريس على اختيار الجبلاوي لأدهم لإدارة الوقف ، وقول إدريس للجبلاوي :" إني وأشقائي أبناء هانم من خيرة النساء ، أما هذا فابن جارية سوداء" (ص 13) وهذا إشارة إلى قول الله عز وجل على لسان إبليس : "قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " (سورة ص آية 71) وفي الحالتين نجد إبليس أو إدريس كليهما يرد الأمر ، بناء على تميز العنصر من وجهة نظره . كما دل على ذلك الحديث عن إدريس بالكبر مما يناسب حقيقة إبليس المتكبرة ، فيقول الكاتب على لسان أدهم : وجميع اخوتي متزوجون عدا إدريس المتكبر . (ص 20) ويف القرآن الكريم : "إلا إبليس كان أبى واستكبر وكان من الكافرين" وكذلك "إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين" (سورة البقرة آية 34وص 74) وفي قول الجبلاوي لإدريس : لن ترى فيه (يقصد البيت ) بعد اليوم وإلى الأبد (ص 16) كما في قول الله عز وجل لإبليس :"قال فاخرج منها فإنك رجيم . وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين" (سورة ص آية 77-78) - أميمة : إحدى شخصيات الرواية ، ويرمز بها الكاتب إلى حواء ، وبما قصد بالاسم أنها أم البشر والدليل على أنه قصد بها حواء ما يذكره في الرواية من قوله : ووقف أدهم ينظر إلى ظله الملقي على الممشى بين الورود فإذا بظل جديد يمتد من ظله واشيا بقدوم شخص من المنعطف خلفه . بدا الظل الجديد كأنما يخرج من موضع ضلوعه والتفت وراءه فرأى فتاة سمراء وهي تهم بالتراجع عندما اكتشفت وجوده. (ص 19) والكلام هنا واضح في إشارته إلى خلق حواء من ضلع آدم عليه السلام والله عز وجل يقول "يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء " (سورة النساء آية 1) قال مجاهد : خلقت حواء من قصيرى آدم (انظر تفسير القرطبي 3/ 1572 والقصيرى : أسفل الأضلاع ) وفي الحديث " إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة . (رواه مسلم) وقد رود في العهد القديم : فأوقع الرب سباتا على آدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما ، وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم ، فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تدعى امرأة لأنها من امرئ أخذت . (سفر التكوين الإصحاح الثاني 21) -عباس ورضوان وجليل : من شخصيات القصة الثانوية : وهي ترمز إلى بعض ملائكة الله عز وجل ، والدليل أنه يضفي عليهم صفات الملائكة كالسمع والطاعة ، فيورد على لسان عباس قوله للجبلاوي " سمعا وطاعة وسرعان ما قال جليل وهو يغض طرفه أمرك يا أبي وقال رضوان وهو يزدر ريقه الجاف : على العين والرأس " ( ص 14) وفي هذه إشارة إلى مثل قول الله عز وجل عن الملائكة "يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون" (سورة النحل آية 50) وقوله سبحانه "بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلى لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون" (سورة الأنبياء آية 26-28) وحديثه عنهم بأنهم لا ولد لهم ، حيث يقول على لسان الجبلاوي لأدهم : لعلك تنجب ذرية صالحة لقد ضاع إدريس وعباس وجليل عقيمان ورضوان لم يعش له ولد حتى اليوم ، وجميعهم لم يرثوا عني إلا كبريائي. (ص 26) والملائكة كما هو معلوم لا تتزاوج ولا تنجب . - قدري وهمام : شخصيتان من شخصيات الرواية التي وردت في القسم الخاص بأدهم ، وهما ولداه ، ويرمز بهما إلى ولدي آدم عليه السلام : قابيل وهابيل وربما يكون الكاتب اختار الحرفين الأولين من الاسمين ، فقدري وقابيل يبدأن بحرف القاف ، وهمام وهابيل يبدأن بالهاء . والدليل على أنه يقصد بهما قابيل وهابيل ما جاء في أحداث الرواية ، فقد رزق أدهم كما يذكر