النبي, ادخلوا, تندموا, يدافع, عجابا, عجبا, وستروا, كله
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } أما بعد:
لما سبَّ الغرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت الدنيا وما قعدت وهاج المسلمون وماجوا وعلت الأصوات وبُحت الحناجر وثار الغضب والآن هدأت الأنفاس وخمدت نيران الغضب وكأن شيئاً لم يكن وهذا ما قاله الغرب حيث قالوا : " إن هي إلا أيام وينسى المسلمون ويعودون إلى طبيعتهم "
فأحببت بهذه الكلمات أن أجدد محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوبنا وأبين كيف ندافع عنه في هذه الحرب البربرية عن خير البرية .
إن أعداء الإسلام يحاولون بكل ما أتوا من قوة ومال وعتاد القضاء على هذا الدين وسخروا لذلك الأموال الباهظة ووسائل سريعة متطورة وكلما أخفقت وسيلة ابتكروا أخرى ويرفعون لهذه المعركة أعلاماً شتَّى في خبث ومكر وتورية .
- فتارة يشككون الناس في ثوابت الدين .
- وتارة يطعنون في رواة الحديث كأبي هريرة وذلك لهدم السنة .
- وتارة يخرجون علينا بكتاب الفرقان ويحاولون استبداله بالقرآن .
- وتارة يطعنون في حبيبة الرسول الصديقة بنت الصديق ويتهمونها بالعهر والفجور .
- وتارة يلقون الشبهات على ضعاف العقول ليشككوهم في دينهم .
- وتارة يلقون بالشهوات على الناس وذلك عن طريق الإعلام الماجن الفاجر الذي يشيع الفواحش وينشر الرذيلة حتى ينجرف الشباب في تيار الإباحية والفجور فلا ينفعهم نصح الناصحين ووعظ الواعظين .
كما قال بعض أئمة الكفر : كأس وغانية يفعلان في أمة الشرق أكثر مما يفعله ألف مدفع .
- وتارة يشوهون صورة الملتزمين بهذا الدين وشرع أرحم الراحمين ويرمونهم بالرجعية والتطرف والتعصب والإرهاب ويحاولون القضاء عليهم تحت مسمى القضاء على الإرهاب ويحاولون القضاء على الإسلام .
• ولما تلقت هذه الأمة الإسلامية هذه الطعنات باستكانة باستسلام تام وبدون دفاع وذلك لما أصابهم من وهن وضعف نتيجة حب الدنيا وكراهية الموت وحب الشهوات وفساد في الأخلاق ولما أحسن أعداء الإسلام بهذا الضعف والوهن من المسلمين كانت الطعنة الأليمة النافذة طعنةٌ تصاعدت غيومُها في سماء الأمة تخيم بظلالها على مليار ونصف المليار من المسلمين ذلك الهجوم السافر والحرب البربرية على خير البرية والتطاول الوقح البذئ على حبيب الرحمن وسيد ولد آدم ووصفه بالقاتل والمُتعدي بل تطاولوا على كتاب الله وقاموا بحرقه في ميدان عام .
قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا } ( الأحزاب 57 )
وقال تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ( التوبة 61 )
قتل الخراصون الكاذبون فلو قرءوا سيرة الرسول ما كانوا عليه يفترون فمن أسماؤه
( نبي الرحمة )
- فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمى لنا نفسه أسماء فقال : أنا محمد وأحمد والمُقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة "
- وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً ، قال تعالى :
{ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } ( التوبة 128 )
- بل هو موصوف صلى الله عليه وسلم في التوراة الصحيحة الغير محرفة بأنه يعفو ويصفح ، فقد أخرج البخاري عن عطاء بن يسار قال :
" لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ( رضى الله عنهما) فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، فقال : أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وحرزاً للأميين (1) أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب (2) في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويُصلح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء (3) بأن يقولوا : لا إله إلا الله ويفتح به أعيناً عمياَ وآذاناً صماً وقلوباً غلفاَ "
وصدق ربنا حيث قال : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } ( الأنبياء 107 )
والمُتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أثر هذه الرحمة والرأفة في كل موقف من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم الجليلة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .
_________________________________________
(1) حرزاً للاميين : حافظاً لهم .
(2) سخاب : رفع الصوت بالخصام .
(3) ملة إبراهيم التي غيرتها العرب عن استقامتها .
(1) ها هو الحبيب عندما يذهب إلى أهل الطائف
يدعوهم إلى عبادة العزيز الغفار ، يدعوهم إلى النجاة من النار يمشي إليهم مسافة 7 كيلوا في حر الظهيرة ومع هذا فلم يستجيب له أهل الطائف وسلطوا عليه صبيانهم وعبيدهم وسفهائهم يسبونه ويصيحون به واجتمع عليه الناس ورشقوه بالحجارة وأصيب الرسول صلى الله عليه وسلم في قدمه الشريفة وأختضب نعله بالدماء الزكية حتى ألجؤوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابنا ربيعة ويأتيه جبريل عليه السلام والحديث عند البخاري فيقول له :
" إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ، قال : فناداني ملكُ الجبال فسلم علىّ ثم قال : يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملكُ الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت ؟
إن شئن أن أطبق عليهم الأخشبين (1) ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يُخرج اللهُ من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ".
بل أنظر إلى هذه المرأة التي وضعت السم في كتف الشاة لقتل النبي صلى الله عليه وسلم ثم هو يعفو عنها .
- فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
" إن امرأة يهودية( 2) أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك ، قالت : أردت لأقتلك ، فقال : ما كان الله ليسلطك على ذلك أو علىّ
فقالوا : ألا فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
- بل أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة منتصراً عزيز الجانب ، دخل على أهلها وهم الذين طردوه منها وحاولوا قتله مرات عديدة فنادى فيهم :
" يا معشر قريش ما ترون أني فاعلٌ بكم ؟ قالوا : خيراً أخٌ كريم وابن أخٍ كريم قال : فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته ( لا تثريب عليكم اليوم ) ، اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
وغير ذلك من النماذج الكثيرة ، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
" قيل يا رسول الله أدعو على المشركين ، قال : إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ".
- وفي رواية : " أنا رحمة مُهداه "
________________________________________
(1) الأخشب من الجبال : الخشن الغليظ وهما جبلا مكة أبو قبيس والجبل الذي يقابله .
(2) المرأة اسمها زينب بنت الحارث ( امرأة سلام بن مشكم ) وقتلها قصاصاً بعد ذلك في بشر بن البراء بن معرور لأنه أكل من الشاة فأساغها فمات بها .
- فقد أخرج أبو داود بسند حسن عن عبد الرحمن بن عبد الله قال :
" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأينا حمرة (1) معها فرخان لها فأخذناهما فجاءت الحمرة تعرش (2) فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم قال : من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها ".
وبعد هذا كله يُوصف النبي صلى الله عليه وسلم بالقاتل المُعتدي
والتي بدأت : منذ بزغت وأشرقت شمس الإسلام على جزيرة العرب ومنذ أعلن الرسول عن دعوته بدأ العداء على هذا الدين وعلى الرسول الأمين
- تارة بإذائه والإساءة إليه فكما عند البخاري ومسلم من حديث ابن عباس :
" قال لما نزلت هذه الآية " وأنذر عشيرتك الأقربين " ورهطك منهم المخلصين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فقالوا من هذا الذي يهتف قالوا محمد فاجتمعوا إليه فقال يا بني فلان يا بني فلان يا بني فلان يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي قالوا : ما جربنا عليك كذبا قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد قال فقال أبو لهب تبا لك أما جمعتنا إلا لهذا ثم قام فنزلت هذه السورة " تبت يدا أبي لهب " وقد تب كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة " .
ومنذ هذه اللحظة التي أعلن فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن ميلاد فجر جديد للإنسانية انفجرت مكة بمشاعر الغضب حينما سمعت هذه الصيحة العالية المدوية وكأنها صاعقة قصفت السحاب فرعدت وبرقت وزلزلت الجو الهادئ .
وبدأت الحرب على الرسول صلى الله عليه وسلم بشتى أنواعها وأشكالها تارة بإيذاءه والإساءة إليه وتارة بمحاولة قتله وتارة بحربه وتارة باتهامه في أهل بيته وتارة بوضع السم له في الطعام وتارة . وتارة
_________________________________
(1) طائر مثل العصفور .
(2) تعرش : ترفرف .
- أخرج النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس فقال أبو جهل أيكم يقوم إلى سلا(1) جزور بني فلان فيأخذه فيضل في كتفي محمد إذا سجد فانبعث أشقى القوم فأخذه فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه قال فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة فجاءت وهي جويرية فطرحته عنه ثم أقبلت عليهم تشتمهم فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم وكان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سأل سأل ثلاثا ثم قال اللهم عليك بقريش ثلاث مرات
فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته ثم قال اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عقبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وذكر السابع ولم أحفظه فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر ".
وتارة بمحاولة قتله :
ولم تنتهي الحرب بل مازالت الحرب مستمرة على المصطفى
ويحاول عقبة بن أبي معيط خنق النبي صلى الله عليه وسلم وقتله :
- فقد أخرج البخاري عن عروة بن الزبير قال : سألت ابن عمرو بن العاص :
" أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم ، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن ابي معيط ، فوضع ثوبه في عنقه ، فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه، ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أتقتلون رجلا يقول ربي الله} الآية ".
بل ظل الأعتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى مات متأثراً بالسم الذي دسوه له في كتف الشاة ، فقد أخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها) قالت :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أُبهري من ذلك السم ".
__________________________________________
(1) السلا : هي الجلدة التي يكون فيها الولد ، يُقال لها ذلك في البهائم أما الآدميات فتسمى المشيمة .
(2) مبتوراً : هالكاً أو مصروفاً عن الخير .
والله تعالى يُدافع عن نبيه وخليله
كانت الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم يقفون أمام عشيرتهم ويدافعون عن أنفسهم
- فلما قال قومُ نوح لنوح {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } ( الأعراف 60 )
قال نوح دفاعاً عن نفسه : {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } ( الأعراف 61 )
- وقال قوم هود لهود : {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } ( الأعراف 66 )
فقال هود دفاعاً عن نفسه {يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } ( الأعراف 67 )
- ولما قال فرعون لموسى {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا }
فقال موسى رداً عليه {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا } ( الأسراء 102 )
وغير ذلك من النماذج والتي فيها تولى كلُ نبي الدفاع عن نفسه إلا النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله جلَّ وعلا تولى الدفاع بنفسه عن خليله وحبيبه !
- فلما قال أبو لهب تباً لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا
فنزل قوله تعالى : {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } ( المسد 1)
- وعندما قال قومه : إنه كاهن ، قال تعالى : {َلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } ( الحاقة 42 )
- وعندما قالوا : إنه شاعر ، فقال تعالى : {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ } ( يس 69 )
وقال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ } ( الحاقة 41 )
- وعندما قالوا : إنه ضال ، فقال تعالى : {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } ( النجم 2 )
- وعندما قالوا : أنه مجنون ، قال تعالى : {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } ( القلم 2 )
- ولما اتهموه فيما جاء به من عند ربه عزَّ وجل
فقال الله عزَّ وجل دفاعاً عنه صلى الله عليه وسلم : {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } ( التكوير 24 )
أي ليس هذا النبي صلى الله عليه وسلم بمتهم فيما يخبر به عن الله عزَّ وجل .
