المرء مدني بطبعه
وكذلك في هذا الحديث من الفوائد أيضاً: أن الإنسان مدني بطبعه، وأن الإنسان الوحيد المنعزل إنسان غير عادي (غير طبيعي) ولذلك (ألْفَى أمَّ إسماعيل وهي تحب الأُنس فنزلوا) وبطبيعة الحال وافقت أن ينزلوا عندها. وفيه كذلك: أن العربية الفصحى كانت من نطق إسماعيل عليه السلام.
أعلى الصفحة
الكنابة في الطلاق
وكذلك في هذا الحديث: أن بعض العلماء استدلوا على أن الإنسان لو قال: غَيَّرتُ عتبةَ بابي أنه إذا قصد الطلاق أنه يقع طلاقاً، لأن هذا اللفظ من ألفاظ الكناية. الطلاق له ألفاظ صريحة، لو قال: أنتِ طالق، فهذا طلاق صريح. ولو قال: أطعمتكِ حنظلاً، هذا كناية، يحتمل الطلاق ويحتمل عدم الطلاق، فالمرجع فيه إلى نية الشخص. لو قال: أطعمتك خبزاً، لا يحتمل الطلاق. ولو قال: احتجبي مني، يحتمل الطلاق. غَيَّرْتُ عتبةَ بابي، بناء على هذا الحديث فهو لفظ يحتمل الطلاق، من الكنايات.
أعلى الصفحة
طاعة الوالدين في الخير والإتيان بالطيب مكان الخبيث
وكذلك: فيه طاعة الوالدين في الخير، عندما قال: (أمرني أن أفارقكِِ، الحقي بأهلك فطلقها) . وكذلك: أن الإنسان عليه أن يستبدل بدل الخبيث بالطيب، ولا يجلس من غير زواج، لأن بعض الناس يطلق زوجته، وفعلاً يكون فيها شر، ثم يجلس عَزَباً بدون زوجة، وهذا خطأ، فإسماعيل عليه السلام طلقها وتزوج أخرى مباشرة، لا يصبر الإنسان بدون زواج خصوصاً في هذا الزمان، وهذا يفضي إلى الفساد. وفي عدد من الحالات بعض الناس طلق زوجته فبقى بغير زوجة، ثم لعب الشيطان بعقله، وبعد ذلك مشى في الحرام وصار لا يريد يتزوج، وهذا الإنسان حكمه في الشريعة الرجم؛ لأنه قد تزوج وأُحْصِن ثم زنا.
أعلى الصفحة
فضل مكة وبر الوالد والاعتناء به والعطف على الولد
وكذلك في هذا الحديث: فضل مكة، وأن من يأكل اللحم والماء فيها لا يصاب بالضرر كما يصاب في غيرها. وفيه: بر الوالد والاعتناء به والعطف على الولد، كما قال في الحديث: (كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد) .
أعلى الصفحة
التعاون على البر والتقوى
وفي هذا الحديث كذلك: التعاون على البر والتقوى، لأن إسماعلي قد أعان إبراهيم على بناء البيت الحرام. وكذلك فيه: مساعدة الأب في العمل، فإن إسماعيل كان يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، ولما شق على إبراهيم البناء أتاه إسماعيل بالمقام (الحجر) قام عليه وصار يبني، فما هو مقام إبراهيم؟ الحجر الذي وقف عليه إبراهيم حتى يعتلي ويبني. كان المقام مُلْصَقاً بالكعبة، والناس يصلون خلف المقام: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً [البقرة:125] في عهد عمر بن الخطاب اشتد الزحام، وكثُر الحجاج والطائفون، فاستخار عمر اللهَ، واستشار الصحابة أن يؤخر الحجر عن مكانه إلى الخلف، حتى يتمكن الطائفون أن يطوفوا والناس يصلون خلف المقام، وفعلاً هذا ما حصل، وأُخِّر الحجر (مقام إبراهيم) وكان ملتصقاً بالكعبة، حينما كان إبراهيم يقف عليه ويبني، أُخِّر إلى الخلف، وصار بعيداً عن جدار الكعبة: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)