الكاتب في روايته توأمين وراح أدهم يغمغم وقد استخفه السرور :قدري وهمام قدري وهمام . (ص 68) وقصة قدري وهمام هي ذاتها قصة قابيل وهابيل كما وردت في القرآن الكريم ، مع شيء من التصرف ، فالجبلاوي يدعو هماما إلى بيته ، ليعيش في هذا البيت ويتزوج فيه مما أثار حفيظة قدري وفي هذا إشارة إلى قول الله عز وجل "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر" (سورة المائدة آية27) ثم يذكر أن قدري قتل هماما (ص 95) وذلك كما حدث من قتل قابيل هابيل "قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين" وقد ذكر القرآن ما حدث في قوله تعالى "فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين" (سورة المائدة آية 30) - جبل : من الشخصيات الرئيسة في الرواية ، والكاتب يرمز بهذه الشخصية إلى سيدنا موسى عليه السلام ، وربما وضع الكاتب هذا الاسم من تكليم الله موسى عند الجبل . والدليل على أن الكاتب قصد بشخصية جبل موسى عليه السلام أن أحداث قصة جبل مقتبسة من أحداث قصة سدينا موسى فجبل يعيش في بيت الأفندي ،وكانت الهانم امرأة الأفندي قد رأته عاريا يستحم في حفرة مملوءة بمياه الأمطار ، فمضت تتسلى بمشاهدته فمال قلبها الذي حرمه العقم من نعمة الأمومة إليه . فأرسلت من حمله إليها وهو يبكي خائفا . (ص 131) وموسى عليه السلام ألقته أمه في اليم بأمر الله ويروى "أن آسية امرأة فرعون رأت التابوت يعوم في البحر فأمرت بسوقه إليها وفتحه فرأت فيه صبيا صغيرا ، فرحمته وأحبته ، فقالت لفرعون "قرة عين لي ولك" . وكانت لا تلد فاستوهبت موسى من فرعون ، فوهبه لها(انظر تفسير القرطبي 7/ 4969 طبعة دار الريان للتراث) والذي يراجع شخصية جبل في الرواية ، والأحداث التي مر بها ، يجد تشابها كبيرا بينها وبين قصة سيدنا موسى عليه السلام ، سواء في مطاردة قدرة فتوة آل حمدان لدعبس وتدخل جبل وقتله قدرة التي تمثل ما كان من إغاثة موسى عليه السلام الإسرائيلي الذي أراد أن يسخره ليحمل حطبا لمطبخ فرعون فوكز موسى القبطي فقضى عليه . (انظر القرطبي 7/ 4976) أو في هروب جبل في هدأة الليل من الحارة (ص153) الذي يماثل خروج موسى عليه السلام فارا بنفسه نحو مدين (ص154) وقصة جبل مع ابنتي البلقيطي اللتين كانتا تريدان ملء صفيحتهما بالماء (ص 154) تماثل ما كان من أمر موسى بعد أن ورد ماء مدين ، ورؤيته ابنتي شعيب اللتين كانتا تريدان سقي أغنامهما وما كان من أمره معهما .(انظر القرطبي 7/ 4984) وأحداث قصة جبل تتشابه إلى حد كبير ، يكاد يكون متطابقا مع قصة نبي الله موسى عليه السلام ، ومن أراد أن يستوثق فعليه الرجوع إليها في الرواية فسيكتشف بسهولة ويسر درجة التشابه بين القصتين.
- الناظر أو الأفندي : من الشخصيات التي وردت في الجزء الخاص بجبل ، وهو يرمز على فرعون "والاسم يشير إلى تميزه وسيادته على قومه (الطريق إلى نوبل د محمد يحي ، ومعتز شكري 35 أمة برس للطباعة والنشر 1989م ) وهذا الرمز للشخصية الحقيقية يتضح من أحداث قصته مع جبل التي تشبه إلى حد كبير قصة فرعون مع موسى ، فالناظر يتعالى على آل حمدان ويتخف بهم ويربي جبلا في بيته إلى غير ذلك من الأحداث (راجع ص 122-131) هذا يشابه استعلاء فرعون واستخفافه بقومه ، كما في قول الله عز وجل "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منه يذبح أنباءهم ويستحي نسائهم إنه كان من المفسدين" ( سورة القصص آية 4) والتقاط آل فرعون موسى عليه السلام كما في قول الله تعالى "فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين" (سورة القصص آية 8) وغير هذه الأحداث مما يشابه إلى حد كبير قصة فرعون المذكورة في القرآن الكريم .
