امتلاكَ, الشابُ, الفتاةِ, بعواطفها, يستطيعُ, كيفَ
هذا سؤال كان يطرح نفسه عليَّ كثيرا, خصوصا عندما أسمع أو أقرأ أو أقف على قصة مؤلمة لفتاة وضعت نفسها في موقف لا تحسدها عليه أي فتاة, ثم أجد أنها هي من مكنت هذا الشاب من أن يتمتع بها ويأخذ منها ما يريد !
ما هي الأسباب التي جعلت هذه الفتاة تثق في شاب غريب عنها ؟!
وكيف وصلت ثقتها به إلى أن تكلمه كما تكلم الزوجة زوجها ؟!
ثم كيف وصل بها الحال إلى أن تهتك سترها بنفسها وتسلمه صورتها ؟
وتكون الطامة عندما تصل بها الثقة به إلى أن تهديه شرفها بالحرام
أتساءل وأنا أسمع هذه القصص:
أين عقل هذه الفتاة ؟ وكيف تسمح لنفسها بأن تفضح أهلها وتدنس شرفهم وهي تجري خلف الأوهام ووعود الزواج ؟
وكيف استطاع هذا الشاب أن يتلاعب بعواطفها إلى درجة أن استسلمت له طائعة مختارة حتى أنها نسيت الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة؟ ونسيت أن لهذا اللقاء المحرم نتائج من أقلها الحمل سفاحا , وعدم الزواج طول عمرها لأنها لن تجد من يتزوجها وهي ثيب دون أن تتزوج .
وكان الدافع الذي يحثني على كتابة هذا البحث هو أن ما نسمعه من قصص ما هو إلا الجزء الأخير منها , وأن هناك - ولا بد - أسبابا جعلت هذه الفتاة العاقلة تقع في مثل هذا المنزلق الخطير .
وسأحاول في بحثي هذا أن أسلط الضوء على أسباب هذه العلاقات المحرمة وسيكون حديثي عنها في ست نقاط رئيسة :
1- مدخل
2- نظرة الشاب للفتاة ونظرة الفتاة للشاب . فرق ما بين النظرتين
3- أهم المشاكل التي تعاني منها الفتاة : أ- الاكتئاب ب- الكبت ج – الحاجة للاستماع والتعاطف الصادق د- الحاجة للحب هـ – عاطفة الأمومة و- حب لفت النظر
4- طرق الشباب في التلاعب بعواطف الفتيات
5- كيف تتجنب الفتاة الوقوع في العلاقات المحرمة ؟
6- همسة في أذنك يا ولي الأمر .
7- قضايا لها صلة بالموضوع : أ- الرجوع للحق مطلب والتمادي في الباطل خطأ ب- بيدي لا بيد عمرو ج- زهرة في غابة د- الحب المستحيل هـ – كيف أنساه ؟ و- الزواج قسمة ونصيب ولكن !!
8- خاتمة
هذا وأسأل الله أن يحفظ بنات المسلمين من كل شر ، وأسأله سبحانه أن يطهر قلوبنا وأن يجعلها عامرة بحبه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المؤلف
1- مدخل :
علاقة الحب بين الشاب والفتاة في الإسلام تنقسم إلى قسمين رئيسين : حب سوي ، وحب غير سوي . فمن الحب السوي حب الرجل لأمه وأخته وزوجه ، وكذلك الحال بالنسبة للفتاة . أما الحب غير السوي فهو إقامة علاقة حب بين شاب وفتاة لا تحل له أيا كانت هذه الفتاة .
وليس هناك ثمة مشكلة من العلاقة الأولى لأنها علاقة سوية مستقيمة لا خطر منها ، لكن الخطر كل الخطر هو العلاقة الثانية أي علاقة الحب التي بين شاب وفتاة لا تربطهما علاقة تبيح هذا الحب . والشاب في هذه العلاقة أشبه ما يكون بالصياد الذي يراوغ فريسته إلى أن تقع بين يديه . وهذا الدور يلعبه الشاب من خلال الهاتف أو في السوق والشارع والتجمعات المختلطة ، أو من خلال الإنترنت في هذا الوقت .
والملاحظ في معظم هذه العلاقات أن الفتاة فيها كالجارية التي يتمتع بها الرجل - وقد يُمَتِّع بها غيره أيضا تحت التهديد - ثم يتركها ليبحث عن غيرها !
إن من الأشياء التي تجهلها المرأة عن الرجل أنه من تركيبة تختلف عن تركيبتها ، ويتصرف بطريقة تختلف تماما عن طريقتها ، ومن هذه الاختلافات : نظرة الرجل والمرأة لعلاقة الحب هذه !
فالرجل لا يرضى أن يقترن بامرأة " مستعملة " حتى لو كان هو من استعملها ، لأن من وقعت في الحرام معه لن يمنعها شيء من الوقوع في الحرام مع غيره .
ومن الجدير بالذكر أن أقول : إن الفتاة هي الفتاة مهما تغيرت جنسيتها أو أصلها أو بيئتها أو دينها أو درجة التزامها لأننا نتكلم عن شيء يتعلق بنفسيتها وتفكيرها كأنثى بغض النظر عن دينها أو لونها أو عمرها فهي عاطفية لدرجة أنها تستخدم عاطفتها كثيرا في الحكم على الأشياء ، وحساسة وسريعة التأثر بما حولها ، وضعيفة وتحتاج لمن يساندها ويقف بجانبها ؛ ولذلك فهي عندما تحب فإنها تفقد عقلها وتصبح كاللعبة بين يدي الشاب , وقد تعطيه كل ما تملك بدون أن تعي ما الذي تفعله بنفسها وما الذي تجنيه من جراء ذلك !!
وهذه الأمور إيجابية وسلبية في الوقت نفسه، وقد تتغير من فتاة إلى فتاة أخرى , ولكن تبقى هذه السمات غالبة عند النساء ، وهي موجودة بدرجة أقل عند الشباب
وقبل أن نبدأ في الموضوع أقول : الشاب في بحثي هذا هو ذلك الشاب العابث بأعراض الناس ، والذي يسعى لإقامة علاقات حب محرمة مع الفتيات بقصد خبيث أما بقية الشباب فحديثي ليس عنهم .
نظرة الفتاة للشاب ونظرة الشاب للفتاة والفرق بينهما :
عندما يريد الشاب أن يبدأ في علاقة مع الفتاة فإنه يفكر فيها كأداة أو وسيلة لتفريغ شهوته ، أي أنه ينظر لها نظرة جنسية . بينما الفتاة تنظر للشاب على أنه مصدر للحب والعاطفة والقوة .
هي تبحث عن " الحب " وهو يبحث عن " الجنس" !!
هي تفكر بطريقة تغلب عليها العاطفة ، وهو يفكر بطريقة تغلب عليها الواقعية (1).
قد يريد الرجل نوعاً من العاطفة وقد تريد الفتاة شيئاً من الحاجة الجنسية ، وقد يكون الرجل قد أقام هذه العلاقة - فعلا - من أجل الزواج ، ولكن الغالب هو ما ذكرت من أنها علاقة خاطئة , والفتاة فيها هي الخاسر الأكبر
فمن خلال سماعنا لكثير من القصص نجد أن الشاب ما أن ينتهي غرضه من الفتاة ويدنس شرفها حتى يتركها لغيرها بينما تظل هي تحبه وتنتظر وعوده بالزواج وبالحياة العائلية السعيدة
ولا أنسى أن أذكر أن الفتاة الشرقية - سواءً كانت مسلمة أو غير مسلمة - تحب أن تترجم الحب إلى علاقة زواج ، ولا ترضى أن تكون أداة يلهو بها الرجل وتلهو هي به لفترة ثم تتركه ويتركها ، ولهذا فهي تطلب من صديقها الزواج وتلح عليه في ذلك ، وهو لا يريد تحمل أعباء الزواج وتكاليفه ولهذا يكتفي منها بما تعطيه من نفسها ثم يتركها .
وهنا أمران لا بد من ذكرهما :
ليست كل علاقة بين شاب وفتاة تكون على هذا الشكل فيمكن أن تكون هناك علاقة حب بين رجل وامرأة بدون "جنس" ولكن هذا شيء نادر جداً , لأن كثرة اللقاء والاختلاط والخلوة بين الشاب والفتاة يهيج العواطف ويحركها للمنكر وفي دراسة أمريكية تبين أنه حوالي 47% من ضحايا الاغتصاب في أمريكا كن ضحايا لاغتصاب أصدقائهن ! وحوالي عشرين بالمائة كن ضحايا لاغتصاب أقارب وأصدقاء العائلة ، وبعبارة أخرى : سبعين في المائة من الفتيات كن ضحايا للعلاقة " البريئة " (1)!!
وهذا يدلنا على أن الصداقة البريئة بين شاب وفتاة يختلطان ببعضهما وقد يرى أحدهما من الآخر ويسمع ما لا يقدر على أن يصبر عليه شبه مستحيلة
مشاكل الفتيات
أ- الاكتئاب :
وهو حزن شديد ينتاب الفتاة من وقت لآخر ، بسبب أو دون سبب ، تطول مدته وتقصر ، فتحس الفتاة بالحزن الشديد وبالرغبة في البكاء والانطواء ، وربما تحب أن تنفس عن نفسها بأن تكلم صديقتها العزيزة أو أقرب أخواتها لها .
هي لا تدري ما الذي بها ، ولا تدري ما الذي يدعوها لكل هذا الحزن … ولكنها مكتئبة .
هذا الاكتئاب له أوقات قد يزيد فيها بحسب الفتاة وطبيعتها ، مثلا : وقت العادة الشهرية أو قُبيلها ، أثناء الحمل ، بعد الولادة ، ويحصل أيضا عند حدوث - أو توقع حدوث - مشكلة ما .
وهناك فرق بين الاكتئاب المرضي – أو المزمن – وبين الاكتئاب الوقتي الذي يصيب الفتيات ، فالأول لا يزول إلا بالعلاج النفسي عند الطبيب المختص ، بينما النوع الثاني فكما أتى بدون سبب فإنه يزول بدون علاج عند الطبيب ، وتعود الفتاة التي كانت تبكي بكاء مراً وتحس أنها حزينة ومغتمة … إلخ تعود للعب والمرح والضحك بعد ساعة أو ساعتين ، وربما تطول المدة فتكون يوما أو يومين .
تقول الإحصاءات إن المجتمع الطبيعي فيه 15% من المكتئبين ، وثلث هذا العدد من الذكور والباقي من النساء … لماذا !!
إن تكوين الفتاة يختلف عن تكوين الرجل ، فهي عاطفية جداً ومشاعرها جياشة ومتقلبة ، فهي كثيرا ما تثور بسرعة وترضى بسرعة ، وعلاقاتها الاجتماعية أكفأ من الرجل وأقوى ، ومن ذلك أنها تتشرب هموم صديقاتها ومشاكلهن وتشاركهن الحزن والفرح . والفتاة لا ترى بأساً في إظهار ضعفها على شكل بكاء أو حزن شديد ، ثم إنها كثيرا ما تفتقر لوجود متنفسٍ لها حتى يذهب ما بها من الهم .
قارن هذا بالشاب الذي تعود منذ أن كان صغيراً على عبارات مثل : " أنت رجل عيب تصيح ! " ، وإذا ما ظهر من الولد أي مظهر من مظاهر الضعف - كالبكاء مثلا - قيل له " البكاء للبنات ! " .
لهذا السبب فإننا نجد أن الرجل لا يحب أن يظهر بمظهر الضعف وانعدام الثقة بالنفس أبداً لأنه تربى تربية جافة تجعل من إبداء المشاعر السلبية مظهرا من مظاهر التشبه بالفتيات .
والرجل يستطيع أن يضبط مشاعره الإيجابية والسلبية أكثر مما تفعله الفتاة ، وتأثره بما حوله أقل . ثم إنه "حر" لأنه رجل يستطيع أن يفعل ما يشاء ، وأن يخرج متى ما شاء ، ويكلم من يشاء ، وليس عليه - عند كثير من العائلات - أية قيود (1).
ب- الكبت :
الكبت هو شعور الفتاة بعدم القدرة على التعبير عما يدور بداخلها أو التنفيس عن نفسها ، أي أنها تحس أنها غير قادرة على أن يكون ظاهرها مثل باطنها ، أو الشعور بأنها غير قادرة على أن تحصل على ما تشاء سواء أكان هذا الشيء ماديا أم معنويا
وهو شعور ينتابها إذا أحست بأنها مُضيق عليها من قبل أهلها أو مجتمعها أو دينها .
وهذا الشعور قد لا يحس به الرجل لأنه - كما ذكرت - لا يفرض عليه المجتمع قيودا كالتي يفرضها على الفتاة .
والكبت له أنواع :
1- كبت مطلوب ( إيجابي ) .
2- كبت مرفوض ( سلبي ) .
