المراجع, الإسلامية, انتقد, والأخماس
انتقد المراجع والأخماس والحوزات والجمهورية الإسلامية
مفكر التشيع بمصر يفجر مفاجأة ويعلن تركه المذهب الشيعي
فجر الكاتب والقيادي الشيعي المصري المعروف صالح الورداني في حوار مع "العربية.نت" مفاجأة من العيار الثقيل بإعلانه ترك المذهب الشيعي بعد حوالي 20 عاما من اعتناقه.
وأكد أنه انتهى من إعداد مذكرات شخصية تحوي مراجعاته الفكرية حول هذه الفترة والتي ينتقد فيها المرجعيات والأخماس، بالاضافة لكتاب آخر، قائلا إنه يدعو بعض المثقفين حاليا لتأسيس جماعة باسم "الخطاب الجديد" تخلو من التقسيم المذهبي وتتبنى "الاسلام الواحد".
ويعد الورداني من أبرز قادة التيار الشيعي في مصر وأكثر مفكريهم تأثيرا وله كتب كثيرة تدعو إلى التشيع والهجوم على المذهب السني. وتطلق عليه بعض الدوائر صفة فيلسوف التشيع المصري، ومفكر التشيع، والناطق الرسمي باسم الشيعة المصريين، وقد ارتبط بعلاقات وثيقة مع ايران حيث قام بزيارتها عدة مرات، وجلب كتبا شيعية تولى توزيعها في مصر، مما عرضه لاتهامات حصوله على دعم مالي ايراني مع متشيعين بارزين آخرين، وهي اتهامات كانت مجال صراع داخل الأوساط الشيعية المصرية نفسها.
وكان الورداني في مقدمة مؤسسي الجماعات الاسلامية في مطلع السبعينيات، قبل ظهور قيادات الجماعة الاسلامية المصرية وتنظيم الجهاد الذي انضوى فيه فيما بعد، وكان من اشهر القياديين فيه، وبعد دخوله المعتقل بسنوات فاجأ الناس أيضا بإعلان تحوله إلى المذهب الشيعي في عام 1985.
تجربة التشيع في مذكرات شخصية
وقال صالح الورداني لـ"العربية.نت" إنه انتهى من مذكراته الشخصية حول تلك الحقبة بعنوان "سيرة أصحاب اللحي" قائلا: ستتعرض هذه المذكرات لقضايا كثيرة تمتد لما قبل فترة انخراطي في تنظيم الجهاد، فأنا من أوائل مؤسسي الجماعات الاسلامية في وقت سابق لظهور هذا التيار.
وأضاف: هذه المذكرات ترصد تاريخ الحركة الاسلامية بأجنحتها المختلفة في مصر منذ السبعينيات إلى الآن، شاملة السلفيين والاخوان والجهاد والتكفير والجماعة الاسلامية والقطبيين والشيعة فيما بعد، لأن التيار الشيعي ظهر مع أواخر الثمانينيات.
واستطرد الورداني: عاصرت كل هذه التيارات وعشت بينها وكنت من زعمائها، ولنا فيها كثير من الحوادث والوقائع والطرائف أيضا التي مررنا عليها وعايشناها وعشنا معها من خلال هذه الفترة الطويلة.
وقال: لم أجد عنوانا لهذه المذكرات أفضل من هذا العنوان "سيرة أصحاب اللحي" فهي فعلا تتناول سيرة هؤلاء وليس سيرة تيارات تعبر عن الانسان تعبيرا دقيقا، بمعنى أنها تعبر عن أفراد وتوجهات ومصالح وجهات، أكثر من كونها تعبر عن الاسلام.
وأشار إلى جزء مهم جدا من المذكرات يتعلق بسيرة المعتقلات "لأنني اعتقلت فترة طويلة مع الجماعات الاسلامية وبالتالي دونت كل ما عايشته وعاصرته في داخل المعتقلات والتي تضم طرائف أعتقد أن القارئ سيسعد بها كثيرا وتلفت انتباه الناس".
ويصف صالح الورداني هذه المذكرات بأنها تشريح داخلي للتيارات الاسلامية لا يملكه أحد غيره، مستطردا بأنه لا يعتبر" اعتناقه للمذهب الشيعي – في منتصف الثمانينيات – تحولا".