-الهانم امرأة الأفندي في الرواية وهي ترمز لآسية امرأة فرعون ، فالهانم عاقر كآسية وتعلق قلبها بجبل كما أحبت آسية موسى عليه السلام ، وهدى هانم هي التي تحرت عن موسى ، وطلبت أن تأخذه ليعيش في بيتها ، وينعم بأمومتها ، وآسية امرأة فرعون هي التي قالت "قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذ ولدا" (سورة القصص آية9) والمواقف التي ودرت في الرواية تحدد المقصود بهذه الشخصية تحديدا واضحا لا لبس فيه ولا غموض. وقد أسماها المؤلف في روايته "هدى" ربما لأن آسية كما هو معلوم آمنت بالله تعالى . واهتدت إلى نور الحق وإلى توحيد الله ، يقول الله عز وجل "وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذا قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" (سورة التحريم آية 11)
- البلقيطي : شخصية وردت في الرواية ويرمز الكاتب بها إلى نبي الله شعيب عليه السلام كما جاء في كتب التفسير أو رعوئيل كما يذكر العهد القديم حيث التقى به موسى عليهما السلام فابنتا البلقيطي ملأ لهما جبل صفيحتهما كما سقى موسى الأغنام لابنتي شعيب والتقى جبل بالبلقيطي الحاوي (ص 158) كما حدث بين موسى وشعيب ، وقص جبل قصته على البلقيطي كما حدث من موسى لشعيب ، وتزوج جبل من ابنة البلقيطي شفيقة كما تزوج موسى عليه السلام من صفوريا ابنة شعيب . وحديث القرآن عن هذا واضح ، يقول الله عز وجل "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهما امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقا لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ، فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال نجوت من القوم الظالمين . قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الآمين . قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج" (سورة القصص آية 23-27) وفي العهد القديم "وكان للكاهن مدين سبع بنات ، فأتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهن فأتى الرعاة وطردوهن فنهض موسى وأنجدهن وسقى غنمهن فلما أتين رعوئيل أبيهن قال : ما بالكن أسرعتن في المجيء اليوم . فقلن رجل مصري أنقذنا من أيدي الرعاة ، وإنه استقى لنا أيضا وسقى لنا الغنم ، فقال لبناته : وأين هو ؟ لماذا تركتن الرجل . ادعونه ليأكل طعاما ، فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل فأعطى موسى صفورة ابنته . (العهد القديم سفر الخروج الإصحاح الثاني 16-22) - شفيقة وسيدة : ابنتا البلقيطي في الرواية ويرمز بهما الكاتب إلى انتي شعيب عليه السلام وقد تزوج جبل من الصغرى شفيقة كما تزوج موسى عليه السلام من الصغرى صفوريا . (القرطبي 7/ 4989) - قدرة : فتوة آل حمدان في الرواية ويرمز به الكاتب إلى القبطي الذي وكزه موسى عليه السلام فقدرة قبض بيده على منكب دعبس وشد على منكبه وصفعه على قفاه بقوة تقوس لها ظهره ثم طرب بركبته دبره ، وراح يكيل له الضربات حتى استغاث بجبل الذي تدخل لنصرته وضرب قدرة حتى مات (ص 136-139) وهذا يماثل ما ورد من أن القبطي أراد أن يسخر الإسرائيلي فلما أبى عليه ضربه وقاتله ، حتى تدخل موسى عليه السلام بعد استغاثة المضروب به فوكزه موسى فقضى عليه . (القرطبي 7/ 4976) وفي العهد القديم "لما كبر موسى خرج إلى اخوته لينظر في أثقالهم فرأى رجلا مصريا يضرب رجلا عبرانيا من اخوته فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل . (سفر الخروج الإصحاح الثاني 11/12)