3- كبت يخضع للنقاش وقد يكون صحيحاً أو خاطئاً بحسب نظرة الأهل والمجتمع .
فمن الكبت المطلوب : أن يرفض الأهل الطلبات التي تؤدي لضياع ابنتهم , أو التي تضعها في مواقع الشبهات ، أو توقعها في المحرمات … كمنعها من الخروج مع السائق لوحدها ، أو منعها من زيارة صديقة سمعتها سيئة ، أو منعها من لبس ملابس تخالف الستر الذي يأمر به الدين ويحافظ عليه المجتمع ، أو منعها من التسكع في الأسواق مع الصديقات ، أو الخروج في أوقات متأخرة … الخ
ومن الكبت المطلوب الذي يمارسه المجتمع على الفتاة : منع الفتاة من بعض الخصائص التي يعطيها للرجل ، فالمجتمع مثلا لا يسمح للفتاة أن تعيش بمفردها في بيت أو شقة بينما هذا مسموح للشاب ، والمجتمع يسمح للولد أن يلعب في الشارع ، وأن يلبس ما يُـحَرِّمه هذا المجتمع على الفتاة وغير ذلك من الأمور التي يمارسها المجتمع انطلاقا من الدين أو الأعراف والتقاليد السليمة .
أما الكبت الخاطئ فهو أن تمنع الفتاة من أشياء ضرورية تجعلها تحس بانعدام الثقة والأمان والإحساس بالظلم وأنها تُعامَل كجماد ليس له مشاعر وأحاسيس ، وهذا بالطبع يحطم شخصيتها ويجعلها كالجماد في البيت ، ويجعلها تكره نفسها ومن حولها . فمثلا بعض الأسر تمنع الفتاة من الخروج من البيت إلا للمدرسة فقط ! فلا يسمح لها بزيارة الأهل والأقارب إلا نادرا ، ولا يسمحون لها بالخروج للنزهة ولا حتى للأماكن المحترمة أو التي ليس فيها اختلاط مع الرجال ، وقد تمنع الفتاة أيضا من التحدث مع صديقاتها بالهاتف حتى لو كانت محتاجة لذلك !
أما الكبت الذي تشعر به الفتاة ويكون السبب محلاً للنقاش فهو كمن يمنع ابنته من حضور زواج صديقتها بحجة أن الأعراس فيها مفسدة وفيها رؤية لبنات ممسوخات عن فطرتهن ، أو كمن تمنع ابنتها من بعض المباحات كوضع مساحيق التجميل لأنها ما زالت بنتا وهذه المساحيق للمتزوجات فقط ، أو كمن يمنع ابنته من " الجوال " بحجة أنه لا داعي له للفتاة .
وهذه الأمور وغيرها قد تشعر الفتاة بعد منعها منها بأنها مضيق عليها وأنها مكبوتة وأنها مظلومة وأنها ضحية لقسوة والديها ولقسوة المجتمع ، وقد ينتج عن ذلك كره الفتاة للأهل ورغبتها في التخلص منهم باي وسيلة ، بل قد لا نكون مبالغين إن قلنا أن الفتاة قد تفكر في الانتقام من أهلها بسبب هذا الكبت الذي يمارس عليها وكأن أهلها يتصورون أنها جسد لا روح فيه
ولذلك لا يستبعد أن تكون أكثر نوبات الاكتئاب التي تحدثنا عنها بسبب الشعور بالكبت !
ج- الحاجة للاستماع والتعاطف الصادق :
من المعروف لدى أي مهتم بعلم نفس الإنسان أننا معرضون في حياتنا اليومية لكثير من الانفعالات التي تؤثر علينا إيجابياً ( لقاء الأحبة , سماع الإطراء من الآخرين , الزواج , الرزق بمولود . الخ ) ، وكذلك نتعرض للانفعالات السلبية ( موت قريب ، فشل في دراسة ، غضب من صديق ، إهانة ، إحراج من شخص معين الخ ) ، هذه الانفعالات منها ما هو يسير ومآله للزوال في ساعة أو ساعتين , ومنها ما هو صعب الزوال ويحتاج لوقت طويل حتى يزول .
ونحن عندما نتعرض لانفعال سلبي معين ونحس بالحزن والكآبة فإننا نحب أن ننفس عن أنفسنا بأي طريقة كانت ، ولو لم نفعل ذلك فإنه سيأتي اليوم الذي نعجز فيه عن تحمل المزيد من الهموم ، فتخرج هذه الهموم عن كونها هموما وأحزانا عادية إلى أن تكون اكتئابا مزمنا يحتاج لطبيب حتى يعالجه وحتى أدخل في صلب الموضوع الذي أتكلم عنه أقول :
عندما تشعر الفتاة بالحزن والاكتئاب فإنها بحاجة لشخص قريب من نفسها تحدثه بما فيها ، وتبث له شكواها ، تحدثه عن أحزانها وهمومها ، وهي لا تريد منه " الحل " لمشكلتها ، ولا أن يخبرها برأيه وأن ينصحها بشيء معين - خصوصا وأن كثيرا من مشاكلنا لا حل لها عند من نشتكي لهم - بقدر ما تحتاج منه لأمرين :
1- الاستماع والإنصات الجيد .
2- التعاطف والمشاركة الوجدانية .
والفتاة عندما تشتكي فلا يعني هذا دائماً أنها فعلاً تحس بمشكلة ، فإنه قد يوجد من الفتيات من تحب أن تبدو ضعيفة ومسكينة ومعذبة ، وتحس بأنها بحاجة للعطف وتحتاج لمن يقول لها : أنتِ مسكينة , أنتِ مظلومة . الخ ، وهي بهذا تشعر بالراحة لأنها شعرت بأن محدثها يشاركها ويتعاطف معها ويحبها !
وقد تكون الفتاة حزينة فعلا وهناك سبب قوي يؤثر سلبا على نفسيتها ، ولكن هذا لا يغير شيئاً في مطلب الفتاة ممن يستمع إليها ، فهي وإن كانت شبه متأكدة من أن الحل ليس بيد الشخص الذي تحدثه ، ولكنها تريد منه أن يظهر التعاطف الصادق معها وأن يشاركها في همها وحزنها .
ولا أعني بهذا أن الفتاة لا تريد حلا لمشاكلها ، بل أقصد أن الفتاة لا تطلب الحل ابتداء ، وأنها تريد ممن يستمع إليها أن يستمع إليها ويمكنها من الكلام حتى يذهب ما بنفسها من الحزن وبعد ذلك تكون الفتاة متقبلة للحل الذي يعطيها إياه من تتكلم معه .
ونستطيع أن نقول إن الفتاة في مجتمعنا عندها مشكلة حقيقية في إيجاد شخص يتعاطف معها ويكون قريبا منها ، يتشرب المشاكل والهموم ، ويستمع للشكوى ويظهر التعاطف والحب الصادق ، خصوصاً عندما تكون الفتاة محاطة بأب بعيد عنها وبينها وبينه علاقة رسمية تمنعها من الشكوى له ؛ وأم لاهية عابثة بعيدة عنها تتعامل الفتاة معها بعلاقة رسمية بحيث لا تستطيع الفتاة أن تجعل منها صديقة لها ، وبعيدة عنها بحيث أن الأم لا تنزل للمستوى العمري المناسب لابنتها ولا تتفهم حاجتها في هذا السن (1)!
ومن الملاحظ لدى كثير ممن لهم احتكاك حديث بالنساء أنهم يقولون : ألا توجد امرأة متفائلة ؟! ألا توجد امرأة ليس عندها مشاكل ؟! هل يعقل أن كل امرأة أتحدث معها تبدأ في الشكوى ؟!
والجواب : الحاجة للتعاطف وللاستماع هما السبب الأول لأن الفتاة في كثير من الحالات لا تجد من يستمع إليها في البيت ، فتجد في الشكوى للشباب فرصة للتنفيس عن نفسها خصوصا وأن الشاب المعاكس سيسمع ما تقوله وسيظهر تعاطفه معها نظرا لأن هذا سيجعلها تثق به وتحبه ومن ثم تتعلق به .
والسبب الثاني أن الرجل يحكم على المرأة بمنظاره وبمقاييسه على الأمور ، والرجل يرى أن الشكوى مزعجة جدا لأنها نوع من أنواع الضعف الذي لا يرضى أن يضع نفسه فيه .
وغالباً أننا - رجالاً ونساءً - نشتكي لمن نميل إليهم في بعض المرات ، ولكننا لا نفتح قلوبنا على مصراعيها إلا لمن نثق بهم ، فإن لم تجد الفتاة من تثق به في البيت فربما تكون الشكوى للغرباء هي البديل
د - الحاجة للحب :
الفتاة الطبيعية عبارة عن كتلة متحركة من العواطف التي تتأجج في كثير من الأحيان وتسكن في أحيان أخرى ، ومن هذه العواطف عاطفة الحب . والحب الذي أقصده ليس حب الفتاة لوالدها أو والدتها أو لأخيها أو غيرهم من الأشخاص والأشياء ، بل هو الحب بمعنى الميل العاطفي والذي يكون للزوج - بالحلال - أو العشيق - بالحرام - .
وهذه الحاجة موجودة أيضا عند الرجال ، ولكن الفرق بين الرجال والنساء أن الرجل يتحكم في عواطفه ويتغلب عليها في كثير من الأحيان - كما ذكرنا سابقا - ، بينما تعجز المرأة عن هذا في كثير من المرات .
والفرق الآخر أن الرجل يستطيع أن يشبع هذه الحاجة بالزواج ممن يحب وليس عليه حرج في ذلك ، بينما تبقى المرأة تتعذب وتتألم في انتظار ذلك الخاطب الذي يأتي ليطرق الباب ، وإن ابتلاها الله بالحب فإنها لن تستطيع أن تتقدم لخطبة من تحبه ولا أن تصرح بذلك لأحد، ولو قيل عنها إنها تحب رجلا فستعامل على أنها فتاة منحرفة حتى ولو كانت ليست كذلك .
فإذا علمنا أن عاطفة الحب عند الفتاة ليس لها مجال للتفريغ المؤقت (1) ، وإذا أضفنا إلى هذا أن الفتاة ربما تكون تجد معاملة سيئة من أهلها (2) فإننا سنفترض أن هذه العاطفة ستنحرف بالتأكيد .
ومن الملاحظ أن هذه العاطفة هي الوتر الذي يعزف عليه كثير من عُـبَّاد الجنس والشهوة من الفنانين والفنانات ، فيخرجون الأفلام التي تحكي قصة عاطفية عن شاب أحب فتاة ، ثم لم يستطع هذا الشاب الوصول لحبيبته لسبب أو لآخر ، وتمضي أحداث الفلم التي تحكي كيفية تخطي الصعاب في سبيل التوصل للحبيبة ، وفي آخر الفلم يلتقي الحبيبان لقاء رومانسيا ويتزوج العشيق من عشيقته.
وهذه المشاهد ترغب الفتاة بالتجربة بعد أن صوروا لها الحبيب في أجمل منظر ، ثم أنهوا القصة بالزواج الذي تحلم به أي فتاة . ولهذا تعيش الفتاة في أحلام وردية ، وتنتظر بطل الفلم الذي سيراها ويعجب بها ثم تعيش معه قصة حب تختمها بالزواج , وغالباً ما يأتيها هذا الفارس ويحملها على الفرس الأبيض ويطير بها في السماء , ثم إذا قضى حاجته منها رماها من فوق الحصان ليستبدلها بأخرى !
لا أقول إن هذا يحصل " دائماً " ولكنه يحصل غالباً .
أما الانحراف الثاني بسبب عدم تفريغ هذه العاطفة التفريغ الصحيح فهو أن تميل الفتاة لفتاة مثلها ميلا عاطفيا غير مقبول . وهذا الحب اصطلح على تسميته بـ " الإعجاب " .
وفي هذه العلاقة تكون المعجبة تتعامل مع من أعجبت بها وكأنها تتعامل مع زوجها ، ولا يعني هذا أن كل علاقة إعجاب فهي علاقة تدخل في الشذوذ ، لأن الإعجاب عند الفتيات قد ينتهي بمجرد تبادل الهدايا ، والخجل الشديد عند رؤية من أعجبت الفتاة بها ، والغيرة عليها من الأخريات وربما يتطور هذا الإعجاب لدرجة تدخل في الشذوذ الجنسي خصوصا إن كان الرادع – الرقابة الذاتية أو الرقابة الخارجية – غائبا !
وهناك كتاب للداعية نوال بنت عبد الله اسمه ( فتياتنا والإعجاب ) ، يتكلم عن ظاهرة الإعجاب فحبذا الرجوع إليه .
هـ عاطفة الأمومة :
عاطفة الأمومة من العواطف التي تؤثر كثيرا على الفتيات ، وهي عاطفة أودعها الله في الأنثى ، وهذه العاطفة تبدو واضحة جدا في عمر مبكر من حياة الفتاة فنجد أنها تحب أن تقتني العرائس وتعاملها وكأنها تتعامل مع ابنتها ، وتفرغ فيها عاطفة الأمومة التي أودعها الله فيها .
