أشعر, الى, الشيماء, داعية, حكايات, سعودية, فرنسا
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك, في ولاية متشيجان, وبالتحديد في مدينة لانسينج تدرس الطفلة السعودية الشيماء ذات الثمان سنوات في مدرسة امريكية, والتي تربت في بيت محافظ مسلم في السعودية, والتي كانت دائما ما تجلس مع جدها لأبيها وجدها لأمها تستمع منهما ما يقوله الحق سبحان وتعالى, وما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم, وكانت دائما ما كنت تجلس في حلق الذكر مع جدتها الداعية التي كانت تصحبها معها الى مدارس تحفيظ القرآن الكريم والى المحاضرات التي تقام هنا وهناك في اطار التوعية والنصح والارشاد والدعوة الى الله. وبعد أحداث 11 سبتمبر الدامية, التي حدثت في امريكا, هبت ريح عاتية على الطلاب العرب والمسلمين في امريكا.
واعتقل كثير من الشباب المسلم ومن الطلبة العرب, وتعرض المسلمون للمضايقات, وللعنف وللمساءلة وللتحرش, وتعرضت المسلمات وخاصة المحجبات منهن للإيذاء والسخرية, وعاد كثير من الطلاب الى بلادهم تفاديا لما يحدث للعرب والمسلمين في امريكا. وظل كثيرون حبيسي منازلهم, بقوا فيها, لا يتحركون ولا يخرجون منها. ومن هؤلاء الشيماء وعائلتها الذين بقوا في شقتهم الصغيرة, يأكلون ما توفر عندهم من طعام, لم يستطيعوا الخروج الا للضرورة القصوى, عندما كانوا في حاجة ماسة لشراء الطعام فقط على الرغم من طمأنة بعض اصدقائهم الامريكان وبقيت الشيماء واخوها الصغير عبدالعزيز سجينين في شقتهم, ينظران الى الحديقة والملعب الكبير امام ناظريهما قد امتلأ بالاطفال من جنسيات غير العرب والمسلمين, يلعبون ويمرحون ويجرون هنا وهناك, وهما قابعان خلف زجاج نافذة غرفتهما لا يستطيعان حراكا. يتحسران على الوضع الذي اجبرتهما عليه الاحداث. لا يفهمان ولم يستطع عقليهما ادراك ما يجري حولهما. وأخذا يتساءلان: -لماذا نؤذى? -لماذا لا نخرج للعب, وقد كنا نلعب بالامس مع هؤلاء الذين يلعبون معنا!! -لماذا تغيرت نظرة جيراننا إلينا?!! -ولماذا لا يأتي إلينا اصدقاؤنا كما كانوا يفعلون?!!. وكانت دائما ما تسأل امها وأباها: -بابا ماما. لماذا نحن في البيت? نريد ان نخرج نلعب. اريد ان استخدم الاسكوتر والدراجة. -ليس الآن يا بنيتي. قريبا سينفرج الامر, ان شاء الله. وخلال تلك الايام العصيبة التي مرت عليهم وعلى العالم, كانت المكالمات الهاتفية تنهمر عليهم من المملكة, للاطمئنان عليهم. فصاحت الشيماء -أنا أنا أنا اريد أكلم ستي. ألو. ستي كيف حالك. نحن خائفون هنا. تعالوا خذونا لا نريد ان نبقى هنا. نحن محبوسون في البيت. لا نذهب للمدرسة ولا للحديقة نحن خائفون يا ستي. -اصبري يا شيماء وربنا معكم يا بنتي. وهكذا كانت المكالمات الهاتفية بين الجانبين حتى هدأت الامور, وخفت حدة التوتر, فخرج الطلاب الى مدارسهم وجامعاتهم, وذهبت الشيماء الى مدرستها. فإذا بها تفاجأ من زميلاتها ومدرساتها يقلن لها: -شيماء شيماء. لقد افتقدناك كثيرا. -وانا