-دعبس أحد آل حمدان وهو الذي ضربه قدرة فاستغاث بجبل لكي يناصره ، ويرمز به الكاتب إلى الإسرائيلي الذي استغاث بموسى عليه السلام كما سبق . - ضلمة : أحد الشخصيات الثانوية وهو الذي هدأ من روع جبل بعد أن قتل قدرة وقال له سأدلك على طريق الهرب إذا أردته (ص 152) ويرمز به الكاتب إلى حزقيل بن صبورا مؤمن آل فرعون الذي قال لموسى عليه السلام "إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين" سورة القصص آية 20) - شافعي : والد رفاعة وزوج عبدة ويرمز به الكاتب ليوسف النجار الذي خطب السيدة مريم ، وقد جعل الكاتب "المعلم شافعي " يعمل بالنجارة والدلالة واضحة في هذا ، وجعله متزوجا من عبدة ، وقد ذهب شافعي وعبدة إلى الحارة حيث كانا رجلا في أواسط العمر وامرأة شابة حبلى . (ص 213) وفي إنجيل متى : فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب ، وأخذ امرأته ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع . (الإصحاح الأول 24-25) وإن كان الكاتب قد جعل عبدة متزوجة من شافعي وأنها أنجبت منه رفاعة . فإن هذا مخالف لما جاء في القرآن الكريم وكذلك الإنجيل . - عبدة : امرأة الشافعي وأم رفاعة ويرمز بها الكاتب إلى السيدة مريم ، وقد جعلها المؤلف تحمل من شافعي مخالفا ما ورد في القرآن الكريم وفي الإنجيل كما قلنا من قبل ولكنه ردد ما قاله اليهود "إن يوسف النجار تعجل قطف الثمرة قبل نضجها.(حكاية أولاد حارتنا د عبد الجليل شلبي ص 35 كتاب اليوم دار أخبار اليوم يناير 1995م) وربما كان هذا الاسم للدلالة على تعبد السيدة مريم أو إلى ما كان من أن امرأة عمران لما حملت قالت "لئن نجاني الله ووضعت ما في بطني لجعلته محررا لعبادة الله . (القرطبي 2/ 1308)
- رفاعة : من الشخصيات الأساسية في الرواية ، ويرمز به الكاتب إلى المسيح عيسى عليه السلام وربما اقتبس هذه التسمية من قول الله عز وجل "بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما" والدليل على أنه يقصد بهذه الشخصية المسيح عليه السلام ما أورده في الرواية من قوله : واقترب رفاعة من الشاعر مبتهجا ، فتناول يده فلثمها وربت الرجل على كتفه وتحسس رأسه في استطلاع وقسمات وجهه وقال بديع ، ما أشبهك بجدك فنور الثناء وجه عبدة وضحك عم شافعي قائلا : لو رأيت جسده النحيل ما قلت ذلك فرد الشاعر : حسبه ما أخذ إن الجبلاوي لا يتكرر . (ص219) والعقيدة عن النصارى أن المسيح ابن الله لأن المسيح هو كلمة الله المتجسد المولود الوحيد الذي لا يكون إلا على صورة المولود منه الذي وصفه الإنجيل بأنه محبة.( سيرة المسيح 2:9كنيسة قصر الدوبارة دار جيل للطباعة 1983) ففي هذا إشارة إلى ما يدعيه النصارى من بنوة عيسى لله سبحانه وتعالى، وفي إنجيل متى "وصوت من السماوات قائلا : هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " (لإصحاح الثالث 17) ولذلك عاد المؤلف في الرواية ليؤكد هذا المعنى فيما قاله على لسان رفاعة : جدي سمعني وجاءني صوته قائلا : ما أقبح أن يطالب شاب جده العجوز بالعمل ، والابن الحبيب من بعمل . (ص 248) وفي الرواية كذلك الحديث عن رفاعة بأنه المخلص من العفاريت فيقول الكاتب : كان يدعى في الحي بالمعلم رفاعة وكان يدعونه بها في إخلاص ومحبة ، وعرف بأنه يخلص من العفاريت ويهب الصحة والسعادة لوجه الله وحده (ص 267) ومعلوم أن المسيح يطلق عليه في النصرانية "المخلص" وفي إنجيل متى "لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " (الإصحاح الأول 21) وكون رفاعة يهب الصحة والسعادة لوجه الله كما ورد في الرواية ، يتفق مع إبراء عيسى الأكمه والأبرص يقول الله عز وجل: " وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله" (سورة آل عمران آية 49) ويقول سبحانه "وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني" وفي إنجيل مرقس "ولما وجدوه قالوا له : إن الجميع يطلبونك فقال لهم لنذهب إلى القرى المجاورة