وعندما تكبر الفتاة فإنها تتغير نفسياً وجسمياً ، ويتطور حبها للعرائس إلى حب لأطفال حقيقيين يملئون عليها حياتها وتستطيع أن تغرقهم بعاطفتها المكتومة والتي تكاد - بفعل الزمن وتأخر فارس الأحلام - أن تنفجر
وحتى تعلم مقدار هذه العاطفة وكيف تتناسى الفتاة كل شيء في سبيل توفيرها لنفسها ، فكر بمقدار الألم الذي قد يصل إلى الموت عند الولادة وكيف تنساه الفتاة في مقابل أن تسمع كلمة " ماما " ، ثم انظر إليها وقد خرج هذا الطفل منها وقد هدَّ جسمها ولاقت من العناء والألم ما قد لا يتحمله الرجال ، ثم لا تكتفي به وحده بل تحب أن تأتي بغيره أيضا . وبعد الولادة تبقى الأم تغرق طفلها بحبها وعطفها حتى يجعلها هذا الحب تستعذب ما يتأفف منه زوجها ويكرهه .
واليوم يعاني مجتمعنا من ارتفاع شديد في نسبة العنوسة ، وتأخر سن الزواج بالنسبة للشباب والفتيات ، وأصبح الزواج يكلف الشاب ما لا يستطيع أن يوفره إلا بجهد ومشقة . هذا بالإضافة إلى كثير من التعقيدات الاجتماعية الأخرى … فأصبحت معوقات الزواج كثيرة جدا لدرجة أن كثيرا من الفتيات قد يصل بها العمر إلى منتصف العشرينات وهي لم تتزوج بعد ، وبعضهن تستمر معاناتها لسن أكبر من هذا السن .
إذا تخيلنا هذا فإننا سنعلم أن هذه العاطفة تؤرق الكثير من الفتيات ، وأن علاقات الحب المحرمة قد يكون من أهم أسبابها أنها - في نظر الفتاة - سبيل للحصول على الأطفال .
و - حب لفت النظر :
هذه الصفة موجودة عند الفتيات الصغيرات والكبيرات ، فالفتاة منذ صغرها وهي تحرص على شكلها ومظهرها أكثر بكثير جداً من الولد ، ونجد أنها منذ أن تفهم وتعي ما يدور حولها تحب أن تتزين وتبدو في أجمل هيئة ، وهذا لا ينطبق على الولد في كثير من الأحيان .
أما السبب في هذا – وهذا السبب كذلك في غيره من الفروقات بين الرجل والمرأة – فيقال :
الله عز وجل خلق آدم من تراب ، وخلق حواء من آدم ولهذا فالرجل مرتبط بالأرض ، والمرأة مرتبطة بالرجل ، وهذا بالتالي يعني أن الرجل مرتبط بما لا روح فيه فيغلب عليه الجفاف العاطفي ، بينما المرأة مرتبطة بما له روح فتغلب عليها العاطفة وهذا أيضا هو سبب الفرق بين طريقة إثبات التفوق عند الرجل والمرأة ، فالرجل يثبت ذاته ويدلل على تفوقه بالعمل ، بينما المرأة تثبت ذاتها بعلاقاتها الاجتماعية مع الآخرين
ولهذا فإننا نجد أن الفتاة في التعليم المختلط مثلا تحرص على لفت الأنظار بجمالها وأناقتها ، بينما يحاول الشاب لفت الأنظار إليه بتفوقه على أقرانه .
وهذه الصفة في الفتاة قد تجعلها تلبس ما يغري الشباب بمعاكستها : كالنقاب الذي يبدي معظم الوجه ، والعدسات الملونة ، والعباءة الضيقة وغير هذا مما يكون سببا في لفت الأنظار إليها .
وهذا مما حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم حين منع من تطيبت من أن تأتي للصلاة في المسجد ، وحين حكم على من تعطرت " ليجد الناس ريحها " بأنها زانية .
إن حب لفت النظر لا تعني به الفتاة لفت نظر الشباب فقط ، بل لفت نظر الشباب والفتيات أيضاً لأن حب التزين والتجمل صفة تحبها الفتاة وتكون فيها حتى وهي في مجمع من النساء ( كالأعراس مثلا ) ، وقد يكون الإطراء أو النظر إلى زينتها وهيئتها بإعجاب فيه ما يكفيها من السعادة والرضا . ولذلك فإنه لا يشترط أن تكون الفتاة تنتظر نظرة إعجاب - بمعناها السيئ - بل قد تكون حريصة على نظرة إعجاب بريئة أيضاً !!
كيف يستطيع الشاب التلاعب بعواطف الفتاة
وما هي الطرق التي يستخدمها في ذلك
بعد أن ذكرنا أهم المشكلات التي تعاني منها الفتاة في مجتمعاتنا فإنه جاء الوقت الذي نجيب فيه عن السؤال المطروح في بداية الموضوع : كيف يستطيع الشاب التلاعب بعواطف الفتاة وما هي الطرق التي يستخدمها في ذلك
يستطيع الشاب ذلك باستغلال مشكلة من المشاكل السابقة بذكاء وخبث أو بدون أن يقصد – أي بشكل عفوي – . فنجد أن المعاكس يلعب دورا من عدة أدوار : فتارة هو الطبيب النفسي المعالج والفتاة هي المريضة التي تجد في الشكوى إليه راحة تنقذها من الكبت الذي تحس به . وتارة هو الناصح الأمين الذي يرعاها ويبحث عن مصلحتها ولا يريد منها ولا لها إلا الخير . وتارة هو العاشق الولهان الذي وقع في حب تلك الفتاة بعد أن سمع صوتها أو نظر إليها في مكان ما أو قرأ لها مقالا يدل على ثقافتها ووعيها . وتارة هو شاب يبحث عن الاستقرار ويريد أن يتزوجها ويجمعها به بيت واحد إلى آخر هذه المداخل التي يدخل بها الشاب على الفتاة .
وقد يوجد من الشباب من هو محبوب بطبيعته وبدون خطط وبدون تكلف ، وهذا النوع من الناس يحبه كل من يختلط به سواءً أكان رجلاً أم امرأة والشاب الذي يتمتع بهذه الصفة قد يستغلها استغلالاً سيئًا في اصطياد الفتيات اللاتي يحببنه أو يملن إليه .
ويوجد من الشباب من يأسر الفتاة بسبب خطأ في مفهوم الحب والزواج عندها ، فبعض الفتيات تأسرها الأموال فتحب من تبدو عليه أمارات الغنى ، لأن المال مجلبة للسعادة . وبعضهن يقعن في حب الوسيم من الشباب ويكون همها هو أن ترتبط بمن يكون الجمال صفة فيه . وبعضهن يقعن في حب قوي الشخصية ، وبعضهن بصاحب المنصب الرفيع ، وبعضهن بالمثقف . وهكذا !
ويوجد من الشباب من هو ساذج لا يعرف كيف يتعامل مع الفتيات ولا يعرف من أي مدخل يدخل إليهن ولا يعرف أن دون عرضها أبوابًا موصدة لن تفتحها إلا لمن كانت له همة - في الباطل والعياذ بالله - .
وكما يقال ( بالمثال يتضح المقال ) وهذه بعض الأمثلة المختصرة ، ويمكنك أخي القارئ أن تقيس عليها وتضع عليها مثلها من الأمثلة :
1- هي : أنا مهمومة ، وعندي مشاكل مع أهلي أحس أن الناس ضدي أحس أن ما لي قيمة في الدنيا أهلي دائما يعاملونني كالخادمة … الخ
هو : هذا غير معقول كيف واحدة مثلك يفعلون بها كذا احكي لي ما الذي حصل ؟
هي : اليوم حدث كذا وكذا ، وبالأمس حدث كذا ، أمي قالت لي كذا ، أبي منعني من كذا . الخ .
وتستمر هذه المحادثة بين هذه الفتاة وهذا الشاب على هذا المنوال :
هي : عندها اكتئاب أو حزن وتريد من يسمعها وأهلها غافلون عنها ولا يمكنونها من الشكوى لأي منهم .
هو : عنده صبر ويعرف أنها تشتكي له وتريد من يسمعها و " يتعاطف " معها ومهمة المعاكس هنا أن يعطيها ما تريد حتى تصبح لا تستغني عنه لأنها تجد راحتها معه ، ثم بعد ذلك ومع مرور الوقت يحصل منها على ما يريد .
2- هو : أنا اليوم حزين جدا ، هل تعرفين لماذا
هي : لماذا ؟
هو : بالأمس لم أستطع أن أتحدث معكِ ، وقد كنت أظن أني سأصبر ، ولكني ما استطعت واسودت الدنيا في وجهي … الخ
هنا يحاول الشاب أن يبين للفتاة أنه تعلق بها وأنه يحبها وأنه يتعذب بسبب حبه لها ، وبهذا يستغل نقطة ضعف عندها وهي حاجتها لمن يحبها ويشعرها بأن لها قيمة عنده وأن هناك من يهتم بها ويحبها وهي ستحس بحبه لها عن طريق مثل هذا الكلام المعسول أو الأفعال التي نحبها كالهدية أو كإرسال بعض البطاقات لها في مناسبة معينة أو بدون مناسبة .
ومع الأسف فإنه كلما زاد الأهل في المعاملة الجافة للبنت وحرموها من كلمات ولمسات الحب والعطف ، كلما كان تأثرها بكلمات الشباب أعمق وأعظم وأخطر .
3- " هي " تسمع منه أنه مسكين ومهموم ، وأن حظه في الدنيا سيئ ، وأن المشاكل تحيط به من كل جانب ، وأنه يعيش في دوامة من المشاكل التي لا يكاد يخرج من أحدها إلا ويقع في الأخرى
" هي " مفطورة على التفاعل بكل مشاعرها مع المهموم ، ومفطورة على مشاركة الآخرين مشاكلهم وأحزانهم . وكلامه لها أيقظ عندها هذا الشعور
وهنا يستغل الشاب صفة " العاطفة الزائدة " عند الفتاة لأنه يعلم أنها ستتعاطف معه وأنها غالبا ما ستصدقه ، وربما مع الوقت ستحبه وتتعلق به .
4- " هو " يعلم أن حلم كل فتاة أن تظفر بزوج يكون أباً لأطفالها في المستقبل ، ويعلم أن عاطفة الأمومة تتأجج في صدر كل فتاة سوية ، ولهذا يعدها ويمنيها بالزواج وبالأطفال .
" هي " تعرف أن طريق الحلال لا بد أن يكون مباحاً ، وأن الزوج الصادق يطرق باب البيت ويخطبها من أبيها ، وتعلم أن الزوج لا يدخل البيت من النافذة !!
ولكن الوعود تلو الوعود ، وتعلق القلب بهذا الشاب ، وتحكيم العاطفة وإقصاء العقل تذهب هذا الخوف وتفتح الطريق للشاب ، وتفتح الأبواب الموصدة بابا تلو الآخر حتى يصل إلى ما يريده منها .
كيف تتجنب الفتاة الوقوع في شباك الصياد
هناك طرق كثيرة جدا يستخدمها الشباب للإيقاع بالفتيات غير التي ذكرتها سابقا ، ولو كانت الفتاة تحكم عقلها في مثل هذه العلاقات لما استطاع الشباب أن يوقعوا بها ، ولكن لأن الفتاة لا تحكم عقلها في هذه المسائل نجد أنها تكون ضحية لهذه العلاقات .
فليست المشكلة في أن الفتاة " لا تفهم " أو " لا تعرف " أو " لا تدري " ، كلا فهذا غير صحيح لأنها تعرف وتفهم أن الشاب المعاكس لا يريد إلا أن تعطيه نفسها ليلعب بها فترة من الوقت ثم يتركها لغيرها ، وهي تعرف أن الشاب الذي تتعامل معه وكأنه زوج المستقبل لن يتزوجها وهي مستعملة من قبله هو فكيف بغيره ؟! وتدري أن الطريق الذي تمشي فيه مآله إلى الفضيحة والحمل سفاحا والعنوسة إلى غير ذلك من العقوبات الدنيوية قبل ما لها في الآخرة . وهي تسمع – مثلما نسمع – عن غيرها من الفتيات ممن كن ضحية تلك العلاقات المشبوهة
نعم ، ليست المشكلة في عدم الفهم أو الجهل ، ولكن المشكلة في تحكيم العاطفة واقصاء العقل في الحكم على هذه العلاقة مع المعاكسين .
والمشكلة الثانية التي أعتقد أنها تعقب " تحكيم العاطفة " أستطيع أن أسميها مشكلة : " حبيبي غير الباقين " .
وسأتكلم عن هذه المشكلتين بالتفصيل لاحقا إن شاء الله .