- ولما مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً لا ينزل عليه جبريل عليه السلام :
" فقالت أم جميل امرأة أبي لهب ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك ، فقال تعالى : :
{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى }
- في رواية البخاري :
" اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثا فأنزل الله عز وجل: "والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى"(1) ، (2)
- ولما مات عبد الله الابن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
استبشر أبو لهب وهرول إلى رفقائه يبشرهم بأن محمداً صار أبتر
فنزل قول الله عزَّ وجلَّ : {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ }(2) ، (3) ( الكوثر 3 )
- ولما قالوا : {إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ } فقال تعالى : {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ }
( النحل 105 )
وصدق ربنا حين قال : {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} وقال تعالى : {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }
- ويستمر هذا الكلأ وهذه الرعاية الربانية لخير البرية من ملك الملوك إلى أحب خلقه إليه صلى الله عليه وسلم ويحفظه عن كيد الكائدين ومكر الماكرين ، كيف لا وهو القائل :{وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ }( المائدة 67)
- وترى هذه العصمة والرعاية للحبيب في مواقف عديدة لا نستطيع أن نحصرها في هذا المقام ومنها :
(1) لما كاد المشركون للرسول الأمين واجتمعوا على قتله وعزموا على ذلك ليحلوا بينه وبين الوصول إلى أصحابه في المدينة إذ بجبريل عليه السلام ينزل بوحي من الله عزَّ وجل " لا تبت في فراشك الليلة "
__________________________________
(1) ما ودعك : ما تركك يا محمد . (2) وما قلى : ما أبغضك .
(3) شانئك : مبغضك .
(4) الأبتر : المقطوع الأثر أو الخير .
(2) ويخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم ويذري التراب على رؤوسهم وهو يتلو قول الحق سبحانه :
{وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } ( يس 9 )
فيخطف الله أبصارهم وما من رجل إلا ويضع رأسه على صورة ويغط غطيطاً ويخرج النبي صلى الله عليه وسلم سالماً يكلؤه الله بحفظه ورعايته .
(3) ولما وصل المشركون إلى الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبي بكر فقال أبو بكر كما عند البخاري:
" نظرتُ إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا ، فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه أبصرنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ما ظنك باثنين اللهُ ثالثهما "
(4) وفي أثناء سيره إلى المدينة يلحق به سراقة بن مالك لينال منه رجاء الفوز بالمكافأة التي أعلنت عنها قريش وهي مئة ناقة لمن يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه حيين أو ميتين .
ولكن بأمر من الله ساخت قائمتا فرس سراقة بن مالك في الرمال فخر عنها ثم زجرها حتى نهضت فلم تكد تخرج يديها حتى سطع لأثرهما غبار أرتفع في السماء مثل الدخان فعلم سراقة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ممنوع .
(5) وها هو رجل يحاول قتل النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الله يحول بين ذلك مصداقاً لقوله تعالى :
{وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } والقصة ذكرها البخاري عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنهما) قال :
" غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة نجد، فلما أدركته القائلة ، وهو في واد كثير العضاه ، فنزل تحت شجرة واستظل بها وعلق سيفه ، فتفرق الناس في الشجر يستظلون ، وبينا نحن كذلك إذ دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئنا ، فإذا أعرابي قاعد بين يديه
فقال: (إن هذا أتاني وأنا نائم، فاخترط سيفي، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، مخترط صلتا
قال: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فشامه ثم قعد، فهو هذا) "
الله أكبر الرجل يحاول قتل النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا لم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم
(6) والله يحفظ نبيه من التآمر على قتله ذكر ابن هشام –في سيرته عن ابن إسحاق
" أن عُمير بن وهب جلس مع صفوان بن أمية في الحجر بعد مصاب أهل بدر بيسير ، وكان ابن عمير وهو وهب بن عمير من أسارى بدر فذكرا أصحاب القليب ( البئر ) ومصابهم
فقال صفوان : والله ما في العيش بعدهم خير
قال له عمير : صدقت أما والله لولا دينٌ علىَّ ليس عندي قضاؤه وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي فيهم علة ( سبب) ابني أسير في أيديهم ، فاغتنمها صفوان بن أمية فقال : علىَّ دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا ( أقوم على أمرهم )
فقال له عمير : فاكتم علىّ شأني وشأنك ، قال صفوان : سأفعل
فانطلق عمير إلى المدينة وقد شحذ سيفه وسمَّه ، فلما أناخ راحلته على باب المسجد ورآه عمر حتى أخذ بحمالة سيفه ( ما يربط به السيف على الجسم ) في عنقه فلبَّبه بها ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أرسله يا عمر ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إذن يا عمير فدنا ثم قال له النبي فما جاء بك يا عمير
قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه
قال : فما بال السيف في عنقك ، قال : قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً ؟
قال : أُصدقني ما الذي جئت له ؟
قال : ما جئتُ إلا لذلك
قال : بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش : ثم قلت : لولا دَين علىَّ وعيال عندي لخرجت أقتل محمداً
فتحمل لك صفوان بن أمية بدينك وعيالك على أن تقتلني له ، والله حائل بينك وبين ذلك
قال عمير : أشهد أنك رسول الله ، فهذا الأمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله .
فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ثم شهد شهادة الحق فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم فقهوا أخاكم في دينه وعلموه القرآن واطلقوا له سيره ففعلوا ".