لأكرز هناك أيضا لأني لهذا خرجت . فكان يكرز في مجامعهم في كل الجليل ويخرج الشياطين . فأتى إليه أبرص بطلب إليه جاثيا وقائلا له إن أردت تقدر أن تطهرني فتحنن يسوع ومد يده ولمسه وقال له : أريد فاطهر ، فللوقت وهو يتكلم ذهب عنه البرص وطهر . (الإصحاح الأول 37-41) وهذا الذي ورد في القرآن الكريم وفي إنجيل مرقس وفي إنجيل متى يتفق معه ما ذكره الكاتب من إبراء رفاعة مرضاه ، فهو يقول : أما الذين برئوا على يديه فكان لك منهم قصة يرددها . (ص 268) وقول رفاعة عن نفسه "صديق المساكين يا معلم . (ص270) يشبه ما ورد في إنجيل لوقا : ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه ، روح الرب على لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق . (الإصحاح الرابع 17-18) وهكذا نجد كثيرا من الأحداث والإشارات تتفق مع ما ورد عن المسيح علي السلام في القرآن الكريم أو الأناجيل مما يؤكد أن الكاتب قصد بشخصية رفاعة عيسى بن مريم . وأخيرا فإن ما أورده الكاتب عن مقتل رفاعة ، ثم استخلاص جثته من الرمال ، وانهماك أصحابه في فتح القبر والضياء ينتشر رويدا ، ثم البحث عن الجثة بعد الدفن بأيام ، وعدم العثور على تلك الجثة .(ص 295-300) كل هذا يتفق مع ما ورد في الأناجيل من موت عيسى وإذن الملك بيلاطس بحمل جسد المسيح ومجيء مريم المجدلية وتلاميذه إلى القبر وعدم وجود الجثة داخله . ( إنجيل يوحنا الإصحاح العشرون 1-8) - ياسمينة : المرأة الساقطة التي تزوجها رفاعة ،ويرمز بها الكاتب للسامرية التي التقى بها المسيح عليه السلام فياسمينة كما ذكر الكاتب لا تعرف معنى الشرف (ص 251) والسامرية امرأة ساقطة قضت حياتها في الآثام ولا تزال مقيدة بها , (سيرة المسيح 1-122) وقد هونت ياسمينة من الخطب بسلوكها عقب المظاهر إذ هرعت إلى بيت عم شافعي وجثت أما الرجل وزوجه باكية ، وسكبت على قدميها بعض ما فاض من قلبها من الامتنان ، ثم أعلنت في حرارة وجد توبتها . (ص 255) كما نجد في النصرانية أنه " أوضح المسيح للسامرية أن باب القبول عند الله مفتوح لكل من يسجد له بالروح والحق . (سيرة المسيح 2/ 125)
- زنفل : أحد فتوات الحارة ، ويرمز به الكاتب إلى هيرودس الملك الذي أرسل وقتل جميع الصبيان الذي في بيت لحم وفي كل تخومها . من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس (إنجيل متى الإصحاح الثاني 16) وكذلك فإن زنفل المجرم الملعون خطف وليد سيدهم بياع لحمة الرأس ثم لم يسمع عن الوليد بعد ذلك أبدا . ثم تأخذه رحمه بطفل في شهره الأول .(ص 215)
- قاسم : من الشخصيات الأساسية في الرواية ، ويرمز به الكاتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اعتمد في هذه التسمية على كنية الرسول "أبو القاسم" والأحداث المرتبطة بشخصية قاسم تكاد تطابق ما ورد في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فقاسم ولد يتيما ، وكفله عمه زكريا ، وكان يعمل مع عمه حتى بدأ يرعى الغنم وتزوج من السيدة قمر السيدة الوحيدة التي تملك مالا في حي الجرابيع ، وحبه الخلاء وغير هذه الأحداث التي يمكن مقابلتها مع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم .
- زكريا عم قاسم ، ويرمز به الكاتب إلى أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم فزكريا يكفل قاسما بعد أن مات أبواه (ص 310) كما فعل أبو طالب وأخذه ابن أخيه للعمل (ص 312) كما أخذ أبو طالب محمدا في تجارته واصطحاب زكريا قاسما للقاء المعلم يحي الذي يبيع المسابح والبخور (ص 313) كما أخذ أبو طالب محمدا ومر به على الراهب بحيرا (راجع سيرة ابن هشام 1/ 114 نهاية الإرب للنويري 16/ 90-92) وغير ذلك من الأحداث التي تكشف هذه الشخصية بوضوح .
