أولاد العم, الميلاد, شريط, عيد
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يوم 10 مارس الماضي أتم "بن لادن" زعيم تنظيم القاعدة عامه الخمسين ومن الصعب تخيل أن الرجل -وهو المٌطارد من معظم الأجهزة الأمنية في العالم- احتفل بهذا اليوم الاستثنائي بأن أحضر تورتة ووضع فيها خمسين شمعة!، دعك من أن فكرة الاحتفال بعيد الميلاد هذه منبوذة لدى "بن لادن" وأتباعه على اعتبار أنها تقليد غربي.
لكن وصول سنوات "بن لادن" إلى الرقم خمسين أمر يستحق الوقوف أمامه بالقطع، إذ أنه قضى آخر عشر سنوات من عمره مناهضا لأمريكا وحلفائها وسياساتها وهو الأمر الذي جعل اقتناص حياته أمنية غالية للولايات المتحدة الأمريكية ومن وراءها، خاصة أن عداءه لأمريكا لم يقف عند مرحلة الكلام والتحريض فحسب بل إنه تطور إلى الشكل العملي من تفجيرات وعمليات وصفت بأنها إرهابية وصلت ذروتها في أحداث 11 سبتمبر عام 2001 وهي التي راح ضحيتها مايقرب من ثلاثة آلاف شخص.
وقصة عداء "بن لادن" لأمريكا تعود إلى عام 1991 والذي شهد أول تدخل عسكري دولي تزعمته أمريكا من أجل طرد القوات العراقية من الكويت التي احتلتها في أغسطس 1990، وقتها هاجم "بن لادن" التواجد الأمريكي في المنطقة باعتبارها قوات "فاسدة" ولما كان ذلك يضرب العلاقات الأمريكية السعودية التي كانت آخذة في التصاعد الإيجابي وقتها، نزع الدعم السعودي عن "بن لادن" والذي كان سندا له طوال سنوات الحرب في أفغانستان "1979- 1989"، فما كان منه إلا أن اتخذ السودان كنقطة انطلاق لسياسته الجديدة قبل أن يلتقي "أيمن الظواهري" زعيم جماعة الجهاد المصرية وكان أن أطلقا معا أول نشاط لهما يحمل توقيع القاعدة عام 1998 عندما تم تفجير سفارتي أمريكا في نيروبي بكينيا ودار السلام بتنزانيا في وقت متزامن وبعدها توالت العديد من عمليات التفجيرات التي طالت دولا عربية وأجنبية في مدريد ولندن وشرم الشيخ وطابا وغيرهم مخلفة وراءها مئات من الضحايا الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وقفوا في المنتصف ما بين "القاعدة" و "أمريكا".
ومن بعدها من الصعب فعلا تخيل أن "بن لادن" قضى ليلة هادئة فمن مطالبات أمريكية بتسليم "طالبان" له أثناء فترة احتمائه بها، إلى الحرب العنيفة التي شنتها أمريكا على أفغانستان بعد 11 سبتمبر، وتنقله من مكان لآخر واحتماؤه بجبال تورا بورا الأفغانية والتي دارت فيها معارك شرسة من أجل اصطياده إلا أنه نجا ليختفي بعدها في مكان غير معلوم قيل إنه على الحدود الأفغانية الباكستانية، لكن لا أحد لديه معلومة دقيقة عن ذلك.
منذ عدة أشهر تداولت بعض الأخبار عن أن "بن لادن" قد لقي مصرعه بسبب إصابته بالتيفود وكان من الصعب علاجه في ظل الحصار الذي يعانيه، إلا أن الولايات المتحدة نفسها لم تستطع أن تؤكد هذه المعلومة أو تنفيها، رغم إمكانية تصديقها خاصة في ظل غياب "بن لادن" عن الظهور في أي شريط صوتي أو تليفزيوني منذ 29 أكتوبر 2004 وهو الشريط الذي استبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعدة أيام وهو ذات التسجيل الذي حمل أول اعتراف مباشر من "بن لادن" بتنفيذ القاعدة لتفجيرات 11 سبتمبر.