على الفتاة أن تعلم أن النجاة من هذه الذئاب البشرية سهل جداً على من أرادت النجاة وسلكت سبيلها ، وأن النجاة صعبة جداً على من لم تسلك سبيل النجاة وأوقعت نفسها بنفسها في طريق الغواية .
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة لهذا الموضوع ، حيث يروي لنا النعمان بن بشير رضي الله عنه هذا الحديث :
" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن ، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس . فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه . ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه . ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " رواه مسلم
فالفتاة التي ترتع حول الحمى توشك أن تقع في الحرام والعياذ بالله لأنها لم تفهم طريقة الإسلام في التعامل مع المنكرات !
إن الله عز وجل إذا حرم شيئا حرم ما قد يوقعنا فيه، فما أدى للحرام فهو حرام كما أن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب . وأكثر الناس يستصعب فعل المعصية نفسها من أول مرة ولكنه يستسهل فعل مقدماتها ، ثم يجد نفسه وقد استحل فعلها بعد فترة من الوقت .
فأي فتاة تعيش في مجتمعنا المحافظ سترى أن الزنا - مثلا - صعب جدا ، وأن فيه فضيحة لها ولأهلها وفيه احتمال لانكشاف أمرها ولكن النظر إلى ما حرمه الله كالصور والأفلام ، وسماع الأغاني الماجنة ، ومصاحبة صديقات السوء ، والمكالمات المحرمة مع الشباب ، وغشيان الأسواق وتجمعات الشباب بدون حاجة - وأسوأ منه أن يكون بغرض فتنة الشباب - ، وعدم الالتزام بالحجاب الشرعي … وغير هذا من المقدمات قد تفعله الكثيرات دون أن تحس إحداهن أنها تسير في طريق آخرها معصية عظيمة لله عز وجل .
يجب أن تعلم الفتاة أن شرفها هو شرف عائلتها ، وأنها عندما تستهتر فيه حتى يضيع منها بسبب شاب لاه عابث يدنس شرفها في لذة ربع ساعة أو نصف ساعة ثم يرميها ليبحث عن غيرها أنها بهذا قد جنت جناية عظيمة على نفسها وعلى أبويها وإخوانها !
مَنْ مِنَ الرجال يقبل أن يتزوج بفتاة لم تحافظ على بكارتها ؟!
مَنْ مِنَ الرجال سيقترن بامرأة تمرغت في أوحال المعصية وهل تراه يغفر لها إن علم أنها قد عاشرت قبله عدداً من الرجال أو حتى رجلاً واحداً ؟!
أي فضيحة وعار ستكون هذه الفتاة سببا فيه عندما يقال ( هذا أخ تلك الزانية / هذا والد تلك التي قبض عليها وهي مع شاب غريب / هذا بيت فلانة التي أرسل الشاب المعاكس شريطاً صوتياً لأبيها فيه مكالمة طويلة معه لأنها لم ترض أن تخرج معه ) !
على الفتاة أن تعرف أن الهاتف أو أي وسيلة اتصال أخرى بالشباب(1) لا تبين حقيقة معدن الشاب أبداً ، فالشاب المعاكس سيبين لها أفضل وأجمل ما عنده ، وربما يتكلف في الكلام معها لأنه صاحب حاجة ، وسينتظرها حتى تقع في حبه ومن ثم يتصرف بها كما يشاء فعلى الفتاة ألا تكون صيدًا سهلاً !
وعلى الفتاة أن تعلم أن الذي يريد الاقتران بها لن يدخل بيتها من النافذة فإن هذه الطريقة الملتوية هي طريقة اللصوص ، أما الذي يريد الزواج والاقتران بها بالحلال فإنه يطرق الباب ويتقدم هو وأهله لخطبتها من أبيها فهلا أدركت هذا ؟
إن كنت على علاقة مع أحد الشباب وقد وعدك بالزواج فقولي له : تعال لبيتي وتزوجني بالحلال , فإن رفض وتحجج بأي حجة فقولي له – وقولي لنفسك - : لماذا إذن هذه العلاقة ؟ ولماذا أتكلم معك وتتكلم معي كلام الأزواج ؟ ولماذا أربط نفسي بك وأنت لا تستطيع أن تتزوجني ؟ هل تراك تريد أن نبقى حبيبين فقط !! وماذا عن الأولاد الذين أريد أن أحصل عليهم ؟ وماذا عن الوعود التي تحدثني عنها ليلاً ونهاراً ومتى ستتحقق ؟! وهل أنا لك كالجارية التي تستخدمها لفترة من الوقت ثم تبيعها لغيرك
عندما تصر الفتاة على الشاب وتكلمه بهذه الطريقة فهو غالباً سيتأفف منها ويتهمها أنها أصبحت لا تحبه وأنها لم تعد تلك الفتاة التي تعرف عليها في بداية علاقتهما وأنها أصبحت تشك في حبها له ، وهو في الحقيقة لا يريد أن يتزوجها لأنه من المفترض أن يفرح بعرضها له إن كان فعلاً يحبها ، فمن المعروف لدى أي عاقل أن المحبين ليس لهم إلا حلان : إما الوصال وإما القطيعة ! إما الزواج وإما الهجر !
أما من يقول : نبقى حبيباً وحبيبة ، فهذا كلام لا أصل له ولا يمكن أن يقع إلا نادراً ، وما خلا شاب وشابة إلا والشيطان ثالثهما ، واليوم كلمة وغداً مثلها وبعدها ستزيد هذه العلاقة وتتوثق و نجد أننا سنعود لما ذكرناه سابقاً : إما الوصال بالحلال أو الحرام وإما الابتعاد عن المحبوب !
أختي الكريمة :
إن كان الحل هو الوصال بالحلال أو القطيعة فهذا خير ، أما إن كان الحل هو الوصال بالحرام أو القطيعة بعد ذهاب عفتك وشرفك فأنتِ الخاسرة في الدنيا قبل الآخرة !
إن دون عرضك أبوابا موصدة ، فلا تفتحي الباب لأي شخص غير زوجك ، ولا تسلمي المفتاح إلا لمن يُقَدِّر ثمن عرضك وشرفك ، وأتعجب - ويحق لي ذلك - من صاحب بيت يعطي اللص مفتاح بيته ومفتاح خزانة أمواله ويقول له افعل فيهما ما تشاء !
اعلمي أن الله فضل الرجل على المرأة وجعل القوامة له في البيت بسبب اختلاف تفكيره عن تفكيركِ ، فالرجل يفكر بعقله أكثر منكِ ويحكم عقله في أموره أكثر مما تفعلين ليس الكلام هنا عن أن الرجل أذكى من المرأة لأن الذكاء أمر نسبي وهو موزع بين الرجال والنساء ، إنما كلامي هو عن طريقة التعامل مع الأمور التي تقابل كلا من الرجل والمرأة في الحياة .
وكل ما أطلبه منكِ أن تحكمي عقلكِ في هذه العلاقة التي تكون بين الفتاة وبين شاب غريب عنها ، وأن تفكري بنهايتها ، وعن الهدف منها ، وعن احتمال الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة فإن فعلتِ هذا فسترين أن هذا الطريق لا خير فيه لا في دنيا ولا دين !
واحذري من الأكذوبة التي يرددها الكثير من الفتيات : " حبيبي غير الباقين " !!
فإننا إن قلنا لها إن المعاكس يريد فقط أن يحصل على شرفك ثم يتركك، وأنه لو كان يريد بك خيرا لتزوجك ولم يقبل أن تكوني كالجارية معه إن كان فعلا يحبك إن قلنا لها هذا قالت : حبيبي غير الباقين !
حبيبي صادق في كلامه ولا يمكن أن يكذب علي !
حبيبي لن يتركني وهو متعلق بي وأنا أثق به !
وأنا أقول : هل تتوقعين يا أختي الفاضلة أن المعاكس سيقول لكِ أنه سيخدعكِ ؟ هل تتوقعين منه أن يقول لكِ أنني لا أريد منكِ إلا شرفكِ ثم سأترككِ لأذهب إلى غيركِ ؟
هل تتوقعين أن من وقعت من الفتيات ضحية هذه العلاقات المحرمة ، فحملت سفاحا ، أو اكتشفها أهلها ، أو غير ذلك من العقوبات الدنيوية التي ألمت بها … هل تتوقعين أن من كانت تظنه يحبها قد قال لها إنه لا يريد منها إلا الزنا بها فقط ألا تتوقعين أنه كان يقول لها إنه يحبها وإنه متعلق بها وإنه ينتظر اللحظة التي يجمعها به بيت واحد
ضعي نفسكِ مكانها وفكري بهذا السؤال : هل أعطت هذه الفتاة ذلك المعاكس نفسها ليتمتع بها بدون سبب ألا تظنين أنه كان يخبرها أنه يحبها وأنه سيتزوجها ؟
احذري أشد الحذر من هذه الخدعة للنفس ، وحبيبك لن يكون أفضل حالا من غيره من المعاكسين !
ثم اعلمي أننا في دار ممر , ونحن الآن نسير في هذا الممر , وبعضنا سيبقى فيه لستين سنة وبعضنا سبعين وبعضنا أقل وبعضنا أكثر ! قبل الدخول كنا لا شيء , وبعد الخروج سنكون لا شيء , وفي الممر يراقبنا الله ويطلع على سرنا وجهرنا , وملكان عن اليمين والشمال يرصدان الأقوال و الأفعال والحركات والسكنات . فأين المفر !!
أختي الكريمة :
لو كنتِ على موعد مع شاب وجاءك ملك الموت وقال لك سأقبض روحك بعد هذا اللقاء ، أفتحبين أن تلقي ربك وقد سُجِّل عليك هذا اللقاء ؟
تخيلي أنكِ في عرصات يوم القيامة وكتابك لا تدرين أتأخذينه بشمالك أو بيمينك ، أتحبين أن تكون هذه المعصية قد قُيِّدت عليكِ في صحيفة أعمالك ؟!
تخيلي أنكِ أمام الله عز وجل وهو يسألك عن شبابك فيم قضيتيه وعن ساعاته فيم ذهبت ، أفتحبين أن يذكرك الله بالساعات الغرامية التي تقضينها مع المعاكسين ؟ أو تحبين أن يذكرك الله بجريمة الزنا التي ارتكبتها في الدنيا ؟
تخيلي أنكِ تعبرين على الصراط , والنار من تحتك والجنة أمامك , والكلاليب تندفع من أسفل منكِ لتمسك بغيرك وتقذفهم في جهنم ، أتراك تحبين أن يكون هذا العمل في صحائف أعمالك ؟ أو ترجين أن تكون هذه العلاقة سببًا في بلوغك الجنة أم سببًا في مجيء كلوب يمسك بك ويهوي بك في النار ؟!
وبعد أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، تكون هناك خطبة إبليسية وخطبة ربانية ، يتعرف أهل النار على إبليس ويتعرف أهل الجنة على ربهم ويرونه سبحانه وتعالى
أما أهل الجنة فيجمعهم الله ويكشف لهم الحجب فيرونه سبحانه وتعالى فلا يكون لهم نعيم في الجنة أعظم من لذة النظر لوجه الله سبحانه وتعالى .
أما أهل النار فيقوم الشيطان بينهم خطيباً ويقول : { وَقَالَ الشَّيطَانُ لَـمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوتُكُمْ فَاْسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِّيَ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا اَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }22/ إبراهيم
فهل المعصية ستكون سببا لرؤية الله أم لسماع كلام الشيطان ؟
وأخيراً تذكري هذه الآيات :
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }46/الرحمن
{ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَن الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةّ هِي المّأْوَى }37/النازعات
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً * وَنَحْشُرُه يَومَ القِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىً وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتَكَ آيَاتِنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَومَ تُنْسَى }124/طه
همسة في أذنك يا ولي الأمر
أخي ولي الأمر
لا شك أنك مسؤول أمام الله عن الأمانة التي ولاك إياها ، سواء أكنت أبا أم أما أم زوجا أم أخا أكبر أم أختا كبرى ، ولا يجوز لك أن تضيع هذه الأمانة وقد استرعاك الله إياها .
وسأوجه لك أيها الأب ولكِ أيتها الأم بعض النصائح التي أرجو منكما أن تتفكرا فيها ثم تتذكرانها في التعامل مع بناتكم .
أولا : من المفترض عليك أيها الأب أن تحمي ابنتك من الانحراف قبل حصوله ، فتربيها على الحياء والستر ، وتبين لها أن العلاقة السليمة بين المرأة والرجل لا بد أن يكون الطريق إليها سليما
فلا يصلح أن تربي ابنتك على الاختلاط بالرجال ، وعلى الحفلات الراقصة ، والملابس الفاضحة ، والأفلام والقصص الغرامية … ثم تستغرب إن هي طبقت ما رأته وما قرأته على أرض الواقع ! خصوصا في مرحلة المراهقة فهي مرحلة التقليد الأعمى
ويجب عليك أن تربيها على مراقبة الله في السر والعلن , وأن تزرع فيها فكرة : إن غبتِ عن عيني يا ابنتي فإنكِ لن تغيبين عن عين الله
كذلك يجب أن تقوم بإفهام ابنتك - عندما تصبح فتاة راشدة - أن الارتباط بالرجل لا طريق له إلا الزواج ، وأن البعد عن مواطن الشبهة والشك أسلم لها ولعائلتها
علمها أن الوسيلة الخبيثة لا يمكن أن تستخدم لنيل غاية طيبة ، فلا يمكن لها ولا لغيرها من الفتيات أن تحصل على الأولاد والبيت السعيد باستخدام وسيلة محرمة !