- حسن : ابن عم قاسم ، ويرمز به الكاتب للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو ابن زكريا الذي رمز به الكاتب لأبي طالب ، والاسم يشير إلى كنية الإمام علي "أبو الحسن " فحسن كان ملازما لقاسم كما كان الإمام علي كرم الله وجهه ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن هو الصبي الذي صدق قاسما في حديثه عن قاء خادم الجبلاوي (ص 356) كما أن عليا رضي الله عنه كان أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من الصبيان ، كما أن قوما رأوا أن حسن أحق من صادق بالنظارة لقرابته من قاسم . (ص 447) كما حدث من أنصار علي الذين رأوا أنه أحق بالخلافة . (راجع الشيعة وأهل البيت . إحسان إلهي ظهير)
- صادق : أحد أصدقاء قاسم المقربين ويرمز به الكاتب للصديق أبي بكر رضي الله عنه وواضح اشتقاق الاسم من اللقب "الصديق" وصادق مقارب لقاسم في سنه وطوله ، ولكنه أنحل منه عودا . (ص 322) كما أن أبا بكر كما وصفته ابنته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقالت : كان أبي نحيف الجسم ، خفيف العارضين لا يستمسك إزاره . (انظر الطبقات الكبرى محمد بن سعد 3- 119 دار التحرير للطبع والنشر) وهو أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين . (روضة الأنوار في سيرة النبي المختار : صفي الرحمن المباركفوري ص 23مكتبة دار السلام الرياض) وصادق يعلن بعد سماع قول قاسم بأنه التقى بخادم الجبلاوي تصديقه المطلق لصاحبه ويقول : إنه رجل صادق أتحدى أي مخلوق أن يذكرنا بكذبة صدرت عنه ، فهو عندي مصدق وأقسم لكم على ذلك بتربة أمي . (ص 356) وكذلك فإن أبا بكر رضي الله عنه لم يتردد في تصديق رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ولذلك فقد قال عليه الصلاة والسلام : ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أمر أبي بكر بن قحافة ما عكم (أي ما تلبث ) عنه حين ذكرته له وما تردد فيه . (سيرة ابن هشام 1/ 159) وصادق خلف قاسم على النظارة فسار سيرته (ص 447) كما أن أبا بكر رضي الله عنه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متأسيا برسول الله مقتديا به . وكل هذا يكشف عن دلالة هذا الرمز الذي أورده الكاتب في روايته .
- قمر : إحدى شخصيات الرواية وهي التي تزوجها قاسم ، ويرمز بها الكاتب للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقمر السيدة الوحيدة التي تملك مالا في حي الجرابيع (ص 320) والسيدة خديجة كانت من أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا . (نهاية الأرب 16/97 وانظر سيرة ابن هشام 1/ 119) وقمر كما يذكر الكاتب في روايته سيدة أربعينية (ص 321) والسيدة خديجة رضي الله عنها كانت في الأربعين من عمرها عندما تزوجت من الرسول صلى الله عليه وسلم . وسكينة خادمة قمر تقول لقاسم : لمثلك يدعى ببنت الحلال فقال ضاحكا ومن ذا الذي يرضى براعي غنم (ص 332) ثم تقول له : جرب بختك واخطب سيدة حينا ، فيتساءل من تعنين يا سكينة ؟ فترد : لا تتجاهل ما أعني ليس في حينا إلا سيدة واحدة (ص 333) وكذلك فإن نفيسة بنت منية خادمة السيدة خديجة تذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول له : ما يمنعك أن تتزوج ؟ فقال : وما بيدي أن أتزوج به . قالت : فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب ؟ قال: فمن هي ؟ قالت: خديجة قال : وكيف لي بذلك ؟ قالت: على فأنا أفعل . ( نهاية الأرب 16/97) وقمر امرأة أرمل كما كانت السيدة خديجة رضي الله عنها وقد ماتت قمر في حياة قاسم فحزن عليها حزنا شديدا (ص 395) كما ماتت السيدة خديجة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وحزن لذلك حزنا شديدا .