وفي عيد ميلاده الخمسين توقع البعض أن يحتفل "بن لادن" مع العالم بشريط جديد، إلا أن ذلك لم يحدث وإن حدث الاحتفال بطريقة مختلفة!
فـ"أيمن الظواهري" الرجل الثاني في تنظيم القاعدة هو الذي خرج بتسجيل جديد في ثاني يوم ميلاد "بن لادن" مهاجما فيه حركة حماس معتبرا أنها "باعت القضية وسلمت فلسطين لليهود" وذلك في ثاني هجوم من نوعه على حماس من قبل "الظواهري" الذي كان قد أطلق تسجيلا صوتيا في ديسمبر من العام الماضي انتقد فيه حماس لأنها اعترفت بـ"أبو مازن" رئيس للسلطة الفلسطينية.
ولوحظ أن تسجيل "عيد الميلاد" خلا من أي هجوم على أمريكا، وإن تضمن إشارة إلى الحفريات التي تقوم بها إسرائيل في محيط المسجد الأقصى وهو ما يعني أن التسجيل تم من وقت قريب لا يزيد عن شهر واحد.
احتفالية "عيد الميلاد" لم تتوقف عند تسجيل "الظواهري" وإنما وصلت آثارها إلى الدار البيضاء بالمغرب والتي شهدت يوم الإثنين 12 مارس تفجيرا صغيرا في مقهى إنترنت أخلف وراءه ثلاثة مصابين إضافة إلى مقتل منفذ العملية الذي قيل إنه كان يدأب الاطلاع على المواقع الجهادية والتي تشرح كيفية صنع أسلحة وقنابل بأدوات بسيطة، وأنه لما دخل في خلاف مع صاحب المقهى بخصوص اطلاعه على هذه المواقع فجر نفسه وهي رواية ينقصها الكثير من التفاصيل والدقة بالطبع، لأنه من غير المنطقي أن يفجر أحدهم نفسه إذا ما منعه أحد من الاطلاع على أحد المواقع، وهو ما دفع أجهزة الأمن المغربية إلى استنتاج أن الرجل كان في طريقه لتنفيذ التفجير في مكان ما وكان في حاجة للحصول على المعلومات من الإنترنت.
ولم تعترف أي جهة بمسئوليتها عن التفجير حتى الآن، إلا أن أجهزة الأمن المغربية أعلنت أن الشاب الانتحاري ينتمي إلى تنظيم "السلفية الجهادية" وهو تنظيم مغربي يدعو إلى استخدام الجهاد "لتغيير ما يعتبره منكرا وخروجا عن الشريعة ومروقا عن الدين"، وهو تنظيم على علاقة غير مباشرة بتنظيم القاعدة إذ أيد قائده المحلي "أبو حفص" تفجيرات 11 سبتمبر معتبرا بن لادن " قائدا للقاعدة وبطلا إسلاميا وحامي حمى راية الإسلام والمسلمين" كما أن مؤسس الجماعة "محمد الفزازي" كان قد أيد –بشكل غير مباشر- تفجيرات الدار البيضاء التي وقعت عام 2003 عندما فجر 12 انتحاريا- تابعين للقاعدة- أنفسهم مما أسفر عن مقتل 45 شخصا معتبرا أنهم استهدفوا "أمريكان ويهود" وهو ما يعطي إشارة بأن "السلفية الجهادية" هي بشكل أو بآخر "أولاد عم" للقاعدة أرادوا فيما يبدو أن يقدموا لزعيمها "هدية عيد الميلاد".
وهكذا من شريط "الظواهري" إلى "تفجير أولاد العم" تبدو هذه هي هدايا "بن لادن" في يوم ميلاده الخمسين، لعله يحتفظ بهدية " أكثر دموية" في الأيام القادمة!
تحياتنا لكـم / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
i]dm "fk gh]k" td ud] hgldgh] avd' ,jt[dv "H,gh] hgul"!