فالله عزَّ وجل يكلؤ حبيبه ومصطفاه من كيد الكائدين ومكر الماكرين بل ويحمل كل من استهزأ بحبيبه آية وعبرة لمن خلفه .
- أخرج البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
" كان رجل نصرانياً فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، فعاد نصرانياً فكان يقول :
ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض ( الأرض لا تريده غيرةٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فقالوا : هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له فأعمقوا ، فأصبح وقد لفظته الأرض
فقالوا : هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه خارج القبر فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا ، فأصبح وقد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه
- وفي لفظ مسلم : " فتركوه منبوذاً "
وصدق ربنا حيث قال : {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } ( الحجر 95 )
قال ابن تيمية في ( الصارم المسلول على شاتم الرسول ص116)
فهذا الملعون الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدرى إلا ما كتب له قسمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دُفن مراراً وهذا أمرٌ خارج عن العادة يدل لكل أحد على أن هذا كان عقوبة بما قاله وأنه كان كاذباً إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه ولكذب الكاذب إذ لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد .
(2) والله يحفظ نبيه من أم جميل ( امرأة أبي لهب ) (1)
" فقد كانت تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى بابه ليلاً وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها وتطيل عليه الإفتراء والدس وتؤجج نار الفتنة وتثير حرباً شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب .
- ولما سمعت ما نزل فيها وفي زوجها في القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فهر ( أي بمقدار ملْ الكف ) من حجارة ، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله ص فلا ترى إلا أبا بكر
فقالت : أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يهجوني والله لو وجدته لضربت بهذا الفِهر فاه ، أما والله إني لشاعرة ، ثم قالت : مذمماً عصينا (2) ، وامره أبينا ، ودينه قلينا ثم أنصرفت
فقال أبو بكر : يا رسول الله أما تراها رأتك ، فقال : ما رأتني لقد أخذ الله ببصرها عني " .
• فانظر كيف أنتقم الله منها عندما سبت رسوله وحبيبه
• قال مره الهَمْداني : كما في القرطبي ( 10 / 7330)
" كانت أم جميل تأتي كل يوم بإبالة(3) من الحسك(4) فتطرحها في طريق المسلمين فبينما هي حاملة ذات يوم حُزمة أعيت فقعدت على حجر لتستريح فجذبها الملَك من خلفها فأهلكها "
________________________________________
(1) وهي أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان ، لا تقل عن زوجها عداوةً للنبي صلى الله عليه وسلم .
(2) أخرج البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم ؟ ، يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً وأنا محمد ".
(3) بإبالة : الحزمة الكبيرة .
(4) الحسك : نبات له ثمرة ذات شوك وهو العدان .
(4) وانظر كيف كان عاقبة ونهاية أبي لهب ( والذي آذى الحبيب كثيراً )
- يقول أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" رماه الله بالعدمة فقتله (1) فتركه بنوه وبقى ثلاثة أيام حتى قال لهم رجل من قريش : ويحكما ألا تستحيان إن أباكما قد أنتن في بيته لا تدفناه ؟
فحفروا له ثم دفعوه بعود في حفرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه ".
(5) والله يحفظ نبيه من أبي جهل ويجعل نهايته على يد غلامين :
- فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
" قال أبو جهل يعفر محمدٌ وجهه بين أظهركم ؟ ، فقيل : نعم
فقال : واللات والعزى لئن رأيته لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ رقبته فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه فقالوا : مالك يا أبا الحكم ؟
قال : إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهؤلاء أجنحه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضوا ".
فانتقم الله لنبيه ومصطفاه فسلط عليه غلامين هما : معاذ بن عمرو بن الجموح ومُعوذ بن عفراء .
- فقد أخرج البخاري عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال :
" أني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن فكأني لم آمن بمكانهما إذ قال لي أحدهما سراً من صاحبه يا عم أرني أبا جهل فقلتُ : يا ابن أخي ما تصنع به ؟
قال : أُخبرتُ أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا فتعجبت لذلك ، قال : وغمزني الآخر (2) فقال مثلها
قال : فلم أنشب (3) إن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه
قال : فانطلقا كالصقرين فابتدراه بسيفهما فضرباه حتى قتلاه ".
يا الله إنها الغيرة على رسول الله
الله أكبر صدق ربنا {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}
بل انظر لمن استهزأ بسنته كيف كانت عاقبته
وصدق ربنا حيث قال : {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ }
وهذا حال كل من استهزء بسنة الرسول أو بشخصه العظيم صلى الله عليه وسلم
فكما أن الله عزَّ وجل يكلأ نبيه صلى الله عليه وسلم ويحفظه ويعصمه من استهزاء المستهزئين وينتقم منهم أشد انتقام فكذلك الملائكة تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم وتنل ممن استهزأ بالرسول صلى الله عليه وسلم .
(1) وروى البزَّار والطبراني عن ابن عباس قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على ناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ، ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي ، ومعه جبريل فغمز جبريل فوقع مثل الظفر في أجسادهم فصارت قروحاً حتى نتنوا فلم يستطع أحد أن يدنو منهم فأنزل الله تعالى :
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}
- وروى الطبراني عن مالك بن دينار قال : حدثني هند بن خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي الحكم فجعل يغمز بالنبي صلى الله عليه وسلم { فنزلت} ".
- في بعض الروايات عند البزار :
" فماتوا على الفور ".
- وفي رواية أخرى له عن أنس :
" فغمزهم جبريل فوقع في أجسادهم كهيئة الطعنه فماتوا ".