ثانيا : لتكن علاقتكِ أيتها الأم بابنتكِ علاقة الصديقة بصديقتها ، واحرصي على أن تكوني أنتِ مستودع أسرارها ولا تهمليها فتبحث عن غيركِ ليكون بديلا لكِ ، فالبديل اليوم غالبا ما يكون سيئا .
وكثيرا ما تخطئ الأم خطئا شنيعا ، فتهمل ابنتها وتتركها لرفيقات السوء وللمجلات والأفلام والأسواق وما ينتج عنها من مكالمات غرامية وغير ذلك … وتشتغل الأم بعملها أو بصديقاتها ولا تنتبه لخطئها إلا بعد أن يقع الفأس في الرأس .
ثالثا : احذر أيها الأب ، واحذري أيتها الأم من ترديد كلمة " أنا كنت ! " ، فهذه طريقة عقيمة في التربية لأنها ليست واقعية أبدا … فعجلة الزمن تدور ، والأجيال تتغير تغيرا تاما في عشرين أو ثلاثين سنة ، فكيف تقيس الأم نفسها على ابنتها ؟
في السابق كان الجميع يربي الولد والبنت : الوالدان ، الجيران ، الشارع ، القرية
ولم يكن هناك فساد كالذي نراه اليوم
ولم تكن الفتاة تتجاوز الرابعة عشرة - وربما أصغر من ذلك - إلا وهي في بيت زوجها
ولم تكن الفتاة تخرج من البيت ولا تختلط بالرجال إلا نادرا
فهل هذا ما يحصل اليوم ؟
إننا لا نستطيع أن نقيس أنفسنا على الجيل السابق لنا ، ولا على الجيل اللاحق فلكل جيل ما يناسبه ولا يناسب غيره !
فمتى يكف الوالد والوالدة عن ترديد هذه الكلمة " كنت " ، ويحاولان تفهم مشاكل أبنائهم التي لم تكن على عهدهم ؟ ولماذا لا ينتقل الآباء والأمهات من عالم الماضي إلى الواقع ؟
رابعا : وهذه قد تكون أهم ما في الموضوع !
ذكرنا سابقا الفرق بين نظرة الشاب والشابة للعلاقة المحرمة بين الرجل والمرأة ، وقلنا إن الفتاة تبحث عن الحب ، والشاب يبحث عن الجنس .
وهذا يقودنا إلى سؤال ، وجواب هذا السؤال سيبين لنا أن الوالدين هما من يتحمل المسؤولية الكبرى في فساد بناتهم ! والسؤال هو :
لو كانت الفتاة تجد الحب في منزلها ، فهل ستخرج للشارع وللسوق ، وهل ستكلم الشباب بالهاتف لتبحث عن هذا الحب ؟!
طبعا لا ، إلا عند من انتكست فطرتها من الفتيات ! ولهذا نقول أن من تعف نفسها لا يشترط أن تكون ملتزمة بالدين ، بل ربما تكون من أعداء الالتزام بالدين ومع ذلك تكون محافظة على شرفها .
إن مجتمعنا جاف جدا ، والمشاعر قد تكون مختفية في البيوت إلا في القليل منها وعندما تبحث الفتاة عن مكان تفرغ فيه عاطفتها فلا تجد إلا والدا مشغولا بعمله ، وأما مشغولة بأشياء تافهة وعندما تبحث عن شخص يبادلها الشعور بالحب ولا تجده في البيت وعندما تتاح لها الفرصة في إيجاد البديل – في غيبة من الدين والعقل - … فهل بعد هذا نستغرب إذا انحرفت مشاعرها عن طريقها الصحيح ؟
يجب على الوالدين أن يظهرا مشاعرهما لابنتهما ، وإظهار المشاعر يكون بالكلام الجميل ( أحبكِ ،حبيبتي ، اشتقت إليكِ … الخ ) ، ويكون بالقبلة واللمسة والضمة الأبوية الحانية
وليتأكد الوالدان أن ابنتهما إن وجدت عندهما ما يغنيها عن الحرام فإنها في مأمن من ألاعيب المعاكسين ، ولا يعني هذا أنها ستكون في غنى عن الزوج ولكنها ستكون أكثر صمودا أمام الإغراءات من تلك التي لم تتعود على الكلام الجميل وعلى الاهتمام بها في البيت .
وقد ضرب لنا أحد التربويين هذا المثال :
فتاة لم تتعود في بيتها من والديها إلا على الصراخ والشتائم ، وعلى أحسن الأحوال السكوت المطبق والتجاهل التام لها سمعت في يوم من الأيام – على الهاتف - عبارة : ( وش هالصوت الحلو ؟ ) ، وإذا بالكلمة صادرة من شاب غريب لا تعرفه ، ولكنها عبارة رائعة ولهذا لم تستطع أن تقاوم هذا الإغراء وبقيت لتستمع وكانت لا تفكر أبدا في إكمال هذا المشوار ، ولكنها كانت ترتوي بعد ظمأ عاطفي شديد ، فلم تكن لتترك هذا الكأس الذي مدته يد ذلك الشاب
ويوما بعد يوم توثقت صلتها به حتى جاءتها الكلمة السحرية ( أحبكِ ) بعد أيام أو أسابيع ، ففتحت الفتاة الأبواب لهذا الغريب الذي عوضها عن الحب المفقود !
أما الفتاة الأخرى فهي محبوبة والديها : لا تراها أمها إلا وتقبلها مرة ، وتضمها مرة ، وتتغزل بجمالها مرة وأبوها كذلك لا يقابلها إلا بالكلام الجميل الذي يعجب كل فتاة في مثل سنها
سمعت يوما ما صوت الهاتف ، فرفعت السماعة وإذا بكلمات الحب تنهمر عليها من أحد الشباب فلما انتهى قالت له :
" يا أخ أهذا كل ما عندك ؟! إن عندي في البيت أكثر من ذلك " وأغلقت خط الهاتف في وجهه !
ولهذا أقول لكما أيها الأب وأيتها الأم : لا تكونوا عونا للشيطان على ابنتكما ، ولتجد منكما الحب والعاطفة قبل أن تبحث عنها في الخارج !
وإذا حصل وأن انحرفت ابنتكما ، فوجها اللوم لأنفسكما أولا ثم وجهاه لابنتكما ثانيا .
قضايا لها صلة بالموضوع :
بعد الانتهاء من عرض الموضوع أصبح من الضروري أن نتعرض لبعض القضايا التي يتكرر من الفتيات الوقوع فيها أو المعاناة منها , ومعرفة أسبابها , واقتراح عدد من الحلول لها
والقضايا التي سأتكلم عنها هي :
1- الرجوع للحق مطلب والتمادي في الباطل خطأ .
2- بيدي لا بيد عمرو .
3- زهرة في غابة .
4- الحب المستحيل .
5- كيف أنساه ؟
6- الزواج قسمة ونصيب ولكن !!
1- الرجوع للحق مطلب والتمادي في الباطل خطأ :
عندما تتورط الفتاة في علاقة مع أحد الشباب فإن هذه العلاقة تبدأ في العادة على شكل كلام عام ، وقد يكون فيها نوع من عبارات الإعجاب والثناء والغزل وبعد هذا تزداد العلاقة قوة بحيث تأخذ منحنى خطرًا ، وتبدأ عبارات الإعجاب والحب والغزل الصريح والوعود بالزواج والحب الخالد بالظهور إلى أن تصل هذه العلاقة إلى مرحلة التعلق والحب الذي يطمس صوت العقل !
عند هذا يبدأ الشاب - أو الفتاة في بعض المرات - بمحاولة زيادة هذه العلاقة الناشئة عن مجرد الكلام إلى رؤية صورة الحبيب ، وشيئا فشيئا تزيد هذه العلاقة وتستعر نار الشهوة والحب في الطرفين فيكون اللقاء ويتلوه اللقاء حتى يحصل المحظور والعياذ بالله !
والذي يحدث في أكثر الحالات أن الشاب يقوم بتسجيل المكالمات الغرامية هذه ، والتي - بالطبع - فيها اسم الفتاة وسنها ومعلومات كثيرة عنها وعن عائلتها ، وهذه المعلومات تكون من الكثرة بحيث يتأكد من يسمعها أنها فعلاً لهذه الفتاة وأنه لا مجال للإنكار أبدا
وعندما يحصل الشاب على الصورة فإنه يكون قد حصل على الدليل الثاني
وإذا تطورت العلاقة إلى الخروج مع ذلك الشاب فإنه قد يكون هناك تسجيل فيديو فيكون هذا هو الدليل الثالث
وهذه الأدلة - وغيرها - تساعد الشاب على ابتزاز الفتاة ، وإجبارها على قبول مطالبه التي لا تنتهي إلا برغبته هو ، وبعد أن تكون الفتاة قد استخدمت من قبله ، وربما من قبل أصدقائه أيضا .
ويخطئ من يظن أن كل شاب معاكس يتمنى أن يصل إلى ما يريده من الفتاة حتى يستخدمها بهذه الطريقة ، فإن هناك نسبة بسيطة جداً منهم تكون مخلصة لمن يحبون ، ويكون الابتزاز والإجبار ليس وارداً عندهم ، بل يكون الحب صادقاً ومن القلب ويختم هذا الحب بالزواج !
لكن هذا لا يعني أنه حب جائز بل هو محرم …! ولا بد من الزواج حتى تكون هذه العلاقة مباحة .
وإلى أختي الفاضلة التي انتبهت لنفسها قبل أن تلطخها أوحال المعصية وتحيط بها قيود العار أقول :
قد تكونين الآن في مرحلة من هذه المراحل ، وقد تكونين متيقنة مِنْ أن مَنْ تكلمينه لن يقتنع بهذه المرحلة إلا كممر أو وسيلة لبلوغ المرحلة التي بعدها ، وأنتِ تعلمين أنكِ وأنتِ تتحدثين معه قلتِ له الشيء الكثير ، قلتِ له اسمك وعمرك واهتماماتك ، وقلتِ له تفاصيل حياتك وحياة عائلتك ، وقلتِ له الكثير من التفاصيل التي يمكنها أن تكون خطراً كبيراً عليكِ إذا وصلت إلى أهلكِ !
ربما أنكِ الآن في حيرة من أمرك ! تقولين : ماذا أفعل ؟ هل أصدق كلامه المعسول وأستمر في هذه العلاقة ؟ أم أقطع الصلة بهذا الرجل وغيره وأرفض هذه العلاقات المشبوهة ؟!
وإذا توقفت ! ماذا عن الأدلة التي يملكها عليكِ ؟! وهل سيسكت عنكِ أهلكِ إذا عرفوا ما الذي فعلتيه ؟
قد تكونين في حيرة من أمركِ - ويحق لكِ هذا - ، وسأناقشكِ لعل الله أن يدلكِ على الطريق الآمنة ، ويدلكِ على الأجوبة الصحيحة لهذه الأسئلة .
أيتها الأخت : متى تنوين التوقف ؟ وما هو الحد الذي إذا وصلتي إليه ستقررين قطع العلاقة بمن تكلمينه ؟
وإلى متى التسويف
أيسركِ أن تقعي في المنكر
وهل أنتِ متيقنة من إخلاص هذا الشاب لكِ وما الذي يضمن لك أنه سيتزوجك بعد أن يحصل منكِ على ما يريد ؟!
ألم تسمعي اعترافات كثير من الشباب بأن ما يفعلونه ليس إلا من باب " الوناسة وسعة الصدر " ؟
ألم تقرئي أو تسمعي عن عشرات الفتيات اللواتي فقدن عفتهن ثم ذهب فرسان أحلامهن وتركنهن يتجرعن المرارة والألم ؟ لماذا تحول فرسانهن إلى ذئاب وتظنين أن فارس أحلامكِ سيبقى حملا وديعا ؟!
هل رأيتِ لصا يطرق باب الدار ليستأذن أهل البيت في سرقة منزلهم ؟! إن هذه ليست طريقة اللصوص ، فاللصوص يأتون من النوافذ في حين غفلة من أهل البيت ألا تشعرك هذه العلاقة بأنك الدار التي تسرق ؟! ألا يخيل إليكِ أن المعاكس لص يحاول اقتحام ذلك السور الذي أمركِ الله بحفظه إلى أن تهدينه لزوجك كدليل واضح على عذريتك وشرفك وعفتك !
