الياسمينرمضان, الصفاء, شهر, فوح
وتأتي يارمضان أيها الشهر الكريم كما في كل عام زائراً محبوباً، فحل عند المسلمين مهما بعدت بهم الشقة وفصلت المسافات الجغرافية بينم في أعلى مكان من بلدانهم وبيوتهم وانفسهم. ولأن اسمك مشتق من الرمض، وهو شدة الحرّ، ومنتهى الحريق، وغاية الصلابة فإن المسلمين يتهيأون لمجيئك، ويعدون العدة لك من الصبر، والجلد، والقناعة.
وقد كان المسلمون منذ فرضك الله عليهم -ولايزالون- يعتبرونك شهر المودة والرحمة والتقوى, فإذا ما جئت قدموا فيك التوبة واستغفروا من ذنوبهم ربهم آملين ان تحمل معك عند رحيلك على أمل اللقا- اوزارهم فيتطهرون من اطماع الدنيا واوهامها الزائلة ويغفر الله لهم زلاّتهم، ويضع حسناتهم مهما قلت في سجلاتهم ناصة البياض بعد ان يمحو الذنوب الكبيرة فيها.
لقد مجدك الله في كتابه العزيز وجسَّد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا التمجيد عملاً وقولاً وما احرانا في هذا الشهر الكريم ان نقتدي به، إنّ محمد بن عبدالله وهو رسول الى البشرية جمعاء صاحب نفس تفيض بالايمان فلم يكن يحس بالجوع والعطش لانهماكه في مناجاة ربه وتنعمه بحبه والشوق اليه وتمتعه باحوال العبادة التي هي غذاء القلوب ونعيم الارواح وقرّة العيون وبهجة النفوس فللقلب والروح بها اعظم غذاء وانفعه ذلك الغذاء الذي يغني عن غذاء الاجسام.
ورسول العدل والصدق هو القائل: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع شرابه وطعامه»، هذا الصوم المنزه عن الكذب والنميمة والجهل والسفه هو الذي عناه صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله بقوله: «ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلاَّ باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً» ولان الصوم هو وقت نوراني يفصل بين العبد واخطائه فأنه يمنح المسلم فرصة كبرى امام سماحة خالقه، لذا فقد قال عليه الصلاة «من قام رمضان ايماناً واحتساباً غفر الله ما تقدم من ذنبه» وفي رواية اخرى «ما تقدم من ذنبه وما تأخر» فيا ايها الشهر المبارك ما احوجنا فيك الى مغفرة الخالق بل ما احوج المسلمين جميعاً اليوم الى ان يخلصوا نواياهم ويعودوا الى خالقهم او ابين توابين داعين، مستغفرين، ليمنحهم القوة والعزم والجلد والبصيرة لمواجهة واقعهم المرير حتى يستطيعوا العيش بكرامتهم كبشر ومسلمين امام عدوهم المتربص بهم وما يمتلكه من قوة دمار وافناء (فيا رباه ليس لنا إلاَّ انت فليس هنالك من قوة اكبر من قوتك ولا مكر اكبر من مكرمك يا إله العالمين) وغير خاف على احد ان الايمان بقوة الله العظمى مقترنة بتوحيد ارادة الامة وتناسى الخلافات بكل انواعها وتطهير القلوب من الكراهية والاحقاد الدنيوية واعداد العدة لمواجهة الاعداء الكثر يتبدأ بالتخلص من الدنيا والايثار وتعميق الصلة بين المسلم واخيه المسلم اينما كان وحيث ما يكون، كما ان على عاتق قادة المسلمين عرباً وغير عرب ومن بيدهم زمام امورهم ان يجمعوا امرهم للدخول في وحدة اسلامية صادقة تتجاوز المذاهب والاهواء امام عدوهم الذي يهادنه بعضهم اما غفلة واما استسلاماً وخضوعاً في الوقت الذي يكونون فيه دعاة سلام وخير ومحبة
لها احاديث في ذكراك تشغلها عن الشراب وتلهها عن الزاد
لها بوجهك نورٌ يستضاء به ومن حديثك في احقابها حادي
t,p hgdhsldk:vlqhk aiv hgwthx