المصحف, الحديث, العشر, الوصول, القرآن, الكريم, تاريخ, طباعة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أولاً :
القرآن الكريم يشهد بصحته وكماله
المسلم المؤمن بقداسة القرآن الكريم، وكونه كلام الله، يؤمن تماماً بأن كل كلمة في القرآن هي كلمة حق من الله .
إذن فما الذي يحدثنا به القرآن:
(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19))
الآيات من 16 إلى 19 من سورة القيامة
وفيما يلى شرح الآيات:
" لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ "
في الترمذي :" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن يحرك به لسانه، يريد ان يحفظه، فأنزل الله تبارك وتعالى:" لا تحرك به لسانك لتعجل به" قال : فكان يحرك به شفتيه ". "وحرك سفيان شفتيه. قال ابو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ولفظ مسلم عن ابن جبير عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، كان يحرك شفتيه، فقال لي ابن عباس : انا احركهما كما كان رسول صلى الله عليه وسلم يحركهما، فقال سعيد: انا احركهما كما كان ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه، فأنزل الله : " لا تحرك به لسانك لتعجل به""
" إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ "
أي جمعه في صدرك ثم تقرؤه.
" فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ "
فاستمع له وانصت. ثم ان علينا ان نقرأه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك اتاه جبريل عليهما السلام استمع، واذا انطلق جبريل عليه السلام قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقره، خرجه البخاري ايضاً. ونظير هذه الآية قوله تعالى:" ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه" [ طه:114] وقد تقدم. وقال عامر الشعبي: انما كان يعجل بذكره اذا نزل عليه من حبه له، وحلاوته في لسانه، فنهي عن ذلك حتى يجتمع لأن بعضه مرتبط ببعض. وقيل : كان عليه السلام اذا نزل عليه الوحي حرك لسانه مع الوحي مخافة ان ينساه، فنزلت" ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " [ طه:114] ونزل: " سنقرئك فلا تنسى" [ الأعلى:6] ونزل: " لا تحرك به لسانك" قاله ابن عباس : ((وقرآنه)) أي وقراءته عليك. والقراءة والقرآن في قول الفراء مصدران. وقال قتادة: ((فاتبع قرآنه)) أي فاتبع شرائعه واحكامه.
" ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ "
أي بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا، فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه. فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو يحيى التيمي حدثنا موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي يلقى منه شدة وكان إذا نزل عليه عرف في تحريكه شفتيه يتلقى أوله ويحرك به شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره فأنزل الله تعالى "لا تحرك به لسانك لتعجل به" وهكذا قال الشعبي والحسن البصري وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد إن هذه الآية نزلت في ذلك وقد روى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس "لا تحرك به لسانك لتعجل به" قال كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه فقال الله تعالى "لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه" أن نجمعه لك "وقرآنه" أن نقرئك فلا تنسى وقال ابن عباس وعطية العوفي "ثم إن علينا بيانه" تبيين حلاله وحرامه وكذا قال قتادة.
والآيات تتحدث صراحة عن أن حفظ القرآن وجمعه ليس من مهام النبي أو أي بشر ، ولكن الله هو من يقوم بحفظ القرآن وجمعه وقرآته وتبيانه للناس.
وعد آخر من الله بحفظ القرآن :
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
الآي 9 من سورة الحجر
قوله تعالى: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ " يعني القرآن. " وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " من أن يزاد فيه أو ينقص منه. قال قتادة وثابت البناني: حفظه الله من أن تزيد فيه الشياطين باطلاً أو تنقص منه حقاً، فتولى سبحانه حفظه فلم يزل محفوظاً، وقال في غيره: " بما استحفظوا " ( المائدة:44)، فوكل حفظه إليهم فبدلوا وغيروا. أنبأنا الشيخ الفقيه الإمام أبو القاسم عبد الله عن أبيه الشيخ الفقيه الإمام المحدث أبي الحسن علي بن خلف بن معزوز الكومي التلمساني قال: قريء على الشيخة العالمة فخر النساء شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري وذلك بمنزلها بدار السلام في آخر جمادي الآخرة من سنة أربع وستين وخمسمائة، قيل لها: أخبركم الشيخ الأجل العامل نقيب النقباء أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قراءة عليه وأنت تسمعين سنة تسعين وأربعمائة، أخبرنا علي بن عبد الله بن إبراهيم حدثنا أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد بن عمر بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المعروفب بالطوماري حدثنا الحسين بن فهم قال: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كان للمأمون - وهو أمير إذ ذاك - مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما تقوض المجلس دعاء المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال نعم. قال له: أسلم حتى أفعل بك وأصنع، ووعده. فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلماً، قال: فتكلم على الفقه فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا بالأمس؟ قال له: بلى. قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنت تراني حسن الخط، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتريت مني، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت ونقصت، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها، فعلمت أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي.
قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال قلت: في أي موضع؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: " بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ " ( المائدة: 44)، فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال عز وجل: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" فحفظه الله عز وجل علينا فلم يضع.
وقيل: (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) أي لمحمد صلى الله عليه وسلم من أن يتقول علينا أو نتقول عليه. أو (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) من أن يكاد أو يقتل. نظيره " وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" ( المائدة: 67). و ( نحن) يجوز أن يكون موضعه رفعاً بالابتداء و ( نزلنا) الخبر. والجملة خبر ( إن). ويجوز أن يكون ( نحن) تأكيداً لاسم ( إن) في موضع نصب، ولا تكون فاصلة لأن الذي بعدها ليس بمعرفة وإنما هو جملة، والجمل تكون نعوتاً للنكرات فحكمها حكم النكرات.
وهكذا أخوة الإسلام، القرآن يخبرنا بأن حفظه وجمعه وقرآنه وتبيانه هو من عند الله، وأن الله عز يحفظ القرآن من أي تشويه أو تحريف، أو زيادة أو نقصان.
وفي ذلك إطمئنان لكل مسلم على أن المصحف الشريف هو قرآن كاملاً تاماً حقاً.
يتبع
** jhvdo hgrvNk hg;vdl > lk hgk.,g Ygn 'fhum hglwpt td hguwv hgp]de **