والمستهزئون المذكورون هم ( الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والحارث بن قيس السهمي ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب )
قال تعالى : {وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ } ( الأنعام 10 )
وقال عزَّ وجل : {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ } ( الأنعام 34 )
وقال تبارك وتعالى : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } ( الحجر 95 )
- وروى أبو نعيم والبيهقي وصححه الضِّياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنه قال :
" المستهزئون هم الوليد بن المُغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المُطلب ، والحارث بن عيْطلة السهمي ، فلما أكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أتاه جبريل فشكي إليه فأراه الوليد ، فأومأ جبريل إلى أكحله ، قال : ما صنعت ؟ قال : كفيته ثم أراه الأسود بن المطلب فأومأ إلى عينيه ، فقال : ما صنعت ؟ ، قال : كَفَيته ، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث ، فأومأ إلى رأسه ، فقال : ما صنعت ؟ ، قال : كفيته : فأما الوليد فمرَّ به رجل من خُزاعة ، وهو يريش نبلاً له ، فأصاب أكحله ، فقطعها وأما الأسود بن المطلب فنزل تحت سمرة ، فجعل يقول : يا بني ألا تدفعون عني فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً ، وهو يقول : قد هلكت ها هو ذا أطعن بالشوك في عيني فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه ، وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قٌروح فمات منها وأما الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج من فيه فمات منها ، أما العاص فركب إلى الطائف على حِمار فربض على شبرقة ، فدخل في أخمص قدمه شوكة فقتلته ".
- وروى أبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال :
" كان رجل يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بشئ اختلج بوجهه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :كن كذلك فلم يزل يختلج حتى مات ".
- وهكذا الملائكة تدافع عن الحبيب حبيب رب العالمين وقد مرَّ معنا أن ملك الجبال ينزل بأمر من رب العالمين ليأمره النبي صلى الله عليه وسلم بما شاء وكذلك مرَّ معنا ما فعله الملك مع أم جميل .
-"وقفة
ما حكم سب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
لحفظ جناب الرسول إن من سبه يُقتل وإن تاب فإن كانت توبته صادقة تنفعه عند الله وإن كان كاذباً سيجازى على ذلك في الآخرة ولعله في ذلك أن يقتل وإن تاب لحفظ جناب الرسول حتى لا يخرج علينا من يسبه ثم يقول تبت ثم يُترك ثم يخرج علينا آخر فيسب الرسول ثم يقول تبت وهكذا .
- أخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس ( رضي الله عنهما) :
" أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر قال فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا اشهدوا أن دمها هدر ".(1)
وكذلك الذمي
إذا سَب الرسول قُتل ، فقد أحتج الشافعي على أن الذمي إذا سبَّ الرسول قتل وبرئت منه الذمة واستدل بقصة كعب بن الأشرف اليهودي .
____________________________________
(1) والحديث في الصحيحة البخاري ( 7 / 336 رقم 4037 ) كتاب المغازي وفي صحيح مسلم (2 / 1425 رقم 1801 ) في الجهاد .
فالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حتمي
- أخرج الحاكم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال :
" بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد يطلب سعد بن الربيع وقال لي إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تجدك ؟
قال : فجعلت أطوف بين القتلى فأصبته وهو في آخر رمق وبه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم فقلت له : يا سعد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك خبرني كيف تجدك ؟
قال سعد : على رسول الله السلام وعليك السلام وقل لقومي الأنصار :
لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم شُفر(1) يطرف ، قال : وفاضت نفسه ".
ففيم فكر هذا المحب الصادق في آخر لحظات حياته ؟
وماذا شغل باله ؟
وبماذا أوحى قومه وهو يودعهم مرتحلاً عن هذه الدنيا وما فيها من أهل وأولاد ومتاع ؟
أن الأمر الذي شغل باله هو سلامة حبيبه حبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم والوصية التي أوصى بها قومه هي أن يبذل كل واحد منهم نفسه فداءً للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، فلا عذر لهم أمام الله إذا وصل للرسول أذى .
ها أنا أردد مع سعد بن الربيع وأقول لكم لا عذر لكم أمام الله أن لم تنصروا رسوله وتدافعوا عنه في هذه المحنة
ولنعلم جمعياً أن دفعنا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد من قدرة شيئاً كما أن إساءة السفهاء له لا ينقص من قدره شيئاً ، لكن هذه محنة واختبار لمعرفة المحب الصادق للحبيب المختار .
قال تعالى : { وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ } ( محمد 4 )
يقول شيخ الإسلام ( رحمه الله) كما في الصارم المسلول على شاتم الرسول ص209
إن الله فرض علينا تعزيز رسوله وتوقيره ، وتعزيزه : نصرة ومنعه
وتوقيره : إجلاله وتعظيمه
وذلك يوجب صون عرضه بكل طريق فلا يجوز أن نصالح أهل الذمة وهم يسمعونا شتم نبينا وإظهار ذلك ، لأنا إذا تركناها على هذا تركنا الواجب علينا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم أ . ﻫ
إذاً فلابد علينا من الدفاع والذب عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته مصدقاً لقوله تعالى :
{وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ( الأنفال 71 )
فذكر الله تعالى أنه أيد رسوله بنصره وبنصر المؤمنين إياه ولو تخاذلنا عن نصرة الرسول فإن الله تعالى يقول :{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ }
ولكن كيف ندافع عن الرسول الأمين وحبيب رب العالمين ؟
بداية : لابد أن تعرف أن : هناك علامة قبل أن نشرع عن كيفية الدفاع عن الرسول وهي :
أن يحترق قلبك ألماً وتنزف عينك دماً لسب الحبيب صلى الله عليه وسلم
وأن نكون جميعاً كأبي هريرة عندما سمع سب الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :
" كنت أدعوا أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوماً فسمَّعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقلت يا رسول الله إني كنت أدعوا أمي إلى الإسلام فتأبى علىّ فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ."