ثم يضيف: المذكرات ترصد طبعا هذا الانتقال أو التغير في المنهج والمعتقد والتصور. طبعا أنا اتكلم بموضوعية كاملة وبتجرد، وأنتقد نفسي أيضا وأظهر أخطائي، ولكني استفدت من هذه الأخطاء أو الشواهد التي عشتها، وهذا ما يجب على المرء، ويجب أن يقر بأخطائه أيضا.
أنا الآن في المرحلة الثالثة
وعندما سألته عن المجال الذي يشمله هذا الانتقاد للذات رد الورداني: انتقد نفسي عندما كنت في دائرة السنة، وانتقدها أيضا بعد أن انتقلت إلى دائرة الشيعة، وأنا الآن خرجت من الدائرتين إلى دائرة جديدة أو المرحلة الثالثة.
قلت له: ما هي ملامح هذه المرحلة الثالثة فأجاب: الدعوة إلى خطاب إسلامي جديد يعتمد على القرآن الكريم والعقل ويتراجع عن عقلية الماضي التي تهيمن على الاسلاميين في هذا الزمان. وفسر ذلك بقوله: الخطاب الاسلامي المعاصر كله سنة وشيعة يعتمد على العقل الماضي، بينما أنا أدعو إلى العقل الحاضر.
سألته عن الدور المذهبي في خطابه الجديد فقال: أدعو إلى منهج جديد ينبع من الاسلام بذاتيته ومقوماته الثابتة التي هي مقومات الأديان أساسا، وتنبع من القرآن الكريم.
وعندما قلت له: هل يمكن تصور الاسلام بدون المذهبين السني والشيعي، شرح رؤيته بقوله: "المفروض أن يكون هناك اسلام بلا مذاهب، لكن للأسف كل من يدعونا للاسلام اليوم هم المذهيبون (المنتمون لمذهب معين) حتى أولئك الذين يدعون أنهم غير مذهبيين وأولهم "التيار السلفي" الذي يدعو إلى "اللا مذهبية" ورغم ذلك يتبنى نهجا محددا من مناهج المسلمين وهو نهج الحنابلة. وأوضح أن "السلف أجنحة كثيرة، ليست على اتجاه أو منهج أو مذهب واحد".
لم أعد شيعيا وأرفض المرجعيات
هنا سألته: هل استنتج من ذلك أنك لم تعد شيعيا؟ قال صالح الورداني: أنا لم أعد شيعيا بمفهوم الشيعة طبعا. نعم أنا الآن أرفض المرجعيات والطرح السائد الذي يطرحه الشيعة، وانتقد المراجع والمؤسسات والجمهورية الاسلامية كل هذا أنا كفرت به حاليا.
وواصل الورداني: كما انتقد الأخماس وتكلمت عنها في مذكراتي وهذه قصة طويلة. وشرح ذلك بقوله: للأسف الشديد أنا أرى أن الأخماس تستثمر من قبل المراجع أو بمعنى أدق من قبل وكلائهم، فأنا أعتقد أن المراجع الشيعية في عزلة عن الجمهور وعن الواقع، والذين يتحركون بأسمهم ويعملون حلقة الوصل هم الوكلاء، وهم للأسف يحتالون وينصبون باسم المراجع، ويكذبون عليهم وعلى الجمهور.
أموال الأخماس تنفق في الدعاية
وقال "الوكلاء ينفقون أموال الأخماس غالبا في دائرة الدعاية للمرجع، وليس لخدمة مذهب آل البيت أو التشيع، وقد لفت نظري هذا الانفاق السفيه على أمور لا تخدم الاسلام والمسلمين وإنما تخدم أشخاصا، ومذاهب المراجع. واعتقد أن "آل البيت" هم الصفوة التي هي ركيزة الاسلام بعد القرآن، ولكني أرى للأسف الشديد أن السنة والشيعة لم يحسنوا التعبير عنهم، وأن كليهما أساء لهم.