- سكينة : خادمة قمر في الرواية وهي ترمز لنفيسة بنت منية خادمة خديجة كما سبق .
- بدرية : إحدى شخصيات الرواية وهي أخت صادق وقد تزوج منها قاسم ، ويرمز بها الكاتب إلى السيدة عائشة رضي الله عنها فبدرية فتاة صغيرة في الثانية عشرة(ص 397) كما أن عائشة كانت بنت تسع سنين أو عشر عندما تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم ( سيرة ابن هشام 4/201 ونهاية الأرب 18/174) وبدرية تقول لقاسم يوما عن قمر زوجته الأولى : كانت طاعنة ولا جمال لها . فتقوضت قامته المنتصبة في كآبة كأنه تهدم ، وقال في عتاب وحزن شديدين : لا تذكريها بسوء ، فمثلها لا ينبغي أن يذكر إلا بالرحمة فارتد إليه رأسها متوثبا ، لكنها رأت على صفحة وجهه حزنا مخيفا فترددت ، ثم لاذت بالصمت . ( ص 421) والسيدة عائشة تقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن عليها الثناء فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة ، فقلت : هل كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله بها خيرا منا . فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها ، آمنت بي إذا كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني في مالها إذ حرمني الناس ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء ، قالت عائشة فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا . (نهاية الأرب 18/ 172)
- قنديل : خادم الجبلاوي ، الذي رآه قاسم أو خيل إليه أنه رآه كما يذكر الكاتب ويرمز به في الرواية إلى أمين الوحي جبريل عليه السلام ، ونلاحظ تشابه الاسمين في الوزن وفي الحرفين الأخيرين ، وربما كان الاسم قنديل فيه إشارة إلى كون الملائكة من نور ، كما أن القنديل يتخذ للإنارة والضياء . والدليل على أن الكاتب يقصد بهذه الشخصية جبريل عليه السلام ، أنه جعله خادما للجبلاوي (ص 352) الذي رمز به للذات العلية ، وهو الذي أرسله إلى قاسم الذي رمز به للرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر الكاتب أن قاسما يخيل إليه أنه رأى شبح قنديل أثناء المعركة التي دارت بين قاسم وأصحابه وبين سوارس ورفاقه من الفتوات (ص418) وذلك إشارة إلى ما حدث في عزوة بدر عندما أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ، ثم خفق خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال : أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع (سيرة ابن هشام 2/ 185 ونهاية الأرب 17/24)
- عرفة : الشخصية الرئيسة في الجزء ا لأخير من الرواية ويرمز به الكاتب إلى رجل المادة أو العلم أو العلمانية ، وواضح ما في لفظ "عرفة" من معنى المعرفة والعلم ولذلك جعله الكاتب مجهول الأب (ص451) إشارة إلى أن العلم ليس له أب ولا جنس معين ، كما جعله يصب لعناته على الجبلية والرفاعية والقاسمية (ص454-457-487) إشارة إلى عداء العلمانية للأديان كلها ، ثم جعله يعرف قدره عند المرض والغم والضعف. (ص 453) ويملك الأعاجيب في حجرته ومنها قوة لم يحز عشرها جبل ورفاعة وقاسم مجتمعين (ص 471) إشارة إلى قوة العلم وطاقاته الجبارة كما يزعمون . وجعله كذلك لا يؤمن بشيء إلا إذا رآه بعينيه وجربه بيديه . ( ص 487) إشارة إلى عدم إيمان العلم المادي بالغيبيات ، واعتماده على التجربة والأشياء الملموسة . وهكذا تبدوا رموز الرواية واضحة الدلالة تكشف عما ترمز إليه بوضوح ودون خفاء وإن حاول الكاتب أن يلبسها زي الواقعية محاولا إخفاء ما ترمز إليه ،ولكن هذه الغلالة الرمزية الرقيقة كانت تشف عما تحتها وتبرز ما دونها[/align]
منقول من الساحات عبدالرحمن الشويعر
k[df lpt,/> glh`h ph,g,h Yyjdhgi? ,glh`h HWu'd [hz.m k,fg?>,i`i v,hdji