فانظر إلى هذا المحب وكيف أنه بكي لما سمع سب الرسول فهل وجدت هذا من نفسك عندما سمعت أن الرسول يُسب .
فمن لم يجد هذا الألم في كبده والحرقة في قلبه والدمعة في عينه على سب الرسول فليعلم أن في إيمانه خلل ، ولو سُب أحد ذويه أو قرابته أو زوجته لصاح وعلا صوته وأرغد وأزبد وقلا النوم عينه وزهد عن الطعام ولن يهدأ حتى ينال من الساب ويصب عليه جسام غضبه فكيف يفعل هذا مع ذويه ولم يفعل مع نبيه وهو القائل كما عند البخاري ومسلم :
" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين "
- فليس لنا إلا أن نقول كما قال حسان بن ثابت لأبي سفيان عند سب النبي صلى الله عليه وسلم
هجوت محمداً وأجبتُ عنه وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمداً براً تقياً رسول الله شيمته الوفاءُ
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم فداءُ
(1) التبرء من أعداء الدين والمولاة للرسول الأمين وأتباعه الصالحين
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء }
فالتبرء منهم في المظهر والمخبر من أوثق عرى الإيمان
- فلا نحاكيهم في المظهر ، ونبغضهم ولا تتودد إليهم .
قال تعالى : {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } ( المجادلة 22 )
وانظر إلى هذا المنافق عبد الله بن أُبي بن سلول عندما قال :
{ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}
فلما قفل الناس راجعين إلي المدينة وقف عبد الله بن عبد الله بن أُبي على باب المدينة واستل سيفه ، فجعل الناس يمرون عليه فلما جاء أبوه عبد الله بن أُبي قال له ابنه وراءك ، فقال أبوه : مالك ويلك ؟
فقال : والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان رسول الله يسير ساقه (1) فشكى إليه عبد الله بن أُبي ابنه فقال الابن والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : أما إذ أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجز ".
(2) مقاطعة منتجاتهم
وهي كرسالة موجهة إليهم ، يتبين من خلالها أننا أمة نغير على نبينا وعلى رسولنا صلى الله عليه وسلم ونقوم بالمقاطعة حتى نعذر أمام الله ونقول يارب أمرٌ استطعنا أن نفعله ففعلناه
وبدأت بالفعل الخسائر تتوالى على الدنمارك لكن الأتحاد الأوروبي وعدهم بالمساندة وبهذا يتضح لنا أن هذف أعداء الدين واحد ووجهتهم متحدة وأن الكفر ملةٌ واحدة .
ملحوظة
لو استمرت المقاطعة حتى الصيف القادم سيخسر اقتصادهم 39 مليار يورو .
_________________________________________
(1) يسير ساقه : من خفته صلى الله عليه وسلم إنه يسوق أصحابه أي يقدمهم يمشي خلفهم تواضعاً ولا يدع أحداً يمشي خلفه .
(3) أن تتوجهوا بكليتكم إلى الآخرة وأن تتركوا الدنيا وراء ظهوركم
ما حدث لنا من انتكاس إلا لأن الدنيا اصبحت في قلوب الناس ، فمن أراد نصرة هذا الدين والرسول الأمين فعليه أن يطلق الدنيا حتى يسود فولله ما ساد الأولون العالم إلا لأنهم جعلوا الدنيا في أيديهم ولم يجعلوا في قلوبهم .
ولما جعلناها نحن في قلوبنا سلط الله علينا أعدائنا وهذا ما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم :
- فقد أخرج الإمام أحمد من حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قالا : أمن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله ؟
قال : بل إنكم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن
قيل وما الوهن ؟ ، قال : حب الدنيا وكراهية الموت ".
وهذا هو حالنا لا يخفى على أحد منا وكم سمعنا وقرأنا عن أناس يموتون ، لا من أجل التضحية للدين ولا من أجل سب الرسول الأمين لكن من أجل هدف ضاع
وها نحن نسمع ونرى صيحات وآهات وندم وبكاء لا على سب الحبيب ولكن من أجل فوز فريق وخسارة آخر .
أصبح شبابنا كشباب الغرب ( مغازلة للبنات ، وقوف في الطرقات ، ترك للصلوات ) وأصبحت بناتنا كبنات الغرب ( تبرج وسفور ورقص وغناء وزنا وفجور )
يا أمة الإسلام
يا خير أمة أخرجت للناس عودوا إلى ربكم لتعود لكم الريادة والقيادة .
فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم
(4) الدعاء على الأعداء
فلا سبيل للخروج من هذه المحنة إلا بالفرار إلى الله واللجوء إليه ورفع أكف الضراعة إليه والطلب منه فالدعاء سلاح المؤمن .
- لما أذى المشركون النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بالموت وقد كان :
" فقال : اللهم عليك بأبي جهل ، وعليك بعتية بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن معيط ، وعد السابع فلم نحفظه
قال عبد الله بن مسعود : فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذين عد رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القليب قليب بدر ".
- ودعا النبي صلى الله عليه وسلم على كسرى ملك فارس أن يمزق الله ملكه وقد كان :
" لما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم كتابه إلى كسرى فلما قرئه مزقه وقال في غطرسة وعبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي ولما بلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال : مزق اللهُ ملكه " وقد كان .