كذلك افتقدتكن. ولكن ماذا حدث لنعامل هكذا?!. -يا شيماء ألم تشاهدي التلفزيون لقد ضرب الارهابيون نيويورك وواشنطن دمروا مركز التجارة العالمي -ولكن ما دخلنا نحن نحن نقيم عندكم ندرس في بلدكم ولو كنتم في بلدنا لأكرمناكم ولا نعاملكم هكذا. لا نحبسكم في بيوتكم ولا نؤذيكم في الشوارع فلماذا تعاملوننا هكذا. نحن خائفون هناك. -لا لا تخافي يا شيماء فأنت في امان بيننا إن ما يحدث شيء غريب لم نتعوده من قبل, فالصدمة كبيرة علينا. (ثم جاءت مدرسة شيماء (مسز بل) لتربت على رأس الشيماء لتقول لها: -هاللو مرحبا شيماء لقد افتقدناك كثيرا, مرحبا بك ثانية. -شكرا مسز بل, اريد أن اخبرك اننا -نحن المسلمين- علمنا اسلامنا الا نعامل الناس هكذا -ماذا في دينكم يا شيماء اخبرينا عن الاسلام. -الاسلام حثنا على ان نحب الآخرين ونحن للأقرباء ولا نؤذي الناس, وأوصانا ببر الوالدين, واحترام المعلمين, وأن نحسن للجيران, والاصدقاء. وامرنا بالصلاة والصيام والحج. والاخلاق الكريمة -حقا يأمركم دينكم بذلك يا شيماء?! -نعم مسز بل. ونحن كما تشاهدين, عشنا معكم سنوات هل شاهدتم منا الا كل خير -نعم لم نلاحظ ما يعكر صفو الحياة معكم ولكن اخبريني. اذا لم يصل الانسان عندكم ماذا يكون عقابه? فردت الشيماء: -يدخله الله النار يا مسز بل (هكذا, ردت ببراءة الاطفال وايمانهم بما يتلقون), فتعجبت مسز بل, وتساءلت بدهشة!!. -يدخله النار?!!. -نعم الله خلق الجنة والنار فمن اطاع الله دخل الجنة ومن عصاه دخل النار ومرت الايام ومسز بل مستمرة في الاستزادة من الطفلة الشيماء عن الاسلام واخبرت الطفلة والدها بذلك فأعطاها كتيبات ومطويات مترجمة باللغة الانجليزية عن الاسلام. فأخذت المعلمة تقرأ تلك الكتيبات كما كانت تسأل عندما تريد معرفة ما اشكل عليها وجاء شهر رمضان وذهبت الشيماء لمدرستها وهي صائمة ولاحظت مسز بل ان الشيماء قد جلست في الفصل ولم تخرج للفسحة مع صديقاتها. ولم تأكل وجبتها كالعادة فجاءت تسألها:
-شيماء. لماذا لم تتناولين وجبتك اليوم?!. -لأني صائمة يا مسز بل. -صائمة!! أتصومين يا شيماء? وفي هذه ا لسن المبكرة! -نعم مسز بل, لقد أمرنا الله بالصيام, فلا بد ان نصوم. وإنني الآن اتدرب على الصيام, وسيكتب الله لي الأجر -وكيف يكون صيامكم يا شيماء?!
-أصوم من الفجر وحتى غروب الشمس لا نأكل ولا نشرب طوال النهار وفي البيت نقرأ القرآن الكريم, ونصلي التراويح في المركز الاسلامي. -ومتى تأكلون وتشربون? -نأكل عندما تغرب الشمس في الخامسة مساء. وحتى الفجر -وكيف تعرفون وقت الغروب ووقت الفجر? -عندنا في البيت مواقيت الصلاة ومواقيت رمضان اسمها امساكية -عجبا وهل تستطيعين الصيام يا شيماء?!. -نعم الا ترين فأنا صائمة الآن وأبي وأمي يشجعانني. فأنا أريد ان أطيع ربي ليدخلني الجنة. والآن جاء موعد الصلاة أعذريني من فضلك مسز بل. أتسمحين لي ان اصلي في ركن الفصل? -(ok) أوكي. حسنا. يمكنك ذلك ولكن هل يمكنني ان أصلي معك? -هل أنت مسلمة مسز بل?!