قلت له: تقول إنك لم تعد شيعيا فهل هذا معناه أنك عدت إلى المذهب السني؟ هنا رد صالح الورداني "أنا انتقد الشيعة والسنة أيضا. لقد أصبحت حاليا خارج الساحتين السنية والشيعية، ولم أعد اعترف بأي منهما. أنا فقط اعترف بالقرآن الكريم وآل البيت، مع التأكيد على أن هناك فرقا بين الشيعة والتشيع، كما هو الفرق بين الاسلام والمسلمين.
وأضاف: التشيع كمنهج هو منهج حق وتعبير حقيقي عن الدين، لكن الشيعة شيء آخر هم جمهور ومجتمع يملك كل المقومات والسلبيات والتناقضات السائدة في أي مجتمع، والصراع السائد بين السنة والشيعة هو صراع تناقضات قائم على تناقضات الشيعة وليس تناقضات التشيع.
قلت له: هل تقصد أن المذاهب أصبحت خاضعة للتوجيه السياسي؟ أجاب الورداني: المذاهب تاريخيا خضعت للسياسة وألاعيبها والحكام منذ بداية نشأتها إلى الآن. الجماعات الاسلامية نفسها هي عبارة عن مذاهب، وقد انتشرت هذه الجماعات بواسطة السياسة التي كانت وراء نشأتها، وأنا عايشت ذلك وعاصرته وشاهد عليه.
سألت الورداني: لك أكثر من عشرين كتابا هل تمثل هذه الكتب شهادات متصلة حول تجاربك التي انتهت بالمرحلة التي أصبحت عليها الآن. يصحح لي بقوله: أكثر من عشرين كتابا منشورا، لكن هناك كتبا لم تنشر بعد.
ثم يتحدث عن واحد من كتبه "صدر قبل نحو أربع سنوات عن الحركة الاسلامية من الخمسينيات حتى الثمانينيات، وهو الكتاب الوحيد الوثائقي الموجود في الساحة الاسلامية وفي ساحة الفكر والثقافة لأنه مكتوب برؤية داخلية من داخل الحركة، ويشتمل على وثائق الاخوان والتيارات الاسلامية الأخرى، ورؤية جديدة للحركة الاسلامية بحكم المعايشة".
قلت له: كنت تعتبر المفكر الأبرز أو فيلسوف التيار الشيعي في مصر هل ترفض الآن مثل هذه المسميات؟ أجاب صالح الورداني: أنا أرفض ذلك منذ زمن وليس الآن فقط. لقد أطلقوا تسميات عديدة منها مثلا الناطق الرسمي باسم الشيعة والمتحدث الصحفي للشيعة، وزعيم الشيعة، ورجل ايران. كلها تسميات لا أصل أو صلة لها بالحقيقة.
اتهامات حول علاقته بايران
هنا قلت له: رجل ايران بمعنى انك كنت وكيلا عنها لنشر التشيع في مصر، حتى أن البعض داخل الشيعة المصريين اتهمك مع آخرين بالحصول على أموال من ايران؟ رد صالح الورداني: أنا اتهمت اتهامات كثيرة من قبل الدولة ومن قبل آخرين، بأنني اتلقى دعما من الخارج. حتى الشيعة يعتقدون أنني مدعوم. كنت استورد كتبا من الخارج لخدمة الدعوة هنا (يقصد كتبا تدعو للمذهب الشيعي) فكان الشيعة في مصر يأخذونها مني بدون مقابل اعتقادا بأنني مدعوم.
سألته: من أين كنت تأتي بهذه الكتب؟ أجاب: من لبنان وايران. هذا انتهى طبعا الآن ولكني اتحدث عما كان يحصل سابقا. وتعليقا على ما قلته من أن زياراته الكثيرة لايران افادتة في مراجعته الحالية أو خطابه الفكري الجديد قال الورداني: طبعا أفادني في ذلك وفي مجالات أخرى أيضا.
ويضيف: بعض المثقفين قال لي منذ زمن "انت كتبت عن السنة وكشفت كل عوراتهم ولم تبق لهم على شيء، فهل الشيعة تيار معصوم ليس به عورات أو صورة من صور الخلل التي رصدتها في التيار السني؟ فكان جوابي أنني عشت التيار السني لفترة ربع قرن فهمضت هذا التيار واستوعبته، وبالتالي استطيع أن أضع فيه رؤية نقدية، لكن التيار الشيعي لم تتح لي الفرصة اتعايش معه واهضمه الهضم الكامل لأخرج برؤية نقدية. اعطوني الفرصة فأنا رجل حر أملك نفسي، لا أحب أن اتبع أحدا او اشترى من أحد.