فها أنت أخي الحبيب :
نستطيع أن تدعوا الله أن ينصر الإسلام ويُعز المسلمين وأن تدعو على كل من تطاول على رسولنا أن يزلزل الأرض من نحن أقدامهم ويجمد الدماء في عروقهم وأن يُخرص ألسنتهم ويشل أركانهم
(5) كلٌ في موقعه يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم
فالخطيب يدافع عن النبي من خلال منبره
والكاتب يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال قلمه
والعالم يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال دفع الشبهات حول ما يُثار
وصاحب المال يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال طبع الكتب ونشر سنة الرسول وهكذا .
ولو دافع ونافح كلٌ في موقعه سينبهر العالم الغربي اللعين بمدى حب المسلمين للرسول الأمين ولعل هذا يكون دافعاً لهم للبحث عن سيرته العطرة ويكون سبباً لدخولهم في الإسلام .
(6) أن تكون نعم السفير للإسلام
فكثير من الغرب لا يعرف شيئاً عن الإسلام بل يحاول أعداء الدين تشويه صورة الإسلام وإظهاره بخلاف ما هو عليه فتارة يصورون الطرق الصوفية وما يفعلونه من ذكر مبتدع من تمايل ورقص ونوم في الطرقات وما يفعلونه في الموالد والتوسل بأصحاب الأضرحة أو ينقلون ما يفعله الشيعة في يوم عاشوراء من ضرب الأجساد بالحديد وإسالة الدماء وغير ذلك من الأمور والتي هي بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام ثم ينقلون هذه الصور في وسائل الإعلام الغربية ويزعمون أن هذا هو الإسلام حتى يصدوا الناس ويُنفروهم عن الإسلام وذلك لما يرونه من زحف هائل لهذا الدين فهو أكثر انتشاراً من النصرانية واليهودية ، لما لا وهو فطرة الله التي فطر الناس عليها .
فما عليك أخي الحبيب إلا أن تظهر لأهل الغرب المخدوعين صورة الإسلام الحقيقية وأن الإسلام يدعو إلى الحب والسلام والأمان وأنه يدعو إلى توقير الكبير والرحمة بالصغير والعطف على المسكين واليتيم والصدق في القول والعمل والوفاء بالوعد وحسن العهد وأن الإسلام برئ من سياسة الحرق والهدم والتفجير والقتل والإرهاب وترويع الآمنين ، فكل في موقعه يُظهر هذه الصورة فإن فعلنا سيدخل أهل الغرب في دين الله أفواجا .
ملحوظة
وحتى لا تختلط الأوراق فلا ينبغي أن تسمي الدفاع عن الوطن ضد المُحتل إرهاب .
أو عندما ندافع عن رسولنا أو مقدساتنا أننا شعب همجي غير متحضر ، لا بل ينبغي أن نغلظ على من بارز الإسلام بالادعاء وأظهر ذلك كان محارباً له .
أما الذمي الذي آمنته أو آمنته الدولة على نفسه ولم يظهر العداء فلا ينبغي قتله أو ترويعه وهذا هو إسلامنا
- أخرج البخاري في التاريخ والنسائي في السنة عن عمرو بن الحنق الخذاعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" من أمن رجلاً على دمه فقتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافراً ".
(7) الرجوع إلى الدين لإغاظة الكافرين
أيها الأحبة
1- إن هذه الأمة لا يمكن أن تكون عزيزة إلا بإتباع دينها وتعظيم أمر ربها وإتباع سنة نبيها وعدم مخالفة أمره فهذه هي الركائز التي يقوم عليها الدين ويكون فيها عز الإسلام والمسلمين ويكون الانتصار للدين كما قال تعالى :
{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ } فأكثر ما يغيظ الكفار وأعداء الدين والمنافقين هو رجوع الناس إلى ربهم واستعلانهم بشعائر دينهم
- أخرج الإمام أحمد من حديث عائشة (رضي الله عنها) قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين ".
فكيف بما عدا التأمين من إعلان الأذان وتعمير المساجد وتراص المصلين راكعين ساجدين خاشعين
وكذلك يغيظهم ما يرونه من الحشود الغفيرة والملايين الكثيرة التي ذهبت إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج .
وكذلك إذا خرجت المرأة متحجبة تعلن في إباء
أنا الفتاة المسلمة مصونة مكرمة
عفيفة محتشمة بين العررى محترمة
فهذا كله يغيظ أعداء الدين ويجعلهم في هم دائم ومغايظة الكفار غاية محبوبة للرب جل وعلا ووصف اللهُ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم بأنهم كزرع :
{يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } ( الفتح 29 )
فلا سبيل لنا في هذه المحنة إلا بالرجوع إلى الله عزَّ وجلَّ ، وانظر إلى قوله تعالى :
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ( 95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ } ( الحجر 95 : 98 )
يقول السعدي ( رحمه الله) في تفسير هذه الآية
إنا كفيناك المُستهزئين بك وبما جئت به ، وهذا وعد من الله لرسوله أن لا يضره المستهزئون ، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة وقد فعل تعالى ، فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قِتلة ثم ذكر وصفهم وأنهم كما يؤذونك يا رسول الله فإنهم أيضاً يؤذون الله :
{الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ } وهو ربهم وخالقهم {فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ } أفعالهم إذا وردوا القيامة .
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } لك من التكذيب والاستهزاء فنحن قادرون على استئصالهم بالعذاب والتعجيل لهم بما يستحقونه ولكن الله يمهلهم ولا يهملهم
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ } أي يا محمد أكثر من ذكر الله وتسبيحه وتحميده والصلاة فإن ذلك يوسع الصدر ويشرحه ويعينك على أمورك أ ﻫ
وانظر كيف أن الله وصف لرسوله العلاج عندما استهزأ به المجرمون وهو اللجوء إلى الله والوقوف بين يديه وكثرة ذكره وتسبيحه .
