حفل افتتاح أسطوري لألعاب العمر
بعد سنوات من التحضير والاستعداد, والعمل الدؤوب، تكللت جهود قطر بحفل افتتاح لدورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة فاق الخيال وأذهل العالم، وكان استاد خليفة في العاصمة القطرية الدوحة مسرحاً لهذه الأمسية التاريخية حيث تحوّل إلى لوحة حية امتزجت فيها العروض الرائعة بالموسيقى المصاحبة.
وعلى مدى 15 يوماً، ستبقى أنظار العالم وخصوصاً القارة الصفراء موجهة إلى العاصمة القطرية حيث سيتنافس الرياضيون في 45 لعبة سعياً لرفع علم بلادهم على منصات التتويج.
بداية العرض
رفرفت الأعلام القطرية في كافة أرجاء استاد خليفة في تمام الساعة السابعة، ولم يؤثر تساقط أمطار الخير على بداية العرض حيث شكل أطفال قطر وهم يرتدون ملابسهم التقليدية، بساط عملاق من السدو كإمائة ترحيب بالعالم، الذي يشاهد الافتتاح سواء من المدرجات أي من قلب الحدث أو حول العالم عبر شاشات التلفزيون.
يذكر أن السدو هو الاسم المعطى للحرفة اليدوية في نسج البسط والسجاجيد, وترمز لوحة السدو إلى كرم الضيافة القطرية.
وبعد ذلك، تحولت الموسيقى المصاحبة لتحركات الأطفال إلى موسيقى أكثر حداثة وظهرت مجموعة من الأطفال يرتدون الملابس العصرية مشكلين بساط أخراً ذو ألوان زاهيه, ومستخدمين الدرجات الهوائية والطائرات الورقية, وألعاب أخرى.
ونادى أطفال قطر جميع البلدان والأقاليم الـ45 المشاركة في الدورة، إضافة إلى جميع الشعوب من أقطار العالم للانضمام إليهم في الدوحة ومشاركتهم الاحتفال بانطلاق العاب العمر والتنافس الرياضي من أجل الصداقة والسلام.
وعرضت بعدها على شاشات الملعب مشاهد من الدوحة ومن ثم وجهت عدساتها نحو استاد خليفة حيث وصل الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر في تمام الساعة السابعة وخمس دقائق.
ثم بدأ الجميع يتأهب للبدء الفعلي لفقرات الحفل عن طريق عرض العديد من الساعات الرقمية على هيئة ومضات من شعاع الليزر على أرض الملعب وبدأت بالعد التنازلي من الرقم 10 وحتى الرقم 1 وفي هذا الرقم اتحدت الأرقام العربية مع الإنكليزية.
وأثناء العد التنازلي دخل إلى أرض الاستاد طابور بشري مكون من عدة أفراد يحمل كل منهم مشعلا يضيء بأشعة الليزر في السماء ليرسم علم قطر ثم بعد ذلك أضاء العارضون المشعل مرة أخرى ليشكل في السماء كلمة السلام عليكم، تعبيرا عن ترحيب دولة قطر بالشعوب الآسيوية.
وبعد ذلك دخل إلى أرض الملعب عازفو الأبواق واصطفوا وتبعهم ضباط حاملين علم قطر ورفعوه ثم قام العازفون بعزف نشيد دولة قطر مع تركيز الإضاءة على فتى قطري يرتدي الملابس التقليدية, وقام الفتى بإنشاد الأبيات الثلاثة الأولى ثم تبعه عدد من المغنيين القطريين إضافة إلى مئات الأطفال, وفي هذه الأثناء رسمت الإضاءة في أرض الملعب خارطة دولة قطر.
لوحات رائعة
وتوجهت الأنظار في الملعب إلى أكبر شاشة "led" صنعت بالعالم وبثّت فيلما يعرض شعاعاً من الفضاء ومر بكل الدول الأسيوية حتى يصل إلى قطر، وتحديدا إلى الدوحة القديمة قبل اكتشاف النفط, ويكتشف الجميع أن الفيلم في نهايته يتحدث عن حلم لطفل.
لينتهي الفيلم ونفاجأ جميعا أن نفس الفيلم يتابع على الاستاد ونرى الفتى يحمل في يده إسطرلاب "والإسطرلاب هو جهاز حسابي قديم كان يستخدم في الحسابات الفلكية ومعرفة الزمن"، وتوهج هذا الإسطرلاب في يد الطفل وانطلقت منه أشعة ليزر وانفجرت لتملأ أركان الملعب.
وبعدها دخل الراقصون إلى الملعب وشكلوا لوحة تداخلت فيها صور مياه الخليج وهي تصطدم بالشاطئ وفي المسرح الشرقي ظهر راقصون آخرون بلباس يرمز للصحراء وقاموا ببسط قماش خالقين مشهداً يجسد البيئة الصحراوية ثم اتحد الطرفان ليرمزا إلى لقاء البر والبحر بما يمثلانه من أسلوب حياة لأهل الخليج.
وبعد ظهور البحر، قدّمت عروض ترمز إلى تأثر الشعب القطري بالحياة البحرية, ويدل على ذلك مجموعة من صيادي اللؤلؤ ويقوموا بجمع حبات اللؤلؤ المتوجهة في قاع المحيط.
وتلا ذلك استحضار ثقافة القارة الآسيوية وقام الراقصون بتقديم رقصات منسقة تمثل حضارات وثقافات الشعوب الآسيوية المختلفة والمشاركة في هذا الحدث الرياضي الأهم في تاريخ القارة الصفراء.
وتحولت أرض الملعب إلى خارطة هائلة لقارة آسيا, ثم بعد ذلك دخل حملة قماش من اللونين الأحمر والذهبي في إشارة إلى طريق الحرير وهو طريق اقتصادي كبير يمر بقارة آسيا.