ويواصل صالح الورداني: أنا مكثت في الوسط الشيعي أكثر من 20 عاما، يعني من العام 1985 حتى الآن، وهي فترة طويلة تشمل زياراتي لايران واتصالات ولقاءات مع مراجع وعلماء ومؤسسات، وتعايشا مع الشيعة والحوزات والهيئات العلمية، ومن ثم هضمت هذا التيار واستطيع الآن أن أكتب رؤية نقدية عنه، فلا يمكن أن أنقد الآخر دون أن أكون ملما به.
رؤية نقدية للحوزات والمراجع
قلت له: هل كل هذا النقد سيظهر في مذكرات "سيرة أصحاب اللحى" أجاب: وفي كتاب آخر أيضا بعنوان "تجديد الخطاب الاسلامي تصحيح التسنن وتصحيح التشيع" وهذا الكتاب يقدم رؤية نقدية واسعة للحوزات ومناهجها والمراجع والمؤسسات الدينية وخطاب الجمهورية الاسلامية والمرجعيات وسلوكيات الشيعة وخرافاتهم. وقد كنت استعرضت خرافات السنة في أكثر من كتاب.
قلت له: لكن الكتاب يجمع بين تصحيح التسسنن وتصحيح التشيع، رغم أن السنة أخذوا نصيب الأسد من انتقاداتك بعد تشيعك علق الورداني: أنا انتقد السنة لكونهم التيار الغالب، والطرح السائد الذي يمثله أغلبية المسلمين وكلامي دعوة لتصحيحه، ولذلك كل كتبي السابقة عن السنة لا توجد فيها أي مصادر أو مراجع شيعية، بل كل المراجع سنية. واعتمدت في رؤيتي حول تجديد التشيع وانتقاداتي للتيار الشيعي على مراجع شيعية فقط وهذا هو منهجي في الكتابة.
وعن توصيفه لفكره قال: أنا اسمي نفسي دائما، الباحث الاسلامي، فأنا باحث عن الحقيقة أينما وجدت ورهن الحقيقة وأملك شخصية نقدية تتيح لي أن لا استسلم للآخر. لقد عشت مع السنة ولم استسلم لطرحهم، وأيضا مشكلتي مع الشيعة أنني لم استسلم لهم، فأنا لا أصلح أن أكون تابعا لا للسنة ولا للشيعة.
وأضاف صالح الورداني: أن تكون تابعا معناه ان تقبض و"تتريش" ولهذا فشلت مع الشيعة. وكشف أنه يدعو حاليا لجماعة الخطاب الجديد " أدعو من أعرفهم من المثقفين الأحرار في الرأي لتأسيس هذه الجماعة، وكذلك تأسيس قناة فضائية تكون منطلقا لعرض الاسلام برؤية جديدة تناسب هذا العصر، ولا وجود للمذاهب أبدا في هذه الجماعة".
صالح الورداني من مواليد أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة 1952، صدر له أكثر من عشرين كتابا منها: "الحركة الاسلامية في مصر الواقع والتحديات"، "مذكرات معتقل سياسي"، "الشيعة في مصر" الذي عرض من خلاله تاريخ الشيعة في مصر وقارن بين عقائدهم في هذا البلد وبين عقائد السنة، وكذلك كتاب "مصر وايران صراع الأمن والسياسة، اسلام السنة إم اسلام الشيعة" الذي صادره الأزهر بعد صدوره، وموسوعة "آل البيت التي صدرت منها سبعة أجزاء"، و"تثبيت الإمامة"، و"زواج المتعة حلال عند أهل السنة" وصادره الأزهر أيضا واستدعي بسببه للمثول أمام المحكمة، و"الخدعة"، و"رحلتي من السنة إلى الشيعة"، و"دفاع عن الرسول"، و"مدافع الفقهاء"، و"التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف".
hkjr] hglvh[u ,hgHolhs ,hgp,.hj ,hg[li,vdm hgYsghldm