الموضوع: العيـــــــــــــــــد

انقضت صلاة الفجر من يوم جديد
" إنه يوم " العيد
أقبل على الدنيا يوم سعيد
يوم خروج اليوم من معنى اليوم إلى معنى الفرح
يوم السعادة
المحدودة بزمن لا يستمر إلى أكثر من كونه
يوم !!

يوم اللقاء والصفاء والنقاء
يوم القبلات والزيارات
يوم الهدايا
يوم الضحك والابتسامات

يوم ( كل عام وأنتم بخير )

يوم التهاني والرسائل والاتصالات

يوم العيد يوم الحب والإخاء
يوم التصافي والوفاء

يوم يُلبس فيه الجديد
يوم الزينة
يوم اجتلاء النفس في يوم حب

يوم أكل الحلوى
لتجهيز الفم للكلمات الحلوة

اجتمع الناس في قرية ما
في بلد ما
في عام ما
في مصلّى العيد

التكبير يزيد المصلى هيبة
كخلية نحل مزدحمة
بدأت عملها مع الصباح

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

امتزجت أصوات الكبار مع الصغار
رغم اختلاف مصادر الصوت وأوقاتها ونبراتها
إلا أنك تسمع إلى نغمات تنبؤك بروح واحدة

النساء في آخر المصلى
لون أسود في الزاوية
كأن الرسمة لا تكتمل إلا به
فهو يضفي على المكان لمسة لطيفة
لا تشعر بها إلا وهي في اتساع

الطريق إلى المصلى به سائرون على خطا كأنها واثقة
كبارا وصغارا
بألوان متوحدة ومختلفة
منتشرون على طول الطريق

الضوء يزداد فتزداد إشراقة المصلى
فكل شيء فيه جديد

إمام القرية خارج من بيته وفي يده أوراق ملفوفة
يتجه إلى المسجد بخطوات تختلف عن خطوات الناس
لا تشعر حين تنظر إليه إلا أن صاحبها غير راغب فيها
نظراته غريبة
وملامحه ليست كالبقية
ابتسامته غائرة
وعيونه حاسرة
والتفاتاته حائرة

ينظر إلى الأطفال وهم يتبادلون أماكنهم وهم يسيرون
فكل مرة يغير الواحد منهم جاره
ليتسنى لهم تبادل الضحكات والتهاني
والعبارات
وهم يتفقدون ملابس بعضهم
في نقاش بريء

نشاطهم وفوضاهم
تبعث في اليوم حركة الضاحك المنشرح
ينظر إليهم بعين متأملة
عله يرى مظاهر العيد في حقيقتها

يراقبهم وقد جعلوا العيد طفلا بينهم
يدير اللعب وأدواره
في ابتهاج و رضا
يزداد حماسهم بازدياد نور الفجر على أجسادهم
وكأنه هو من يغذيهم بالطاقة

كأنهم هدية جديدة لهذه الدنيا

مشى إلى المصلى وصورة هؤلاء الأطفال تتملك كل تفكيره
دخل إلى أعماقها
أسال على عقله ألوانها ليستشعرها

فابتسم رغم الجمود
وانتفض رغم البرود

ارتفعت الشمس قيد رمح
وكأن الرمح حقيقة تنغرس في قلب هذا الإمام

دخل المصلى
انسجام التكبيرات حرك قلبه من مكانه
أسرى قشعريرة باردة في داخله

وقف الناس في صفوف كالبنيان
لا فرق بين صغير ولا كبير فيها
و لا بين أبيض ولا أحمر ولا أسود

نظر إليهم قبل أن يستدير إلى جهة القبلة
بنظرة الحنون
وكأنه يقول
متى أراكم أحرارا ؟!
متى ترتفع يد الظلم والطغيان عنكم ؟!
متى أرى كل أيامكم كهذا اليوم وأجمل ؟!
متى أشعر بصدق الفرح على محياكم ؟!
متى أرى معنى هذا اليوم لا اليوم فقط ؟!

التفت وأسى سطوة الطغيان على دياره
يعصر قلبه ألما
وعيونه تكاد أن تغلبه وهو يتحداها
تبرق ولكنها لا تمطر

كبر سبع تكبيرات كأنها زفرات وآهات

قرأ سورة الأعلى بعد الفاتحة وكأنها رجاءات وابتهالات
أتم الركعة الأولى
بدأ الركعة الثانية بست تكبيرات
ملؤها الضراعة
قرأ الغاشية بعد الفاتحة
وهو يغالب انهمار الغيث
واختناق الصوت

أكمل الصلاة
وقام واعتلى المنبر

كبر وحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله علية واله
وكأن عباراته تزخر بالاعتداد والاعتزاز
شرع في خطبته

وكل معاني الأسى تقطع قلبه
ولسان حاله يقول :
متى نفرح فرحا حقيقيا بانتصارنا ؟!
بتحررنا من الرق والاستعباد ؟!

بدأ في ذكر مظاهر العيد
وسيرة النبي صلى الله عليه واله
وذكّر بالفقراء وذوي الحاجة

يقلّب ناظريه فيهم
وكأنه يرى بستانا
به الأطفال كالأزهار المتفتحة
والكبار كنباتات أثقلها الطل فانحنت إلى الأرض

أراد أن يقرأ عليهم من أوراقه
معاناة أمته
جراحات إخوته
مظاهر الألم في أوطانه
لكن صورة الأطفال السعداء تخفي كل حروف الألم
تغطي سطور الحزن والبكاء

فقال خارجا عن النص المكتوب
والله لولا هؤلاء السحرة الصغار
لولا أن نقتل السعادة في أرواحهم
ونشنق الضحكات في أفواههم
" لبكينا " في هذا الموقف أجمعين


تحياتي :

دلوعتهم كلهم



الموضوع منقول

---

hgudJJJJJJJJJJJJJJJJJ]