وبعد أن اتضحت معالم طريق الحرير على أرض الملعب، نجد الطفل الصغير الذي دخل إلى أرض الملعب وقد أصبح شاباً كبيراً يبحث في الحضارة الآسيوية ويمر بجولة يتعرف فيها ويعرفنا معه على الشعوب الآسيوية المختلفة وعلى عجائب هذه الشعوب وتراثها وهو على متن سفينة تحمل الحرف "ق".
عودة الباحث
ويتعرض الباحث في الحضارة الآسيوية إلى عاصفة وهو في البحر، فينقله الصقر الذهبي ليضعه على بر الأمان، وقد استخدم صقر عملاق يبلغ طول جناحيه 12 مترا و صمم بشكل يشبه هيكله العظمى، وطار بواسطة نظام تطيير ثلاثي الأبعاد مشغل أوتوماتيكياً.
ويعود الباحث إلى موطنه بعد اشتياق أهله على متن سفينة تم تصميمها وبنائها أمام المتفرجين, ليدخل الشاب السفينة وتبدأ رحلة عودته إلى أرض الوطن, وبالفعل وصل إلى قطر واستقبله أهله استقبال الأبطال، وبدأ الاستعداد بعد ذلك لحفل عرس عظيم لهذا الشاب, ظهرت فيه العديد من التقاليد القطرية الجميلة والعربية والآسيوية في مثل هذه المناسبات.
وبعد ذلك يولد من نسل هذا الباحث طفل جديد يظهر في العصر الذي نعيش فيه الآن ويدل على النهضة التكنولوجية والحضارية والازدهار الذي تعيشه قطر الآن، ومع كل ذلك تم التركيز على آلة الإسطرلاب، التي ظهرت في منتصف أرض الملعب كبطل للعرض، وثم عرض على الشاشة "مدينة المستقبل" بالإنكليزية وانطلقت الألعاب النارية مشكلة لوحات رائعة وسط تصفيق الحاضرين.
دخول اللاعبين
دخل اللاعبون الذين سيتنافسون في مسابقات دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة وساروا ضمن فرقهم بمجموعات جنباً إلى جنب, يتقدمهم الفريق الأفغاني, وتبعتهم الفرق الأخرى وفق تسلسل حسب الحروف الأبجدية الإنكليزية, ولأول مرة في تاريخ الألعاب الآسيوية دخل اللاعبون من منتصف الملعب وليس من جانبه كما سرت العادة.
ووفقاً للتقاليد الأولمبية، كان الفريق القطري آخر الداخلين إلى أرض الملعب, وعلت أصوات الترحيب والتشجيع والتصفيق من المتفرجين وارتفعت أعلام قطر في كل مدرجات استاد خليفة وغلب اللون العنابي على أرجاء الملعب.
وبعد الانتهاء من طابور العرض غنت المغنية الهندية سنيدي تشوهان أغنية الوصول، وظهرت حمامة سلام كبيرة على الشاشة في الملعب ثم دخل حوالي 2000 طفل قطري يحملون حمامات سلام مضيئة وانقسموا إلى مجموعات شكلت كلمتي "سلام" بالعربية والإنكليزية.
الافتتاح الرسمي للدورة
وبعد هذا العرض، ألقى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد دولة قطر ورئيس مجلس إدارة اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة كلمة مقتضبة قال فيها: " إن الدورة لا تهدف فقط إلى وضع معايير جديدة للتفوق الرياضي وترك إرث دائم لشعبنا، بل ستؤدي أيضا إلى تعزيز المكانة العالمية لهذا البلد في مجالات الرياضة والتجارة والتعليم والسياحة".
ثم ألقى الشيخ أحمد الفهد الصباح، رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، كلمة ترحيبية أيضاً على المسرح الشرقي.
ووقف الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر على منصة الشرف معلناً افتتاح دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة، متمنياً للفرق التوفيق وللدورة النجاح، وتلا ذلك عزف نشيد المجلس الأولمبي الآسيوي وحمل علم المجلس الأولمبي إلى الملعب.
وبعد أن رفرف العلم الأولمبي عاليا في استعاد خليفة, تم أداء قسم الرياضيين ممثلين بمبارك عيد بلال نيابة عن جميع الرياضيين وأعقبه قسم الحكم عبد الله البلوشي نيابة عن جميع الحكام.
وصول الشعلة وإيقادها
وبعد رحلة دامت 55 يوماً قطعت خلالها الشعلة أكثر من 500.000 كيلو متر ومرت ب 15 بلداً وإقليما آسيويا وصلت الشعلة إلى استاد خليفة، وسبق ذلك أوبريت أعدّ خصيصاً للمناسبة باسم "إنارة الطريق"، قام بتأديته كل من مغني الأوبرا الإسباني العالمي خوسيه كاريراس، والمطربة اللبنانية الشهيرة ماجدة الرومي.
وحمل الشعلة تباعا في أرض الملعب أبطال قطريون وهم سالم بوشربان بطل البولينغ ومبارك مصطفى نجم كرة القدم، ونجم الراليات والرماية ناصر العطية، والعداء الشهير محمد سليمان ومنصور مفتاح هداف منتخب كرة القدم السابق وطلال منصور أسرع عداء في آسيا سابقا الذي سلمها إلى الفارس محمد بن حمد بن خليفة آل ثاني، فصعد بحصانه بأقصى سرعة على منصة بزاوية انحدار قاسية حتى أعلى المدرج عندما ظهرت أمامه قاعدة عملاقة، فأضاء الشعلة المركزة في وسطها في تمام الساعة العاشرة وثمان دقائق, قبل أن يطلق العنان للألعاب النارية في سماء الملعب.