- فمن خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يُقحم نفسه في النار ، ولا أحد مثلاً لمن خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا المثال :
- ففي صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إنما مثلي ومثل أُمتي كمثل رجل استوقد ناراً فجعلت الدواب والفراش يقضي فيه ، فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه ".
- وفي صحيح مسلم عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجَنَادِبُ والفراشُ يقعن فيها وهو يذبُّهُنَّ عناه وأنا آخذُ بحُجَزِكُم عن النار وأنتم تفاَّتُون من يدي ".
____________________________________
(1) الحُجز : هي معقد الإزار والسراويل
(2) تقحمون : التقحم هو الإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبت .
(3) الجنادب : الصرار الذي يشبة الجراد ، وقيل : له أربعة أجنحة كالجراد وأصغر منها يطير ويصرّ بالليل صِراً شديد .
(4) تفلَّتون : تهربون مني .
وكيف نرجع إلي الدين ؟
لا يكون ذلك إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمر وعدم مخالفته فيما عنه زجر وهما الركيزتان اللتان يقوم عليهما نصرة الرسول الأمين وخزي أعداء الدين .
الركيزة الأولى : عدم مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
فلنعلم جميعاً أن ما نحن فيه الآن من الذلة والصغار ما هو إلا بمخالفة أوامر النبي العدنان صلى الله عليه وسلم
- وانظر إلى الرماة في غزوة أحد لما خالفوا أمراً واحداً من أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت الهزيمة والذلة والصغار حتى فاءوا إلي أمر الله .
وانظر عندما خالفنا أوامر الرسول الأمين وذهبنا وقلدنا الغرب اللعين سلطهم الله علينا وهذه سنة ربانية لا تتغير ولا تتبدل ولا تحابي أحد فالعزة كل العزة في إتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم :
" وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ".
- وقال الحسن البصري في شأن العصاة المخالفين لأمر الله ورسوله :
" لو طفطفت بهم البغال وهملجت بهم البرازين فإن ذل المعصية سيدركهم أبي الله إلا أن يذل من عصاه ".
1- وعصيان الرسول ومخالفة أمره مؤذنٌ بالعذاب الألبم قال تعالى :
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ( النور63 )
2- وعصيان الرسول ومخالفة أمره سبب الضلال المبين ، قال تعالى :
{وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } ( الأحزاب 36 )
3- وعصيان الرسول ومخالفة أمره سبب وحول الجحيم عياذاً بالله منها ، قال تعالى :
{وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } ( النساء 14 )
فالعز كل العز في طاعة الرسول وهذه هي الركيزة الثابتة
ولنعلم أيها الأحبة أن من شأن أهل الإيمان إذا دُعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا
قال
الركيزة الثانية : طاعة الرسول فيما أمر تعالى : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ( النور 51 )
وقال تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } ( الأحزاب 36 )
ثم فليعلم إن طاعة هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه من طاعة الله عز وجل قال تعالي :
{َّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } ( النساء 80 )
1- وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم سبب الهداية والفلاح ، قال تعالى :
{وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } ( النور 54 )
2- وفي طاعته حياة للقلوب قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } ( الأنفال 24 )
3- وطاعته سبب للرحمة ، قال تعالى :
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ( التوبة 71 )
4- وطاعة الرسول سبب للفوز العظيم ، قال تعالى :
{وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } ( الأحزاب 71 )
5- وطاعة النبي وأتباعه فيها وفضل حيث نحظى بمحبة ربنا وتغفر لنا ذنوبنا ، قال تعالى :
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } ( آل عمران 31 )
وهذه الآية حاكمةٌ على من أدعى محبة الله عز وجل ، فلا يتصور أن شخصاً يحب الله عز وجل ثم هو يعص نبي الله ويخالف أمره .
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
6- وطاعة الرسول لم يغفر بها الذنوب فقط بل تكون سبب لدخول الجنة ، فقال تعالى :
{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ( النساء 13 )
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟
قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى "
وليست طاعته سبب في دخول الجنة فقط بل ستكون رفيقاً له صلى الله عليه وسلم في الجنة
فقد ذكر القرطبي في تفسيره والبغوي بسنده :
" أن ثوبان مولى رسول الله كان شديد الحب له قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه يعرف في وجه الحزن فقال له : يا ثوبان ما غير لونك ؟
فقال : يا رسول الله ما بي من ضرٍّ ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقتُ إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك لأني عرفتُ أنك ترفع مع النبيين وإني وإن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك وإن لم أدخلها فذاك حين لا أراك أبدا فأنزل الله تعالى :
{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا }
فدعا فقرأها عليه
فاجعلوا طاعتكم للرسول إغاظة للكافرين وطاعة لرب العالمين وعز في الدنيا ونجاة يوم الدين
وإياكم ومخالفته فإن هذا يشرح صدور الكافرين ويورث ذل في الدنيا وعذاب يوم الدين .
وضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أمثلة تبين مصير كل من أطاعه ومصير من عصاه .
- فقد أخرج البخاري من حديث جابر بن عبد الله ( رضي الله عنهما) قال :
" جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلاً، فاضربوا له مثلاً، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمةً، والقلب يقظان، فقالوا: مَثَلُهُ كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدبة وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أوِّلوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعي محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أطاع محمداً صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم فرَّق بين الناس ".
- وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا(1) فانطلقوا على مهلتهم وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به مثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق ".
[img]http://www.4zz.net/show.php?pic=63664
[/img]
منقول
hg;,k ;gi d]htu uk hgkfd h]og,h ,sjv,h u[fh u[hfh ,hggi gk jk]l,h