لو رأيتِ نارا تتأجج في حفرة كبيرة فهل ستفكرين في الاقتراب منها ؟! أنا لا أطلب منكِ إلقاء نفسكِ في النار كلا ، بل أطلب منكِ الاقتراب فقط
إن هذا جنون بلا شك ، فالعاقل لا يقترب من المكان الذي فيه إيذاء له وهذا صحيح ، والعاقلة لا تضع نفسها قريبا من حفرة النار هذه بحجة أنها تضيع الوقت وتسلي نفسها بل تفر من هذا المكان حفاظا على نفسها وعلى سمعة عائلتها .
الذي أنصح به كل فتاة تورطت في علاقة كهذه ، أن عليها أن تبادر بقطع هذه العلاقة من الآن، فإن كانت في البداية فهذا خير ، وإن كانت قد وقعت في شي من الحرام فلتعلم أن فعل الحرام لمرة أفضل من فعله عشر مرات
وباب التوبة مفتوح ولم يغلق إلى الآن فبادري قبل أن تبلغ الروح الحلقوم وتنقطع عليك طرق التوبة !
واعلمي أن الرجوع للحق خير لك من التمادي في الباطل بحجة أن هذه آخر مرة أو أن هذا الشاب ليس كغيره أو أنك ستتوقفين عند حد معين ، ورجوعك قبل أن تكلمينه بالهاتف خير لك من التوبة بعد هذا ، ورجوعك بعد أن تتبادلي معه الصور خير لك من رجوعك بعد الخروج معه ، وتوبتك قبل الخروج خير لك من التوبة بعد وقوعك في جريمة الزنا والعياذ بالله !
تذكري - أختي المؤمنة - قول الله تعالى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً }53/الزمر … واعلمي أن كثيرات غيرك وقعوا في الحرام أو مقدماته ، فمنهن من تابت فتاب الله عليها وبدل سيئاتهن حسنات ، ومنهن من لقيت الله ولما تتب من ذنوبها وسيلقين الله وقد سجلت هذه الخطايا في صحائفهن ، فبأي وجه سيلقينه سبحانه وتعالى ؟!
إذن : لا تتمادي في الحرام واسمعي نداء العقل قبل أن يُغلق عليكِ باب العودة ! واحذري كل الحذر من التسويف فإنه داء لا علاج له إلا العزيمة الصادقة على التغيير .
2- بيدي لا بيد عمرو :
عندما تعود الفتاة لوعيها ولدينها وتعرف أن السبيل الوحيد للرجل لكي يصل إليها هو الزواج فإنها تواجه خطراً يتمثل في الأدلة التي تدينها عند أهلها ، وتختلف الأدلة هذه من رقم الهاتف ومعلومات عامة عنها ، إلى صورتها وتسجيلات لمكالماتها الغرامية مع هذا الرجل ، إلى أخطر شيء وهو تسجيل فيديو لها وهي تمارس الحرام معه سواء أكانت الفاحشة والعياذ بالله أم مقدماتها !
والذي أعتقد أنه أكثر ما يؤرق هذه الفتاة وأمثالها هو تسجيل المكالمات في الدرجة الأولى , والمعلومات الشخصية في الدرجة الثانية ، أما الفيديو فهذه مرحلة متقدمة لا تصل إليها كثير من الفتيات إلا بعد أن يغيب عنها العقل والدين والخوف من الله والناس في تلك اللحظة !
ومهما يكن الدليل الذي يحتفظ به الشاب والذي بواسطته يستطيع أن يبتز هذه الفتاة , فإن هذا - كما ذكرنا سابقا - لا يبرر لها التمادي في الباطل كلا , بل يجب عليها أن تتوقف فوراً قبل أن تتوغل قدماها أكثر في هذه المشكلة ، وتصل لمرحلة اللاعودة ، أو العودة بعار يلازمها طول حياتها
وبما أن أغلب المعاكسين يكون كاذباً في زعمه أنه يحب فتاته وأنه لا ينام الليل من التفكير بها وأنه يتشوق لسماع صوتها أو رؤية صورتها وأنه وأنه . إلخ ، فإنهم لا يجدون حرجاً في ابتزاز الفتاة التي لا تستجيب لهم ، وخصوصاً أن الفتاة التي تربت في بيئة محافظة تجد حرجاً كبيراً جدًا في الخروج مع الغريب إما خوفاً من الله أو خوفاً من الأهل أو خوفاً من الفضيحة فالكلام في الهاتف شيء ، والخروج في صحبة رجل غريب شيء آخر !
وفي الوقت الذي يجد المعاكس فتاته قد أوصدت أمامه السبل فإنه يلجأ للابتزاز والتهديد بالأدلة حتى ترضخ الفتاة لما يريده منها ؛ والذي لا تعلمه الفتاة – غالباً – أن استجابتها لتهديده سيكون دليلا جديداً وأداة ابتزاز أقوى تضعه هي بنفسها في يده ! فتظن أنها حينما ترضخ له هذه المرة فإنه سيتركها وشأنها !
وليس هناك حل لها إلا التوقف عن الانحدار في هذا المستنقع الآسن فورا ، والبعد عن هذا الشاب بدون أي تردد ، وذلك بقطع علاقتها به وتحمل تبعات تصرفها الخاطئ ، فإن وقوعها تحت رحمة أهلها - مهما فعلوا بها - أفضل لها بكثير من الوقوع تحت رحمة شاب طائش لا هم له إلا قضاء حاجته منها فقط !
وهنا نطرح هذا السؤال : ما الذي يجب أن تفعله الفتاة حتى تتخلص من الأدلة التي تدينها ؟ أو على الأقل تتخلص من تأثيرها السلبي القوي عليها في حالة وصولها لأهلها ؟
أولا : يجب أن تفكر الفتاة بهدوء وتعقل وبعيداً عن التفاؤل الزائد أو التشاؤم الزائد ، ثم تجيب عن هذه الأسئلة :
" هل من الممكن أن يوصل الشاب ما عنده من الأدلة لأهلها ؟ وهل الأدلة هذه كافية لإدانتها عند أهلها ؟ وما هي العقوبة التي يمكن أن تقع عليها من قِبَل أهلها ؟! "
فإن كان يغلب على ظنها أنه لن يفعل لأنه لا يمتلك دليلا كافيًا ، أو أنه حتى لو فعل فسيكون إنكارها سهلا لضعف حجته وعدم قدرته على إدانتها عند أهلها ، أو أنها تعرف أن أهلها لن يهتموا كثيرا بما حصل - وهذا النوع من العائلات موجود بيننا ! -
المهم أنه ترجح لديها أن أدلته لن تكون سببا في مشكلة تحل بها فهذه عليها أن تستر نفسها ، وتكفيها التوبة النصوح وصدق الرجوع إلى الله ، كما أن عليها أن تحمد ربها عز وجل على أن هداها للتوبة قبل أن تفقد شرفها وتشوه سمعة عائلتها .
ولا أنصحها أبداً بالاعتراف على نفسها لأن هذا ليس من المصلحة في شيء (1).
أما إن غلب على ظنها أن هذا الشاب سيوصل ما لديه ، وأن أدلته قوية ( كالصورة أو التسجيل الصوتي أو المرئي ) فهذه هي من أوجه الكلام لها في هذه النقطة ( بيدي لا بيد عمرو ) .
أعيد كلامي لكِ أختي الكريمة وأقول :
مهما كان الدليل قويًا فإن عليكِ أن توقفي علاقتك بهذا الشاب، ومهما يكن دليله قويًا إلا أن الدليل الجديد سيزيده قوة إلى قوته ولا تظني أن الرضوخ لهذا الشاب سيجعله يتركك في حال سبيلك !
والذي عليكِ أن تفعليه هو أن ترفعي شعار ( بيدي لا بيد عمرو ) !!
فإذا كان الخبر سيصل لا محالة للأهل فلتكوني أنتِ من يوصله لهم ، أو فليكن شخص ثالث تثقين به من العائلة ، بحيث يخبر الأهل عن توبتك الصادقة ورجوعك عن هذا الخطأ مع تحملك لأي عقاب قد يلحقه بكِ أهلكِ . وتأكدي أن أهلكِ أرحم بكِ من ذلك الشاب العابث مهما كان نوع العقاب !
وفي العادة ، إذا أحس الأهل من ابنتهم التوبة الصادقة والندم على ما فعلت فإنهم مهما كانت ردة فعلهم ( المقاطعة / الحبس في البيت / بل حتى الأذى الجسدي ) ، فإنها ستكون أفضل لها من أن يأتي الكلام من الشاب لسببين :
الأول : أنها في نظرهم مقرة بخطئها معترفة به ونادمة عليه
الثاني : أنها أتت واعترفت باختيارها ولم يجبرها أحد ، وهذا يدل على أنها صادقة في توبتها ، وهذا سيجعلهم في صفها ضد هذا المعاكس .
أما إن جاءهم الخبر من ذلك الشاب فما الذي سيشعرهم بأن ابنتهم تائبة ؟! أو ما الذي سيؤكد لهم أنها اعترفت وعرفت خطأها ؟
وأحب أن أؤكد على أني عندما أنصح الفتاة بالاعتراف قبل أن يصل الخبر من غيرها ، فإني لا أطلب منها أن تعترف وليكن ما يكون !!
كلا ، بل يجب عليها أن تبحث عن شخص قريب منها بحيث لا تجد حرجاً كبيراً في مصارحته ، ويكون يغلب على ظنها أنه سيساعدها ، وهذا الشخص إما أخ أكبر أو أخت أو عمة أو خالة أو صديقة . إلخ المهم : أن يكون ممن يستحق أن تصارحه بمشكلتها ويكون على استعداد للمساعدة .
ويمكنها أن تستخدم أسلوب الرسائل إن خشيت من المواجهة ، ولتبين لأهلها أنـها نادمة وتائبة وأنها ستتحمل أي شيء يفعلونه بها .
ولتحرص على الوقت المناسب، فإن ما تقوله لهم سيسبب لهم صدمة قوية، فلتحسن اختيار الوقت المناسب .
وأنصحك بمقارنة الأمرين معاً حتى تعلمي أيهما أخف ضرراً : اعترافك وتحملك لما سيأتيكِ من أهلك ، أو الصبر حتى يصل الخبر وينكشف المستور !
نعم ، أنا لا أزعم أن الاعتراف سهل ولكني متيقن أنه أسهل من الصبر حتى يأتي الدليل ، وأسهل من اكتشاف الأهل لأخطائكِ السابقة من خلال ذلك الشاب المعاكس .
قد تقولين هذا صعب جداً !! وأقول لكِ : نعم هو كذلك ولكنه الحل الوحيد ، وهو أخف الضررين !
3- زهرة في غابة :
زهرة حمراء أوراقها متفتحة ورائحتها جميلة ، تفتحت هذه الزهرة منذ مدة بسيطة وهي تتوقع أن تجد نفسها في حديقة غناء ، الأشجار الكبيرة من حولها تظلها وتحميها من حرارة الشمس الملتهبة ، وتحميها من الرياح القوية ، كانت تتخيل نفسها وقد اشتد عودها وهي تتمتع بورود أخرى بجانبها تتبادل معهن الهموم والمشاكل والأفراح ، تحنو هي عليهن ويحنون عليها
فوجئت هذه الزهرة بأنها قد زُرِعت في غابة موحشة كئيبة ، تلفتت حولها فلم تجد أي شجرة كبيرة تحتمي بظلها ، حاولت أن تستبدل بالحماية الأنس مع بنات جنسها فلم تجد أي واحدة منهن حولها ، أصبحت تتلقى الرياح بجسمها الضعيف ، فتهزها هذه الرياح حتى تكاد تقلعها من جذورها ، كانت الشمس تلهبها بحرارتها فلا تجد من تستظل بظله فأصبحت تكتوي بحر الشمس وحدها بلا معين ولا أنيس !
كثير من الفتيات اللاتي وقعن في العشق للغرباء حالهن كحال هذه الزهرة ، الواحدة منهن تخرج للدنيا ويشتد عودها فإذا هي وحدها بلا معين الوالد مشغول بعمله ، الأم مشغولة بعملها أو بمشاغل تافهة تبعدها عن ابنتها ، وهذه الفتاة تريد من يقترب منها ، تريد من يستمع إليها ، تريد من تحبه ويحبها ، تريد من تبادله المشاكل والهموم والأفراح فلا تجد أحداً
فتبقى هذه العواطف مكبوتة في نفسها وتظل تتقلب وتتحرك ، وربما خرج بعضها على شكل اكتئاب أو بكاء حار ، ولكنه لا يغني بأي حال عن الشخص الذي تنتظره هذه الفتاة !
وإن من الفتيات من يكرمها الله بصديقة مخلصة تكون لها مكان الأم والأب والأخوات ، ويجعل الله في هذه الصديقة بديلا مناسبًا يساعد هذه الفتاة على تجاوز مرحلة المراهقة الصعبة إلى بر الأمان ، ولكن كثيرات من الفتيات لا يجدن هذه الصديقة !