-ليس بعد ولكنني اريد ان أتعلم كيف تصلين. فهل يمكن ان أصلي معك? -نعم نعم تفضلي مسز بل. -ولكن كيف اصلي?! -افعلي كما أفعل ثم قامت الشيماء وأخرجت من حقيبتها رداء خاصا بالصلاة يطلق عليه اهل مكة المكرمة (شرشف صلاة) دائما ما ترتديه المرأة المكية وغيرها, وقت الصلاة, لتصلي فيه. ارتدته ثم وقفت بعد ان تعرفت على اتجاه المملكة. لتكون صلاتها في اتجاه القبلة. وأوقفت بجانبها المعلمة مسز بل ثم اخذت تصلي ومسز بل تقلدها. والتف الاطفال حولهما يشاهدون ماذا تفعل الصغيرة الشيماء, وكيف كانت معلمتهن مسز بل تقلدها!! -وفي نهاية الصلاة. سلمت الشيماء قائلة السلام عليكم ورحمة الله. السلام عليكم ورحمة الله. فقالت لها مسز بل, قبل ان تسلم هل انتهت الصلاة يا شيماء? فقالت الشيماء, ببراءة الطفولة: -مسز بل. لقد تكلمت في الصلاة!. لا يوجد كلام في الصلاة حتى تسلمي انت لم تسلمي بعد.افعلي كما فعلت أنا لكي تنهي صلاتك فتبسمت المعلمة, وقالت: -وكيف أنهي صلاتي يا شيماء?. -هكذا أديري وجهك لليمين, وقولي السلام عليكم ورحمة ا لله. ثم أديري وجهك للشمال وقولي السلام عليكم ورحمه الله -ففعلت مسز بل ما قالته الشيماء. وقالت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السلام عليكم ورحمة الله وانهت بذلك مسز بل صلاتها التعليمية مع الشيماء . ولم تفهم الشيماء لماذا طلبت مسز بل ذلك منها, فقالت لها: -مسز بل انت مسلمة انت مسلمة فقالت مسز بل: -ارجو ذلك ارجو ذلك قريبا. فصاح الاطفال: شيماء شيماء نريد ان نصلي علمينا الصلاة. ومرت الايام. وانتهت فترة دراسة والد الشيماء. وحان موعد رجوع العائلة للمملكة, فأخبرت الطفلة معلمتها وصديقاتها بذلك. فحزنوا على سماع ذلك الخبر. وقررت مسز بل ان تقيم حفل وداع للشيماء. وفي اليوم المحدد للحفل ذهب والد الشيماء ووالدتها واخوها الصغير للمدرسة. فإذا بهم يشاهدون طاولة كبيرة وضعت عليها انواع من الحلويات والمشروبات, وزينت بالبالونات والشرائط الملونة وبدأ الحفل بكلمة لمسز بل حيث رحبت بالحضور وحيت الطالبة الشيماء وأثنت على تعاملها الصادق في المدرسة, كما اخبرت الجميع انها كانت طالبة مثالية, مؤمنة بدينها. صريحة. محبة لصديقاتها. واضافت: ((انني تعلمت الكثير من الشيماء. وتعرفت على الدين الاسلامي بواسطتها, وبواسطة عائلتها. إنني والمدرسة سنفتقدها سنفتقد طالبة كثيرا ما احببناها واحترمناها بل إن المدرسة جميعها تحب وتحترم الشيماء, وأخيرا نقول لك يا شيماء اننا نتمنى لك حياة سعيدة شكرا)) ثم تكلمت الصغيرات ايضا في كلمات وداعية مفعمة بالعواطف حيث قالت الصغيرات: سنفتقدك يا شيماء ايتها الصديقة العزيزة إن مدرستنا كان لها شرف التعرف عليك فلا تنسينا ثم بكت الصغيرات وهن يودعن صديقتهن الشيماء: وبكت الشيماء معهن. وقدمن لها هدية تذكارية عبارة عن لوحة بها تواقيع جميع صديقاتها وعبارات وداع وشكر صادقة. ورجعت الصغيرة الى المملكة لتحكي قصتها لجدها ولأفراد عائلتها, ولأصدقاء الجدد
وكنت من بين الذين استمعوا الى الشيماء, فتعجبت مما سمعت وقلت في نفسي حقا اننا مقصرون جدا في الدعوة الى ا لله ومقصرون في التعريف بالاسلام. ان هذه القصة الواقعية, لبرهان لنا ان العالم كله, شرقه وغربه شماله وجنوبه, ينتظر من المسلمين ان يعرفوه على الاسلام. بكل الطرق بالتحدث وبالتخاطب وبالتعامل. عبر وسائل الاعلام المختلفة. وعبر شبكة الانترنت. ومن خلال القنوات الفضائية الاسلامية, فالوقت والاحداث اوجدت لنا مناخا مواتيا للدعوة الى الله مواتيا للتعريف بديننا. وخصبا لتصحيح الصور التي شوه بها اعداء الاسلام الاسلام. فهل اجتهدنا على انقاذ البشرية. وهل شمرنا عن سواعد الجد لننطلق في الدعوة الى الله. وهل عرفنا اننا بإدخال الناس في الاسلام إنما ننقذهم مما هم فيه ومن عاقبة ما سيقدمون عليه في الدار الآخرة. وهل تيقنا بأننا أمة داعية. آمرة بالمعروف, ناهية عن المنكر, مؤمنة بربها, وسنة نبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم. فهل نحن فاعلون. اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد. وشكرا للشيماء. هذه الطفلة المسلمة الغيورة, الطفلة الداعية. وليت اطفالنا وشبابنا وفتياتنا ونساءنا يأخذون من قصة الشيماء البسيطة في واقعيتها الكبيرة في معانيها, يأخذون منها عبرة ودرساً. ليكونوا دعاة الى الله.
p;hdhj lk tvksh : hgadlhx Hwyv 'tgm su,]dm ]hudm hgn hggi