لــــــــــــكن, الظــــــــالمة
"بصراحة زوجي رجل عطوف، طيب وكريم، لبق وأنيق، لــــــــــكن."
"وظيفتي رائعة، وفق ما تمنيته وحلمت به، راتبي مرتفع، وزملائي طيبون، والإدارة حسنة ، وموقعه قريب من منزلي ، لــــــــــكن."
"اتفق معك بأن هذه الطائفة مظلومون مضهدون، وأنهم خدموا الشريعة والقضية ، لـــــــــــكن."
كثير هي العبارات الجميلة التي سرعان ما تخسر رونقها وإنصافها بكلمة لكن ، "لـــــكن" الكلمة المؤسفة التي يلجأ إليها قائلها ليستدرك بها ، فيحول الإتجاه من اليمين إلى اليسار ويغير الحسن إلى القبيح ، وهي الدالة على عدم القناعة بالموجود وعدم الإكتراث بالحسن ومساواته بالقبيح وإن صغر ، مما يؤدي الى حكم جائر على الامور ، في حين أن الكمال لله عز وجل وحده، وقديما قالوا الزين ما يكمل ، ولا يمكن على أية حال من الاحوال الحصول على جميع الصفات الحسنة في ذات الوقت في شخص ما أو طائفة ما فنحن باختصار بشر.
حياتنا مليئة بالقضايا التي مشكلتها الوحيدة تكمن في ما بعد لكن، ولو كل فرد منا حمد الله عز وجل على نصيبه في حياته وقنع في رزقه فقال هذا ما قضاه الله عز وجل لي، وأن هذا الذي أخذته - وإن كان أقل مما استحقه - هو رزقي أسعد به، دون الحاجة إلى الدخول في بوابة لكن المتذمرة، لتلاشت معظم مشاكلنا.
ولكي لا يفهم من حديثي التجني على كلمة لــــكن، فإن لكن في اللغة تفيد الاستدراك، وهي كما أشرت لتغيير وجهة الحديث، ولو أن استخدامها بيننا إقتصر على التغيير الحميد، في حياتنا وفي مجتمعنا فاستخدمت بشكل إيجابي بنفس القدر من ذلك الشكل السلبي لها، لعشنا في راحة بال وطيب مقام.
وحتى لا نفقد الكثير من إمتيازاتنا ومن صداقاتنا ومن مجتمعنا بسبب القليل من المآخذ والعيوب ، علينا التفكير كثيرا عند استخدام هذه الكلمة ، واستحضار ميزان العدل لوزن حقائق ما قبل لـــكن مع الإدعاء فيما بعدها، عندها فقط وعندها سيدرك الفرد منا أن طبيعة الأمور أجمل مما أراد قوله، وأن العدل والقناعة والصبر والحكمة هي ما تلزمه للتعايش بسرور مع الامر أو تعديله وتحسينه.
خلاصة القول، كثير هي الأمور التي يمكن التعايش معها على علاتها، وأن التركيز على هذه العلات كفيل بتحويل هذه الحياة الجميلة إلى بؤس، وقد تؤدي الى الحرمان من منافعها مطلقا.
تحياتي
gJJJJJJJJJJJJ;k hg/JJJJJJJJhglm !!