فالملاحظ في مثل حالة هذه الفتاة أنها تشعر بفراغ عاطفي كبير ، وقد يصاحبه فراغ ديني يجعل من مفهوم "الحرام" مختفيا عند هذه الفتاة ، بل قد يزيد الأمر صعوبة أن تكون الأسرة متفككة فلا الأب ولا الأم يعلمون ما الذي تفعله هذه الفتاة ، ولا من هن صديقاتها ، ولا إلى أين تخرج ، ومع من تخرج !
وعلى أية حال ، ستحاول الفتاة هنا أن تسد هذا الفراغ بأي وسيلة ، وإلا فستشعر باكتئاب وحزن شديد .
وقد تكون الملتزمة بالدين ، أو المتقيدة بالعادات والتقاليد ، في حال أفضل من غيرها لكونها لا تستطيع أن تفعل ما تشاء ولكن هذا لا يعني أن وقوعهما في الحرام - تحت تأثير هذا الفراغ العاطفي - مستحيل .
ولهذا فإن الفراغ العاطفي هنا قد يملؤه الإعجاب ببعض صديقاتها ، أو معلماتها ، وربما الإعجاب ببعض المشايخ ، أو بغيرهم من الرجال والنساء … ولكن يبقى الخوف من الله أو الناس رادعا لهذه الفتاة من الوقوع في الحرام ! وعندما تتجاوز هذه الفتاة مرحلة المراهقة ستكون قد تجاوزتها بأمان
أما الفتاة التي قلنا إنه لا يردعها دين ولا عقل ولا خوف من والد أو والدة ، والتي حلت صديقاتها محل الوالدين والإخوان ، فما الذي نتوقعه من هؤلاء الصديقات ؟ وما هو التأثير السلبي على الفتاة ( خصوصا المراهقة ) من هذه العلاقة ؟
1- بعض الفتيات ستجعل عواطفها متعلقة بأناس لا يمكن أن تصل إليهم : كاللاعبين والمغنين والفنانين ، فتجد هذه الفتاة قد تعلق قلبها بالمغني الفلاني أو الممثل الفلاني ، فتشتري أفلامه وتحتفظ بصوره وتكتب اسمه على دفاترها وكتبها ، وتبقى تحبه وتعشقه ولكن - لحسن حظها - لا تستطيع أن تصل إليه !
2- أما النوع الآخر فهن من يقعن في حب رجال يكون الوصول إليهم سهلا ، سواء كان ذلك عن طريق الهاتف أو الرسائل أو بالاتصال المباشر ! وهذه وقوعها في المنكر أسرع وتعلقها بالمحبوب أعظم وأشنع بكثير من التي تحب شخصاً تعلم أنها لا يمكن أن تصل إليه .
لماذا هذا التعلق بالرجل وهل حب الفتاة هنا حب حقيقي أم أنه غير ذلك
الذي أعتقده أن هناك ثلاث أسباب , وهي :
1- عدم وجود من تستقبل منه الكلام الجميل .
2- عدم وجود من يستقبل منها مشاكلها ويحاول أن يحلها لها أو يساعدها في الحل .
3- أن هذا بالنسبة لها تفريغ لعواطفها المكبوتة وهي فرصة لا يمكن التفريط فيها .
السبب الأول في هذا التعلق الغريب هو عدم وجود البديل المباح ، سواء أكان هذا البديل أماً أم أباً أم أختاً أم أخاً أم غير ذلك ، وإنه من الغريب جداً - وقد ذكرت هذا سابقًا - أن كثيرًا من الفتيات لا يسمعن كلمات الحب والغزل والمدح إلا عن طريق الحرام !! فعندما تسمع كلمة : " أنا أحبك " لأول مرة يكاد قلبها يطير فرحا بها ، وكذلك عندما يقال لها : " أنت جميلة " أو " اشتقت لك كثيراً " أو غير هذا من الكلمات التي ينبغي أن تسمعها البنت من أبويها وإخوتها .
ولو كانت تسمع مثل هذه الكلمات بالحلال لأصبح احتمال انجرافها وراء من يُسمعها إياها بالحرام أقل . ولكن الذي يحصل أنها لا تسمع منها شيئا حتى تسمعها من الغريب ! أما الوالد والوالدة فقد تسمع منهما ما يزيدها هما إلى همها ، وربما لا تسمع منهما شيئا ألبته .
السبب الثاني هو عدم وجود من يستمع إليها ويتعاطف معها ! وهي تريد من تتحدث معه وتشتكي له ، وشكواها للرجل ستذهب عنها مشكلة عدم وجود من يسمعها ولكنها ستوقعها - غالباً - في مشكلة التعلق بالشخص الذي يساعدها في حل مشاكلها ، فهي ستتخلص من مشكلة عدم وجود من يستمع إليها ، ولكنها ستقع في مشكلة التعلق به !
السبب الثالث هو تفريغ عاطفة جياشة في نفسها بعد أن فتح لها هذا الشاب المجال لذلك ، ولو أن الباب كان مفتوحاً في السابق لما خرجت هذه العاطفة بشكل يغيب معه العقل والخوف من الله !
وأعتقد أن هذا الحب - في البداية - ليس حبًا حقيقيًا في أغلب الحالات بل هو حب زائف ، ولكن لأن الفتاة تكون في حالة لا تسمح لها بالتفكير الصحيح فإنها لا تنتبه لهذا ! فهي غالبا ما تكون صغيرة ، بالإضافة إلى أنها تكون كالمريضة التي تستسلم للطبيب الذي يعالجها مما فيها من المرض المؤلم .
ولهذا فقد تحب الفتاة هذا الشاب وغيره معه ، وهذا ما لا يكون عند العشاق في العادة !
وأخيرا لا بد أن نسأل : على من يقع الخطأ هنا ومن هو الجاني
الخطأ الأول هو خطأ الأهل لأنهم أهملوا ابنتهم ولم يحموها من المخادعين ولم يكونوا لها درعاً من ألاعيبهم، بل كانوا عونا للشيطان على ابنتهم .
الخطأ الثاني هو خطأ الفتاة نفسها لأن الله أعطاها عقلاً تفكر به ، وهي تعلم أن ما تفعله خطير جدًا عليها ، وقد تقول الفتاة أن أهلها هم الجناة ، ونقول نعم هم - غالبا - من بدأ مشكلتك ولكن هل معنى هذا أن تستسلمي لنداء العاطفة وتسلمي قلبك لمن يلعب به يمنة ويسرة حتى تكونين له كالجارية التي لا تعصي له أمراً !!
الخطأ الثالث هو خطأ الفتاة أيضا عندما تعلم أنها قد وقعت في المحذور وقد تعلق قلبها برجل أجنبي عنها ، ثم تنتبه لنداء الدين والعقل الذين يخبرانها بخطأ ما تفعله ثم لا تتصرف أي تصرف ، وتبقى تؤمل نفسها بأن حبيبها سيأتي عليه اليوم الذي يلتفت فيه إليها ، وتبقى تكلمه وتراسله لتطلب عطفه عليها ، تشتكي له حبها له وتعلقها به ، كل هذا ليتزوجها وهو لا يلقي لها بالاً ، وهذه لو كان لها كرامة كغيرها من الفتيات لرفضت تصرفه هذا مع تكرر رفضه لها ، ولو كان لها عقل تفكر به لأخبرها بأن الوصال هنا مستحيل فلماذا لا يكون الهجر والابتعاد ؟
ألا تعلم الفتاة أن هذا الشاب لا يستطيع أن يتحمل تبعات الزواج ، وأن ما يريده هو المتعة الوقتية فقط ؟! وهل ترضى هي أن تكون من نصيب هذا الشاب العابث لمدة قصيرة حتى يجد غيرها من الفتيات ؟!
وكلامنا هنا عن تلك الفتاة التي حفظت شرفها وسمعتها ، أما الأخرى التي استجابت للشيطان وعصت الرحمن فستكون في حال لا يعلمه إلا الله .
الخطأ الرابع هو خطأ الصديقات ، لأن الصداقة لا تتوقف حدودها عند تبادل الكتب أو القصص أو الغيبة والنميمة أو تبادل الأفلام والصور !! هذه مظاهر للصداقة السطحية والسيئة في بعض المرات … إن على الصديقات أن يساعد بعضهن بعضًا في تجاوز مشكلة تقع فيها إحداهن بكل ما يستطعن من قوة ، قد تكون الفتاة لوحدها ضعيفة ولكنها مع صديقاتها ستكون أقوى
والحل لهذه المشكلة هي أن تصارح البنت أمها وأباها بحاجتها لمن يستمع إليها وينزل لمستواها العمري , وتخبرهم بأنها تحتاج لمن تحبه ويحبها قبل أن تجد هذا عند غيرهم .
فإن لم تجد أذنا تسمعها فالخطوة التالية هي أن تبحث عن بديل جائز كالصديقات المخلصات وتقترب منهن كثيراً وتفرغ عندهن ما تستطيع من عواطفها وهمومها ومشاكلها .
الخطوة الثالثة هي الدخول في حرب مع النفس هدفها نسيان هذا المحبوب بأي وسيلة ، وقطع جميع الطرق المؤدية إليه مهما كانت حاجتها لهذا الشخص ! ومع الزمن ستنساه وترتاح
قد تقولين أنني أطلب شيئا صعب المنال ، وأقول لكِ : نعم هو صعب ولكنه مع الوقت سيصبح سهلاً إن شاء الله . اعزمي وتوكلي على الله وابدئي من اليوم ، ولا تظني أن حبك الذي مدته سنة أو سنتان أو أقل أو أكثر سيذهب في يوم أو يومين !
وهذه النقطة هي - على حسب علمي - منشأ أغلب العلاقات المحرمة ، وبداية وقوع الكثيرات في الحرام ، وسبب رئيس في تعلق القلب بالغرباء … فهلا انتبه لها الآباء والأمهات قبل فوات الأوان ؟!
4- الحب المستحيل :
وأقصد به ذلك الحب الذي يتحرك في قلب الفتاة ، فتحب شخصاً لا يمكن لها أن ترتبط به بالحلال
فمن النساء - مثلا - من يعشقن المشاهير كالمغنين والفنانين واللاعبين , فتعلق صور حبيبها في غرفتها ، وتشتري كل أغانيه أو أفلامه أو أشرطته ومنهن من يحببن من لا تسمح العادات والتقاليد له أو لها بإتمام هذا الزواج لسبب أو لآخر ، كاختلاف الجنسية أو النسب أو المستوى المعيشي أو الفارق العمري الكبير بين الاثنين أو ما شابه ذلك ومنهن من يحببن من يختلف عنهن في الدين كالنصارى مثلا , وهن يعلمن أن الزواج من هؤلاء حرام لا يجوز ومنهن من يحببن رجلاً متزوجاً في مجتمع لا يسمح فيه بالتعدد ومنهن من يحببن رجالاً وهن متزوجات، مع العلم أنه لا سبيل لهذه المرأة أن تصل لمن تحب إلا بالطلاق من الأول .
وغير هذا من صور الحب المستحيل الذي يدخل الفتاة في نفق مظلم من الأوهام والأحلام ، فتبقى الفتاة تتمنى وتحلم بتحققه وتدفع نفسها للعيش في هذا العالم من الأوهام والتخيلات التي لا تنتهي إلا على صفحة الواقع الذي يرفض مثل هذا الزواج فيمضي عمرها ، والسنة تتلوها الأخرى وهي تحلم !
ولهذا فيجب على الفتاة أن تصحو من هذه الحالة ، وأن تقنع نفسها أن هذا الحب لا نهاية له لأنه كالسراب للظمآن ، وإن فاتها من تحب فستجد غيره بإذن الله …
فإن أقنعت نفسها بأن حالتها ليس لها علاج فستبقى تنتظر وهما وحلما لا يمكن أن تحصل عليه .
وأنا هنا لا أقول أن هذا "حب حلال" بل هو محرم … وزيادة على كونه محرماً فهو حب مستحيل ولا يمكن أن يتحقق فلماذا تظل الفتاة متمسكة بمن تحب وهي تعلم سلفاً أن اقترانها به مستحيل ؟!
5 - كيف أنساه ؟
تطرح الفتاة التي خرجت للتو من علاقة عاطفية هذا السؤال كثيراً بينها وبين نفسها ، فتقول : عرفتُ الآن أن من أحبه لا يستحق حبي لسبب أو لآخر ، ولكني ما زلت أحبه مع أني أعلم أنه لا يستحق !
فماذا أفعل ؟!
الذي أراه هو أن تحاول الفتاة أن تفكر بطريقة إيجابية وأن تتفاءل وسوف تنسى هذا الرجل مع الوقت والجهد … أما إن تركت لنفسها الحبل على الغارب فإنها ربما تُغَلِّبُ جانب العاطفة على نداء العقل فتعود بنفسها لذلك الشاب العابث !
