أصل وظائف القائمين على الكعبة
لما تشقق بناء الكعبة في عهد قصي؛ أعيد بناء الكعبة، ورتب قصي وظائف القائمين على الكعبة وحدد مدلولاتها، وهذه الوظائف هي:
(1) السقاية: كان الماء عزيزًا بمكة بعد ردم بئر زمزم؛ فكان مَن يلي الساقية يحضر الماء من ديار بعيدة، ويضعه في حياض، ويحليه بشيءٍ من التمر والزبيب؛ ليشرب منه الحاج.
(2) الرفادة وإطعام فقراء الحجاج: فقد فرض قصي على قريش أن يقدم كل منهم شيئًا إليه ليصنع طعاما لفقراء الحجاج. وقال قصي في ذلك: يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته، وإن الحاج ضيف الله، وزوار بيته هم أحق الضيف بالكرامة؛ فاجعلوا لفقرائهم شرابًا وطعامًا أيام هذا الحج؛ ففعلوا فكانوا يدفعون إليه المال؛ فيصنع طعامًا للمحتاجين.
(3) اللواء: وهو الدعوة إلى الحرب برفع راية فوق رمح ويتبعها قيادة الجيوش.
(4) الحجابة: وهي خدمة الكعبة المشرفة، وتولي أمرها ومفاتيحها.
وبعد قصي انتقلت وظائف الكعبة إلى ابنه عبد الدار لكبر سنه، ثم أُعطيت السقاية والرفادة لأبناء عبد مناف، وأُعطيت الحجابة واللواء والندوة عبد الدار.
بناء الكعبة وعمارتها عبر العصور
البناء الأول:
بناء إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) حينما انهار بناؤها، ولم يبق منها إلا القواعد التي غطتها الرمال والحصى. قال تعالى: "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم" (البقرة: 127)، وواضح من الآية أن إبراهيم لم يضع القواعد التي هي أساس البيت الحرام، وإنما رفع بناءه.
البناء الثاني:
في عهد قصي تشقق بناء الكعبة؛ فأعاد بناءها، وبنى دار الندوة؛ ليجتمع فيها كبار القوم للتشاور فيما يهمهم.
البناء الثالث: بناء قريش:
حفظ الله تعالى البيت الحرام، وقامت قريش على عمارته وسقاية الحاج إلى أن جدت ظروف دعت قريشًا إلى تجديد بناء الكعبة؛ فبعد عام الفيل بحوالي ثلاثين عاما حدث حريق كبير بالكعبة، وذلك أن امرأة من قريش كانت تبخر الكعبة فاشتعلت النار في الكعبة؛ فضعف البناء، ثم جاء بعد ذلك سيل حطم أجزاء كبيرة من الكعبة فخافت قريش من هدمها وإعادة بنائها، فقال لهم الوليد تريدون الهدم أو الإصلاح؟ قالوا: نريد الإصلاح! قال فإن الله لا يهلك المصلحين.
فارتقى الوليد بن المغيرة على جدار الكعبة ومعه الفأس وقال: "اللهم إنا لا نريد إلا الإصلاح"، ثم هدم؛ فلما رأت قريش ما هدم من الكعبة ولم يأتهم العذاب هدموا معه وأعادوا بناءها، وكان ارتفاعها ثمانية عشر ذراعا، وكان باب الكعبة مرتفعا بأربعة أذرع وذلك لكي يدخلوا من أرادوا ويمنعوا من أرادوا، وكانت حجتهم برفع الباب هو لمنع مياه السيل من الدخول إلى داخل الكعبة، وبنوا لها سقفا خشبيا سطحًا، ووضعوا له ست دعائم في صفين، ولكنهم نقصوا من عرضها ست أذرع دخلت ضمن حجر إسماعيل.
يذكر أن الصانع الذي قام بعملية البناء هو باقوم وهو رومي الأصل كان ملما بصناعة البناء والنجارة. كما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد شارك في بناء الكعبة وحسم الخلاف بشأن الحجر الأسود، وذلك بأن جعل كل قبيلة تمسك بطرف حتى إذا بلغوا موضعه أخذه ووضعه بيده في موضعه.
يتبع


LinkBack URL
About LinkBacks