أيتها الأخت :
إن إطلاق العنان للعواطف سهل جدًا ، بينما كبتها وتنظيمها وضبطها هو الصعب ، وكل عمل تريدين أن تقومي به يحتاج منكِ لأمرين : الوقت والجهد .
إن حباً استمر لسنة أو أقل أو أكثر لا يمكن أن ينسى في لحظة ، نعم قد تستطيعين - وهذا هو الصحيح - أن تقطعي هذه العلاقة الآن ، ولكن تبعاتها ومتعلقاتها لا يمكن أن تزول بهذه السرعة ، فإن لهذا الحب آثارًا تبقى في النفس لمدة تختلف من فتاة لأخرى على حسب قوة العلاقة الماضية وعلى حسب قوة شخصيتها وعزيمتها وثقتها بنفسها وهمتها
وسأذكر بعض النقاط التي أرى أنها مفيدة في هذا الموضوع ، والتي أرى أنها مفيدة لأي فتاة تريد أن تنسى علاقتها العاطفية الماضية :
أولا : الابتعاد التام عن أي شي يذكرها بمن تحب : كالرسائل ، والهدايا ، والبطاقات ، وغير ذلك مما قد يذكرها بهذا الشخص ففي عالم الإنترنت نستطيع أن نقول : إن على الفتاة أن تغير بريدها الإليكتروني ، وأن تحذف جميع الرسائل التي تبادلتها مع ذلك الرجل , ويجب ألا تدخل أي منتدى حوار تتوقع وجوده فيه ، وكذلك يجب أن تغير اسمها الذي تعود أن يعرفها به
والهدف من هذا كله هو إخفاء من تحبه النفس عن العين والأذن , وهذا يساعد كثيرا في عملية النسيان .
ثانيا : عدم الرجوع لهذه العلاقة مرة أخرى لأي سبب ، فإن الشاب المعاكس قد يحاول أن يسترضي هذه الفتاة لعلمه بضعفها وحاجتها له ، ولذلك فعلى الفتاة أن تحذر من الرد عليه أو مناقشته أو الدخول معه في أي حديث حتى لو كان لنصحه أو تذكيره بالله !
وعليها أن تتذكر نصيحة العالم للتائب الذي قتل مائة نفس ، حيث أمره أن يهجر قريته التي ينتشر فيها الظلم والبغي إلى قرية أخرى
ثالثا : إشغال النفس بأي نشاط ذهني أو بدني ، فإن النفس الفارغة قريبة من المنكر ، ووقوعها في الحرام أسهل نظراً لعدم وجود البديل المباح الذي يشغلها عن تذكر من كانت على علاقة به ، ومن هذه الأنشطة :
الدخول في دورات لتعلم أي شيء مفيد لها كفتاة : كالطبخ والخياطة وتربية الأولاد والتعامل مع الزوج وتنظيم البيت ، وكذلك تستطيع الدخول في دورات عامة كدورات تعليم الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية
وقد تكون الرياضة أيضا مما يفرغ ما في نفس الفتاة من هم وحزن ومما يعين على سرعة تحسين نفسيتها واسترجاع روح الأمل والتفاؤل التي كانت عندها قبل هذه الأزمة العاطفية .
رابعا : إن أي عمل تريدين أن تقومي به على الوجه الصحيح فإنه لا بد لكِ أن تكتبيه في ورقة ، ثم تكتبي المدة التي تتوقعين أن تؤدينه فيه ، وتكتبي كذلك أي تفصيلات أخرى تعينك في تحقيق هذا الهدف ، وبهذا يكون تحقيق الهدف أيسر وأسهل من مجرد الاكتفاء بالنية الداخلية في نفسك ، فإن نسبة نجاحك في تأدية هذا العمل الذي لم ينتقل من ذهنكِ إلى الورق ستنخفض بشكل كبير .
ولذلك فأنصح أي فتاة تريد أن تنسى حبها أن تقوم بعمل خطة مكتوبة على ورقة ، وتكون في هذه الورقة خانة متابعة يومية تسجل فيها إجابة على هذا السؤال : ( هل استطعتُ اليوم أن أتقدم في العلاج ؟ ) .
والتقدم في العلاج يعني أن هذا اليوم مر دون لقاء مع الحبيب السابق سواء في الهاتف أو غيره من أدوات الاتصال المختلفة !
قد يقول البعض أن هذه طريقة متعبة ، أو طريقة ليس لها قيمة ، وأقول : جربي هذه الطريقة لأسبوعين أو ثلاثة وسترين مدى الحماس والتفاؤل الذي ستحسين به حينما تشاهدين بنفسك تقدمك في العلاج وأنكِ استطعتِ في هذين الأسبوعين أن تبتعدي تماماً عن الرجل الذي كنتِ على علاقة به
وأنبه على أمر مهم : لا تجعلي هذه الورقة مخفية في الدرج أو الدولاب بل اجعليها في مكان بارز تشاهدينه كثيرا في اليوم الواحد .
خامسا : من الضروري أن تستعيني بشخص يساعدك في الاستمرار على هذا الجهد ، وهذا الشخص يجب أن يكون كتوما وحكيما وقريبا منكِ ، المهمة الأولى لهذا الشخص هي أن يدعمك ويساندك عاطفيا، ومهمته الثانية أن يتابع معكِ تقدمك في خطة نسيان الحب القديم بالسؤال والتذكير والنصح .
وليس هناك أفضل لكِ من الأم أو الأخت أو العمة أو الخالة ، فإن تعذر ذلك فإن في الصديقات بديلاً لكِ عنهن ، المهم : ألا تكوني وحدك لأن الطريق صعبة وتحتاج لأنيس ومعين ومذكر وناصح .
هذه بعض الأفكار التي قد تكون مفيدة لكِ في باب ( كيف أنساه ؟ ) , ولكن هناك عشرات الأفكار الأخرى التي تستطيعين أن تفكري بها في جلسة استرخاء وتَفَكُّر ، مع نفسكِ أو مع شخص تختارينه ويكون عونا لكِ في إيجاد طرائق متعددة تكون سبباً في استرجاعك لثقتك بنفسك ومن ثم المضي قدما في رحلة النسيان .
وأخيراً :
عندما أقول إن النسيان صعب وإنه شاق فلا أعني بهذا أن أقول للفتاة : هذا أمر صعب فاتركيه وأكملي ما كنتِ عليه حتى تغرقي تماماً في الهم والحزن والتخبط العاطفي . كلا , بل القصد هو أن تعلمي أن الهدف الصعب يحتاج إلى مزيد من الجهد والإصرار والعزيمة
6- الزواج قسمة ونصيب ولكن !!
" الزواج قسمة ونصيب " عبارة مشهورة يرددها كثير من الناس ، وهي عبارة صحيحه نوعا ما ، فإننا نجد فتاة في بداية سن الزواج ولا تمتلك شيئا من مقومات الزوجة الناجحة فيجعلها مرغوبة في مجتمع الرجال ولكن الله يُقَدِّر لها أن تتزوج ، ونجد أخرى قد وهبها الله دينا وخلقا وجمالا ومع ذلك لم يأتها من يتزوجها وقد تتزوج ولكن ممن هو دونها مستوى
هذا صحيح ، والأقدار بيد الله ، والزواج قسمة ونصيب . ولكن :
لماذا لا تسعى الفتاة لأن تكون مرغوبة عند نوعية معينة من الرجال ممن تتمنى أن تكون زوجة لأحدهم ؟! وهل هذا محرم شرعا أم إنه من اتخاذ الأسباب المعينة للفتاة على الزواج ؟
حسن تربية وتأديب البنت والولد هو واجب الأب والأم ، ولكن - مع الأسف - أصبح الوالدان الآن في شغل عن الأبناء ، وربما أنه قد أتى الوقت الذي يجب أن تعتمد فيه الفتاة على نفسها في أمور كثيرة ومنها أهم أمر لأي فتاة عاقلة . ألا وهو الزواج .
أختي الفاضلة :
إن أي رجل يريد أن يتزوج فإنه يضع في ذهنه مواصفات ومقاييس معينة لزوجة المستقبل ، ومن ثم يبدأ في البحث عن فتاة تكون مواصفاتها قريبة من تلك المواصفات التي وضعها في ذهنه ، فلماذا لا تعملي على أن تكوني تلك الفتاة التي يتمناها الرجل
مثلا : الرجل - أي رجل - في العادة يبحث عن امرأة متدينة لتحفظ شرفه ، ولا يحب أن يتزوج من امرأة لها تاريخ سيئ مع الرجال حتى ولو كان هو ذلك الرجل لأن من وقعت معه في الحرام ربما تقع مع غيره في المستقبل !
فلماذا لا تعملين جاهدة على أن تتركي عنكِ تلك الأفعال والمظاهر التي تنفر الرجال عنكِ كالوقوع في علاقات غرامية مع الشباب ، وكالظهور بشكل مقزز يعكس قوله صلى الله عليه وسلم (( كاسيات عاريات )) لجذب أنظار الشباب ؟!
ولماذا تتركين لنفسك الحبل على الغارب وتكون النتيجة ضياع العشيق والزوج معا ؟! وربما ضياع الشرف أيضا !
مثال آخر : الرجل الملتزم يحب أن يتزوج من ملتزمة تكون عونا له في دينه ودنياه ، ولا يحب أن يتزوج ممن تكون بلاء عليه ، فإن كنتِ تريدين مثل هذا الرجل فاعلمي أنه يريد حافظة للقرآن ، أو مهتمة بالعلم الشرعي ، أو داعية إلى الله ، أو صالحة تقية عابدة ، فاجتهدي في أن تكوني متميزة في أمرٍ معين من هذه الأمور حتى يرغب بكِ من يبحث عن مثل هذه المواصفات .
ومثال ثالث : الشخص المثقف وصاحب الاطلاع والطموح يحب أن يتزوج من امرأة لا يكون بينه وبينها بون شاسع في الثقافة , وعلى من ترغب بالاقتران بمثل هذا الرجل أن تقرب المسافة بينها وبين هذه النوعية من الناس بأن تكون هي صاحبة اطلاع وثقافة تلفت أنظار هؤلاء إليها كأن تكون طالبة دراسات عليا ، أو أن تكون كاتبة معروفة بكتاباتها الرصينة .
إلى غير ذلك من الأمثلة
ليس الهدف من هذا الكلام هو أن نقول للفتاة : تعلمي حتى تنالي زوجا مناسبا لكِ ، بل نقول : تعلمي وأخلصي النية لله , واعلمي أنكِ تعملين لنيل غرض شريف لا ينكره عليكِ أحد فإن حصل هذا وتزوجتِ فهو خير ، وإن لم يكتب الله لكِ الزواج فستكونين قد بذلتِ الأسباب وهذا اقل ما تفعلينه .
وليس الهدف هو أن أدعو الفتاة أن تنزع عنها جلباب الخجل وأن تطلب من الرجال أن يتزوجوها , بل أقول لها إنك إن أهملتِ نفسك وكنتِ كأي فتاة أخرى فستتساوى فرصتكِ مع فرص الأخريات , ولكنك إن ارتفعتِ عنهن درجة أو درجتين أو أكثر فستلفتين الأنظار إن شاء الله
وأعود لأذكركِ ببداية حديثي فأقول : الزواج قسمة ونصيب !
وختاما
هذا الكتاب موجه بالدرجة الأولى إلى الفتيات ، أن اعلمن أنكن تختلفن في طريقة التفكير والتعامل مع قضية "الحب" وقضية العلاقات العاطفية عن طريقة وتفكير الرجال، وأن العلاقات العاطفية لن تقف عند حد تبادل الرسائل أو المكالمات، بل إنها غالبا ما تكون سببا في ضياع سمعتك وسمعة أهلك وضياع شرفك ومستقبلك.
ولتعلمي يا فتاة أن الغاية النبيلة لا تبررها وسيلة دنيئة في الدين وفي عرف الناس ، فإما الزواج وإما الصبر حتى يكتب الله لك ما يحب .
ثم هو موجه إلى المربين أيا كانوا : آباء وأمهات ومعلمات ، انتبهوا لبناتكم اللاتي استرعاكم الله إياهن ، وكونوا عونا لهن على تخطي مرحلة " ما قبل الزواج " بسلام لا تتركوا لهم الحبل على الغارب فيضيعوا منكم ، ولا تشكوا فيهن وتعاملونهن معاملة يغلب عليها سوء الظن والاتهام بدون مبرر فالوسطية مطلوبة في كل شيء .
أسأل الله أن يحفظ نسائنا من كل سوء وأن يقيهن شياطين الإنس والجن إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
و صلى الله وسلم على نبينا محمد
منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ل
اخوووووووووووووووووووووووووووكم الراقي
;dtQ dsj'duE hgahfE hljgh;Q rgf hgtjhmA ,hgjghufQ fu,h'tih ?!